يوم الشعر العالمي (World Poetry Day)
إدراكاً من الأمم المتحدة لأهمية الشعر على المستوى العالمي باعتباره وسيلة للتبادل الحضاري وحفظ التراث والأحداث الهامة؛ قررت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) تحديد يوم عالمي للشعر.. فما هو هذا اليوم؟ وكيف يحتفل به؟ ما هي جذور كلمة الشعر؟ وما أنواعه؟ هذا ما سنجيب عنه في هذه المقالة.
الاحتفال باليوم العالمي للشعر
يتم الاحتفال باليوم العالمي للشعر في الحادي والعشرين من شهر آذار/ مارس كل عام، وهو يوم للاحتفال وليس عطلة رسمية، حيث تقوم الحكومات والمنظمات الدولية بتشجيع الناس للمشاركة في إحياء هذا اليوم، كما يعد اليوم العالمي للشعر فرصة للأطفال للتعرف على الشعر في المدارس، فغالبية المدارس في العالم تدرس الشعر بمختلف أنواعه لطلابها، كما يجوز دعوة الشعراء لقراءة ومشاركة عملهم للجمهور كالقراءة في كل من (المتاجر، المقاهي، الجامعات، المدارس)، إضافةً لهذا يتم تكريم الشعراء وأعمالهم، كما تُعقد المعارض والأمسيات الشعرية لتسليط الضوء على مختلف أنواع الشعر. [1]
ذكرى ميلاد الشاعر الروماني فيرجيل
بدأ الاحتفال باليوم العالمي للشعر منذ القرن العشرين حيث حدد بيوم ولادة الشاعر الملحمي الروماني فيرجيل (من مواليد عام 70 قبل الميلاد، توفي في عام 19 قبل الميلاد)، وفي عام 1999 طالبت اللجنة الوطنية المغربية للشعر من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) تحديد يوم عالمي للاحتفال بالشعر، فقامت منظمة اليونيسكو بإجراء استبيان حول هذا الموضوع مع المنظمات الدولية غير الحكومية للكتاب والشعراء لا سيما رابطة القلم الدولية حيث جاءت الردود بالموافقة.
بناءً على ذلك حددت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) في اجتماعها في عام 1999، اليوم العالمي للشعر في الحادي والعشرين من شهر آذار/ مارس، وهو نفس يوم عيد الأم، حيث احتفل بهذا اليوم للمرة الأولى في الحادي والعشرين من شهر آذار/ مارس عام 2000، فدعت المنظمة كل دول العالم للمشاركة في الاحتفال بهذا اليوم وإظهار أهمية الشعر في وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات، كوسيلة لحفظ التراث وطريقة للتعبير عن المشاعر الإنسانية المختلفة.
أهداف الاحتفال باليوم العالمي للشعر
سعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) من تحديد يوم عالمي للاحتفال بالشعر لتحقيق الأهداف التالية:
- دعم التنوع اللغوي من خلال التعبير الشعري، وتقديم قصائد باللغات المهددة بالانقراض كي يمكن الاستماع إليها في المجتمعات المختلفة بالتالي المحافظة على هذه اللغات من الانقراض.
- تشجيع العودة إلى التقليد الشفهي في الأمسيات الشعرية، من خلال تعليم الناس والموهوبين بالشعر كيفية إلقاء الشعر كي يعبروا عن حقيقة عن مضمون القصائد التي يُلقونها.
- توعية المؤسسات المدرسية (المدارس، الجامعات) بأهمية الاحتفال باليوم العالمي للشعر.
- تعزيز تدريس الشعر، لاستعادة الحوار بين الشعر والفنون الأخرى مثل المسرح والرقص والموسيقى والرسم.
- دعم دور النشر الصغيرة وخلق صورة جذابة للشعر في وسائل الإعلام، بحيث لم يعد من الممكن اعتبار فن الشعر شكلاً قديماً من أشكال الفن، لكنه واحد من الفنون التي لا يمكن الاستغناء عنها.
- تشجيع قراءة الشعر وكتابته ونشره وتدريسه في جميع أنحاء العالم.
- تحسين نظرة وسائل الإعلام للشعر، بحيث لا تعتبر القصيدة فناً انتهى عهده، بل على العكس فن يتيح للإنسان العودة إلى هويته والتعبير عن مشاعره.
- تسهيل عملية منح جائزة للشعر.
- دعم إنشاء شبكة للفائزين بجائزة الشعر. [2]
الشعر في الحضارات القديمة
يعود تاريخ الشعر إلى الحضارة السومرية التي كانت في منطقة ما بين النهرين (العراق اليوم) مع ملحمة جلجامش التي تعود للألفية الثالثة قبل الميلاد، حيث كُتبت بالخط المسماري على ألواح الطين، ثم كُتبت على ورق البردي، كما ظهرت أول قصيدة حب في التاريخ في الحضارة المصرية الفرعونية في الألف الثانية قبل الميلاد وهي قصة سنوحي في عام 1800.
كما ظهرت القصائد في الأغاني الشعبية للحضارات القديمة مثل حضارة شينج الصينية، أو من خلال إعادة سرد الملاحم عن طريق الفم، كما هو الحال مع السنسكريتية، الزرادشتية، ملاحم هوميروس، (الإلياذة) و (الأوذيسة).
تعود المحاولات القديمة لتعريف الشعر إلى الحضارة اليونانية، حيث حاول الفيلسوف اليوناني أرسطو، التركيز على استخدام الكلام في البلاغة والدراما والغناء والكوميديا، ثم ظهرت محاولات لاحقة ركّزت على ميزات الشعر مثل: التكرار، شكل القصيدة والقافية، وفي منتصف القرن العشرين بات ينظر للشعر على أنه لغة إبداعية.
الشعر فن وعمل أدبي يستحضر كل الأحاسيس
تعود كلمة شعر إلى الكلمة اليونانية (poiesis) وتعني صنعاً، ويعرف الشعر باللغة الإنكليزية باسم (poetry)، وقد عرفه معجم أكسفورد البريطاني بأنه: "العمل الأدبي الذي نعبر من خلاله عن مشاعرنا وأفكارنا من خلال استخدام أسلوب مميز وإيقاع، ويقوم الشعر على قصائد متعددة الأنواع كوسيلة للتعبير عن هذه المشاعر والأفكار"، بدورها عرّفت موسوعة لاروس الفرنسية الشعر على أنه: "الفن الذي يستحضر كل من الأحاسيس، الانطباعات، المشاعر، ويعبر عنها بشكل واضح من خلال القصائد التي تقوم على التجانس والإيقاع".
أساليب الشعر الثلاث
يستخدم الشعر ثلاثة أساليب في فنون الأدب، وهي:
- القافية، وهي حرف واحد يتكرر في نهاية كل بيت شعري، كحرف القاف أو الراء.
- الجناس، وهو تكرار حروف أو أصوات الحروف في بداية كلمتين أو أكثر، أو على فترات قصيرة. أو تكرار نفس الرسالة في أجزاء معلمة من الكلمات، مثل: سليم، سقيم.
- السجع، وهو التوافق بين الحرف الأخير لنهاية جملتين (مشروع، خضوع)، أما في الشعر فالتوافق بين الحرفين الأخيرين بين شطري بيت شعري فيسمى (تصريع) كالبيت التالي لابن زيدون: (إن ذكرتك بالزهراء مشتاقا .. والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا)
أنواع الشعر
الشعر السردي
هو النوع من الشعر الذي يروي قصة مخصصة للأعمال الصغيرة عموماً وأكثر جاذبية للإنسان، قد يكون السرد الشعري أقدم نوع من الشعر، ومن رواد هذا النوع من الشعر: هوميروس في كتابيه "الإلياذة" و "الأوديسة"، وتتألفان من مجموعات من قصائد سردية، الشاعر الروماني أوفيد، الشاعر الإيطالي دانتي، الشاعر الإسباني خوان رويز، الشاعر البريطاني وليام لانجلاند، الشاعر البريطاني جيفري تشوسر، الكاتب المسرحي والشاعر الإسباني فرناندو دي روخاس، لويس دي كاموس، الكاتب المسرحي البريطاني شكسبير.
الشعر الملحمي
هو نوع من الشعر، وشكل رئيسي من أشكال الأدب السردي، غالباً ما يعرف عن هذا النوع من الشعر بأنه قصائد طويلة تتعلق بالأحداث ذات الطابع البطولي أو المهمة في ثقافة ذلك الوقت، من القصائد الملحمية: ملحمة جلجامش (ملحمة سومرية)، ماهابهاراتا (ملحمة هندية كتبها فياسا)، رامايانا فالميكي (ملحمة شعرية هندية للكاتب فالميكي)، الشاهنامه (ملحمة فارسية كتبها أبو القاسم منصور الفردوسي).
الشعر الدرامي
ظهر في العديد من الثقافات اليونانية، الهندية، اليابانية، الفارسية، حيث يظهر هذا النوع من الشعر في المسرحيات مثل: مجنون ليلى للشاعر أحمد شوقي، طوايا نظامي للشاعر ابن المعردس.
الشعر الساخر
يمكن أن يكون هذا النوع من الشعر وسيلة قوية للهجاء، وكان للرومان تقليد قوي من الشعر الساخر، غالباً ما يكون مكتوباً لأغراض سياسية. ومن الأمثلة البارزة هو الشاعر الروماني جوفينال، الشاعر البريطاني جون درايدن، الشاعر البرتغالي مانويل ماريا باربوسا دو بوكاج.
الشعر الخفيف
هو الشعر الذي يحمل روح الدعابة، غالباً ما تكون هذه القصائد قصيرة، ومن أشهر شعراء هذا النوع: البريطاني لويس كارول.
الشعر الغنائي
هو النوع الذي لا يحاول أن يحكي قصة كما هو الحال مع الشعر الملحمي والدرامي، بل يتحدث عن مشاعر شخصية، وهذه القصائد عادةً تكون قصيرة، لحنية (ملحنة أو قابلة للتلحين)، يصور فيها المشاعر الخاصة، حالات العقل، والتصورات، ومن أشهر شعراء هذا النوع من الشعر: الفرنسية كريستين دي بيزان، البريطاني جون دون.
الرثاء
قصيدة حزينة أو كئيبة تتعلق منها برثاء الميت أو أغنية الجنازة، حيث تذكر فيها الخصال الحسنة للشخص المتوفى، وتوصف عادة قصيدة الرثاء بأنها قصيدة الحداد. وقد تصنف قصيدة الرثاء على أنها شكل من أشكال الشعر الغنائي، من أبرز شعراء الرثاء: الإسباني خورخي مانريكي، البريطاني إدموند سبنسر، البريطاني جون ميلتون.
الخرافة
نوع من الأدب القديم، عبارة عن قصة موجزة تميز الحيوانات والنباتات والجماد، أو قوى الطبيعة التي توضح الدرس الأخلاقي، ومن أبرز شعراء هذا النوع: الإغريقي إيسوب، الهندي بيدبا، الفرنسي جان دي لافونتين.
قصيدة النثر
النوع الهجين الذي يظهر سمات كل من النثر والشعر، قد تمييزه عن قصة صغيرة، وظهرت القصيدة النثرية في القرن التاسع عشر في فرنسا، ومن أبرز شعرائها: شارل بودلير، آرثر رامبو، ستيفان مالارميه.
الشعر المضارب
هو نوع من الشعر يتناول موضوعاً في "ما وراء الواقع"، سواء من خلال الاستقراء كما في أفلام الخيال العلمي أو مواضيع غريبة ومرعبة، ويعتبر الشاعر الأمريكي إدغار آلان بو "أبو الشعر المضارب".
شعر الغزل
هو شكل من أشكال الشعر ينتشر في اللغات العربية، الفارسية، التركية، الأذربيجانية، الأردية، البنغالية، ويتراوح حجم القصيدة بين الخمسة مقاطع والخمسة عشر مقطعاً، تشترك في أنها تكون ساكنة في نهاية الشطر الثاني، ويسبق هذا السكون قافية، وفق ما ورد في كتاب الموسوعة الإسلامية (Encyclopedia of Islam) للكاتب البريطاني جان كامبو أن من أشهر شعراء هذا النوع هما: جلال الدين الرومي، ابن زيدون.
السوناتة
قصيدة قصيرة مكونة من أربعة عشر سطراً، ظهرت في القرن الثالث عشر الميلادي في إيطاليا على يد الفيلسوف الإيطالي فرانسيسكو بترارك، البريطاني شكسبير.
الشعر الحر
لا يتبع أي قواعد، فشكلها يختلف من سطر إلى سطر ولكل مقطع قافيته، والهدف من هذا النوع الشعري هو إيصال فكرة، إذ ليس هناك من طريقة صحيحة أو خاطئة لإنشاء هذه القصيدة الحرة، ومن أبرز شعراء الشعر الحر: الشاعر السوري نزار قباني. [3]
الشعر وسيلة من وسائل التعبير عن المشاعر منذ القدم، تنقل من الشعر الشفهي إلى المكتوب بعد ظهور الكتابة، لينتهي بدواوين خلدت الشعراء وجعلتهم أحياء في قلوب محبيهم رغم مرور قرون على وفاتهم ومغادرتهم هذا العالم، لذلك يبقى اليوم العالمي للشعر مناسبة لتقدير الشعراء وتكريمهم واستعراض إنجازاتهم وقصائدهم ودواوينهم.