كثرة الغازات في البطن الأسباب والعلاج

في عالمنا الحديث، نحن نواجه العديد من التحديات الصحية التي تتطلب منا البحث والفهم العميق لأجسامنا. وبينما نركز على الأمراض المزمنة والمعقدة، قد نتجاهل أحيانًا تلك الأمور اليومية الصغيرة التي تؤثر على راحتنا وجودة حياتنا.

من بين هذه الأمور، تأتي مشكلة كثرة الغازات في البطن، تلك الظاهرة التي قد تبدو بسيطة، ولكنها تحمل في طياتها الكثير من الأبعاد الصحية والنفسية. إنها ليست مجرد شعور بالانتفاخ أو صوت محرج في الأوقات غير المناسبة، بل هي رسالة من الجسم تتطلب منا الانتباه والتعامل بحذر. في هذا المقال، سنستكشف معاً أسباب هذه الظاهرة، وتأثيراتها، وأفضل الطرق للتعامل معها، لنحقق التوازن بين الراحة الصحية والنفسية في حياتنا اليومية.

ما هي كثرة الغازات في البطن؟

لنبدأ بالنظر إلى هذه الظاهرة من منظور علمي. تتكون الغازات في الجهاز الهضمي عادة من الأكسجين، النيتروجين، الهيدروجين، ثاني أكسيد الكربون، وأحياناً الميثان، نتيجة لعدة عوامل، منها عملية الهضم الطبيعية التي تتم في الجسم لتفتيت الطعام واستخلاص العناصر الغذائية منه، وكذلك امتصاص الغازات مثل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون من الجو خلال عملية البلع والتنفس.

ومع ذلك، يمكن أن تزيد بعض العوامل من تكوّن الغازات بشكل زائد، مما يتسبب في الشعور بالانتفاخ والانزعاج. هذه العوامل تشمل تناول الأطعمة الغنية بالألياف، وتناول الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من السكريات البسيطة، وتناول الطعام بسرعة دون مضغه جيداً، وحتى بعض العادات الشخصية مثل مضغ اللبان والعلكة بانتظام.

يمكن لبعض الحالات مثل متلازمة القولون العصبي، ومرض السيلياك، وخزل المعدة أن تسبب زيادة في الغازات. وقد تزداد وتيرة إطلاق الريح أيضاً عند تناول بعض الأطعمة. ^{[1] [2]}   

ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة، يُعاني الأشخاص في المتوسط من الغازات في البطن بين 13 و21 مرة يومياً. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تسبب الغازات الألم والانتفاخ، مما يؤثر على الأنشطة اليومية. يمكن أن يساعد تعديل النظام الغذائي، وتناول الأدوية، وممارسة الرياضة في تقليل الانزعاج الناتج عن الغازات. ^[1] 

ما هي أسباب كثرة الغازات في البطن؟

يعاني العديد من الأشخاص من مشكلة الغازات المعوية، والتي يمكن أن تكون ناتجة عن عمليات الجسم الطبيعية، أو تكون إشارة إلى وجود مشكلة في الجهاز الهضمي. هناك مصادر خارجية وداخلية للغازات. المصادر الخارجية تأتي من بلع الهواء أثناء الأكل أو الشرب، بينما تنشأ المصادر الداخلية من عملية الهضم الجزئي لبعض الأطعمة داخل الأمعاء. ^[1] 

أسباب زيادة ابتلاع الهواء

من الطبيعي أن يبتلع الإنسان كميات صغيرة من الهواء خلال اليوم، خاصة أثناء تناول الطعام والشراب. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي بعض العادات إلى زيادة كمية الهواء المبتلع، مما يزيد من حدوث الغازات المفرطة. من بين هذه الأسباب:

• مضغ العلكة.
• التدخين.
• استخدام أطقم الأسنان غير المناسبة.
• مضغ أشياء مثل أغطية الأقلام.
• شرب المشروبات الغازية.
• الأكل أو الشرب بسرعة.

لماذا تسبب بعض الأطعمة زيادة الغازات؟

تحتوي بعض الأطعمة على سكريات، ونشويات، وألياف لا يمكن للجسم هضمها بالكامل. عندما تصل هذه المواد إلى الأمعاء الغليظة، تبدأ البكتيريا في تحليلها، مما يؤدي إلى إنتاج الغاز. يذكر أن الأطعمة التي تسبب زيادة في الغازات عادة ما تكون غنية بالسكريات المعقدة مثل الأوليغوساكاريدات، مثل الإينولين. ومن الأمثلة على الأطعمة التي قد تزيد من الغازات ما يلي: ^{[1] [2]}

• بعض الخضروات، مثل الملفوف والبصل والكرنب والهليون والبطاطس والذرة.
• بعض الفواكه، مثل الإجاص والبرقوق والتفاح.
• الحبوب، مثل القمح والشوفان.
• البقوليات بما في ذلك الفاصوليا والعدس والبازلاء.
• منتجات الألبان والحليب.
• الخميرة في المنتجات المخبوزة مثل الخبز.
• الزبيب.
• الأطعمة الغنية بالفركتوز أو السوربيتول، مثل عصائر الفاكهة والحلويات الخالية من السكر.
• الأطعمة المصنعة.

وقد تتساءلين عن الأسباب وراء تأثير بعض الأطعمة على الغازات في البطن، وتالياً نوضح بعض هذه الأسباب:

• الكربوهيدرات المعقدة: تحتوي الفاصوليا على كربوهيدرات معقدة يصعب هضمها، مما يؤدي إلى إنتاج الغاز عند تحللها بواسطة البكتيريا في الأمعاء.
• عدم تحمل اللاكتوز: يؤدي تناول اللاكتوز الموجود في الحليب ومنتجات الألبان إلى إنتاج كميات كبيرة من الغاز في الأشخاص الذين يفتقرون إلى إنزيم اللاكتاز.
• مرض السيلياك: يسبب عدم تحمل الغلوتين زيادة في الغازات عند تناول القمح والشعير والجاودار.
• المحليات الصناعية: يمكن أن تسبب السوربيتول والمانيتول الموجودين في الحلويات والعلكة الخالية من السكر الإسهال والغازات.
• مكملات الألياف: يمكن أن يؤدي إضافة مكملات الألياف بسرعة كبيرة إلى النظام الغذائي إلى زيادة الغازات، خاصة إذا كانت تحتوي على السيلليوم.
• المشروبات الغازية: يمكن أن تتسبب المشروبات الغازية في تراكم الغاز في الجهاز الهضمي.

الحالات الصحية التي يمكن أن تزيد من الغازات

إذا كان نظامك الغذائي لا يحتوي على كميات كبيرة من الكربوهيدرات أو السكريات، ولا تبتلع كميات كبيرة من الهواء، فقد تكون الغازات المفرطة ناتجة عن حالة صحية. تتراوح هذه الحالات من مشاكل صحية مؤقتة إلى مشاكل هضمية مزمنة. بعض هذه الحالات تشمل:

• الإمساك.
• التهاب المعدة والأمعاء.
• عدم تحمل الطعام، مثل عدم تحمل اللاكتوز.
• متلازمة القولون العصبي (IBS).
• مرض كرون.
• مرض السيلياك.
• السكري.
• اضطرابات الأكل.
• التهاب القولون التقرحي.
• متلازمة الإغراق، وهي حالة قد تحدث عندما ينتقل الطعام بسرعة كبيرة من المعدة إلى المريء؛ مما يتسبب في الإصابة بتقلصات في البطن، ونوبات من الإسهال بعد تناول الطعام.
• مرض الجزر المعدي المريئي (GERD).
• التهاب البنكرياس المناعي الذاتي.
• القرح الهضمية.
• زيادة نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة.

كما يسبب استخدام المضادات الحيوية والمسهلات بانتظام تراكم الغازات في البطن.

كيف يمكن علاج كثرة الغازات في البطن؟

تعتبر الغازات المعوية غالبًا مشكلة غير خطيرة، وغالباً يمكنك التخفيف من كثرة الغازات في البطن وتقليل الانتفاخ من خلال مجموعة من التغييرات في نمط الحياة وتعديلات النظام الغذائي. تشمل العلاجات المنزلية للغازات المعوية: ^{[1] [2]}

• الاحتفاظ بمذكرة غذائية: يمكن أن تساعدك على تحديد الأطعمة التي تزيد من الغازات في جسمك. بعد تحديد الأطعمة التي تسبب لك الغازات المفرطة، يمكنك تقليل تناولها أو تجنبها تماماً، أبرزها تلك التي تحتوي على مستويات عالية من الكربوهيدرات التي يصعب امتصاصها.
• تعديل نظامك الغذائي: إذا كان نظامك الغذائي يحتوي على كمية كبيرة من الكربوهيدرات التي يصعب هضمها، جرب استبدالها بكربوهيدرات أسهل في الهضم مثل الأرز، والموز، والعنب، والخس، والطماطم، والبيض.
• تناول وجبات أصغر وأكثر تواتراً: قد يكون تناول خمس إلى ست وجبات صغيرة يومياً بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة أسهل على جهازك الهضمي، ويساعد في تحسن الأعراض.
• محاولة بلع كميات أقل من الهواء: تجنب القيام بأي شيء قد يزيد من كمية الهواء الذي تبتلعه، مثل مضغ الطعام بشكل صحيح وتجنب مضغ العلكة والتدخين والشرب من القش والمشروبات الغازية.
• شرب الكثير من الماء: البقاء رطباً يمكن أن يساعدك على تجنب الإمساك، مما يسبب الغازات.
• ممارسة الرياضة بانتظام: يجد بعض الأشخاص أن ممارسة الرياضة تساعد على تعزيز الهضم، ويمكن أن تمنع الغازات.
• تناول البروبيوتيك: قد تساعد البروبيوتيك مثل Lactobacillus و Bifidobacterium على تعزيز الهضم الطبيعي، مما يمكن أن يساعد في تقليل الغازات. توجد هذه البروبيوتيك في المكملات الغذائية المتاحة دون وصفة طبية والأطعمة المخمرة مثل مخلل الملفوف والزبادي.
• استخدام فوط الفحم: وضع "فوط الغاز" المصنوعة من الفحم داخل ملابسك الداخلية يمكن أن يساعد في تقليل الرائحة في بعض حالات الغازات المفرطة.
• تغيير وضعية الجلوس: الجلوس في وضعية مستقيمة يمكن أن يساعد جسمك على التخلص من الغازات الزائدة.
• استخدام وسادة تدفئة: وضع وسادة تدفئة أو زجاجة ماء ساخن على بطنك يمكن أن يساعد في تقليل الألم والتشنج الناتج عن الغازات الزائدة.
• تناول الزنجبيل والنعناع: معروف أن الزنجبيل والنعناع يعززان الهضم، وتحسين الهضم يمكن أن يساعد في تخفيف الانتفاخ والغازات.
• اختيار منتجات الألبان قليلة اللاكتوز: يمكن أن يحسن التخلص من الأطعمة الغنية باللاكتوز الأعراض.
• اختيار الفاصوليا المخمرة قبل الطهي: تحتوي هذه الفاصوليا على ألياف قابلة للذوبان أقل ومحتوى غذائي أعلى، وقد تقلل من الغازات.

أما عن طرق العلاج الطبي لكثرة الغازات في البطن، يمكن استخدام الأدوية أيضاً لعلاج الغازات، حسب سبب المشكلة. تشمل خيارات العلاج:

• الأدوية المتاحة دون وصفة طبية: تتوفر في الصيدليات مجموعة متنوعة من الأدوية مثل البيزموث سبساليسيلات المعروف تجارياً باسم (Pepto-Bismol) ودواء السيميثيكون المعروف تجارياً باسم (Gas-X، Phazyme) التي يمكن أن تساعد في تخفيف الغازات.
• الأدوية الموصوفة: يمكن لبعض الأدوية الموصوفة أن تستهدف الحالات الأساسية مثل متلازمة القولون العصبي أو فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، والتي تسبب الغازات. علاج الحالة قد يقلل من الغازات.
• المكملات الغذائية: إذا كنت تعاني من عدم تحمل اللاكتوز، يمكن أن يساعد تناول اللاكتاز (متاح دون وصفة طبية) في تخفيف الغازات عند تناول منتجات الألبان. يمكن لمكمل آخر، ألفا-غالاكتوسيداز (Beano)، أن يساعد الجسم في تكسير البقوليات والخضروات لتقليل الغازات.

نصيحة مهمة: قبل إضافة أي أدوية أو مكملات غذائية إلى نظامك الغذائي، يفضل استشارة مقدم الرعاية الصحية للتأكد من أنها آمنة لك.

مواضيع ذات صلة