مرض النبيِّ صلى الله عليه وسلم

كانت بداية مرض النبي صلى الله عليه وسلم في شهر صفر إذ أحسّ بألمٍ في رأسه بينما هو عائد من جنازة في البقيع، وكان وقتها في بيت ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها، واستأذن من زوجاته بأن يمرّض في بيت عائشة رضي الله عنها.

مرض النبيِّ صلى الله عليه وسلم

بقي النبيُّ في المدينة مدَّةً من الزمن، وفي هذه المُدَّة جهَّز جيش أسامة بن زيدٍ ليغزو الروم في شهر صَفَر، إلا أن النبيَّ عليه الصلاة والسلام اشتدَّ عليه مرضهُ، وكان قبل ذلك قد أسَرَّ لابنته فاطمة رضي الله عنها، أن جبريل كان يراجع القرآن معه مرةً كل سنة، وأنه راجعه معه في هذه السنة مرَّتين، فقال لها: ما أراني إلا قد اقترب أجلي، وإنَّكِ أول أهل بيتي لحاقاً بي، فبكت رضي الله عنها حُزناً لفراق أبيها ورسولها الحبيب صلى الله عليه وسلم، فأسَرَّ لها مرةً أخرى وقال: ألا ترضين أن تكوني سيِّدة نساء العالمين، فضحكت وفرحت بهذا.

فلما اشتدَّ المرض به عليه الصلاة والسلام، استأذن نساءه بأن يُمَرَّضَ في بيت عائشة، فأذِنَّ له، وكان النبيُّ عليه الصلاة والسلامُ إذا اشتد عليه الوجع، ضَمَّ يديه وقرأ فيهما المُعَوَّذات ومسح جسده، فلما ثَقُل وزاد المرض، كان يقول: أصلَّى الناس، قالوا: لا يا رسول الله، إنهم ينتظرونك، فأمر بماءٍ واغتسل به، ثم هَمَّ بالقيام، فأُغمي عليه، ثم أفاق وقال: أصلَّى الناس؟ قالوا لا، فأمر بماء واغتسل، فهّمَّ بالقيام فلم يستطع وأُغمي عليه، وكان هذا الأمر عدَّة مرات، والناس ينتظرون خروجه إليهم، متشوِّقون له، يخشَوْن عليه، فلما رأى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنه لا يستطيع الخروج، قال: مُروا أبا بكرٍ فلْيُصَلِّ بالناس، فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكرٍ رجُلٌ رقيق القلب، ويبكي عند قراءته للقرآن، فنخشى أن لا يُسمع الناس، فأصرَّ النبيُّ عليه الصلاة والسلام بأن يكون أبو بكرٍ من يُصلي بالناس.

ثم أمر النبيُّ عليه الصلاة والسلام أزواجه أن يَصُبُّوا عليه من سبع قِرَبٍ ماءً، ففعلوا، فأحسَّ خِفَّةً في نفسه، فخرج وهو يُهادَى بين رَجُلين، وكان أبو بكرٍ يُصلِّي بالناس، فأراد التراجع حتى يكون النبيُّ إماماً فأشار له النبيُّ أن ابق مكانك، فجلس النبي عليه الصلاة والسلام عن يسار أبي بكر، فكان أبو بكرٍ يقتدي بصلاة النبي عليه الصلاة والسلام، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر.