نادين وأيمن تيسير رفيقا النغم والطرب
يأسرك أيمن تيسير، الفنان والمطرب، والأكاديمي، والأب، بعذوبة كلامه، ورقة منطقه، وتواضعه الجمَ، لا أحد في عمَان لا يعرف صاحب الصوت الشجَي، والإحساس الخارق، الملتحف بعباءة المقامات الشرقية، والمنكهّ بحلاوة ألحان الماضي وعبق الأزمان الرائقة.. يأخذك الحديث مع تيسير الموسيقي إلى عوالم من العذوبة والأصالة والأمل بعالم يحتفي بالنغم، وهو العالم بكل جوانب هذا الأمر وذاك.. نتحدث إليه في هذا اللقاء المختلف، والخفيف الوقع برفقة إحدى أميراته الجميلات، والتي تخطو بثبات على ذات الدرب الذي خطّه الوالد، والرفيق والصديق، تخبرنا نادين عن تيسير الفنان والمعلم والأب في «هو وهي» المخصص هنا لأغلى رفيقين وأقدس علاقة...
كيف لا حظت الموهبة الغنائية لدى نادين؟ ومالذي ميزها عن أخواتها الأخريات؟
أيمن تيسير: الموهبة بشكل عام تفرض نفسها و تطفو على السطح, نادين هي ابنتي الوسطى، لكن بناتي بصورة عامة يملن للموسيقى بجميع أشكالها، أختها الأكبر نغم لديها بوادر الموسيقى الغربية على سبيل المثال، لكنني مع نادين لاحظت أن الأمر مختلف بعض الشيئ، فلطالما استهوتها الموسيقى الشرقية أكثر , وجدت أن نادين لديها القدرة الصوتية على تأدية جمل غنائية أدائية وتحاول الغناء طيلة الوقت باستخدام زخارف غنائية، مما منحني انطباعاً بأن أدائها قد يتحسن أكثر وأكثر، شعرت بالسعادة لقدرة إحداهن على تذوق الموسيقة الطربية. انضمت نادين وهي في عمر 11 سنة إلى كورال مركز زها واستمرت في الغناء لمدة سنتين وأكثر، حتى أنها كانت تؤدي بعض الأغاني بمفردها (solo). كما أنها بدأت تغني أيضاً في جوقة المعهدالعربي للموسيقى بعد أن توليت إدارته.
بدأت نادين تعرف في الوسط بأنها تغني شرقي، استمرالأمر بعد افتتاح Music House فأخذ الموضوع منحى أكثر مهنية وتمت استضافتنا في أكثر من برنامج معاً، كما أقمنا لها حفلة خاصة في مقر Music House كانت بعنوان “ ليلة حب” ولقيت أصداء ممتازة.
ماالذي جذبك للغناء خصوصاً وأنك تدرسين هندسة العمارة ؟
نادين: أجد في الغناء تجربة جميلة جداً ومختلفة، لكنه يحتاج أيضاً لتخصيص وقت وجهد إضافي لاتقانه. أحب الأغاني الطربية كأغاني أم كلثوم وسيدة الغناء آمال ماهر ، كما أنني أمزج حبي للفن بشغفي لهندسة العمارة، أستمع للأغاني التي أحب أثناء عملي على التصماميم.
كيف وجدت أصداء “ ليلة حب” وماهي الأصداء التي تلقيتها بعد الحفل؟
نادين: كان هناك الكثير من الحضور، وسعدت جداً بردود الفعل، أخبرني الكثيرون بأنهم يتوقون لحضور حفلات أخرى لوالدي ولي.
ماهي الأغاني التي قدمتها في الحفل؟
نادين: قمت بغناء “ألف ليلة وليلة” و”الاطلال” و غيرها الكثير، وشاركت والدي غناء “آه يا اسمراني اللون” .
هل تشعرين بمعاملة تفضيلية كونك إبنة د. أيمن تيسير؟ أم تجدين أن الناس باتوا يميزون موهبتك الحقة؟
نادين: “ زمان كنت بنت أيمن” حتى عندما كنت في الجوقة. كنت أفضل غناء الأغاني التي يؤديها والدي، حين كبرت أصبحت أكثر قدرة على تمييز تفضيلاتي الخاصة، فمثلاَ يعشق والدي عبدالحليم حافظ بينما أحب أنا السيدة أم كلثوم.
كيف ترى ردود الفعل في المنزل بعد إنطلاق موهبة نادين بشكل احترافي؟ أتشعر بناتك بالغيرة لربما لقربها منك فيما يتعلق بهذا الأمر ؟
أيمن تيسير: لا أدري إن كان هذا الحال، لكنهن لا يظهرن أياً من هذا، كلن منهن لديها موهبة موسيقية خاصة بها، نور مثلاً تتقن العزف على البيانو كما أنها تغني ونغم كما ذكرنا سابقاً تحب الموسيقى الغربية، وإبنتي الصغريات يستمتعن معظم الوقت بالعزف على الطبول! فشكلن فريقاً إيقاعياً يحيي الحفلات ضمن أنشطة Music House.
نادين، لم لم تفكري في دراسة الموسيقى من الأساس،طالما أن هذا الأمر يستهويك؟
نادين: أحببت هندسة العمارة منذ الصغر، لطالما استمتعت بتأمل البيوت وهندستها وأنا طفلة، يمكنني دوماً ممارسة الغناء جنباً إلى جنب مع عملي الأساسي.
أيمن تيسير: أعتقد أنه قد كان لي دور كبير في عدم توجه نادين لدراسة الموسيقى. الموسيقى في الاردن سقفها محدود بالذات للفتيات اللواتي يتوجهن للمجالات الأكاديمية معظم الوقت، أريد منها أن تحصل على شهادة علمية و لقب علمي ينظر إليه المجتمع بكل فخر، لأنه للأسف لا ينظر للفنانين في البلد نظرة تقدير. حصولها على لقب علمي آخر واحترافها لمهنة أخرى سوف يضفي في نهاية الأمر رقياً وتقديراً أكثر على موهبتها أمام الجمهور. لست سعيداً بهذا الأمر، لكنها للأسف حقيقة مجتمعية نضطر للتعايش معها.
نادين، ماذا تهوين بعيداً عن مشاركة والدك الغناء؟
نادين: الحقيقة أن دراسة العمارة تستنفد معظم الوقت الذي أملك، إلا أننني أمارس هواية كرة القدم كما أعزف على العود في الكثير من الأحيان.
مالذي يعنيه Music House لأيمن تيسير؟ ومالذي يسعى إليه من خلال هذا الصرح؟
أيمن تيسير: Music House يمثل الحلم الذي اصبح حقيقة. أحلم طيلة عمري بمؤسسة فنية تنشر افكاري في الموسيقى و الثقافة وتنفذها ضمن المجتمع الأكبر ، والآن ، وبعد مرور 5 سنوات على افتتاح المركز أفخر بالقول أن مؤسستنا مرشحة لجائزة الملك عبدالله و الطموح مازال كبيراً كما أن الرسالة تتنوع و تتشعب.. أحلم بأن يكبر هذا المكان وبأن يحلم اسمي كأيمن تيسير الموسيقار والفنان وأن يساهم في مساعدة جميع من يحمل همَ الثقافة الموسيقية والذائقة الجيدة. Music House يعد المركز الوحيد في المنطقة المختص بتعليم أصول الغناء العربي والشرقي وفقاً لأصول علمية بحتة..
كيف تنظر لدور المؤسسات الرسمية وعلى الأخص وزارة الثقافة فيما يتعلق بدعم الفنون في المملكة؟
أيمن تيسير: لا يوجد تقدير كاف للفنون في المملكة، دعم الدولة غائب تماماً عن المشهد الفني. أشعر أن وزارة الثقافة تتعمد عدم دعم اي نشاط موسيقي، فلا يوجد على أجندتها أي برامج من هذا النوع، هل هو تعمد هل هو جهل ؟ لست واثقاُ لكنني أميل للإعتقاد أن الأمر يصب في باب المصالح الشخصية، (مسرح من باب التنفيعة للممثلين و المخرجين)مهرجان الموسيقة الصوفية الذي أطلقته منذ عدة سنوات أوقفوا دعمه حتى قتلوا هذا الحلم بعد 5 سنوات من استمراره، طالبوني بتوفير الدعم رغم أنها ليست مسؤوليتي كفنان بل مسؤولية الجهات المعنية.
برأيك كخبير، ماهي نقاط القوة التي تمتلكها نادين وتؤهلها للاستمرار في هذا المجال؟
أيمن تيسير: المميز لدى نادين هو أن فطرتها هي الغالبة ، لكن عليها أن تستزيد من علمها بالموسيقى. نادين تغني بالفطرة لكنني لا أجد هذا كافياً، عليها أن تدرس الموسيقى بشكل أفضل، أريدها مطربة متمكنة ومثقفة.
ومالذي تحبه نادين في أيمن الفنان؟
نادين: أعشق تركيز والدي العالي في الغناء، كما أن إحساسه يصل للجميع، فهو يحفظ الأغاني عن ظهر قلب لكنه يؤديها بطريقته وأسلوبه الخاص.
كانت لك تجارب تلفزيوينة سابقة في التقديم، هل تفكر في إعادة هذا الأمر مجدداَ؟
أيمن تيسير: صحيح، قدمت في السابق برنامج “ أمسيات طربية” وكان ذا طابع أكاديمي عرضت فيه نماذج حية من كل القوالب الغنائية العربية، لكنني لا أعتقد انني سأكرر التجربة التلفزيونية من جديد، قد أتعاون مع إذاعة الكويت التي عرضت عليً تقديم برنامج يحمل إسم “بيت الموسيقى” ومن المتوقع أن يرى النور بداية العام القادم، أشعر بمسؤولية تجاه المستمعين وتثقيفهم في كل مكان.
ماذا عن المشاريع المستقبلية المشتركة بينك ونادين؟
أيمن تيسير: نفكر في إقامة أمسية رمضانية تقدم أصوات نسائية على الطريق، كنادين وغيرها من الموهوبين. كما انني أعمل ونادين على التحضير لأغنية Single تغنيها بصوتها، لكنني مازلت أبحث عن كلمات ملائمة وذات قيمةكبيرة.
نصيحة توجهها للشباب الأردني والعربي الساعي لتطوير موهبته في هذا المجال؟
أيمن تيسير: أصبح شباب هذا الجيل أكثر وعياً بالموسيقى ودورها هذه الأيام، أنصح المهتمين بالتوجه للمراكز الفنية والموسيقية التي تشحذ مواهبهم، كما أرى أنه قد باتت لديهم فرص أكبر مع برامج المواهب التي تقدم على مختلف القنوات، فهي في نظري وسيلة سريعة لرؤية ردود فعل الجهور على موهبته أو موهبتها.
بين خشبة المسرح وقاعات الدرس الأكاديمي، أين تجد د. أيمن تيسير؟
أحبهما كلاهما، أذكر أن صحفياً كتب عني مسبقاُ عنواناً لا زلت أذكره قال فيه “ تيسير عبقرية التوازن بين الإحتراف و الأكاديمي” مما راق لي كثيراً.بالنسبة لي فالمفضل لي هو الفن، أحب لو أتفرغ لفني، فالعمل الأكاديمي يأخذ الكثير من الوقت والالتزام، مما قد يؤثر في كثير من الأحيان على مسيرة الفنان الفنية،لكن العمل الأكاديمي يجعل الفنان مطلعاً على كل ما هو جديد في عالم الموسيقى.
بعد عدة عقود في العمل الفني وعالم الموسيقى، ما أكبر إنجاز تفخر به؟
أيمن تيسير: الفنان دائماً يسعى ليكون حالة قائمة بذاتها، أصبح الطرب رفيقاً لاسم أيمن تيسير مما يسعدني جداً، أشهر بالفرح حين أرى فنانين آخرين يمشون على ذات الدرب، وأعتبره استمراراً لجهودي.
مشاريع قادمة على أجندة أيمن تيسير؟
أيمن تيسير: لدي عمل موسيقي قادم يحمل كلمات جديدة وسيكون بعنوان “أعز الألحان” وسيكون من ألحاني، كما قمت مؤخراً بتصوير عملين من هذا المشروع الضخم لأغنية بعنوان “ ابتسم” موجهة خصيصاً لمرضى السرطان، الهدف من الألبوم هدف إنساني ووجداني بحت، كما سيذهب جزء منه لدعم عدد من الجمعيات الخيرية. وأتمنى أن يكون هذا الألبوم مساهمة مني في خلق نوع من التوازن بين ما يقدم من أعمال غير ذات قيمة، وبين أعمال تحمل رسالة حقيقية.
نادين، هل تشعرين بأن والدك يفرض توجهاته حين يتعلق الأمر باختياراتك وأسلوبك في الغناء؟
نادين: أبي ليس ديكتاتورياً البتة، لكن اختياراته تلهمني وتؤثر في قراراتي الموسيقية، أفضل دوماً الاستماع لنصائحه لأنني أثق به لكنه لا يفرض علي أية أمر.
د. أيمن، أحلام مؤجلة مازلت تنتظر تحقيقها؟
أيمن تيسير: أرغب في أن أكون مطمئناً على بناتي وبأن أراهن يحققن أحلامهن، كما أحلم بأن أرى المزيد من التقدير للفن من قبل المؤسسات الحكومية، والدولة. “بنسافر لأهم المهرجانات العالمية و بكون علم الأردن مرفوع و لما نرجع هون و لا حد مهتم باللي صار” .
خطط مستقبلية لدى نادين؟
نادين: أحلم بأن أكون مهندسة ناجحة وأن أجد فرصة عمل متميزة، وأن أقوم بإحياء حفلات موسيقية طيلة الوقت.