ماردين: مدينة لا مثيل لها تجمع كل ثقافات العالم على أرض تركيا
- تاريخ النشر: الثلاثاء، 19 ديسمبر 2023
ماردين هي مدينة لا مثيل لها في العالم حيث تمتزج الأديان والأعراق والتقاليد مع التاريخ الغني. تقع ماردينMardin في جنوب شرق الأناضول في تركيا ويتألف نسيجها الاجتماعي من مجموعة أعراق من الأتراك والكرد والعرب والسريان والكلدان والأرمن ولكل منهم آثاره في المدينة.
"ماريدا" هو أول اسم معروف لماردين، والتي يرجع تاريخ تأسيسها للقرن الرابع أو الخامس قبل الميلاد. وكان اسم المدينة السرياني "ماردي"، بينما أطلق العرب والأتراك على المدينة اسم "ماردين".
تقع ماردين على طريق الحرير التاريخي، وتضم العديد من النزل والخانات والمساجد والأضرحة والكنائس والأديرة بالإضافة إلى شوارعها ومنازلها الأثرية لتشعر عند زيارتها وكأنك في متحف في الهواء الطلق، مما يضيف إلى الثراء الثقافي للمنطقة والعالم.
قد يعجبك أيضاً: دعوة لزيارة ديار بكر: مواقع وآثار فريدة وأطباق لن تراها في أي مكان آخر
إذا قمت بزيارة ماردين، فسوف ترى مدينة رائعة، تحتضن لغات وديانات مختلفة، وتفوح من شوارعها ومعالمها رائحة تاريخها الطويل. هنا نصحبكم في جولة في أبرز معالم ماردين التي ننصح بزيارتها:
أماكن عليك زيارتها في ماردين Mardin
تحتوي ماردين على الكثير من المعالم التي تستحق الزيارة وتنتمي لجميع الأديان السماوية. قمنا بزيارة الأماكن التالية ونخبركم بتفاصيلها:
مدرسة القاسمية Kasımiye Medresesi
أحد أكبر المباني في ماردين ويعود لآواخر القرن 15 الميلادي وهو مجمع من طابقين ومؤلف من مدرسة ومسجد وضريح ويحمل اسم بانيه السلطان قاسم. تم تدريس الكثير من العلوم في هذه المدرسة وعلى رأسها علم الفلك والفلسفة.
في ساحة المدرسة سترون نبع من الماء الجاري يصب في حوض صغير ويمشي في قناة طويلة ليصب في البحيرة ذات المياه الساكنة في انعكاس فلسفي لمراحل حياة الإنسان من الولادة إلى الوفاة.
فيديو من داخل المدرسة القاسمية
تتميز المدرسة القاسمية بوجود العديد من اختراعات المهندس العبقري اسماعيل الجزري والخاصة بعلم الفلك منها البوصلة المائية، مجسم القبة السماوية، الإسطرلاب وغيرها من أدوات علم الفلك التي ترجع للقرن 12 الميلادي.
دير الزعفران Deyrulzafaran Manastırı
كما توقعت عزيزي القارئ، اسم الدير حتى في التركية هو من اللغة العربية وتمت تسميته بسبب نمو الزعفران في التلال المحيطة به.
الدير من الأساس كان معبداً لإله الشمس قبل المسيحية ليتحول بعد ذلك إلى حصن روماني ثم إلى دير لطائفة السريان الأرثوذوكس في القرن الرابع الميلادي وبقي لمئات السنين مقر البطركية الأساسي قبل انتقال مقر الكرسي البطركي لطائفة السريان الأرثوذوكس إلى سوريا عام 1932 ويصبح مقر مطرانية.
فيديو مدخل دير الزعفران يظهر جمال البناء والحجر المستخدم
هندسة الدير ساحرة ويظهر استخدام الحجر المنقوش المزخرف الذي يعد من امتيازات ماردين في الكثير من تفاصيله. بالإضافة إلى كنيسة وضريح المطارنة الراحلين وباحة الدير ذات القناطر، يحتوي الدير أول مطبعة في المنطقة التي تم شراؤها عام 1876 من إنجلترا ونقلها إلى الدير لطباعة الكتب باللغات السريانية والعربية والعثمانية والتركية.
مسجد ماردين الكبير Mardin Ulu Cami
تم بناء المسجد الكبير، وهو أقدم وأهم معبد في ماردين، عام 1176 في عهد السلطان الأرتقي قطب الدين إيلغازي. يعكس المسجد الكبير السمات المعمارية للعصر الأرتقي، وأصبح علامة ماردين بقبته ومئذنته المميزة. يذكر التاريخ أن الهيكل الأصلي كان يتألف من مئذنتين، لكن لم يتبق اليوم سوى واحدة فقط. تم بناء المئذنة المزخرفة الحالية ذات الجسم الأسطواني خلال القرن التاسع عشر.
تعتبر المئذنة، التي يمكن رؤيتها من كل ركن من أركان المدينة، واحدة من أولى الصور التي يتذكرها المرء عن ماردين.
ويحتوي المسجد على أثر مهم للمسلمين وهو شعرة من ذقن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وسلم ويمكن لزوار المسجد مشاهدتها قرب المحراب.
شوارع ماردين القديمة Mardin Sokakları
بلدة ماردين القديمة من أجمل ما يمكن لسائح أن يراه خصوصاً لو كان من محبي القرون الوسطى. فعندما تمشي في شوارع ماردين القديمة تستطيع ملاحظة البيوت المبنية الحجر والأزقة الضيقة على يمينك وشمالك مع الأدراج الحجرية التي توصلك إلى بوابات البيوت ذات الحجر المنقوش في مشهد لن تمل منه على طول مسيرك في المدينة.
فيديو من شوارع مدينة ماردين القديمة
أما داخل البيوت فهو حكاية أخرى من زمن ساحر. شاهدوا هذا الفيديو من داخل أحد البيوت الذي تحول إلى فندق يستقبل السياح:
مدينة دارا الأثرية Dara Antik Kenti
تقع مدينة دارا الأثرية على مسافة 30 كم جنوب شرق مدينة ماردين وقد أسسها الملك الفارسي داريوس وحملت اسمه. بعد ذلك أصبحت حصناً قوياً للرومان نتيجة موقعها المرتفع والجبلي وواحدة من أكثر المناطق المأهولة بالسكان في بلاد ما بين النهرين القديمة.
هو موقع يستحق الزيارة بوجود البيوت الحجرية والطريق الرئيسية للمدينة التي لا تزال موجودة والعديد من المعالم التي لن ترها في مكان آخر والتي تدل أن هذه المدينة كانت مجمع كوزموبوليتاني ومرت عليها حضارات كثيرة.
شاهد أيضاً: باتمان وحسن كيف: مدينة تركية حديثة تجاور أحد أقدم مواقع البشرية
مقابر دارا الصخرية Dara Nekropol - Mezarlık Alan
واحدة من مجموعات البناء الأكثر إثارة للإعجاب في دارا وهي مجموعات المقابر الصخرية المنحوتة مباشرة في التلال والحجر. ويمكن العثور في هذه المنطقة على ثلاثة أنواع مختلفة من المقابر:
- المقابر المنحوتة في الصخر: وتعود للفترة الرومانية حيث كان يتم دفن الموتى في غرف منحوتة في الصخر، إيمانًا بالولادة الجديدة، وتكريمًا للإله ميثراس، الذي يُعتقد أنه ولد من صخرة في الطوائف الوثنية الرومانية. وفي هذه المقابر الحجرية، تمت عمليات دفن متعددة لأهل دارا، الذين يبدو أنهم لم يغيروا تقاليدهم الوثنية لفترة من الزمن رغم تحولهم إلى المسيحية.
- التوابيت: وتعود للقرن السادس إلى الثامن الميلادي، التابوت بالنسبة للرومان هو منزل مخصص للحياة الآخرة. روح المتوفى سوف تسكن وتحمي في هذا المنزل. وقد تم تشكيل التوابيت الرومانية بناءً على هذا الاعتقاد.
- المقابر البسيطة: مع تقاليد المسيحية، أصبحت المقابر البسيطة ذات شعبية متزايدة وانتشرت في مدينة دارا بدلاً عن المقابر الصخرية.
فيديو لمقابر دارا الصخرية
مقبرة دارا الجماعية الكبيرة Büyük Galeri Mezar
الهيكل الأكثر لفتًا للانتباه في منطقة الجبانة الصخرية هو غرفة كبيرة مكونة من ثلاثة طوابق منحوتة بالكامل على الصخر، مع مخططها وديكوراتها الداخلية.
كان الهيكل موجهاً من الشمال إلى الجنوب ومخطط بشكل مستطيل. تم تخطيط الطابق العلوي ليكون بمثابة ممر أو شرفة تتجه تباعاً من الجهة الشمالية إلى الغربية والجنوبية والشرقية. على قاعدة بوابة المدخل الأثرية الواقعة في الشمال، تم نحت مناظر دينية وزخارف نباتية.
خزانات المياه الرومانية في دارا Dara Antik Su Sarnıçları
تحتوي مدينة دارا على عدة خزانات مياه هائلة محفورة في الصخور وقائمة على أعمدة عالية للغاية في عدة أماكن من حصن دارا وتعود للفترة الرومانية.
فيديو من داخل خزان المياه الروماني
هذه الخزانات كانت من أهم وسائل حماية المدينة ضد أي حصار عسكري ويتم تجميع المياه فيها من الثلوج التي تذوب على الجبال المحيطة وتؤمن المياه العذبة للمدينة لشهور طويلة.
أطباق ماردين الخاصة Mardın Mutfağı
مطبخ ماردين من أشهر وأعرق المطابخ ليس فقط في تركيا وإنما في العالم. العديد من الأطباق والحلويات قد تراها في مدن ومطابخ معروفة ولكن تأكد أن ماردين واحدة من المدن الأصلية لهذه الأطباق. نعرفكم هنا على أهم الأطباق والحلويات التي عليكم تجربتها في ماردين:
كبة ماردين Mardin İçliköftesi
تعد كبة ماردين الطبق الأشهر في المدينة وهي عبارة عن كرات من البرغل محشية باللحم المفروم. يُطلق على الكبة المقلية اسم ايروك ırok، بينما اسم نسختها المسلوقة هي اكبيبات ikbebet وهي ما نعرفه في سوريا والعراق باللغة العربية باسم الكبيبات.
الأضلاع المحشية Kaburga Dolması
من ألذ الأطباق المحلية في ماردين والذي يعتبر طبقاً احتفالياً للأعياد والمناسبات. يتم خلط اللوز والأرز واللحم المفروم مع التوابل ثم يتم حشوها في الضلع الأيمن للماعز أو الخروف، وخياطتها معًا وطهيها لمدة ثلاث ساعات تقريباً لتحصل على طبق لا تجده في أي مكان آخر.
اللوز الملبس بالسكر Mardin Badem Şekeri
هي حلوى خاصة بماردين حيث يتم تغطيس اللوز في السكر وصبغه باللون الأزرق بشكل أساسي. ألوان الصباغ جميعها طبيعية ولكن الطعم يختلف عن أي ملبس تذوقته من قبل.
قهوة ماردين Mardin Mırra Kahve
ميرا هي واحدة من أقوى أنواع القهوة في العالم ويصعب صنعها لأنها تتطلب تخميرها عدة مرات. يتم تناول ميرا، المعروفة أيضًا باسم "قهوة المعلم"، في أيام معينة في أكواب صغيرة بدون مقابض. وتذكرك بالقوة العربية المرة.
الذهاب إلى ماردين هو عبارة عن رحلة عبر الزمن لمدينة رائعة بكل تفاصيلها وأطباقها وآثارها وحتى شوارعها وننصحكم بإضافتها على جدول رحلاتكم القادمة ولن تندموا!