شرب القهوة والسرطان: ما العلاقة بينهما؟

  • تاريخ النشر: الإثنين، 21 أكتوبر 2024
شرب القهوة والسرطان: ما العلاقة بينهما؟

القهوة ليست مجرد مشروب صباحي يعزز من النشاط، ويزيد من اليقظة؛ بل هي جزء من الروتين اليومي للعديد من النساء حول العالم. ومع انتشار الشائعات حول علاقتها بالسرطان، أصبحت مسألة شرب القهوة تثير الكثير من الجدل والتساؤلات. فهل القهوة تساهم في الوقاية من السرطان أم أنها تزيد من احتمالية الإصابة به؟

في هذا المقال الشامل، سنستعرض بشكل تفصيلي العلاقة بين شرب القهوة والسرطان، مع تسليط الضوء على الدراسات العلمية الحديثة وكيفية تأثير القهوة على صحة النساء بشكل خاص.

هل من علاقة بين السرطان والغذاء؟

قبل أن نخوض في تفاصيل العلاقة بين القهوة والسرطان، من المهم أن نوضح ما هو السرطان وكيف يمكن أن تتأثر احتمالية الإصابة به من خلال النظام الغذائي. السرطان هو نمو غير طبيعي للخلايا في الجسم، والذي يمكن أن ينتشر إلى أجزاء أخرى منه. هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان، منها العوامل الوراثية، والتعرض للإشعاع، والتدخين، والسمنة، وحتى بعض أنواع الأطعمة والمشروبات.

الغذاء يلعب دوراً هاماً في التأثير على صحة الجسم بشكل عام، ويشمل ذلك تأثيره على نمو الخلايا واحتمالية الإصابة بالأمراض المزمنة، بما في ذلك السرطان. العديد من الأطعمة تحتوي على مواد مضادة للأكسدة التي تحمي الجسم من الجذور الحرة، والتي قد تسهم في نمو الخلايا السرطانية. على الجانب الآخر، هناك بعض المواد الغذائية التي قد تحتوي على مواد مسرطنة عند تناولها بكميات كبيرة أو عند تحضيرها بطرق معينة. وهنا يأتي دور القهوة في النقاش.

شرب القهوة والسرطان

القهوة كمصدر لمضادات الأكسدة: الفوائد المحتملة

القهوة تحتوي على مجموعة كبيرة من مضادات الأكسدة، مثل البوليفينولات والفلافونويدات، التي تعتبر عوامل وقائية للجسم. هذه المواد تحارب الجذور الحرة، التي هي عبارة عن جزيئات غير مستقرة قد تؤدي إلى تلف الخلايا وزيادة احتمالية الإصابة بالسرطان. تعمل مضادات الأكسدة على تحييد تأثير الجذور الحرة، مما يساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة.

دراسة نُشرت في مجلة "Nutrition and Cancer" عام 2017 أظهرت أن تناول القهوة بانتظام قد يكون له تأثير وقائي ضد أنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الكبد وسرطان القولون والمستقيم. السبب في ذلك يعود إلى تأثير مضادات الأكسدة في مكافحة الالتهابات وتحسين وظائف الجهاز الهضمي.

الكافيين: هل هو عامل حماية أم خطر؟

الكافيين هو المادة الرئيسية في القهوة، وهو المسؤول عن الشعور بالنشاط وزيادة اليقظة بعد شربها. لكن ماذا عن تأثيره على الخلايا السرطانية؟ الكافيين قد يساعد في تقليل خطر بعض أنواع السرطان من خلال تحسين أداء الجهاز المناعي وتحفيز الجسم على التخلص من السموم. على سبيل المثال، أظهرت دراسات أن شرب القهوة بشكل منتظم قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بسرطان الفم والحلق.

ومع ذلك، الكافيين ليس خالياً من المخاطر. تناول كميات كبيرة من القهوة قد يؤدي إلى آثار جانبية سلبية، مثل زيادة القلق واضطرابات النوم. الأهم هو أن تأثير القهوة يختلف من شخص لآخر، بناءً على العوامل الوراثية وكمية الكافيين التي يمكن للجسم تحملها.

القهوة والسرطان: نظرة على الدراسات العلمية

هناك علاقة ما بين تناول القهوة وبعض أنواع السرطان، نذكر منها:

تأثير القهوة على سرطان الكبد

سرطان الكبد يُعد من أكثر أنواع السرطان فتكاً حول العالم، وغالباً ما يرتبط بالإصابة بأمراض الكبد المزمنة مثل التليف الكبدي. القهوة، وفقاً للعديد من الدراسات، قد تساهم في تقليل خطر الإصابة بسرطان الكبد. دراسة نُشرت في مجلة "Hepatology" عام 2013 أظهرت أن الأشخاص الذين يشربون ثلاثة أكواب من القهوة يومياً كانوا أقل عرضة للإصابة بسرطان الكبد بنسبة 40% مقارنةً بمن لا يشربون القهوة.

الباحثون يعتقدون أن هذه الفائدة ترتبط بمضادات الأكسدة الموجودة في القهوة، التي تحمي الكبد من التلف الناتج عن الالتهابات والتليف.

تأثير القهوة على سرطان الثدي

سرطان الثدي هو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء. هل يمكن أن يكون للقهوة دور في الوقاية من هذا النوع من السرطان؟ الدراسات حول تأثير القهوة على سرطان الثدي متضاربة. بينما أظهرت بعض الأبحاث أن شرب القهوة قد يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدي، خاصةً لدى النساء بعد انقطاع الطمث، فإن دراسات أخرى لم تجد تأثيراً ملحوظاً.

في دراسة نُشرت في مجلة "Breast Cancer Research" عام 2011، وُجد أن النساء اللواتي يشربن القهوة بانتظام كن أقل عرضة للإصابة بنوع معين من سرطان الثدي المعروف باسم ER-negative breast cancer، وهو نوع عدواني يصعب علاجه. يبدو أن القهوة تعمل على تقليل مستويات هرمون الإستروجين، الذي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي.

القهوة وسرطان القولون

سرطان القولون والمستقيم هو ثالث أكثر أنواع السرطان شيوعاً في العالم. هناك أدلة متزايدة تشير إلى أن شرب القهوة قد يكون له تأثير وقائي ضد هذا النوع من السرطان. دراسة نشرت في مجلة "Cancer Epidemiology, Biomarkers & Prevention" في عام 2016، وجدت أن الأشخاص الذين يشربون كميات معتدلة من القهوة كانوا أقل عرضة للإصابة بسرطان القولون بنسبة تصل إلى 26%.

تُفسر هذه النتائج بأن القهوة تحسن من حركة الأمعاء، وتقلل من مدة تعرض بطانة القولون للمواد المسرطنة المحتملة. كما أن القهوة تحتوي على مواد قد تقلل من نمو الأورام في الجهاز الهضمي.

الجانب السلبي: هل توجد مخاطر؟

بينما يبدو أن للقهوة فوائد صحية، إلا أن هناك بعض المخاوف المتعلقة بتأثيرها على الصحة. إحدى هذه المخاوف هي مادة "الأكريلاميد"، التي تتكون أثناء تحميص حبوب القهوة. الأكريلاميد مادة مسرطنة محتملة، وقد تم ربطها بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان في الدراسات الحيوانية. ومع ذلك، الكميات التي نحصل عليها من الأكريلاميد في القهوة تُعتبر ضئيلة جداً بالنسبة للإنسان، والدراسات لم تثبت وجود خطر ملموس من تناول القهوة بكميات معتدلة.

شرب القهوة باعتدال: كيف يمكن للنساء الاستفادة منها؟

القهوة ليست مشروباً ساحراً يقي من جميع الأمراض، لكنها تحمل فوائد صحية عندما تُستهلك باعتدال. للنساء، قد تكون القهوة وسيلة لتعزيز الصحة العامة، خاصةً فيما يتعلق بتحسين وظائف الدماغ، تقوية القلب، وحتى الوقاية من بعض أنواع السرطان. لكن من المهم موازنة الفوائد مع المخاطر المحتملة، مثل اضطرابات النوم وزيادة القلق؛ بسبب تناول كميات كبيرة من الكافيين.

نصائح لاستهلاك القهوة بشكل صحي:

  • شرب القهوة باعتدال: من الأفضل أن يقتصر تناول القهوة على 2-3 أكواب يومياً. هذه الكمية تعتبر آمنة بالنسبة لمعظم الناس، وتمنح الفوائد المحتملة دون آثار جانبية.
  • اختيار القهوة الداكنة: القهوة الداكنة تحتوي على كميات أكبر من مضادات الأكسدة وتوفر حماية أفضل للجسم.
  • تجنب السكر المضاف: إضافة كميات كبيرة من السكر إلى القهوة قد يقلل من فوائدها الصحية، ويزيد من خطر الإصابة بالسمنة والسكري.
  • تناول القهوة بعد الوجبات: يساعد ذلك في تحسين الهضم وتقليل امتصاص بعض الدهون التي قد تكون ضارة بالجسم.

الخلاصة

في النهاية، القهوة ليست فقط مشروباً لذيذاً يعزز من النشاط واليقظة، لكنها قد تحمل أيضاً فوائد صحية كبيرة، بما في ذلك الوقاية من بعض أنواع السرطان مثل سرطان الكبد والقولون. لكن كما هو الحال مع كل شيء، الاعتدال هو الأساس. استمتعي بفنجانك اليومي من القهوة، ولكن دون الإفراط في الاستهلاك.

مواضيع ذات صلة

شاهدي أيضاً: متلازمة القهوة

شاهدي أيضاً: القهوة للتخسيس

شاهدي أيضاً: أسباب سرطان الثدي

  • الأسئلة الشائعة

  1. كم عدد أكواب القهوة التي يمكن تناولها يوميًا دون زيادة خطر الإصابة بالسرطان؟
    تشير الأبحاث إلى أن تناول 2-3 أكواب من القهوة يوميًا يعتبر آمنًا، وقد يكون له فوائد صحية. تجاوز هذه الكمية قد يزيد من آثار جانبية، مثل الأرق أو القلق، ولكنه لا يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.
  2. هل الكافيين يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي؟
    الدراسات حول تأثير الكافيين على سرطان الثدي متضاربة. بعض الأبحاث تشير إلى أن القهوة قد تقلل من خطر بعض أنواع سرطان الثدي، خاصةً بعد انقطاع الطمث، بينما لم تجد دراسات أخرى تأثيرًا ملحوظًا.
  3. هل يمكن شرب القهوة للوقاية من السرطان؟
    شرب القهوة قد يساعد في الوقاية من بعض أنواع السرطان، مثل سرطان الكبد والقولون، بفضل مضادات الأكسدة التي تحتوي عليها. لكن يجب أن يكون تناول القهوة جزءًا من نظام غذائي صحي شامل وليس وسيلة وحيدة للوقاية.
ليالينا الآن على واتس آب! تابعونا لآخر الأخبار