كيف نجحت أدريانا الحاج في مواجهة السرطان بالرسم والألوان؟

  • تاريخ النشر: الإثنين، 21 أكتوبر 2024
كيف نجحت أدريانا الحاج في مواجهة السرطان بالرسم والألوان؟

بين الألم والأمل، تبرز قوة الفن لتكون وسيلة للشفاء والتغلب على أصعب التجارب الحياتية. تكشف الفنانة والناجية من السرطان أدريانا الحاج عن كيفية تحويل كل لحظة صعبة إلى فرصة للتعبير والإبداع، وعن دور الفن في مواجهة الألم الجسدي والنفسي. قصة ملهمة عنوانها القوة والصبر والحب في مواجهة تغلب على كل شيء.

أدريانا الحاج شخصية مسالمة، تستخدم عاطفتها خلال تعاملاتها اليومية بالحياة، تلجأ للرسم في كل الأوقات، الرسم والفن هما طريقها لتجاوز صعوبات الحياة.. 

  • ربما لا يعرف الكثيرون، ولكن العلاج بالفن هي تقنية معتمدة لتفريغ المشاعر السلبية، أخبرينا كيف يمكننا استخدام الفن للعلاج والتشافي؟

أولاً، العلاج بالفن التشكيلي، هو أحد الأساليب التي تستخدم لعلاج بعض الاضطرابات النفسية، وهو يساعد الفرد على التعبير، وذلك لاستكشاف مشاعره وفهم الصراعات أو المشاكل التي تسبب له الضغط النفسي.

أمزج في جلساتي هذه التقنية مع التأمل، فأعمل على أفكاره لتحويلها من أفكار سلبية إلى أخرى إيجابية، أي شيء صعب لا يستطيع تخطيه، يمكن تخطيه بالرسم، أي فكرة مؤلمة تدور برأسه يمكنه نقلها كرسمة على الورق؛ ومن ثم التخلص منها واستبدالها ما يساعده على التخلص منها نهائياً. يمكنك الاطلاع على قصص نساء الناجيات من السرطان من هنا

  • حدثينا عن الحالة التي لا تنسيها خلال جلسات العلاج؟

هي حالة عكست تماماً ما مررت به فنحن نتشافى أحياناً بمساعدة الآخرين، وتمرير تجاربنا الإنسانية، لذلك أفعل المستحيل اليوم لأساعد أي شخص على تخطي الألم والتغلب عليه. 

  • على الرغم من مرورك بالكثير من التجارب الصعبة، إلا أنكِ تعطين الأمل لكل من حولكِ، ما رأيكِ في مقولة "فاقد الشيء لا يعطيه"؟

هي مقولة صحيحة لذا أحاول قدر المستطاع أن أحمي طاقتي، وأحصّن نفسي حتى أتمكن من مساعدة غيري.. أحياناً جلسات التشافي تستنزف طاقتي وهو أمر يجب ملاحظته والعناية به للاستمرار.

أدريانا الحاج عالجت مرض السرطان بالفن والرسم

  • أخبرينا عن تجربتكِ مع "السرطان"

لم تكن تجربة سهلة، كنت دوماً أخشى الإصابة بهذا المرض، الذي فقدت بسببه أعز صديقاتي بعمر الأربعين سنة، وعندما أصبح عمري أربعين عاماً، سألت نفسي "معقول السرطان يدق بابي"؟ وفي ليلة من الليالي كنت جالسة مع أسرتي، وضعت يدي بالصدفة على صدري لأفاجأ بكرة تحت الجلد، ارتعبت وقمت أخبر زوجي السابق بمكان أغراض أولادنا، وكل شيء قد يحتاج إليه في حال توفيت.

المرحلة الثانية بعد اكتشافي للمرض، قررت أن أعالج نفسي بنفسي، دخلت هذا التحدي، وانصرفت عن الطرق والأساليب التقليدية للعلاج، قطعت تناول السكر واللحوم، وكل الأشياء التي قد تضر بحالتي، تناولت المزيد من الفيتامينات، ثم سافرت إلى ألمانيا، لعلمي أن هناك أطباء تعالج بالفيتامينات والأمصال، وخلال عام ونصف فقط شُفيت تماماً من السرطان، ونجحت في تحدي العديد من الأطباء الذين كانوا غير مصدقين في البداية جدوى هذه الطريقة في العلاج، وكانت فرحتي لا توصف، وحرصت على إلهام الكثيرين بتجربتي.

"أدريانا الحاج.. حكاية إلهام وشجاعة"

  • هل توقفت التجربة هنا؟

التجربة لم تنته هنا، بعد خمسة أشهر فقط على شفائي التام والموثق بالفحوصات والصور والتقارير، عاد السرطان لمهاجمة جسمي مرة أخرى، وعاد مضاعفاً بمكانين مختلفين، مما أدخلني في نوبة اكتئاب. تلك المرحلة كان أصعب من المرحلة الأولى لاكتشاف المرض.. 

اذكر أن مشاعري كانت متناقضة، حتى إنني استسلمت لدرجة فقدت فيها رغبة العيش.. مع الوقت وبعض خضوعي لجلسات تنويم مغناطيسي اكتشفت أن سبب إصابتي مرة أخرى يعود لعدم مواجهة ما يؤلمني في حياتي، صحيح غيرت طعامي وعاداتي الصحية، ولكن كان هناك أمور أخرى كان من الضروري مواجهتها.

رحلة العلاج كانت صعبة خضعت لأكثر من عملية جراحية ومتابعة نفسية لتقبل كل التغيير الحاصل، سرعان ما شعرت أن تجربتي ليست فقط لي. لأن جزءاً من التشافي هو مشاركة التجربة ومساعدة الآخر. 

عدت للرسم الذي ابتعدت عنه لفترة لعدم مقدرتي على التعبير. قررت أن أدرس من جديد، فحصلت على شهادات في العلاج بالفن التشكيلي للأطفال والمراهقين، وأدرس اليوم التشخيص والعلاج بالألوان.

  • كيف هي علاقتكِ بطلابكِ من مختلف الفئات العمرية؟

علاقة مليئة بطاقة الحب، فمن خلال الشهادة التي نقدمها في جامعة LAU-ACE اكتشفت مقدرتي على نقل كل ما أعرف عن الفن الرسم، خاصة أنني في هذا المجال منذ أكثر من 20 عاماً.

طلابي يصفونني بالكريمة فأنا لا أخفي أياً من أسرار هذه المهنة. أما في معهدي الخاص، فاستقبل الأطفال والراشدون أيضاً، وفي الكثير من الأحيان أساعدهم على كسر الخوف والتخلص من جروح نفسية تظهر من خلال الرسمات، وتكون مؤشراً أحياناً يحتاج لمعالج نفسي.  

رسالتي لكل من يخوض معركة ضد السرطان.. أنتِ الأمل والنور… المرض هو رحلة تشافٍ تبدأ بالألم، وتنتهي بالوعي والتغيير.

"أنتِ الأمل والنور"

  • ما هو أكثر شيء قد يتسبب في إصابة الإنسان بالسرطان؟

الحزن، من واقع تجربتي كبت الحزن هو الإجابة النموذجية، أنا شخصية كتومة بطبعي، وتعلمت بعد تجربة المرض أن أعبر وانتفض على أي ظلم تعرضت له… المشاعر السلبية هي أساس كل علة في الجسم، وهنا أشير إلى الحقد والأساس بالظلم والتخلي والخوف من المستقبل وعدم الأمان… كلها مشاعر علينا معالجتها وتخطيها كي لا تتحول إلى مرض مزمن.

أدريانا الحاج عالجت السرطان بالرسم والعلاج بالألوان

  • كيف ساعدكِ حب العائلة على تخطي هذه المرحلة؟

كثيراً، أولاً أختي هي سندي بالحياة ولولاها ما استطعت أن أُكمل طريقي، عائلتنا صغيرة فقط أنا وهي وأمي ولولاهما بحياتي ولولا وجود أولادي أنطن ومارفن لما تمكنت من الانتصار، ولكنت استسلمت باكراً.

  • تأثير المحبة كبير لهذه الدرجة؟

المحبة هي العلاج… كثيرون ممن رأوني بعد الشفاء استغربوا وسألوني عن سبب النور في وجهي، فأجبتهم أن السبب هو "الله".. هو مدني بالنور، لأنني لجأت للتأمل والصلاة، فأمدني بمدد من عنده، ولولاه هو ما استطعت استكمال حياتي.

  • وجهي نصيحة لكل فتاة تخشى عمل الفحص الدوري

نصيحتي ممنوع الإهمال أو التقاعس؛ لأنه من الممكن أن يصيبكِ في أي عمر، احمي نفسك واكتشفي العلامات الأولى مبكراً، أفضل من أن تكتشفيه في وقت متأخر، وفي مراحله المتقدمة، مما سيضعك تحت خطر أكبر على حياتك. الاكتشاف المبكر ينقذ حياتك.

  • ما هي أهمية أن تعرف النساء أجسامهن جيداً؟

يمكنها عمل الفحص الدوري مع طبيبها الذي يمكن أن يشرح لها أيضاً الطريقة التي يمكن أن تتبعها باستمرار في المنزل، وهي لمس وضغط الأماكن المتوقع إصابتها لا سمح الله. أنا اكتشفت المرض فجأة، شيء غريب بجسمي ظهر فجأة، وكان بحجم كبير، ولذلك من المهم عمل الفحص باستمرار.

  • كيف تؤثر الحياة غير الصحية التي نعيشها على أجسامنا؟

غالبية الأشياء التي نتناولها مُضرة للغاية، الدخان، الكحول، الأجبان، الألبان واللحوم، من المهم أن نحدد خياراتنا، ونلجأ للأشياء النافعة، لا أقول أن يعيش الإنسان بدون طعام، لكنه يستطيع تناول الفيتامينات اللازمة من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة، يمكننا أيضاً تناول الألبان والأجبان المصنعة من الماعز؛ لأنها أقرب في تكوينها للبن الأم ولأجسامنا... ومن المهم لمريض السرطان اتباع نمط غذائي قلوي من أجل جعل الدم قلوي.

  • وجهي رسالة لكل شخص يتلقى العلاج من مرض السرطان حالياً

أريد أن أؤكد لهم أن هذه ليست آخر الدنيا، ما أعيشه حالياً بعد شفائي أفضل بكثير مما كنت أعيشه قبله، لأن هذا المرض علمني أن أحب نفسي، وأن أقف وأقول "لا" لكل شيء قد يضايقني. المرض هو إنذار لتغيير المسار نحو الأفضل، ففي معركة المرض لا مكان للخوف أو الاستسلام.

ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار