وفاة سيدني بواتييه أول أسود البشرة ينال جائزة أوسكار
توفي الممثل سيدني بواتييه، أول نجم أسود في تاريخ هوليوود، عن 94 عاماً، حسبما أعلن نائب رئيس وزراء جزر البهاماس، حيث كبر الممثل قبل الانطلاق للعالمية.
وكتب نائب رئيس الوزراء تشستر كوبر، عبر صفحته على «فيسبوك»: «لقد فقدنا أيقونة وبطلاً ومعلماً ومحارباً وكنزاً وطنياً»، من دون تحديد أسباب الوفاة.
وكان بواتييه أول نجم أسود ينال ترشيحاً لجائزة أوسكار عن فيلم «ديفاينت وانز» سنة 1958، كما أصبح بعد ست سنوات أول ممثل أسود ينال هذه الجائزة السينمائية الأرفع عن دوره في «ليليز أوف ذي فيلد».
وحقق بواتييه شعبية كبيرة بفضل سلسلة أدوار بارزة في مرحلة من التوتر العرقي الشديد في الولايات المتحدة خلال الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين.
ونجح الممثل في إيجاد توازن بين النجاح وحس المسؤولية في اختيار مشاريع تتناول تاريخ الاستعباد، بما يشمل العملين الكلاسيكيين «غيس هوز كامينغ تو دينر»، و«إن ذي هارت أوف ذي نايت».
وقال كوبر، اليوم: «انتابتني مشاعر متضاربة تمزج بين الحزن الشديد والشعور بالاغتباط عندما تلقيت نبأ رحيل السير سيدني بواتييه، الحزن لأنه لن يعود موجوداً بيننا لنعبّر له عن مدى تقديرنا له، لكن الاغتباط أيضاً لأنه فعل الكثير ليُظهر للعالم أن الأشخاص من ذوي البدايات الأكثر تواضعاً يمكنهم تغيير العالم».
وأضاف: «سنفتقده كثيراً، لكنّ إرثه لن يُنسى أبداً».
ونال بواتييه جائزة أوسكار فخرية سنة 2002 تقديراً لـ«أدائه الاستثنائي» على الشاشة الفضية و«العنفوان والأناقة والذكاء» خارج الشاشة.
إنجازات سيدني بواتييه:
كان بواتييه ممثلاً رائداً وناشطا ًودبلوماسياً يحظى باحترام واسع. وحصل على جائزة الأوسكار عام 1964 لأفضل ممثل عن فيلم "زنابق الحقل".
ولد بواتييه في ميامي، ونشأ في مزرعة للطماطم في جزر الباهاماس وانتقل إلى نيويورك في سن السادسة عشرة.
التحق لفترة قصيرة في الجيش وعمل في عدد الوظائف الصغيرة أثناء دراسة التمثيل، ليصبح لاحقا ٌنجم المسرح والشاشة.
رُشح بواتييه للأوسكار لأول مرة عام 1958 عن دوره في فيلم "المتحدون" The Defiant Ones ويعد ترشيحه لأول مرة لجائزة الأوسكار بحد ذاته إنجازاً تاريخياً لرجل أسود يرشح للجائزة المرموقة في دور البطولة.
وحصل بواتييه على الأوسكار لأفضل ممثل عن دوره في "زنابق الحقل" (1963)، الذي لعب فيه دور عامل يساعد راهبات ألمانيات في بناء كنيسة صغيرة في الصحراء.
وكان بواتييه موجوداً بصورة منتظمة على الشاشة الكبيرة في وقت التمييز العنصري في الولايات المتحدة، إذ مثل في أفلام "رقعة زرقاء" عام 1965، ثم "حرارة الليل" في العام التالي، تلاه "خمن من القادم إلى العشاء"، وفيه لعب دور رجل أسود يذهب لزيارة عائلة خطيبته البيضاء.
وفي "حرارة الليل" لعب بواتييه دور فيرجيل تيبس، وهو ضابط شرطة أسود يواجه العنصرية أثناء التحقيق في جريمة قتل.
وأخرج بواتييه عدداُ من الأفلام، وأعلن الشهر الماضي عن مسرحية في برودواي تدور حول حياته ومسيرته الفنية.
وقال آمون وارمان من مجلة إمباير لبي بي سي "لقد كان رائداً ومؤثراً للغاية ومهد الطريق للكثيرين في الصناعة لترك بصماتهم الخاصة، ومن بينهم دينزل واشنطن، الذي قدم له التحية عندما فاز بجائزة الأوسكار".
سيدني بواتييه والتصدي للعنصرية:
قال دنزل واشنطن، الذي فاز بجائزة الأوسكار عام 2002 في نفس الليلة التي فاز فيها بواتييه بجائزة أوسكار فخرية، مازحاً "أربعون عاماً أطارد سيدني والآن يمنحونه الجائزة في نفس الليلة".
وأضاف وارمان أن بواتييه "تصدى للعنصرية بشكل مباشر" في عمله ولكنه كان أيضاً "شديد التنوع".
وقال "لقد ساعد حقاً في تغيير وجهة النظر إزاء الممثلين السود في ذلك الوقت [بفوزه بجائزة الأوسكار]. لقد كان أحد أكبر النجوم خلال تلك الفترة."
وأشاد جورج تاكي، ممثل ستار تريك، ببواتييه ووصفه بأنه "رائد سيحزن لفقده الكثيرون ممن فتح لهم أبواب هوليوود.
واقتبست الممثلة ووبي غولدبرغ كلمات أغنية To Sir With Love ، التي كانت الأغنية المميزة لفيلم بواتييه بنفس العنوان عام 1967. وأشادت به قائلة إنه "أرانا كيفية الوصول إلى النجوم"، بينما وصفه الممثل جوزيف غوردون ليفيت بأنه "أسطورة".
وقالت المذيعة والصحافية الأمريكية أوبرا وينفري لبواتييه في مقابلة عام 2000 إنه "وضع تصوراً للأمريكي المنحدر من أصول أفريقية في الفيلم".
وأجاب بواتييه "لقد كانت مسؤولية هائلة. وقبلتها، وعشت بطريقة أظهرت مدى احترامي لتلك المسؤولية".
سيدني بواتييه من جزر الباهاما إلى قمة الشهرة:
تغلب بواتييه على خلفية فقيرة في جزر الباهاما وخفف من لهجة الجزيرة السميكة ليصعد إلى قمة مهنته في وقت كانت فيه الأدوار البارزة للممثلين السود نادرة. وفاز بجائزة الأوسكار عن فيلم "Lilies of the Field" عام 1963، الذي لعب فيه دور عامل متجول يساعد مجموعة من الراهبات البيض في بناء كنيسة صغيرة.
استكشفت العديد من أفلامه الأكثر شهرة التوترات العرقية، حيث كان الأمريكيون يتصارعون مع التغييرات الاجتماعية التي أحدثتها حركة الحقوق المدنية. في عام 1967 وحده، ظهر كمحقق فيلادلفيا يقاتل التعصب الأعمى في بلدة صغيرة في الميسيسيبي في "In the Heat of the Night"ن وطبيب يفوز على والدي خطيبته البيضاء المتشككين في "Guess Who"s Coming to Dinner".
كافحت أفلام بواتييه من أجل التوزيع في الجنوب، وكان اختياره للأدوار مقصورًا على ما ستنتجه الاستوديوهات التي يديرها البيض. على سبيل المثال، منعته من معظم الأجزاء الرومانسية. لكن أدواره الكريمة ساعدت الجماهير في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي على تصور السود ليس فقط كخدم ولكن كأطباء ومعلمين ومحققين.
في الوقت نفسه، كان الرجل الأسود الوحيد الذي يقود هوليوود في الستينيات من القرن الماضي، وقد تعرض لتدقيق شديد. تم الترحيب به في كثير من الأحيان كرمز نبيل لعرقه وتعرض لانتقادات من بعض السود الذين قالوا إنه خانهم من خلال القيام بأدوار معقمة وقوادة للبيض.
وقال بواتييه لأوبرا وينفري في عام 2000: "لقد كانت مسؤولية ضخمة. لقد قبلتها، وعشت بطريقة أظهرت مدى احترامي لتلك المسؤولية. كان علي أن أفعل ذلك. ولكي يأتي الآخرون ورائي، كان هناك أشياء معينة كان علي القيام بها".
ولد سيدني بواتييه، الأصغر بين سبعة أطفال، قبل أوانه لعدة أشهر في ميامي في 20 فبراير/ شباط 1927. كان والداه من مزارعي الطماطم الذين غالبًا ما يسافرون من وإلى فلوريدا وجزر الباهاما.
لم يكن من المتوقع أن يعيش. استشارت والدته قارئة الكف التي خففت من مخاوفها.
قال بواتييه لشبكة سي بي إس نيوز في عام 2013: "أمسكت السيدة بيدها وبدأت تتحدث إلى والدتي:" لا تقلق بشأن ابنك. سوف ينجو." وكانت هذه كلماتها؛ قالت: "سوف يمشي مع الملوك".