دقة التفاصيل وتضارب الألوان يمنحان الجمالية للوحة غازي الدروبي

من عالم الهندسة في سورية إلى عالم الرسم في دبي، حاصل على دكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة برمنغهام  بإنكلترا، وله العديد من الكتب في الرسم الهندسي وتصميم الآلات، حائز على العديد من الشهادات التقديرية و المكافآت.. السيد غازي الدروبي من الأشخاص الذين يحبون العمل، بدأ في مجال الرسم منذ سنة تقريباً، ويحاول من خلال لوحاته عكس الواقع بطريقة جمالية. «ليالينا» التقت الفنان غازي الدروبي الذي أخبرنا عن حكايته مع الرسم ، وأهم الأمور التي يحب رسمها وغيرها من المواضيع. 

من الهندسة  الميكانيكية إلى الرسم، مالذي دفعك في هذا المجال؟
أمتلك قناعة أن الإنسان خُلق ليقوم بعمل ينتفع منه ويمضي وقته، فعندما أتيت إلى دبي لم أرغب أن أبقى من دون عمل، فراودتني الكثير من الأفكار لمشاريع متعددة، ولكن البعض منها يحتاج إلى دراسات جدوى اقتصادية وموافقات من جهات معينة وكذلك إلى استثمارات مالية،  ويالتالي سيتخذ ذلك فترة طويلة، وكان الرسم من ضمن المشاريع التي فكرت بها، فبدأت منذ حوالي السنة تقريباً.
أول لوحة تم إنجازها منذ بدء الرسم في دبي، كان في أيلول (سبتمبر) 2013. اختلفت مواضيع لوحاتي مابين المناظر الطبيعية إلى رسم الأشخاص، الوجوه، المدن السورية و غير السورية القديمة، الصناعات اليدوية الفولكلورية والمواضيع التي تحمل بعداً إنسانياً. و خلال عام تم إنجاز ما مجموعه أربعين لوحة تقريباً.
عندما أرسم أبدأ بأكثر من لوحة في وقت واحد وتكون ذات مواضيع مختلفة، وهذا الأمر يساعدني في رؤيتها بالشكل الأفضل، فعندما أعود للوحة مرة أخرى أراها بعيون جديدة، وبالتالي تكون النتيجة أفضل.

إلى أي مدى اختصاص الهندسة ساعدك في الرسم؟
الرسم الهندسي يعتمد على أبعاد دقيقة ومدروسة، ولكن أستطيع القول أن تصميم الآلات الذي كنت أدرسه  يحتاج إلى مخيلة، لتنفيذ الأمر، ومع التدريب يستطيع الشخص التعبير عن خياله، هذا الأمر ساعدني على الرغم من الاختلاف بين الرسم الهندسي والرسم الفني.

ما هي البصمة التي تحاول إبرازها في كل رسوماتك؟
دقة التفاصيل، فهي تمنح اللوحة جمالية خاصة وقدرة على الجذب والواقعية.   

ماهي أول لوحة قمت برسمها؟
أذكر أنني كنت أقوم بالتحضير لكتاب عن تصميم الآلات، وكان لدي مجموعة من المراجع والكتب  وضعتها على كرسي خيزران، وعندما اردت أن أخذ قسطاً من الراحة، بدأت برسم الغرفة بكل تفاصيلها، ولونت اللوحة بألوان الشمع، واحتفظت بها، وفي إحدى المرات شاهدها صديق لي يعمل أستاذاَ في كلية الفنون الجميلة، ورغب في الاحتفاظ بها، ولكني اعتذرت منه كونها اللوحة الوحيدة، وهذا الأمر منحني ثقة بما رسمته.

ما الذي تلهمك به حواء حتى اتجهت إلى رسمها؟
من خلال اللوحات أردت تجسيد جمال وعطاء المرأة، فكل شخص مهما اختفلت فئته العمرية يحتاج إلى الوجود الجميل للمرأة بجانبه، ورأيت أنه من الجميل تجسيدها في لوحات خاصة.

من ضمن لوحاتك سوق دمشقي قديم ومدينة معلولا، إلى أي مدى سورية حاضرة بأعمالك؟
على الرغم من مغادرتنا لسورية إلا أنه مهما ابتعدنا عنها، فهي لا تبتعد عن بالِنا، ولا تفارقُ خيالَنا، لذلك هناك بعض اللوحات لدي تحاكي مناطق في سورية، وبشكل عام أحب أن أرسم أموراً واقعية، مثلاً صورة مدينة معلولا قمت بتغير ألوان البيوت ومنحها جمالية مختلفة عن الصورة التي أخذت الرسم منها، معظم لوحاتي اعتمد فيها التنويع بالمواضيع والتضاد بالألوان أشعر أن ذلك يمنحها جمالية أكثر، وهذا الأمر يجب أن يحترفه الرسام، فالتضارب بالألوان وقوتها يمنح الحياة للوحة.

ماذا عن مشاركاتك في المعارض؟
اعتبر المشاركة في المعارض من الأمور المهمة،  وهي من ضمن الخطط التي أسعى إليها، وقد عرضت مؤخراً لوحاتي خلال حدث أقيم في دبي، كما أن هناك بعض الأعمال  لي معروضة في سلسلة مطاعم More.

تعتمد الأكليريك في رسوماتك، لماذا اخترت هذا النوع؟
يعتبر الأكليريك نوعاً من أدوات الرسم الحديث، وهو يحتاج إلى مهارة معينة في خلط الألوان كونه يجف بسرعة، ولكن الشيء المميز فيه في حال ارتكاب خطأ ما، فمن الممكن تعديله، كما أن هذه النوعية تساهم في عدم تشقق اللوحة مع مرور الزمن فلا حاجة إلى إعادة ترميمها.

كيف تقيم تجربتك في هذا المجال؟
خلال هذه السنة اكتسبت الكثير من الخبرات، فمع كل لوحة كنت أواجه تحدياً جديداً، واستمريت في التعلم لاكتساب المزيد من الخبرة ، فكان لدي إصراراً لاحدود له يزداد مع كل لوحة جديدة، فأشعر أن مخزون الحياة في مخيلتي أصبحت أجسده من خلال اللوحات.

مابين رسم الطبيعة والأشخاص أيهما الأصعب؟
الطبيعة، بينما رسم الوجوه يكون لون البشرة واحد  وإنما يتم العمل على الظل فيها.

ولكن رسم الوجوه يتطلب إظهار حالة عاطفية معينة في اللوحة؟
بالتأكيد فالتعابير تلعب دوراً في رسم الوجوه، فيطلب ذلك دقة فائقة، ولكن إذا أردنا التكلم إجمالاً فرسم الطبيعة  هو الأصعب.

ماذا تقدم نصيحة للشباب من خلال تجربتك؟
من يمتلك الرغبة للقيام بأمر ما لن يستطيع أحد إيقافه، فعليهم الإقدام وقبول التحدي دون أي خوف، فالتجارب هي التي تكسبهم المعرفة وتحسن من أدائهم.
 
أيهما الأقرب إليك.. الفنان أم المهندس؟
أشعر أن الفنان هو الأقرب، فعندما أقوم برسم لوحة ما، أحاول قدر المستطاع  تقديم كل ماهو مختلف، وأي فنان تظهر الكثير من صفات شخصيته في لوحاته، فالحياة مجموعة خبرات تنصهر في بوتقة واحدة.

ماهي خططك المستقبلية؟
سأقدم على على تجربة الرسم التجريدي، الذي يتناسب مع الديكورات الحديثة، فأحاول بشكل دائم ألا أضع نفسي في إطار محدد، وألا أكرر فيما أقدمه من لوحات.