هل سعادتنا مرتبطة بالغذاء الذي نتناوله؟
كلنا نعرف مدى تأثير الطعام الذي نتناوله على صحتنا الجسدية، فيمكننا عن طريق ما نقوم بتناوله وقاية أجسامنا من العديد من الأمراض كأمراض القلب و ارتفاع الضغط و السكري و أمراض المفاصل و حتى السرطان، كما و يمكن أن نزيد خطر الإصابة بكل هذه الأمراض وغيرها إذا تناولنا الأطعمة غير الصحية بشكل يومي و متكرر.
و لكن هل يمكن للغذاء الذي نتناوله أن يؤثر أيضاً على صحتنا العقلية أو حتى على سعادتنا؟
الإجابة هي: نعم بكل تأكيد!
إذ أظهرت دراسات عديدة تأثير التغذية على سعادة الإنسان والوقاية من مرض الاكتئاب أو القلق، ووجدت أنه كلما زاد تناول الشخص لأطعمة حمية البحر الأبيض المتوسط كالخضروات ، الفواكه ، البقوليات ، الحبوب الكاملة ،المكسرات، البذور، الأسماك و زيت الزيتون و قلّ استهلاكه للمأكولات السريعة، الحلويات، المشروبات الغازية و الأطعمة المكررة كلما قلت أعراض الاكتئاب و القلق و زاد شعور الشخص بالسعادة و التوازن العاطفي.
ففي دراسة كبيرة أجريت في بريطانيا، وجد العلماء علاقة واضحة بين كمية الخضار و الفاكهة المتناولة في اليوم و بين زيادة الشعور بالسعادة و الارتياح العاطفي، فالأشخاص الذين كانوا يتناولون ٧ أو ٨ حصص من الخضار و الفاكهة يومياً سجلوا أعلى نسب من التفاؤل و النظرة الإيجابية تجاه حياتهم.
شاهدي هنا: أطعمة تساعد على تحسين المزاج وإفراز "هرمون السعادة"
لكن كيف يمكن لهذه الأطعمة أن تساهم في شعورنا بالسعادة؟ الخضار و الفاكهة تحتوي على كمية كبيرة من فيتامين سي الذي بدوره يدخل في عملية إنتاج هرمون الدوبامين. هذا الهرمون يلعب دورا كبيرا في شعورنا بالسعادة و بالتالي من المهم جدا تناول كمية كافية من الأغذية الغنية بفيتامين سي. بالإضافة إلى ذلك، الخضار و الفواكه غنية بمضادات الأكسدة التي تحارب الجذور الحرة و بالتالي تقي من الالتهاب المزمن مما قد يساهم في زيادة الصحة النفسية.
في دراسة أخرى أجريت في نيوزيلاندا، أظهر الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا كميات وافرة من الخضار و الفواكه سجلوا نسب مرتفعة من شعورهم بالهدوء، السعادة و النشاط و استمر هذا التأثير الإيجابي على مزاجهم حتى اليوم التالي. أيضاً باحثون من جامعة ديكن في أستراليا وجدوا تحسناً ملحوظاَ لدى بعض المرضى المصابين باكتئاب شديد بعد اتباعهم حمية البحر الأبيض المتوسط الغنية بالخضار و الفاكهة لمدة ١٢ أسبوع. هذه النتائج تؤكد أهمية الغذاء الذي نتناوله و تأثيره الكبير على الصحة النفسية و الشعور بالسعادة.
من الجدير ذكره أن الغذاء يؤثر بشكل كبير على الأطفال أيضاً، فقد أظهرت دراسة كبيرة شملت أكثر من ٥٧٠٠ طفل بأعمار تتراوح من سنتين إلى ٩ سنوات من عدة بلدان أوروبية، أن الأطفال الذين كانوا يتناولون كميات أكبر من الخضار و الفاكهة و كميات أقل من السكريات و الأطعمة السريعة كانوا يتمتعون بثقة أعلى بالنفس، بمشاكل سلوكية و نفسية أقل و بعلاقات اجتماعية أفضل. كما أن الدراسة وجدت أن الأطفال الذين تناولوا السمك مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع كانوا يتمتعون بثقة أعلى بالنفس و بمشاكل اجتماعية أقل.
الأطعمة الغنية بالسكريات كالحلويات و المعجنات المصنوعة من الدقيق الأبيض المكرر و المشروبات الغازية تقوم برفع سكر الدم بشكلٍ مفاجئ يتلوه هبوط حاد في مستوى السكر مما يؤدي للشعور بالتعب و الإرهاق و المزاج السيء. لذلك ينصح بتناول هذه الأطعمة بكميات قليلة فقط. بالتأكيد يجب أن لا ننسى أهمية النوم لعدد ساعات كافية تتراوح بين ٧ و ٨ ساعات يومية بالإضافة لشرب كميات كافية من الماء و ممارسة الرياضة بشكل روتيني. بعض أنواع الرياضة مثل اليوغا و الاسترخاء بالإضافة للتأمل و التنفس العميق تساعد بشكل كبير على التخلص من التوتر و ضغوطات الحياة اليومية.
و في النهاية، نجد أن اتباع نمط حياة صحي يساعدنا في المحافظة على صحتنا الجسدية و النفسية، ويلعب دورا كبيراً في عيش حياة سعيدة و في رؤية الحياة من منظور إيجابي و متفائل.
د. يارا رضوان
أخصائية تغذية
للمزيد من الاستشارات الصحية زوروا صفحة الوجبة السحرية للدكتور يارا رضوان عبر فيسبوك و انستغرام