أسباب الفصام وأعراضه وطرق علاجه

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 آخر تحديث: الجمعة، 11 أكتوبر 2024
أسباب الفصام وأعراضه وطرق علاجه

يعتبر مفهوم الفصام (بالإنجليزية: Schizophrenia) مختلفاً تماماً عن انفصام الشخصية (بالإنجليزية: Split personality)، ويرتبط الفصام غالباً بوجود اضطراب هوية شخصية لدى الفرد، إذ إنه حالة تدريجية تتدنى فيها قدرات الفرد الإدراكية والمعرفية واللغوية مع ظهور بعض الأعراض الخاصة بالمرض، وفي هذا المقال سنتعرف أكثر على أسباب مرض الفصام وأعراضه وطرق تشخيصه وعلاجه.

أسباب مرض الفصام

كما أشرنا في مقال سابق عن مرض الاكتئاب، فإن الأسباب الفعلية لأي مرض نفسي لا تزال مبهمة وغير معروفة بشكل دقيق وواضح، إلا أن العلماء والباحثين قد توصلوا إلى وضع بعض الفرضيات المدعومة بنتائج أبحاثهم ودراساتهم عن مرضى الفصام، وفيما يأتي نذكر أهم هذه الفرضيات: [1] [2]

الفرضية الوراثية

تنخفض احتمالات ظهور مرض الفصام في أحد أفراد الأسرة الواحدة إلى نسبة أقل من 1%، وذلك عند غياب القصة المرضية العائلية إن كانت من الدائرة الأولى (أب، أم، أخت، أخ) أو الثانية (عم، خال، …)، بينما ترتفع نسبة إصابة الأبناء إلى 10% إذا كان أحد الأبوين مصاباً بالمرض، وتصل إلى 40% لدى إصابتهما معاً.

الفرضية البيولوجية

من أهم الفرضيات على الإطلاق، وفيها يعتقد الخبراء أن المستويات غير المتزنة من الدوبامين (بالإنجليزية: Dopamine) (وهو ناقل عصبي كيميائي في الدماغ)؛ قد تتورط في ظهور أعراض هذا المرض وصفاته.

يمكن لنواقل عصبية دماغية أخرى أن تشارك الدوبامين في اكتمال التشخيص الخاص بمرض الفصام، كالسيروتونين والإبينفرين والغلوتامات، إلا أنها تبقى أقل شأناً وأهمية مقارنة بالدور البارز والرئيسي للدوبامين في الإصابة بهذا المرض.

العوامل البيئية

قد تلعب الإنتانات الفيروسية خلال فترة الحمل أو ما حول فترة الولادة دوراً في ظهور الفصام لدى الأبناء، إلا أن هذا الاعتقاد لا يزال مثار جدل كبير، ويعتبرها كثيرون مجرد معتقدات خاطئة بلا أدلة كافية حولها، كما أن كثرة التجارب الحياتية التي تزيد من التوتر والقلق قد تشكل السبب الأكبر لهذا المرض.

أسباب دوائية

كتناول المواد المهلوسة وتعاطي الحشيش، ويعتقد بعض الباحثين أن الستيروئيدات والمنبهات الموصوفة بكثرة من قبل الأطباء تعتبر عاملاً مساهماً في إحداث الأمراض الذهانية.

أعراض مرض الفصام

  • الهلوسات: ​يقصد بها الإدراك الفردي الخاطئ لشيء ما غير موجود في الواقع، وتقسم عموماً إلى هلوسات سمعية، وبصرية، وذوقية، وشمية، ولمسية (سطحية أو عميقة).
  • وعلى مستوى الفصام، تترأس الهلوسات السمعية قائمة الإهلاسات (بالإنجليزية: Hallucinations) الشائعة بين مرضى الفصام، والتي قد تدفع بعضهم إلى سد الأذنين كرد فعل لما يسمعونه من أصوات مزعجة أو آمرة.
  • ويمكن للإهلاسات الذوقية أن تظهر أيضاً لدى البعض الآخر، كأن يشعر المرء بوجود طعم معدني غير مستحب في فمه مثلاً، وقد يتعدى الأمر إلى وجود إهلاسات شمية تتظاهر لديه برائحة بيض فاسد أو مطاط محروق.
  • الأوهام: وهي عبارة عن أفكار خاطئة تسيطر على عقل المريض، وتتمكن منه ويصعب التخلص منها بالحوار الهادئ والعقلاني، وتسيطر على مريض الفصام عادة أوهام اضطهادية يعتقد فيها أنه مراقب ومعرض للأذى والخطر بأي لحظة.
  • وقد تستبدل لدى البعض الآخر بأوهام العلاقة التي ينسبون فيها كل ما يدور حولهم إلى ذاتهم ووجودهم، كأن يعتقد المريض مثلاً أن المذيعة في التلفاز تتبسم له وتخاطبه بمفرده، أو أن العصفور الذي حط على نافذته قد خصه لذاته دون غيره.
  • ومن الضروري جداً أن نشير إلى حالة الوهم الغريب الذي يعتبر وصفياً بشدة لمرضى الفصام، ويتحدث عنها المريض عادة بتجسس الفضائيين عليه أو هبوطهم إلى منزله ومحاولاتهم العبث بجسده أو زرع مواد صلبة فيه، قد تتملك المريض في بعض الأحيان أوهام يؤمن فيها بقدراته الإلهية الخارقة، أو ينسب نفسه لعائلة رفيعة ملكيّة مثلاً.
  • غياب البصيرة: ويقصد به غياب البصيرة التام لدى الهجمات الحادة فيما يقارب نسبة 97% من الحالات، والبصيرة هي معرفة المريض بحالته الصحية والاعتراف بها وبأهمية علاجها.
  • التبدلات الانفعالية: يلاحظ على المريض تقلب حالته الشعورية الوجدانية وتبدلها، إلى جانب الوجدان غير المتناسب مع الحادثة؛ كأن يبكي المريض في أوقات الفرح، أو يضحك بصوت عال في اللحظات الحزينة، يمكن أن تظهر أيضاً حالات تبلد الوجدان التي ترتفع فيها عتبة التأثر الخاصة بالمريض، فتجعله عصياً جداً على التفاعل عاطفياً مع ما يجري حوله، قد تصل به إلى مرحلة تسطح الوجدان التي لا يتفاعل بها مطلقاً مع أي حدث كان.
  • اضطراب شكل التفكير: يعاني المريض من صعوبات في طريقة صياغة الجمل والعبارات اللغوية، مع اضطرابات في مجرى التفكير أيضاً، وهي سرعة توافد الأفكار إلى ذهن المريض وغزارتها أو تباطئها، قد يحدث أن يتوقف المريض فجأة عن الحديث (حصار الأفكار)، أو يتحدث بتفاصيل كثيرة عن أشياء لا تمت إلى السؤال الأصلي بصلة قبل أن يجيب بالشكل الصحيح (الإسهاب)، ويمكن له أن يسهب دون تقديم الجواب الصحيح السليم (المخاتلة)، وتتنوع الأساليب التي يجيب بها مريض الفصام على الأسئلة المعروضة عليه كأن يواظب على تكرار آخر مفردة سمعها من محدثيه (المواظبة)، أو أن يخترع مفردات جديدة خاصة به لا وجود لها في المعاجم أو القواميس، وقد يصعب على المستمع أحياناً أن يفهم كلام الفصاميّ وجمله.
  • تبدلات السلوك: كانسحاب المريض من المجتمع مع صعوبات تواصله ورفضه الحديث مع الآخرين، ويمكن لبعض المرضى أن يضعوا الأغطية لإغلاق نوافذهم، أو قد يدخلون إلى عيادة الطبيب النفسي، ويخلعون كامل ملابسهم، أو يحضرون معهم حقيبة مجهزة بجميع مستلزماتهم، كي يقيموا فيها.
  • أعراض جسدية عامة: كالشعور بالصداع وآلام الصدر والبطن.
  • أعراض خاصة بالمهنة أو الدراسة: كتدني مستوى المريض المهني أو الدراسي وتراجع قدرته على تحقيق أهدافه.
  • فقدان القدرة على مزاولة النشاطات اليومية: كالغسيل والطبخ مثلاً.
  • الاستغراق: لا تتأذى الذاكرة لدى مرضى الفصام عادةً، إنما قد يصعب عليهم التركيز على مهمة معينة. [2]

تجدر الإشارة إلى أن أعراض الفصام تصنّف إلى أعراض إيجابية (هلوسات، وأوهام) وأعراض سلبية (الانسحاب من المجتمع، وتبلد الوجدان، وفقدان القدرة والدافع على مزاولة النشاطات، وغياب التعابير الوجهية)، مع ضرورة التنبيه على صعوبة علاج الأعراض السلبية لدى المرضى. [2]

معايير تشخيص مرض الفصام

يحتاج الطبيب أو المركز الطبي الخاص إلى توافر المعايير التشخيصية الآتية: [3]

  • وجود عرضين على الأقل مما يأتي: الأوهام، اضطراب التصرفات السلوكية وعدم انتظامها، اضطرابات شكل ومجرى التفكير، الإهلاسات، الأعراض السلبية المستمرة لمدة لا تقل عن أربعة أسابيع.
  • عجز المريض عن متابعة نشاطاته وأعماله اليومية، وتدني مستواه المهني أو الدراسي.
  • ظهور أعراض لا تقل مدتها عن 6 أشهر.

علاج مرض الفصام

يرى الأطباء النفسيون أن استخدام مضادات الذهان قد ساعدت مرضى الفصام بشكل كبير على ضبط الأعراض وتمكينهم من مزاولة مهنهم ونشاطاتهم المختلفة دون الحاجة إلى الاستشفاء، وعلى مريض الفصام أن يواصل تناول الأدوية الخاصة به دون انقطاع لمدة سنة، وبعدها يقرر طبيبه المختص ضرورة تخفيف الجرعات من عدمها. [4]

ويجب مشاركة العلاج الدوائي مع الدعم النفسي الذي [4] يقدمه الطبيب النفسي المختص في جلسات علاجية فردية أو جماعية، ومن مضادات الذهان أو المهدئات الكبرى (بالإنجليزية: Antipsychotics): كلوزابين (بالإنجليزية: Clozapine)، ريسبيريدون (بالإنجليزية: Risperidone)، أولانزابين (بالإنجليزية: Olanzapine) وهالوبيريدول (بالإنجليزية: Haloperidol). [4]

ولهذه الأدوية أعراض جانبية متنوعة كارتفاع سكر الدم، فرط برولاكتين الدم، السمنة الشديدة، أو انخفاض ضغط الدم وتباطؤ القلب الشديدين مع ظهور أعراض حركية زائدة أو غيرها. [4]

كيفية مساعدة أفراد الأسرة لمريض الفصام

قد تبدو لك مساعدة المريض ودعمه معنوياً صعبة في البداية، إلا أن دعمك الخاص له سيمنحه دفعة كبيرة إلى الأمام في طريق علاجه من مرض الفصام، ويمكنك اتباع النصائح الآتية مع مريض الفصام الموجود في محيطك أو بين أفراد أسرتك: [4]

  • وفر للمريض مضادات الذهان الموصوفة له من قبل طبيبه المتخصص، وشجعه على تناولها بانتظام.
  • تذكر دوماً أن الهلوسات والأوهام حقيقية بالنسبة لمريض الفصام وتجنب ازدرائها أمامه.
  • أخبر مريض الفصام أن الفرد الواحد لديه الحق دوماً أن يملك رؤيته الخاصة بما حوله.
  • كن صبوراً ولطيفاً مع مريض الفصام، دون أن تتجاهل ضرورة تبليغ الطبيب النفسي أو مركز الدعم الطبي المختص في حال ظهور تصرفات عدوانية، أو تجنب تناول الطعام والشراب من قبل المريض.
  • ابحث عن مراكز علاجية داعمة أو مجموعات علاجية سلوكية خاصة بمرضى الفصام.

معلومات عامة حول مرض الفصام

تعد كلمة شيزوفرينيا أو سكيزوفرينيا (بالإنجليزية: Schizophrenia) كلمة يونانية الأصل تعني انشطار العقل (بالإنجليزية: Split mind)، ويشكل مرضى الفصام 1% من مجموع سكان العالم، ويصيب هذا المرض عادةً الفئات العمرية ما بين 15-35 عاماً، ويندر ظهوره تحت سن 10 أعوام وفوق سن 45 عاماً. [3]

وعلى الرغم من عدم صوابية المعنى الذي تحمله كلمة (Schizophrenia) تجاه هذا المرض، إلا أنه بقي المصطلح المتداول عنه إلى يومنا الحالي، ففي علم النفس، يعتبر الفصام اضطراباً ذهانياً مترقياً مزمناً، تتأثر فيه انفعالات المريض وسلوكه إلى جانب انفصاله عن الواقع مع تبدل طريقة إدراكه ومحتوى تفكيره. [3]

وتصفه منظمة الصحة العالمية بأنه مرض نفسي قابل للعلاج إذا ما توافرت له الوسائل العلاجية المناسبة، ينتحر ما نسبته 10% من مرضى هذا الاضطراب النفسي، بينما يحاول 50% منهم الانتحار دون نجاح ذلك، كما يقع 40% من مرضى الفصام فريسة للإدمان على المخدرات والكحول. [3]

وقد توصل باحثون في قسم الأمراض النفسية والاضطرابات العقلية في جامعة مانشستر في المملكة المتحدة، في دراسة أجريت عام 2017، إلى أن تناول جرعات عالية من فيتامين (ب6)، (ب8)، (ب12)؛ قد يخفف بشكل ملحوظ من أعراض الفصام النفسية، كما أنه يخفف احتمالية نكس بعضها (كالأوهام والهلوسات) بعد فترة طويلة من اعتماد العلاج الدوائي الخاص بالفصام. [3]

وقد وجد فريق الباحثين نفسه في دراسة أخرى أجريت عام 2016، أن ممارسة التمارين الرياضية قد حسنت قدرة الدماغ الوظيفية، وخففت بشكل ملحوظ الأعراض الخاصة بمرضى الفصام، وأكد على أهمية ممارسة الرياضة في المراحل المبكرة للمرض، لتفادي الوصول إلى المستويات الأصعب والأخطر من المرض. [3]

ختاماً، مريض الفصام كغيره من المرضى النفسيين، يستطيع مزاولة حياته ونشاطاته اليومية إذا ما توافرت له وسائل العلاج الأمثل والدعم النفسي المستمر من قبل طبيبه والأفراد المحيطين به، كما أنه قد يتمكن في بعض الحالات من تحقيق نجاحات مهنية أو أكاديمية، ونادراً ما يصل إلى المستويات الخطيرة التي يتحول فيها إلى كائن عدواني معادٍ لمن حوله في ظل تقديم الدعم النفسي والعلاج.

  1. "مقال أعراض وأسباب مرض الفصام" ، المنشور على موقع mayoclinic.org
  2. أ ب ت "مقال نظرة عامة على مرض الفصام" ، المنشور على موقع webmd.com
  3. أ ب ت ث ج ح "مقال فهم أعراض مرض الفصام" ، المنشور على موقع medicalnewstoday.com
  4. أ ب ت ث ج "مقال كل شيء عن مرض الفصام" ، المنشور على موقع my.clevelandclinic.org
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار