وحش الشاشة فريد شوقي
التصق به لقب وحش الشاشة طيلة مسيرته الفنية التي امتدت أكثر من خمسين سنة، كما كان صديقاً وفياً وغيوراً على مصلحة أصدقائه وزملائه في العمل، هو أبو البنات، والنجم الذي تألق طيلة مشواره الفني فلم يطفئه إلَّا الموت، تعرفوا معنا أكثر على حياة وحش الشاشة الفنان المصري الراحل فريد شوقي وتذكروا معنا أبرز أعماله.
سار فريد شوقي على خطى والده قبل أن يعود إلى شغفه بالتمثيل
ولد فريد شوقي محمد عبده في صيف عام 1920 وتحديداً في الثلاثين من يوليو، وكانت ولادته وطفولته في حي السيدة زينب وحي الحلمية (وهي من أحياء القاهرة الشعبية)، كما كان من أسرة عادية حيث عمل والده موظفاً حكومياً، وعلى الرغم من ولع فريد شوقي بالسينما والتمثيل إلَّا أنَّه سار على خطى والده بعد أن أتم تعليمه الابتدائي وحصل على دبلوم معهد الهندسة التطبيقية، حيث عمل موظفاً حكومياً أيضاً، لكنه احتفظ بشغفه إلى أن اتخذ القرار بالعودة إلى شغفه بالتمثيل.
بدياته الفنية
انضم شوقي إلى فرقة يوسف وهبي المسرحية ثم إلى المعهد العالي للتمثيل، وتزوج زميلته في معهد التمثيل زينب عبد الهادي التي كانت زوجته الثالثة، كما اتخذ شوقي قراره النهائي بالتفرغ للسينما والاستقالة من الوظيفة، لكن زوجته خيَّرته بينها وبين ترك الوظيفة للعمل في التمثيل، فكان أن انفصل عنها واختار العمل في التمثيل ليقدم أول أفلامه وينطلق في مسيرة فنية حافلة بين مصر وتركيا وبين المسرح والسينما.
فريد شوقي في السينما
كانت بداية فريد شوقي مع السينما في فيلم ملاك الرحمة عام 1946، والفيلم من بطولة فاتن حمامة ونجمة إبراهيم ويوسف وهبي، تأليف وإخراج يوسف وهبي، كان ذلك بعد أن قدَّم شوقي العديد من أدوار الكومبارس في مسرحيات يوسف وهبي ونجيب الريحاني وآخرين، فكان فيلم ملاك الرحمة الخطوة الأولى لطريق طويل قدم من خلاله فريد شوقي أكثر من ثلاثمائة فيلم سينمائي.
مسرحيات فريد شوقي
بدأ فريد شوقي بأدوار ثانوية في المسرح مع يوسف وهبي والريحاني وهما عمالقة عصرهما، ثم انتقل إلى السينما كما ذكرنا، لكنَّه عاد إلى المسرح من خلال عدَّة أعمال لاقت نجاحاً كبيراً مثل مسرحية شارع محمد علي مع شريهان، ومسرحية البكاشين ومسرحية 100 مسا وغيرها الكثير.
كانت الفنانة هدى سلطان الحبَّ الكبير في حياة فريد شوقي
تزوج فريد شوقي مرتين قبل أن يثبِّت أقدامه في الوسط الفني، كانت الزيجة الأولى من فنانة مغمورة ثم من محامية، لتكون الزيجة الثالثة التي ذكرناها سابقاً من زميلته في معهد التمثيل زينب عبد الهادي التي عارضت قراره ترك الوظيفة والتفرغ للسينما؛ فانفصلا بعد أن أنجب منها ابنته منى، وبقي شوقي دون زواج فترة من الزمن إلّا أنَّه كان على علاقة بالراقصة سنية شوقي، لكنه انسحب من هذه العلاقة التي أرهقته ليجد أخيراً حبَّ حياته مع الفنانة هدى سلطان.
هدى سلطان هي من طلب الطلاق من فريد شوقي
كانت حياة الزوجين فريد شوقي وهدى سلطان حياة سعيدة مليئة بالحبِّ، لكنَّ شوقي انتقل للعمل في تركيا بعد فترة كساد في السينما المصرية ما جعله بعيداً عن زوجته وبناته، كما أن الغيرة اشتعلت في قلب هدى سلطان ما جعلها تذهب إلى تركيا لزيارة زوجها دون أن تخبره، وكان أن طلبت منه الطلاق فور عودتها إلى القاهرة، حيث لم يستطع فريد شوقي أن يقنعها بالتراجع عن قرارها كما يذكر الماكيير محمد عشوب في وثائقي (ممنوع من العرض) الذي تم عرضه عبر تلفزيون الحياة؛ فكان الانفصال بينهما بناء على رغبة هدى سلطان بعد زواج دام لعشرين سنة أنجبا خلاله ابنتيهما ناهد ومها.
الزواج الأخير لأبو البنات فريد شوقي
تزوج فريد شوقي من السيدة سهير الترك بعد انفصاله عن هدى سلطان بفترة ليست طويلة، وكانت هي الزوجة التي رافقته حتى أيامه الأخيرة ووفاته، كما أنجب منها رانيا وعبير، ليكون بذلك قد أنجب خمس بنات من ثلاث زوجات فعرف بأبو البنات، ومن بناته اثنتين عملن في المجال الفني؛ الممثلة رانيا فريد شوقي، والمنتجة السينمائية ناهد فريد شوقي.
جسَّد فريد شوقي شخصيات مختلفة في السينما
مرَّت شخصية فريد شوقي في السينما بتطورات كثيرة، حيث بدأت أعماله بأدوار القوة والفتوة والشرِّ، حتى عرف بوحش الشاشة لكنه تحول تدريجياً إلى أدوار أكثر عمقاً وأهمية ليعرف بالملك، وترك فريد شوقي أثراً كبيراً من خلال بعض الشخصيات التي لعبها مثل شخصيته في فلم (قضية عم أحمد)، وفي فيلم (يا رب ولد)، وتعتبر أفلام فريد شوقي ناجحة بشكل كبير، لكن الواقع الذي يشير إليه زملاء فريد شوقي وعائلته أن الشخصيات التي لعبها فريد شوقي في بداياته خاصة المتعلقة بالشرِّ لم تكن تشبه شخصيته الحقيقية، فهو كان رجلاً طيباً ومرحاً كما كان يسعى جاهداً لفض النزاعات بين الأصدقاء والمعارف والزملاء.
عمل فريد شوقي في التأليف والتمثيل والإنتاج
يكاد فريد شوقي يكون الممثل الأكثر تألقاً طيلة الفترة التي عمل بها في مجال السينما على الرغم من وجود منافسين أقوياء أمثال رشدي أباظة وعمر الشريف وغيرهم، لكن شوقي كان قد أخذ حصة كبيرة من قلوب الجماهير فأصبح النجم الأكثر سطوعاً في تلك الفترة.
كما ساهم فريد شوقي في مساعدة النجوم الشباب على الظهور، ومن بينهم الممثل الراحل أحمد زكي في بداياته، كذلك الممثل أحمد هنيدي، أما إذا أردنا استعراض أعمال فريد شوقي سنجد أنفسنا أمام أرشيف ضخم جداً فيه أكثر من 300 عمل سينمائي وعشرات الأعمال التلفزيونية والمسرحية، سنحاول أن نتذكر معاً أبرز أعمال الراحل وحش الشاشة فريد شوقي.
أبرز أعمال فريد شوقي في السينما
- شارك فريد شوقي في العديد من الأفلام في الأربعينيات من القرن الماضي مع كبار نجوم السينما آن ذاك، ومن بين هذه الأفلام فيلم (بيومي أفندي) وفيلم (رجل لا ينام) إلى جانب الراحل يوسف وهبي، كما قدم شوقي فيلم (طلاق سعاد هانم) إلى جانب أنور وجدي، كذلك فيلم (قلبي دليلي) إلى جانب ليلى مراد وأنور وجدي، كما شارك مع نجيب الريحاني في فيلم (غزل البنات).
- في الخمسينات لمع نجم فريد شوقي وقدم مجموعة كبيرة من الأفلام أبرزها فيلم (ريا وسكينة) الذي كتب قصته الأديب الراحل نجيب محفوظ وأخرجه صلاح أبو سيف عام 1953، وفيلم (فلفل) إلى جانب اسماعيل ياسين، إضافة إلى فيلم (وداعاً يا غرامي) وفيلم (أشكي لمين) إلى جانب فاتن حمامة وعماد حمدي، كذلك فيلم (نداء العشاق) مع برلنتي عبد الحميد وشكري سرحان، وفيلم (صراع في الوادي) إلى جانب عمر الشريف.
- في الخمسينات أيضاً بدأ فريد شوقي يقدم أدوار البطولة الرئيسية في السينما كما في فيلم (ساحر النساء) إلى جانب هند رستم، وفيلم (أبو حديد) مع ليلى طاهر ومحمود المليجي، كذلك في فيلم (أبو أحمد) مع مريم فخر الدين، وفيلمه المشهور (باب الحديد) إلى جانب هند رستم أيضاً، ولا ننسى فيلم (مجرم في إجازة) مع الشحرورة صباح، وفيلم (الأخ الكبير) مع أحمد رمزي، إضافة إلى فيلم (الفتوة) وفيلم (بحار الموت) والعديد من الأفلام التي تعتبر انطلاقة فريد شوقي القوية نحو نجومية لا تخبو.
- كما قدم شوقي العديد من الأفلام مع حبيبته هدى سلطان في هذه الفترة، أبرزها رصيف نمرة 5، والنمرود، وجعلوني مجرماً.
- في العقد السادس من القرن الماضي قدم وحش الشاشة العديد من أفلام الصف الأول أبرزها: فيلم (الحرامي) مع سهير رمزي، فيلم (الشيطان) مع شمس البارودي، فيلم (سكرتير ماما) مع ناديا لطفي، إضافة إلى فيلم (أنا الدكتور) وفيلم (دلع البنات) مع الفنانة نيللي، والعديد من الأفلام الأخرى مثل العبيط والمدير الفني وبنت عنتر والجاسوس وغيرها، لكن ما ميز هذه المرحلة هو مشاركة فريد شوقي في الأفلام التركية.
الأفلام التركية لفريد شوقي
قدم فريد شوقي أدواراً رئيسية في عدد من الأفلام التركية أشهرها: فيلم (شيطان البوسفور) إلى جانب الممثلة التركية هوليا، فيلم (عثمان الجبار)، إضافة إلى فيلم (مغامرات في اسطنبول) وغيرها من الأعمال التي قدمها في تركيا خلال فترة غيابه عن السينما المصرية؛ حتى وصل رصيده إلى 13 فيلماً تركياً.
أبرز أعمال فريد شوقي بعد العودة من تركيا
عاد فريد شوقي إلى السينما المصرية بداية السبعينات محمَّلاً بهموم عائلية كبيرة، لكنه استطاع أن يحافظ على صعود نجمه من خلال عشرات الأفلام التي قدمها بعد عودته إلى مصر وحتى وفاته، نذكر منها فيلم (الملاعين) مع سهير رمزي، فيلم (اسكندرية ليه) مع المخرج الراحل يوسف شاهين وكان هذا الفيلم جزء من سلسلة سيرته الذاتية، كما قدم فريد شوقي فيلم (رجال لا يعرفون الحب) وفيلم (الندم)، كذلك الكرنك والسقا مات والضوء الأخضر، وشهدت السبعينات ولادة أول الأفلام من تأليفه وإنتاجه الذي حمل عنوان (قطار العمر فات).
في الثمانينات قدم شوقي أفلاماً عديدة منها: الخرتيت، دموع الشيطان، أولاد الأصول، كما قدم فيلم ويبقى الحب وفيلم عفواً أيها القانون وعشرات الأفلام الأخرى، أما في العقد الأخير من حياته أي التسعينات شارك فريد شوقي في العديد من الأفلام مثل: امرأة آيلة للسقوط مع يسرا ومحمود حميدة، فيلم (آه آه من شربات) إلى جانب ابنته رانيا فريد شوقي.
أبرز أعمال فريد شوقي في التلفزيون
في الدراما التلفزيونية أيضاً ترك فريد شوقي بصمته من خلال عدة أعمال أبرزها، مسلسل (الجلاد والحب) إلى جانب شريهان وأحمد راتب والذي أخرجه أحمد خضر عام 1984، كما قدم مسلسل (صابر يا عم صابر) مع تحية كاريوكا وكريمة مختار، والمسلسل من تأليف فريد شوقي وسيناريو محمد خليل الزهار ومن إخراج حسين عمارة، إضافة إلى مسلسلات البخيل وأنا، الشاهد الوحيد، حلم الليل والنهار.
أبرز الأعمال من تأليف فريد شوقي
برع فريد شوقي في التأليف كما برع في التمثيل، فقدم عدَّة أفلام ومسلسلات من تأليفه، كما كتب السيناريو والحوار لبعضها وكان أبرزها: فيلم حكمت المحكمة، فيلم وفات قطار العمر، فيلم الأسطى حسن، والمحتال، جعلوني مجرماً، إضافة إلى مسلسل البخيل وأنا، ومسلسل صابر يا عم صابر، وغيرها، كما قام بإنتاج بعض الأفلام منها الطريد، وشاويش نص الليل، إضافة إلى فيلم البؤساء وفيلم موعد مع الحبيب.
في الصيف ولد وحش الشاشة وفي الصيف مات
بعد معاناة دامت قرابة العامين مع مرض رئوي فارق فريد شوقي الحياة في السابع والعشرين من يوليو عام 1998، بعد أن قدم للسينما أكثر من 300 عمل، إضافة إلى عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية، كما قدم للفن ابنته رانيا ممثلة قديرة، وابنته ناهد منتجة سينمائية وابنتها ناهد السباعي ممثلة متمكنة، وبقي ذكر فريد شوقي طيباً في الوسط الفني بين زملائه وأصدقائه من جيله ومن جيل الشباب الذين عاصروه.
ختاماً... رحل فريد شوقي وبقيت ذكراه، فما أن تقول وحش الشاشة حتى تستحضر صورته وصوته وذاك الحزن الممزوج بالطيبة في عينيه، وما زال يُعتبر من الأساتذة الكبار الذين تقتدي بهم الأجيال الفنية الشابة وتنهل من حياتهم ومن أعمالهم.