ما هي محظورات الحج للنساء؟

  • تاريخ النشر: الأحد، 02 يونيو 2024
ما هي محظورات الحج للنساء؟

عندما يحلّ موعد الحج، تتوجه الأفئدة والأرواح نحو المشاعر المقدسة، وتعلو الرغبة في الوصول إلى بيت الله الحرام. إنها رحلة لا تضاهى، تجمع بين الإيمان والتضحية والتجديد. ولكن، هل يعرف الجميع عن المحظورات التي قد تواجه المسلمات خلال هذا الرحيق المقدس؟

إن أولى المحظورات التي تستحق إلقاء الضوء عليها هي تلك التي جاءتنا من شرائع الدين الحنيف. الإسلام يأمر بحج النساء كما يأمر بحج الرجال، لكن مع وجود بعض الضوابط والتوجيهات التي قد تختلف بعض الشيء. فما هي محظورات الحج للنساء التي قد تواجهها المعتمرات أثناء رحلتهن الدينية؟

معنى محظورات الإحرام للنساء

تُعد محظورات الإحرام الأمور التي يُمنع القيام بها لكلا الجنسين أو لأحدهما بسبب دخولهما في حالة الإحرام. وتُصبح هذه المحظورات ذات أهمية خاصة خلال الحج والعمرة، حيث تحظى بتفاعل كبير من قبل المعتمرين والمعتمرات. وتأتي الحكمة وراء حظر بعض الأعمال أثناء الإحرام من عدة جوانب، منها: [1]

  • تذكير الحاج بأهمية العبادة والنسك التي يقوم بها، مما يدفعه للانخراط بتقديس والخضوع لله.
  • تربية النفس على الزهد والتقشف، مواكبةً لسيرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-.
  • إرساء مبدأ المساواة بين الناس، مما يجعل الحج والعمرة فرصة لتجاوز الفوارق الاجتماعية.
  • تعزيز مبدأ مراقبة النفس.

ما هي محظورات الحج للنساء؟

محظورات الحج للنساء

من المهم للمسلمة العلم بأنها تحظى بحقوقها وواجباتها في الحج على قدم المساواة مع الرجال. لكن بعض المحظورات الشرعية قد تكون محل تساؤلات واضحة. وتشمل محظورات الحج للنساء عدة أمور، بعضها يتشابه مع محظورات الرجال، وبعضها يكون خاصاً بهن، ومن هذه المحظورات ما يلي: [1] [2]

  • لبس النقاب والقفازين

يعتبر حظر لبس النقاب والقفازين يعتبر من المحظورات الخاصة بالنساء خلال فترة الإحرام، حيث يُمنع على المرأة المُحرمة ارتداء النقاب والقفازين، وذلك استناداً إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ولا تنتقب المرأة المُحرمة، ولا تلبس القفازين". ومع ذلك، يُفضل للمرأة المحرمة تغطية وجهها عند التعامل مع الرجال الأجانب بواسطة غطاء واقٍ يُلبس من فوق الرأس دون ربط أو تثبيت، ولا يكون هذا الغطاء محرّماً في حال مسه وجهها، وهذا وفقاً لمذهبي المالكية والحنابلة. ويشير دليل على ذلك إلى ما ثبت عن فاطمة بنت المنذر حيث قالت: "كنا نُخمّرُ وجوهَنا ونحن مُحرماتٌ ونحن مع أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ الصديق".

كما قالت عائشة -رضي الله عنها-: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا، سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا، كشفناه. رواه أبو داود، وغيره. [2]

  • قص الشعر ونتفه

حلق الشعر أو نتفه أو قصّه يُعتبر من محظورات الحج للنساء خلال فترة الإحرام، ويُقاس هذا الحظر على شعر الرأس وباقي شعر الجسم، بحيث تكون القاعدة العامة هي عدم السماح بإزالة أي شيء من الشعر إلا لوجود عذر مشروع مثل المرض أو الضرر، وفي هذه الحالة تلزم المرأة بدفع الفدية. [3]

ويشير القرآن الكريم إلى هذا الأمر بقوله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)، مما يُظهر أهمية الالتزام بعدم حلق الشعر خلال فترة الإحرام إلا في الحالات المشروعة.

بالتالي، يُحظر على المرأة خلال فترة الإحرام حلق الشعر أو نتفه أو قصّه إلا في حالات معينة ومشروعة، ويتوجب عليها في حالة القيام بهذه الأعمال دفع الفدية كتعويض.

  • تقليم الأظافر

تقليم الأظافر يُحظر خلال فترة الإحرام، وذلك استناداً إلى تعاليم الإسلام وسنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. يُشدد على ضرورة عدم قصّ أو تقليم الأظافر خلال هذه الفترة المقدسة، ما لم يكن هناك ضرورة ملحة كما في حالة التوجه للعمرة أو الحج، وحتى في هذه الحالة، يُفضل تجنب قصّ الأظافر إلى حين انتهاء فترة الإحرام. [1]

بعض الفقهاء يشير إلى أنّ قصّ الأظافر في الحالات الضرورية، مثل كسر الأظفر، يستوجب دفع فدية تعويضية، وهذا يختلف باختلاف التفسيرات الفقهية والمذاهب الفقهية المختلفة.

لذا، يُنصح بتجنب تقليم الأظافر خلال فترة الإحرام، والالتزام بتعاليم الدين الإسلامي المحافظة على قدسية هذه الفترة وتجنب الأعمال التي قد تنال من حرمتها.

  • التطيب واستخدام العطور

خلال فترة الإحرام، يحظر على المحرم تطيب بدنه أو ملابسه، ويأتي هذا الحظر استناداً إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اغْسِلُوهُ بمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ في ثَوْبَيْهِ، وَلَا تَمَسُّوهُ بطِيبٍ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فإنَّه يُبْعَثُ يَومَ القِيَامَةِ مُلَبِّيا)، وهذا يشير إلى أن المحرم ينبغي أن يقتصر على النظافة الشخصية بشكل طبيعي دون استخدام الطيب أو التطيب. [1]

بالتالي، ينبغي على النساء المحرمات الامتناع عن استخدام أي أنواع من الطيب والعطور في بدنها أو ملابسها أثناء فترة الإحرام، والتركيز على النظافة بالماء والسدر، مع الحفاظ على الاحتشام والاستقامة في الطاعات خلال هذه الفترة المقدسة. [1]

  • الصيد

يحظر على المحرم خلال فترة الإحرام الإقدام على الصيد البري، وذلك استناداً إلى قول الله تعالى: "وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا"، وهذا يعني أنه يحظر على المحرم صيد الحيوانات البرية ما دام في حالة الإحرام. [1]

أما صيد البحر، فلا يُحرم في حالة الإحرام، وذلك بناءً على قول الله تعالى: "أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ"، مما يعني أن صيد الأسماك واستهلاكها جائز خلال فترة الإحرام.

لذا، ينبغي على المحرم تجنب صيد الحيوانات البرية والالتزام بقواعد الإحرام، في حين يُسمح له بصيد الأسماك من البحر والاستفادة منها كطعام مباح خلال هذه الفترة المقدسة. [1]

  • الجدال والفسق

الفسق يُعرّف ببساطة على أنه خروج المسلم عن طاعة الله وعصيانه، ويُعتبر هذا الفعل محرّماً وأشد ما يكون حرمةً في حالة الإحرام. أما الجدال، فهو أسلوب المخاصمة، حيث يُحاول المسلم أن يجادل صاحبه حتى يغضبه. ويشير القرآن الكريم إلى ذلك بقوله تعالى: "ولا فسوق ولا جدال في الحج"، مما يؤكد على أهمية تجنب الخلافات والجدالات أثناء الحج. [1]

ويجدر بالذكر أن ما يحتاج إليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من جدال ونقاش لا يدخل ضمن الجدال المحظور، بل يُعتبر جزءاً من العمل الدعوي والتوجيهي الذي يهدف إلى تحسين السلوك وتوجيه الناس نحو الخير.

  •  الجماع ومقدماته

خلال فترة الإحرام، من محظورات الحج للنساء الجماع وجميع مقدماته، بما في ذلك التقبيل واللمس بشهوة، سواء كان ذلك في الليل أو النهار. ويأتي هذا الحظر استناداً إلى الأمر الشرعي وتعاليم الدين الإسلامي. وفي حال تمت ممارسة الجماع قبل التحلل الأول، يُعتبر حج المرأة فاسداً، وهذا يستند إلى قول الله تعالى: "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ"، وفي هذا السياق، يُفسر الرفث بالجماع. ومن أقدم على دواعي الجماع قبل التحلل الأول، فقد ارتكب إثماً، وعليه أن يتوب ويقيم الذبح كفرض تكفيري.

لذا، يُنبغي على النساء المحرمات الامتناع تماماً عن ممارسة الجماع وجميع دواعيه خلال فترة الإحرام، حفاظاً على قدسية هذه الفترة المقدسة وتحقيق الطاعة لتعاليم الإسلام. [1] 

  • عقد النكاح

خلال فترة الإحرام، يُحرم على المحرم إتمام عقد النكاح، وإذا تم ذلك فإن عقد النكاح يُعتبر باطلاً، ويستند ذلك إلى قول النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ المُحْرِمَ لا يَنْكِحُ، وَلَا يُنْكَحُ". ويأتي هذا الحظر للحفاظ على قدسية فترة الإحرام وتجنب المحرم التزام أي عمل ينطوي على التزام بعهد جديد كالزواج. فترة الإحرام تعتبر وقتاً مخصصاً للعبادة والتقرب إلى الله، وعادةً ما يُنصح بتجنب الشؤون الدنيوية والالتزام بأعمال الطاعة والعبادة.

لذا، ينبغي على المحرم احترام هذا الحظر وعدم إتمام عقد النكاح أو أي عمل ينطوي على الالتزام بعقود جديدة خلال فترة الإحرام، حفاظاً على قدسية هذه الفترة والتزاماً بتعاليم الإسلام. [1]

نصائح للنساء أثناء أداء فريضة الحج

إليك بعض النصائح المهمة للنساء أثناء أداء فريضة الحج:

  1. التحضير الجيد: قبل السفر للحج، ينبغي على المرأة التحضير الجيد والاطلاع على جميع المتطلبات والشروط اللازمة لأداء الحج والتعرف على محظورات الحج للنساء لتجنب الوقوع فيها.
  2. اللياقة البدنية: يُنصح بالحفاظ على لياقة بدنية جيدة قبل الحج، حيث تتطلب بعض الأعمال الدينية مجهوداً جسدياً مثل الطواف والسعي بين الصفا والمروة.
  3. اللباس المناسب: يجب على المرأة ارتداء ملابس مناسبة ومحتشمة وفقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية خلال فترة الحج.
  4. التواضع والصبر: يعتبر الحج تجربة دينية تحتاج إلى التواضع والصبر، فمن المهم أن تكون المرأة مستعدة لمواجهة التحديات والصعوبات التي قد تواجهها خلال الرحلة.
  5. التعاون والتسامح: ينبغي على المرأة أن تكون مستعدة للتعاون مع زملائها في الحج والتسامح مع الآخرين، حيث تتشارك الآلاف من الحجاج في نفس التجربة.
  6. الالتزام بالتعليمات الصحية والأمنية: ينبغي على المرأة اتباع جميع التعليمات الصحية والأمنية الخاصة بالحج، مثل تجنب التزاحم والاحتفاظ بالنظافة الشخصية.
  7. التركيز على العبادة والذكر: يعتبر الحج فرصة للمرأة لتعزيز علاقتها بالله وتعميق تجربتها الدينية، لذا يُنصح بالتركيز على العبادة والذكر خلال الرحلة.
  8. الحفاظ على الصحة النفسية: من المهم أن تهتم المرأة بالحفاظ على صحتها النفسية خلال الحج، من خلال الراحة والاسترخاء والتواصل مع الأهل والأصدقاء.
  9. التواصل مع القروب النسائي: يُنصح بالتواصل مع القروب النسائي في الحج لتبادل الخبرات والمعلومات والدعم المتبادل بين النساء الحاجات.
  10. الدعاء والتضرع إلى الله: في النهاية، يجب على المرأة الاعتماد على الله والدعاء له بالتوفيق والقبول، وأن يكون حجها مقبولاً وخالصاً لوجهه الكريم.

ختاماً، إلى كل امرأة مسلمة تتوجه إلى بيت الله الحرام، لا تترددي في تحقيق هذه الرحلة الروحانية بروح الحماس والتفاؤل، ولكن احرصي على أن تكون هذه الرحلة في إطار الشرعية والأمانة والوعي بالمحظورات التي قد فرضها الله، فالحج ليس فقط تجربة عابرة، بل هو استثمار روحي يدوم طويلاً، فلا تضيعي فرصة التقرب إلى الله والاستفادة القصوى من هذا التجربة الروحانية.
إن فهم محظورات للحج للنساء يعد جزءاً لا يتجزأ من تحقيق تجربة حج ميمونة ومقبولة. دعي هذه المعرفة تهديك خلال رحلتك، واجعليها دافعاً للالتزام بتعاليم الدين وزيادة القرب إلى الله.

بيت الله الحرام ينتظرك... فهل أنتِ مستعدة للرحيل؟

  • الأسئلة الشائعة عن ما هي محظورات الحج للنساء؟

  1. ما هي مبطلات الحج للنساء؟
    بحسب ما قال ابن باز، فإن مبطلات الحج للنساء التي قد بيَّنها العلماء هي اجتناب قص الشعر، والأظافر، والتطيب، وقتل الصيد، وعقد النكاح، والجماع.
  2. هل يجوز للمرأة الاستحمام في الحج؟
    لا حرج على المحرم أن يغتسل في أي وقت يشاء، وليس فعل ذلك مما يخل بالإحرام. بل وإنه من السنة الاغتسال لدخول مكة.
  3. هل يجوز تمشيط الشعر بعد الإحرام للمرأة؟
    إن تسريح الشعر أو تمشيطه قبل الإحرام فلا شيء فيه، ولكن يكره بعده لأنه قد يؤدي إلى سقوط الشعر بفعل المشط.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار