الزي الوطني السعودي.. مزيج فريد بين الأصالة العربية والأناقة العصرية!

تعد الثقافة لغة تواصل فعّالة بين الشعوب المختلفة، بدءاً من اللغة ولهجاتها والمأكولات التقليدية، وصولاً إلى الزي الوطني الذي يعد من أبرز مظاهر الهوية الوطنية والتراث الثقافي؛ إذ يعكس تاريخ وقيم الشعب ويعبّر عن تمازج العادات والتقاليد مع الحداثة، ولعلّ المملكة العربية السعودية من الدول التي تمتاز بإرثها العريق وثقافتها الأصيلة وهويتها التي ترتبط بشكل وثيق بالثوب والشماغ أو الغترة. نسلط الضوء في هذا المقال على الزي الوطني السعودي وكيف أصبح اليوم عنواناً للأناقة وتأثره بنمط الموضة العصري.

الزي الوطني السعودي للرجال

بدايةً، لا بد من الإشارة إلى أن الزي الوطني السعودي والخليجي بصفة عامة، تم توارثها عبر الأجيال منذ مئات السنين، وقد صمم بشكل يلائم الظروف المناخية والطبيعة الصحراوية الجافة والحارة لشبه الجزيرة العربية؛ حيث يمنح الجسم البرودة لكونه فضفاضاً ويقي من ارتفاع حرارة الجسم، ويرتبط الثوب السعودي وتصميمه وألوانه وعناصره الأخرى، بالمناسبات الدينية والوطنية والشخصية مثل حفلات الزفاف، كما قد يختلف حسب مناطق المملكة، إلى جانب فصول السنة، وعادة ما يتم ارتداء الثوب الأبيض والرقيق في فصل الصيف، بينما تتعدد الألوان والخامات شتاءً.

بشكل عام، يمتاز الزي الوطني السعودي للرجل بالبساطة والأناقة في آن واحد، حيث نال استحسان عدد كبير من السياح القادمين للمملكة، بما فيهم نجوم الفن والرياضة، ومن أشهرهم مدرب المنتخب الوطني السعودي، الفرنسي هيرفي رونار، وكذلك نجم الكرة العالمي، البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي اندمج هو وعائلته مع المجتمع والثقافة السعودية بشكل كبير. أما عن أبرز عناصر الزي الوطني السعودية، فهي تتمثل بما يلي:

الثوب

يعد الثوب الزي الرسمي للرجال في المملكة العربية السعودية، كما أنه العنصر الأكثر شهرة واللافت لأنظار الآخرين، وكما أسلفنا، فإن ألوانه وخامة قماشته تختلف حسب المواسم، إذ يكون أبيض اللون صيفاً، بينما في فصل الصيف يتم ارتداء ثوب بألوان جاذبة مثل الأسود أو الرمادي أو الأزرق الغامق وغيرها من الدرجات، ويتم صناعة الثوب السعودي من القطن الطبيعي أو الصناعي أو البوليستر، ويكون ناعم الملمس. قد يسأل البعض: ما الاختلاف بين الثوب السعودي والأزياء الخليجية الأخرى؟

الإجابة ببساطة، أن الثوب السعودي يختلف عن الأزياء الأخرى لدول الخليج العربي بعدة مواصفات، لعلّ أبرزها أنه يأخذ شكل ومقاس الجسم من الأعلى، ثم يتسع بالنزول إلى الأسفل، أي أنه يفصل بصورة تناسب جسم مرتديه، كما يحتوي على أزرار من جهة الصدر، إضافة إلى أن لديه أكماماً واسعةً تصل إلى كفة اليد وتكون منتهية بأزرار، ناهيك عن اختلاف شكل الياقة ووجود الجيوب على جانبيه.

*يجدر بالذكر أن التصاميم الحديثة جعلت هذه الاختلافات تختفي أحياناً تماشياً مع متطلبات الموضة.

الطاقية

يلبس الرجال في السعودية الطاقية على الرأس وعادة لا تكون كبيرة لتغطي معظمه، كما تتميز بلونها الأبيض وزخرفتها بأشكال تعبر عن الثقافة العربية والإسلامية، وتصنع عادة من القطن الناعم. من المهم الإشارة إلى أن الرجل السعودي يرتدي الطاقية أسفل الشماغ أو الغترة حتى لا ينزلق عن الرأس.

الشماغ والغترة

نصل في حديثنا عن أبرز عناصر الزي الوطني السعودي، إلى غطاء الرأس المعروف باسم الشماغ أو الغترة، أما عن الاختلاف بينهما؛ فالشماع عادة يصنع من قماش خامته ثقيلة ويكون لونه أحمر مع خطوط بيضاء متقاطعة وزخرفة، بينما تصنع الغترة من قماش خفيف الخامة وناعمة الملمس، كما تعد شائعة في فصل الصيف. يتم طي الشماغ أو الغترة على شكل مثلث ويتم ارتداؤه فوق الطاقية لتغطية الرأس والأكتاف، كما يتم تثبيته بالعقال. يجدر بالذكر أن زوار المملكة العربية السعودية يفضلون ارتداء الشماغ لارتباطه بثقافة وتاريخ المنطقة العربية، كما يمكن ارتداءه بطرق عدة مثل أسلوب الكوبرا أو الميزان أو بنت البكار وغيرها.

العقال

يعد العقال السعودي ملفتاً للأنظار بسبب جودة صناعته ومظهره المهيب على رأس الرجل، حيث يمر بثلاث مراحل عند صنعه؛ تبدأ بلف الخيط، ثم إعداد الحشوة، وأخيراً تقفيل العقال الذي يوضع على الرأس لتثبيت الشماغ أو الغترة. يكون العقال بسماكة متوسطة، ويتخذ عادة الشكل الدائري ويتم ثنيه على طبقتين، كما يوجد بمقاسات مختلفة؛ إذ يجب أن يجب أن يناسب مقاسه مقاس رأس مرتديه لضمان تثبيته الشماغ الموضوع فوق بطريقة آمنة.

البشت

لا يعد ارتداء البشت أمراً شائعاً في المملكة العربية السعودية، حيث يتم لبسه فقط في المناسبات والمقابلات الرسمية، وذلك لما له من هيبة يضفيها على الزي الوطني السعودي. يحمل البشت اللونين الأبيض والأسود، وتختلف سماكة وخامة القماش المصنوع منه، حيث يكون خفيفاً في فصل الصيف، وسميكاً في الشتاء ليمنح صاحبه الدفء، ويتم ارتداؤه فوق الثوب وبعد الانتهاء من ارتداء جميع عناصر الزي الرسمي، علماً أن البشت يصاحبه عادة ارتداء الغترة وبشكل أقل الشماغ.

الزي الوطني السعودي للنساء

لا يوجد لباس محدد وشائع للمرأة في المملكة العربية السعودية، إلا أن غالبيتهنّ يلتزمن بارتداء العباية مع غطاء الرأس أو النقاب، ويمكن القول أن يتألف الزي السعودي للمرأة يتألف من مجموعة قطع تبرز جمال الهوية الثقافية للمملكة ويمنح النساء درجة عالية من الأناقة، كما هو موضح كالتالي:

العباية

أول عنصر من عناصر الزي السعودي للنساء، هي العباية التي تتميز بتنوع تصاميمها وألوانها بشكل يلفت الأنظار، ويعبّر عن غنى الثقافة والتراث السعودي ومدى ارتباطه بالأصالة العربية، وتغطي العباية المصنوعة من قماش ناعم، كامل جسم المرأة عدا الوجه وكفتي يديها، كما تجسّد أعلى درجات الحشمة والذوق الرفيع في اللباس!

الطرحة أو الشالة

يقصد بالطرحة أو الشالة القطعة التي تُلف حول الرأس ولا تغطي الوجه، وتصنع الشالة السعودية من قماش قطني ناعم وأصبحت له أنواع وألوان عديدة تواكب الموضة العصرية.

النقاب

يعد النقاب بمثابة قطعة قماش تغطي الوجه بشكل كامل باستثناء العينين، ومع ظهور التصاميم والانفتاح في عصر العولمة، ظهرت أنماط من النقاب تلبي متطلبات العصر وتواكب الحداثة، من خلال تنوع الألوان والزخارف وملائمته لمحبات الموضة والمكياج، بطريقة تلفت الأنظار وأناقة لا مثيل لها!

الزينة والمجوهرات

لن تكتمل الأناقة بدون المجوهرات ولمسات الزينة التي تضفي لمسة من الجمال والكثير من الأناقة للمرأة، ويعد ارتداء الأساور والأقراط والخواتم المصممة بأسلوب رائع، الأكثر شيوعاً بين نساء المملكة.

نمط اللباس العصري.. انسجام فريد من نوعه بين الحداثة والعراقة!

بعد التعرف على ما يمكن وصفه بالزي التقليدي لمواطني ومواطنات المملكة العربية السعودية، نتناول في هذه الجزئية التغير الذي طرأت على نمط اللباس خلال عقد من الزمن، حيث طرأت تغييرات اجتماعية وثقافية بفعل العولمة التي طالت العالم بأسره، فكيف تغير اللباس السعودي بين جيل الآباء وأبناء الحاضر وشباب المستقبل؟

بالنسبة للرجال، أصبح هنالك توجه أكبر لجعل الزي التقليدي أكثر "كاجوال"؛ وذلك عبر الاستغناء عن الشماغ أو الغترة والحذاء الرسمي، لصالح السير مكشوفي الرأس مع تمشيط الشعر وقصه بأسلوب حديث أو ارتداء قبعة وحذاء رياضيين، فضلاً عن الاتجاه أكثر نحو لبس القمصان والبناطيل المواكبة للموضة. لم يعد الأمر مرتبطاً بالزي التقليدي المتعارف عليه، بل تم دمج الحداثة والعراقة بطريقة فريدة من نوعها، وذلك من خلال التصاميم والزخرفة والألوان الجذابة، فضلاً عن التميز بتطريز الغترة لتظهر أكثر تناسقاً وتمنح صاحبها أناقة متكاملة!

إلى جانب ذلك، تبدي النساء في المملكة العربية السعودية توازناً في لباسهن، حيث لم تخلّ أيّ منهنّ بمفهوم الاحتشام في مقابل الظهور بكامل أناقتهنّ، إذ رأينا على غرار ملابس الرجال، دمج بين الزي التقليدي ومفهوم الجمال والأناقة العصرية، فمثلاً ظهرت عبايات بموديلات متنوعة نالت إعجاب جميع القادمين إلى المملكة بل وأصبحت تنتشر في دول الجوار، فضلاً عن الألوان والزركشات التي تعطي لهنّ خيارات أوسع، ناهيك عن أساليب لف الطرحة وغيرها مما طغى على جيل اليوم وأكد على أن العولمة لا تتعارض كلياً مع التراث والعادات والتقاليد، بل يمكن تطويعها ودمج الماضي مع الحاضر للوصول إلى نتيجة تعزز التنوع وتلفت الأنظار، دون المساومة على القيم والأصالة!

بشكل عام، يمكن القول إن الزي السعودي الحديث يلبي المعايير التالية:

• الاحترام للقيم والثقافة: على الرغم من التطورات، يتميز اللباس العصري السعودي باحترام القيم والعادات ويتّبع قواعد الحشمة والاحتشام في اختيار الألوان والتصاميم.
• التنوع والتطور: يشهد اللباس العصري في السعودية تنوعاً كبيراً في التصاميم والألوان، حيث يمكن للمرأة اختيار أن ترتدي العبايات التقليدية أو الموديلات الحديثة بما يتناسب مع ذوقها.
• المرونة والراحة: يهتم اللباس العصري بتقديم المزيد من المرونة والراحة، مما يسمح للأفراد بالتنقل وممارسة حياتهم بسهولة في الظروف المعاصرة.
• تكنولوجيا المواد: يتم استخدام تقنيات ومواد حديثة في صنع اللباس العصري تتماشى وطبيعة الظروف الجوية، مما يجمع بين الأناقة والوظائف العملية، سواء كان ذلك في الأقمشة المستخدمة أو في تفاصيل التصميم.
• اللمسة الشخصية: يتيح اللباس العصري للأفراد التعبير عن أنفسهم واختيار الألوان والأنماط التي تعبر عن شخصيتهم وأسلوب حياتهم الفريد.

ماذا بالنسبة لزوار المملكة؟

يحمل الشعب السعودي الصفات العربية الأصيلة بما فيها إكرام الضيوف والترحيب بهم، كما أن المسار الذي تسلكه المملكة في السنوات القليلة الماضية بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان، جعلها أكثر انفتاحاً على الثقافات الأخرى وعاداتهم، لذا لن يجد الزوار أي صعوبة في اختيار ملابسهم، سواء الرجال أو النساء، كما أن السعودية ترحب بزوارها الراغبين بالاستمتاع بفعالياتها الترفيهية المتنوعة مثل الحفلات الموسيقية والبطولات الرياضية والأعياد الوطنية بدون أي شروط أو قيود مسبقة.

يمكن القول إن السعودية استطاعت تحقيق توازن فريد من نوعه من خلال الحفاظ على تقاليدها وعاداتها وتراثها الأصيل، مع إبراز حاضرها المزدهر ومواكبة تطورات العصر الحديث والمزج بين لباسها التقليدي وأنماط الموضة باختلافها، حيث أصبح الزي الوطني السعودي تعبيراً حياً عن الهوية الوطنية والإرث الثقافي للمملكة، كما أنه يعكس الانسجام بين الماضي والحاضر بطريقة غاية في الروعة! يمكنك الاطلاع على مدونتنا والتعرف على مجموعة من المقالات التي تتناول مواضيع متنوعة، وفي حال كان لديك أي استفسار، فيمكنك تركه أسفل الصفحة وسنكون سعداء بالتواصل عليك.