مقابلة حصرية مع السيد Bijoy Mohan، القائد في شركة LIXIL الدوليّة
"في كلّ ما نقدّمه ونعملُ عليه، نحرصُ دائماً على تقييمه من منظورٍ خاصٍّ: هل نجحنا في تلبية تطلّعات النّاس لمنازلٍ أفضل؟"
ليالينا: السيد بيجوي، تهانينا بمناسبة تعيينكم وتولّيكم هذا المنصب الجديد! نودّ لو تشاركوننا قصّة تطوّر ونمو ليكسيل على الصّعيد العالميّ.
بيجوي موهان: تتميّز ليكسيل بتاريخٍ فريدٍ من نوعه، إذ بدأت الشّركة رحلتها عام 2011 من خلال تجميع خمسةٍ من روّاد صناعة مواد البناء في اليابان. ومنذ ذلك الحين، توسّعت الشّركة عالميّاً، معزّزةً حضورها من خلال الاستحواذ على علاماتٍ تجاريّةٍ متنوّعةٍ، بدءاً بقطّاع الحمّامات.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
والآن، أصبحت ليكسيل أكبر شركةٍ لمنتجات الحمّام في العالم، جامعةً تحت لوائها مجموعةً متنوعةً من العلامات التّجاريّة، كما تسخّر ليكسيل قصارى جهودها نحو تحقيقِ غايتها الأولى: تحويل البيوت المثاليّة إلى واقعٍ حيٍّ يلامس حياة النّاس في كلّ أرجاءِ العالمِ.
"نحن لا ننظرُ إلى عملنا من منظورِ النّتائج التّجاريّة فحسب، بل من منظورِ إسهامنا في تحقيقِ هدفنا الأسمى: إثراء حياة النّاس من خلال توفيرِ منازل أفضل".
ليالينا: لقد أعلنتم أنّ الشّركة يجبُ أن تلتزمَ بغايتها في إضافة قيمةٍ حقيقيةٍ لحياة النّاس من خلال تكنولوجيا المياه، فهل لكم أن توضّحوا هذا الأمر أكثر؟
بيجوي موهان: هذا الهدفُ شاملٌ وعميقٌ، إذ إنّ مساعينا لإضافة قيمةٍ إلى حياة الأفراد وتحسين جودتها وتعزيز رقي منازلهم، تبدأ أوّلاً بضمان توفّر المرافق الأساسيّة والخدمات الضّرورية التي يحتاجونها، وفي هذا السّياق، تلعب تكنولوجيا المياه دوراً محوريّاً، خصوصاً في مجال الحمّامات.
عند الحديث عن تسهيل الوصول، فقد أسّست ليكسيل وحدةً متخصّصةً ضمن مجموعتها أطلقت عليها اسم "علامة ساتو" (SATO brand)، وهي تهدفُ إلى ضمانِ توفّر خدمات الصّرف الصّحي للسّكان في المناطق البعيدة، التي لا تصلها شبكات الصّرف الصّحي أو المياه العامّة.
تعملُ هذه الوحدةُ كمؤسّسةٍ غير ربحيّة مستدامة، ملتزمةً بمهمّة تأمين الوصول إلى خدمات الصّرف الصّحي. وعندما ننظر إلى حاجاتِ النّاس ونطمح لتوفير متعةٍ حقيقيّة لهم من خلال الماء في منازلهم، نتساءل: ما الذي يرغبون فيه حقّاً؟ يُقال إن الهدر يكون عندما لا نستمتع بما نستخدمه، وهذا يعتبر أسوأ أنواع الهدر.
لذلك، نحن نسعى لتمكينِ النّاس من الاستمتاع الحقيقيّ بالماء، ومن خلال علاماتٍ تجاريّةٍ مثل "جروهي" (GROHE)، ونولي اهتماماً خاصّاً بمسألة الاستدامة من خلال ترشيد استخدام المياه.
فهل نحن فعلاً نُضيف قيمةً لحياة الأفراد وللمجتمع والكوكب بأسره عبر ترشيد استهلاك المياه؟ هذا ما نسعى إليه من خلال النّظر في كلّ هذه الجوانب، كجزءٍ من مساعينا لتحقيق أهدافنا: تسهيل الوصولِ، تعزيز المتعةِ، وضمان الاستدامة بكلّ أبعادها.
ليالينا: قبل أن ننتقلَ إلى موضوع الاستدامة، أودّ أن أغيّر التوجّه قليلاً، لنتحدّث أكثر عن الإستراتيجيّة التّجاريّة، فهل يمكنكم إلقاء الضّوء على الإستراتيجيّة التّجارية للشّركة، خاصّةً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟
بيجوي موهان: تتنوّع استراتيجياتنا بتنوّع أعمالنا العالميّة، ولكلّ علامةٍ تجاريّةٍ -ضمن مجموعتنا- خصوصيّتها ودورها الممّيز. وأحد أبرز مميّزات انتمائنا إلى مجموعةِ ليكسيل -البيت الّراعي لمجموعةٍ متنوّعةٍ من العلاماتِ التّجاريّة- هو أنّ لكلّ علامةٍ تجاريّةٍ ضمنها غايتها والهدف منها.
هذا ينبعُ من فلسفةٍ عميقةٍ أؤمن بها: الأهميّة القصوى لتحديدِ ما لا تقوم به العلامة التّجارية، وهو عنصرٌ جوهريٌّ للحفاظ على صلتها وأهمّيتها.
كجزءٍ من هذا البيت الكبير للعلاماتِ التّجارية، نتمتّع بالمرونة في تشكيلِ وتحديدِ هويّة كلّ علامةٍ تجاريّةٍ بشكلٍ مستقلٍّ، وهذا ما قمنا به مع "جروهي" خلال السّنوات الخمس أو الست الماضية. إذ ركّزنا على صقل وتحديد موقع العلامة بشكلٍ دقيقٍ بالنّسبة لباقي العلاماتِ التّجاريّة في محفظتنا، ممّا أتاح لنا تكريس جهودنا بشكلٍ أكبر نحو تحقيق المتعة الحقيقيّة من استخدام الماء؛ محور وعدنا ومصدر فخرنا، كي نحافظَ على التزامنا بهذا الهدفِ النّبيل.
أمّا بالنّسبة للغرضِ الأساسيّ للعلامة التّجاريّة، فهو يُعتبر أمراً بالغ الأهميّة. وفيما يخصّ الاستراتيجية التّجارية، فقد ركّزنا في السّنوات القليلة الماضية على الحاجّة الماسّة إلى إضافة قيمةٍ حقيقيّةٍ وملموسةٍ.
كما يتعيّن علينا الشّروع في تطبيق إستراتيجيّةٍ تركّز على المستخدم النّهائيّ، إذ تتباين التّوقعات بشكلٍ واضحٍ بين فئات المستهلكين المختلفة؛ منهم من يقتني منتجاتنا بشكلٍ مباشرٍ، ومنهم المحترفون كعمّال التّركيب؛ ولكلٍّ منهم متطلباته التي قد تختلف عن غيرها، فضلاً عن المصمّمين والمعماريين العاملين على مشاريع ضخمة كالفنادق.
لذا، تتبلور استراتيجيتنا التّجارية في تحقيق التّمايز المستند إلى احتياجات المستخدمين النّهائيين. وهذا يدفعنا للاعتراف بأنّ هناك مناطق تحتاج إلى خدماتٍ متباينةٍ تتناسبُ مع أنواعٍ مختلفةٍ من المستخدمين النّهائيين. كذلك، تتفاوت منتجاتنا ونماذج أعمالنا المبتكرة لتلّبي تلك الاحتياجات المتنوّعة.
باختصارِ، نحن نسعى لتطويرِ إستراتيجيّةٍ تركّز على المستخدم النّهائي، وتهدف إلى التّمييز بين الفئات المختلفة، فالسّعي لإرضاء كل الأطراف يفضي في النّهاية إلى عدم إرضاء أيٍّ منهم.
ليالينا: فيما يتعلّق بالتمييز، كيف تختلف دول مجلس التعاون الخليجي عن الأسواق الأخرى من منظور المنتج؟
بيجوي موهان: حالياً، عندما نفكّر في هذه المنطقة، نرى أنّها تشملُ دول مجلس التّعاون الخليجي بالإضافة إلى السّعودية، ونستشعر وجود الكثير من العناصر المشتركة والتّكامل بين هذه الدّول، وحتى صنّاع القرار في هذه المناطق يتمتّعون بخصائص متشابهة.
من المهمّ التّأكيد على أنّ لعلامتنا التّجارية "جروهي" حضوراً قويّاً ومعترفاً به في هذه المنطقة. أذكر عندما انضممت إلى "جروهي"، كانت هناك العديد من القصص التي ألهمتني. إذ زرت دبي للانضمام إلى الفريق وكنت حريصاً على التعرّف على الأسواق المتنوّعة وزيارة الأسواق حول العالم لفهمها عن قرب.
إحدى القصص التي أثارت انتباهي كانت أنّنا في نفس الشّهر تلقّينا طلباً لمنتجاتنا من الفئة الفاخرة لأحد القصور الملكيّة، وواحدة من أكبر الطّلبات على الإطلاق لمعسكر عمّالٍ في السّعودية.
إذ كانت تلك القصّة بمثابة لحظة إدراكٍ لما تستطيعُ علامتنا التّجارية تحقيقه: الوفاء بمتطلّبات القصور الملكيّة، وفي الوقت ذاته تقديم قيمةٍ ملموسةٍ لمعسكراتِ العمّال.
ليالينا: لننتقلَ الآن إلى موضوعين مهمّين، وهما الاستدامة والمنافسة. ففي بعض الأحيان، يبدو أنّ هذين الموضوعين يسيران جنباً إلى جنب، وأحياناً يُنظر إليهما على أنّهما أمران متعارضان، فكيف ترون العلاقة بينهما؟
بيجوي موهان: لقد واجهت هذا السّؤال في الماضي حول المنافسة وغالباً ما لا تعجب الناس إجابتي، لكنّي سأقدمها على أيّ حالٍ. ما كنت أقوله في السّابق، والذي تغيّر الآن بعض الشّيء، هو أنّ الشركة كانت تعتبر "بي إم دبليو، آبل، وسامسونج" منافسين لها، لماذا؟
لأنّ المستهلك يقضي الكثيرَ من وقته يفكّر في شراء سيارةٍ جديدةٍ، أو تلفزيونِ جديدٍ، أو نظام موسيقى أو أيّ شيءٍ آخر. إذ مجالُ منافستنا الحقيقيّ هو الحصولُ على نصيبٍ من هذا الاهتمام والتّفكير، لأنّنا أكبر علامةٍ تجاريّةٍ في الصّناعة.
الأمر لا يتعلّقُ فقط بالحصولِ على حصّةٍ من سوق المنافسين الآخرين، بل حول الاستحواذ على جزءٍ من اهتمام العملاء. فإلهام المستهلكين للتّفكير في الحمّامات وطريقة الحصول على الماء بقدر ما يفكّرون في سيارةٍ فاخرة، هو هدف شركتنا ومحور تركيزنا الأساسيّ.
الآن تغيّر الأمر بعض الشّيء، لكنّ جوهره لا يزال على حاله، وهنا تبرز أهميّة الاستدامة، ونقول إنّ منافستنا الحقيقيّة تكمن في التّصدّي للهدر بكلّ أشكاله؛ سواءً كان هدراً للمياه أو الطّاقة.
عندما نتحدّث عن الاستدامة، يجب أن نفكّر في مستويين مختلفين: مستوى ليكسيل كشركةٍ عموماً، والدّور الذي يُمكن أن تلعبه علامة جروهي.
وبالنّسبة لليكسيل، هناك ثلاثة مجالاتٍ رئيسة نركّز عليها في إستراتيجيتنا للاستدامة:
- الحياد الكربوني: يشملُ هذا كلّ شيءٍ يتعلّق بالكربون المضمّن في عملياتنا، من التّصنيع في المصانع إلى استهلاك الطاّقة العالي. ونحن ملتزمون بتقليل انبعاثاتنا بنسبة 50٪ بحلول عام 2030، وتحقيق الصّفر الصّافي بحلول عام 2050.
- تقليل الاستخدام: يشملُ هذا كلاً من استخدام الكربون والمياه من خلال منتجاتنا، سواءً كان ذلك استهلاك الطّاقة لمنتجات المياه لدينا فيما يتعلق بالتّدفئة، أو من خلال عملنا في مجال النّوافذ في اليابان، حيث نركّز على ترويج النّوافذ الموفّرة للطّاقة.
- "نهاية العمر": الدّائريّة هي موضوعٌ مهمٌّ نركّز عليه، بما في ذلك التزاماتنا تجاه إعادة استخدام المنتجات وإعادة تدويرها عند نهاية عمرها الافتراضيّ.
ليالينا: مع اقتراب مؤتمر COP28 في أبوظبي، أشرتم إلى موضوع ندرة المياه، وهو أمرٌ لا يوليه الكثيرون الاهتمام الكافي، إذ عادةً ما نفكّر في الطّاقة عندما نتحدّث عن الاستدامة، لكننا نادراً ما نفكّر في المياه كجزءٍ منها، لذلك كان من المثير سماع كيف تعملون على معالجة هذا الموضوع.
بيجوي موهان: مع انعقاد COP 28 في أبوظبي، يصبح هذا المؤتمر منصّةً مثاليّةً وفرصةً متميزةً لنا للاستفادة من الوعي الذي يُخلق حول هذا الموضوع للتّوسع في مناقشته. وأرى أنّه من الأهميّة بمكانٍ أن نفعلَ ذلك، لأنّه، كما ذكرتم، عادةً ما يُولى الاهتمام بشكلٍ أكبر لمسألة الطّاقة، بينما يُغفل عن استهلاك المياه.
أظهرت بعض الاستطلاعات التي قام بها فريق الحدث أنّ نحو 74٪ من النّاس، بمن فيهم الأشخاص في الإمارات العربية المتحدة، أعربوا عن استعدادهم للتّحول إلى استخدام منتجاتٍ تُقلّل من استهلاك المياه إذا شعروا بأنّ إمدادات المياه لديهم مهدّدة.
لذا، الإشكاليّة تكمن في الإدراكِ: نحن نعلم أنّ موارد المياه ليست آمنةً، لكن السّؤال لا يُكمن في "إذا" بل في "متى". هناك فجوةٌ في الوعي بهذا الشّأن. لاحظنا أنّ حوالي 30٪ من الأشخاص لا يدركون أنّ هناك طرقًا متاحةً لتوفير المياه وأنّ هناك منتجاتٍ وأجهزة مصمّمة لهذا الغرضِ.
أعتقدُ أنّ أمامنا فرصةً كبيرةً لتعزيز الوعي بأهميّة ترشيد استهلاك المياه. الحقيقة هي أنّ توفير المياه لا يتطلّب تغييراتٍ جذريّةٍ في نمط الحياة؛ فلا داعي للتخلّي عن الاستحمام لأيّامٍ لتحقيق ذلك، إذ هناك حلولٌ بسيطةٌ وسهلةُ التّطبيق. لذا، أرى أنّه من الضّروري التّركيز على تعزيز هذه الرّسائل، خاصةً خلال مؤتمر COP 28، وأعتقدُ أنّها تمثّل فرصةً مثاليّةً لنا للقيام بهذا الدّور.
ليالينا: السّؤال الأخير شخصيٌ بعضَ الشّيء، فهل يمكنكم مشاركتنا بحقيقةٍ لا يعرفها إلّا قليلٌ من النّاس عنكم؟
يجوي موهان: الحقيقة الّتي ترتبط بوجودنا هنا في دبي هي أنّني ولدت في أبوظبي ونشأت هنا، وأكملت فيها جميع مراحل دراستي، لذا لديّ علاقةٌ طويلةٌ وعميقةٌ مع هذا المكان.
خلال العشر سنوات الماضية، كنت آتي للزّيارة كلّ عامٍ لأسبابٍ تنوّعت بين الشّخصيّة والعائليّة، تارةً لملاقاة الأصدقاء والأحباب، وتارةً أخرى لمجرّد التّجوال والمرور بهذا البلد. إذ لي بين جنباتها ذكريات، وأرى في أفقِ العشر سنوات الآتية أنّ هذه الأرض ستصبحُ قبلةَ العالم في مجال البناء، لا لجودة صناعتها فحسب، بل لكونها ستكون منارةً ترسمُ المعايير. والشّوق يحدوني لأستكمل هذه الرّحلة، وأكون جزءاً لا يتجزّأ من نسيجها.
لكم جزيل الشّكر على هذا اللّقاء المثمر والرّؤية الثّاقبة.