مها غرايبة “أسخر الطبيعة في خدمة الفن”
منزلها بحد ذاتها تحفة فنية متفردة، بتصميمه الزجاجي الفريد، ونوافذه العريضة، والربوة التي يعتيلها، والأشجار المحيطة، والجسور الخشبية المعلقة، والمساحات الواسعة المخصصة للأنشطة الخارجية والأعمال الفنية المنتشرة في كل زاوية من زوايا المكان. لا يمكن لزوار السيدة مهى غرايبة أن يشيحوا بنظرهم عن الجدران، والأرضيات والأثاث الذي تنطق كل قطعة منه بالابداع، والألوان المبتكرة والخيال الخصب. منزل يعج بالتصاميم الغريبة والمميزة، وأرواح المدن البعيدة.
"يتوجب على الفن أن يكون صديقا للبيئة" ، هذا ما تؤمن به مها غرايبة التي ابتكرت أسلوبها الخاص بتحويل المهملات إلى تحف فنية غاية في الروعة والإتقان، ورغم دراستها إدارة الأعمال كتخصص جامعي، إلا أن شغفها بالفن كان الفيصل في اختيار مسارها.
بدأت مها منذ أكثر من 6 سنوات بتحويل كل ما تقع عليه أيديها الى قطع جمالية، وتقول أنها وجدت أن أفضل استثمار للوقت كان أن تبدأ باكتشاف الأشياء بطريقة مختلفة. " بدأت بالرسم، وبالعودة لممارسة ما أحب، بعد أن وجدت الوقت الكافي، وبعد أن أصبح بإمكان ولدي الاعتماد على أنفسهما، أذكر أن أول انتاجاتي كانت ثلاث لوحات زيتية أحبها كثيراً"
لاحقا، ابتكرت مها منهجها الخاص في تشكيل الفن المعاد تدويره، حيث تجمع الأزرار وعلب المشروبات الغازية والحقائب والهواتف القديمة وغيرها من المواد غير المستعملة التي تجدها في كل مكان لتخلق منها لوحات فنية رائعة تتماشى مع الحياة العصرية. " بالنسبة لي، كل مادة أجدها بين يدي، يمكن تطويعها وتشكيلها وتحويلها لعمل فني قائم بذاته".
السفر والبحث كانا العنصران الأساسيان اللذان ساعدا مها في تطوير مهاراتها الفنية والتقنية فيما يتعلق بالمواد المستعملة القابلة للتدوير. ومن الفنانين الذين تستوحي منهم الالهام الكثير من مصممي الأزياء والمفروشات والثياب والرسامين من حول العالم ،ومن أشهرهم على سبيل المثال " أندي وارهول " Andy Warhol و " جوستاف كليمت" ،Gustav Klimt وغيرهم الكثير. كما تلهمها المدن أيضاً، فلندن على سبيل المثال توفر على حد قول غرايبة "أرضا خصبةً" لالتقاط الأفكار وللابداع".
"أكثر ما أحبه في لندن هي Flea markets والتي تنتشر على مدى Portobello road، وهو مكان يبيع فيه الأشخاص موادهم القديمة وقطع أثاثهم المستعمل" أتمتع بالذهاب اليها آيام الآحاد، فهي تشكل ثروة من الأفكار الجديدة"
وتقول غرايبة أن من أقرب المدن الى قلبها هي بيروت، فهي تشعر أنها تعبق بالفن وروحه. أما في العاصمة عمّان فهي تفضل قضاء الكثير من الوقت في جبل اللويبدة وأحياء عمان القديمة " من أكثر الأماكن التي أفضل زيارتها أسبوعياً هو سوق جارا، أشعر أن العديد من المواهب الفنية تملأ مساحة الشارع الضيق ذاك".
مها مليئة بالأفكار، فمن الشمع المذاب والصناديق القديمة، و الأشرطة الملونة والأزرار، تصنع عالماً ملونا خاصاً بها، فلديها على سبيل المثال مجموعة من الوسائد الجميلة التي شكلتها من ربطات عنق رجالية متناغمة الألوان، وكراسي أخاذة مصنوعة بالكامل من حقائب سفر تم تجميعها بأسلوب ذكي ومبتكر، وطاولات معدنية مادتها الأساسية علب من المشروبات الغازية، ومن الأمور التي تظهر بشكل متكرر في لوحاتها أيضا شارة التلفزيون الأردني القديم، التي تذكرها كما تقول بطفولتها وبأيام جميلة تحن إليها.
"أتمنى أحياناً لو أنني أعود لأحيا حقبة الستينات، أستوحي من تلك الحقبة العديد من الأفكار التي تظهر في أعمالي الفنية، كما أجد أن فترة السبعينات أيضاً تمتلأ بروح الأناقة والفن، من الأزياء الى المسرح وحتى تخطيط الشوارع والأبنية، حقبة فنية بامتياز" تضيف غرايبة التي تحتفظ في منزلها بمجموعة كاملة من الهواتف وحقائب Samsonite التي تعود لتلك الفترة.
ويبدو أن مها غرايبة ليست وحدها من تحمل هذه الكمية من الشغف الفني، فزوجها المهندس المعماري عمار النابلسي أبدع في تصميم منزل العائلة الذي يعتمد بشكل كلي على الطاقة الشمسية؟ " نؤمن جميعنا بمفهوم البيئة الخضراء، نعتقد أنه السبيل الأوحد للحفاظ على كوكب نظيف وأخضر".
ولا تنكر الفنانة مها غرايبة الدور الذي تلعبه عائلتها الصغيرة في جعمها وتشجيعها على عمل ما تحب. " أبني عبدالله من أهم المعجبين بأعمالي الفنية، كما أنه يساعدني في اختيار أعمالي الفنية، ورغم دراسته للهندسة كوالده، الا أنه يشاطرني الحس الفني والتذوق الجمالي".
وعن المواد المفضلة لديها تشير غرايبة الى أنها تحب استخدام الجلود الطبيعية بصورة خاصة، لذا تكتسي أرضيات منزلها الرحب بالعديد من القطع الجلدية المتعددة الأحجام والأشكال والنقوش.
وعن أمانيها المتعلقة بالفن، تقول مها أنها تتمنى أن تتضمن مناهج التربية الفنية مواداً متعلقة بإعادة التدوير Recycled وتخصيص جوائز من وزارة التربية والتعليم أو البيئة لهذا الغرض تشجيعاً للمواهب المختلفة في هذا المجال.