من مذكّرات الرَّجل المتكامل
- تاريخ النشر: الأحد، 23 أغسطس 2015 | آخر تحديث: الإثنين، 07 فبراير 2022
- مقالات ذات صلة
- أسرار فاتن حمامة ومذكراتها في كتاب!!
- الكارديجان الخريفي صيحة لا بد منها لإطلالة متكاملة
- قطع أساسية لخزانة ملابس متكاملة
تظنّين أنّني لا أفقه شيئًا في الأدب، وتكتبين عنّي كثيرًا وتتخيلينني بطل روايةٍ تقرئينها صحبة فناجين قهوتك المفضلة، أراقبك وأنتِ تقرئين بإمعان وتلذذ، وبين حين وآخر ترشفين من فنجانك، أو تتطلعين إليّ مبتسمة، أدّعي الانشغال بمطالعة التلفاز أو بإتمام بعض الأعمال، بينما أراقب ردود أفعالك ونشرة أحوالك العاطفية.
أصبحتُ أعرف، عندما تقومين إليّ وعيناكِ يعتصرهما الشوق، تضميني إليكِ وتختطفين أنفاسي داخلك، أنّ البطل ربما يفعل الآن ذات الشيء، وحين تتبعين فعلكِ هذا بطلب خاشع ألا أدعَكِ تذهبين، لأنّك لن تحتملي ألا أفعل المستحيل لأجل أن نبقى معًا، أراهن على وفاء أبطال الرواية. أصبحتُ – حسب ردّة فعلك - أستطيع أن أخمّن شكل الرواية، تظنين أنني طفل لا أعرف شيئًا في فنّ رصف الأحرف وبناء الكلمات بإتقان كما تفعلين صباح مساء.. تؤمنين أنني لا أفقه شيئًا في قراءة الروايات، بينما لا أحتاج إلا للرواية التي أعيشها معك.. أنتِ لا تعلمين أنني أكتبنا.. ألم تقرئي عن الدراسات العلمية التي تقول أنّ الرجل لا يستطيع أن يجمع تركيزه في أكثر من شيء واحد في الوقت الواحد؟ أنتِ تقرئين العديد من الروايات بينما تعيشين معي رواية أخرى.. يمكنكِ ذلك ببساطة لأنك تستطيعين!
وقد اغتنيتُ بروايتنا الحقيقية، فلم أعد أقرأ سواكِ، أوأتابع سوانا، أعرف عن كلّ الروايات التي تقرئينها من ردّة فعلك بعدها، وأحاديثك الهامسة معي عن أشياء بدون سابق تمهيد.. وانتظارك سماع إجاباتي وآرائي بعينين متّسعتين كطفلة.
لماذا قد أحتاج إلى قراءة رواية بينما تحكين لي؟ هل كان شهريار ليستعيض عن شهرزاد برواية يقرأها في مكتبه أو في حديقة قصره؟ دعيني أجيبك، كشهريار معاصر، كان أهون عليه أن يقتل نفسه بالسيف!
حكاياتك لي تغسل روحي كلّ مساء من عبء حياةٍ لا أعرف كيف، ولا أريد أن أتخيّلها دون وجودك، أتذكّر سكونك بين يديّ بوداعة قطّ مَلَك العالَم بين يديه، أو شغبك كطفلة عنيدة ترى أنّ لها الحق الأوحد في أن يقف الزمن ويبدل الكون قوانينه لأجلها، وتُغيّرَ الأرض اتجاه دورانها لأجل عينيها الحزينتين، أو تساؤلاتك ومرارة عباراتك أحيانًا بهدوء امرأة يثقلها عقلها حدّ البكاء. وفي كلّ مرة، ودون تعمّد منكِ، تجعلينني، رغمًا عنّي، أعشق تفاصيلك أكثر.