مشاكل وحلول التراجع الدراسي وصعوبات التعلم عند الأطفال
تشكل الحياة الدراسية للطفل هاجساً كبيراً لدى الأهل، حيث يحاولون الحفاظ على المستوى الدراسي المتقدم لأبنائهم، لكنهم يتفاجؤون أحياناً بهبوط مستوى أطفالهم الدراسي، وغالباً ما يحمّلون الأطفال المسؤولية عن هذا التراجع، لكن هناك أسباب عديدة لتراجع المستوى الدراسي وانخفاض الدرجات، كما أن هناك حلولاً تتفاوت بسهولتها لهذه المشكلة، سنتعرف عليها من خلال هذا المقال.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
الفرق بين التراجع الدراسي وصعوبات التعلم
يجب أولاً أن نميز بين التراجع الدراسي وصعوبة التعلم، حيث ستجدون الكثير من المصادر الإلكترونية والمطبوعة تخلط بين المفهومين:
صعوبات التعلم (Learning Difficulties)
صعوبة التعلم من المشاكل المستقرة نسبياً، والتي تحتاج إلى عناية خاصة، كما تندرج صعوبات التعلم لدى الأطفال تحت عدة بنود، من بينها:
- صعوبات لغوية في الفهم والنطق.
- صعوبات بالاستيعاب والاندماج.
- إضافة إلى المشاكل الفيزيائية أو العقلية التي قد يعاني منها الطفل منذ الولادة أو التي يكتسبها لاحقاً، التي يطلق عليها صعوبات التعلم المحددة (specific learning disability)، مثل:
- قصور الانتباه (Attention Deficit)
- فرط الحركة (Hyperactivity Disorder)، حيث يلجأ الأهل إلى المدارس المختصة لاحتضان طفلهم ومساعدته، لأن الطفل يحتاج في هذه الحالة إلى عناية ومتابعة خاصة، على غرار مراكز علاج وتعليم المصابين بالتوحد (Autism)، كما سيكون وجوده في المدارس العادية ذو نتائج كارثية.
التراجع الدراسي (Declining School Performance)
أما التراجع الدراسي؛ فهو أمر طارئ على الطالب الطبيعي، سواء كان مستواه عادياً أم جيداً، حيث أن هذا الطالب قضى فترة دراسية معينة أثبت خلالها أهليته الكاملة للتعلم دون الحاجة لمعاملة خاصة أو تعليم منهجي متخصص، إنما تعرض لأمر ما جعل مستواه الدراسي ينخفض، وهذا ما سنتعرف عليه من خلال بحثنا هذا.
أسباب التراجع الدراسي
أسباب التراجع الدراسي متعددة وكثيرة، كما أنها حالة فردية، حيث أن لكل طالب أسبابه المختلفة، لذلك يجد الأهل أنفسهم أمام مهمة شاقة في البحث عن أسباب انخفاض مستوى ابنهم الدراسي، حيث لا توجد وصفة جاهزة للأسباب والحلول، لكننا سنذكر لكم أبرز الأسباب التي تؤدي إلى التراجع الدراسي:
- المشاكل الصحية: عند ملاحظة تراجع في مستوى الطفل الدراسي؛ ستكون الخطوة الأولى إجراء فحص طبي شامل، فقد يعاني طفلكم من بعض المشاكل الصحية المزمنة أو العارضة، كنقص في السمع أو مشاكل بالرؤية، إضافة إلى الاضطرابات الهرمونية التي تؤثر على النشاط البدني والعقلي للطفل، حيث سيقوم الأطباء بمساعدته من خلال تشخيص أي عارض صحي يؤثر على استيعابه وتركيزه، ثم معالجته؛ فإذا لم تكن هناك مشاكل صحية، سننظر في الأسباب الأخرى.
- تغير الوسط المحيط: تعتبر التغيرات التي تطرأ على الأوساط المحيطة بالطفل من أهم أسباب التراجع الدراسي، كتغيير السكن، أو المدرسة، حيث يجد الطفل صعوبة في التأقلم مع المكان الجديد، إضافة إلى شعوره بالغربة عن أساتذته وأصدقائه القدامى، لذلك يجب على الأهل الانتباه إلى مستوى طفلهم الدراسي في حال تغيير مكان السكن، أو الانتقال إلى مدرسة جديدة، والتأكد من قدرته على التأقلم مع الوضع الجديد.
- الانتقال إلى مرحلة أعلى: يعاني الكثير من الطلاب من مشاكل دراسية نتيجة انتقالهم إلى صفوف أعلى، تنتج بالغالب عن عدم إتمامهم لمتطلبات هذه الصفوف بشكل جيد، لذلك يعتبر الانتقال بين سنة دراسية وأخرى مرحلة حساسة، يجب على الأهل الانتباه إليها، والتأكد من حصول أطفالهم على فهم كامل لمتطلبات المرحلة العلمية الجديدة، لاستدراك أي حلقة مفقودة.
- المدرسة والمعلمين: تلعب المدرسة دوراً أساسياً في الحفاظ على المستوى الدراسي الجيد لطلابها، كذلك محاولة رفع مستوى الطلاب المتأخرين، حيث أنها المعنية بشكل رئيسي بملاحظة أي تغير في المستوى الدراسي للأطفال، ومن ثم التعاون مع الأهل لإعادة رفع مستواهم، كما يقوم المرشد النفسي في المدرسة بالمساعدة في تحديد أسباب المشكلة وحلها.
- التراجع في مواد معينة: غالباً ما يتميز الطفل بمهارات دراسية معينة، حيث أن هناك من تبرز لديه قدرة على تعلم اللغة أكثر من غيرها، في حين نجد طالباً آخر بارعاً في الحساب والهندسة، لكن تميز الطالب في مادة ما لا ينفي قدرته على التفوق في المواد الأخرى، وهنا يأتي دور المدرس في جذب طلابه إلى المواد التي لا يرغبونها أو التي يواجهون صعوبة في دراستها، إضافة إلى مساعدتهم على فهم أساسيات هذه المواد، بحيث يتمكنون من تحقيق التفوق في كافة المواد الدراسية ريثما يصلون إلى مرحلة التخصص.
- المشاكل العائلية: تنعكس المشكلات العائلية بشكل مباشر على الأطفال، قد يظن الأهل أن الطفل لا يشعر بالضائقة المادية التي يمرون بها، أو ربما لا يشعر بتوتر علاقة والديه، لكن الحقيقة أن دراسة الطفل غالباً ما تتأثر سلباً من الأزمات العائلية، لذلك يجب ألا يشعر أطفالكم بأنهم في خطر، يمكن أن نشرح لهم مشاكلنا ببساطة، كما يجب أن نتابع دراستهم بشكل أكبر أثناء وجود أي مشاكل داخل العائلة.
- البيئة: تؤثر البيئة المكانية بشكل مباشر على مخرجات العملية التعليمية، حيث تلعب الإضاءة والتهوية في الصفوف دوراً مهماً في قدرة الطلاب على الاستيعاب، إضافة إلى أعداد الطلاب الموجودين ووسائل الإيضاح المتوفرة، قد يكون سبب تراجع طفلك في دراسته بيئة غير مناسبة.
- الأصدقاء: عندما تكون البيئة المنزلية مثالية للدراسة، والمدرسة ذات مستوى جيد، فلا بد أن التأخر الدراسي لطفلك نتيجة أصدقائه، لذلك يجب أن تساعد طفلك على اختيار أصدقائه من مستويات دراسية متقاربة مع مستواه، دون أن تتدخل في اختياره بشكل مباشر، كما يجب أن تكون مراقباً لصداقاته، دون أن يشعر أنك رقيب عليه.
- التعرف على أمور جديدة: هناك العديد من المنعطفات النفسية التي تواجه أطفالنا خلال السنين الدراسية الأولى، من بينها تعرفهم على الأشياء الجديدة، ورغبتهم في تجربة ما هو ممنوع، إضافة إلى حساسية سن البلوغ، ما قد يؤدي لتشتت أذهانهم وانشغالهم عن دراستهم بممارسات قد تكون ممتعة بالنسبة لهم، كبعض ألعاب الفيديو، أو ربما لعب الورق مع الأصدقاء، إضافة إلى مشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت لساعات أكثر.
إذا خرج الطفل من دائرة المنافسة الدراسية قد لا يعود إليها ثانية!
طفلك الذي تعود على تحصيل درجات مرتفعة في دراسته، سيفقد ثقته بنفسه إن لم تتمكن من مساعدته ليحافظ على مستواه، إضافة إلى أن الأطفال الذين يتنافسون بين بعضهم بالمدرسة؛ سيخرجونه من دائرة المنافسة، وإن لم يتمكن من العودة إلى هذه الدائرة بالسرعة المطلوبة، ربما لن يعود إليها ثانية، كما يجب أن تتجنب مقارنته بإخوته أو أصدقائه عندما يتخلف عنهم، لكن فقط ادعمه ليعود إلى مستواه ويتحسن، وتأكد دائماً من توفير البيئة المناسبة له، ومتابعته دون التضييق عليه.
كيف ستساعد طفلك ليتقدم في دراسته؟
- التحفيز: يعتبر التحفيز من أكثر الأساليب فعالية لتشجيع الطفل على الدراسة، حيث يجب أن يحصل الطفل على التحفيز من المدرسة، إضافة إلى التحفيز من الأهل، ويكون ذلك عن طريق الهدايا التشجيعية، كما يمكن تقديم بعض الوعود للطفل لتشجيعه على استعادة مستواه الدراسي، إضافة إلى إثارة حماسته تجاه المنافسة مع أقرانه.
- التقوية والمتابعة المنزلية: لا بد من الاستعانة بالدروس الإضافية لتقوية الطفل، خاصة إذا كان تراجعه نتيجة عدم اكتمال المعلومات التي يحصل عليها من المدرسة، كما يمكن أن يقوم أحد الأبوين أو الأخوة بهذه المهمة إذا توفرت لديهم المؤهلات لذلك، إضافة إلى إمكانية الاستعانة بالمدرس الخصوصي لتدارك أي نقص في المعلومات لدى الطفل.
- حل المشاكل: عند معرفة سبب المشكلة نكون قد وصلنا إلى نصف الحل، حيث يجب على الأهل معالجة الأسباب المباشرة لتأخر أطفالهم الدراسي، كتقنين ساعات مشاهدة التلفاز أو اللعب، إضافة إلى تقنين الوقت الذي يقضيه الطفل في تصفح الإنترنت ومراقبة استخدامه له، كما يجب تحييد الطفل عن المشاكل المنزلية، وتتبع ما قد يؤثر على دراسته لمعالجته.
- الرقابة: إن مسؤولية مراقبة سلوك الطفل تقع على عاتق الأهل أولاً، ثم على عاتق المدرسة، حيث لا بد من مراقبة علاقات الطفل مع أصدقائه بطريقة لا تشعره بعدم الثقة، كما لابد من مراقبة استخدامه للشبكة العنكبوتية، لكن يجب أن يتذكر الأهل دائماً ضرورة عدم تحويل هذه الرقابة إلى حالة من التجسس المباشر على خصوصيات الطفل، كما يجب أن يشعر الطفل أن هذه الرقابة في مصلحته.
- التواصل مع المدرسة: المدرسة هي الشريك الكبير للأهل في إعادة طفلهم إلى مستواه الدراسي وتحسينه، لذلك يجب أن يحافظ الوالدان على اتصال دائم مع الأساتذة ومع إدارة المدرسة ليظلوا على اطلاع دائم بالشؤون الدراسية والسلوكية لطفلهم، ما سيمكنهم من تدارك المشاكل في الوقت المناسب.
- الاستعانة بالمختصين: المرشد النفسي والطبيب النفسي هو الحل في حال وجود مشاكل نفسية معقدة، لا تترددوا باستشارة المختصين في الشؤون النفسية والتربوية للطفل، فذلك في مصلحة طفلكم.
أخيراً... يتعرض معظم الأطفال للتراجع في مستوى الدراسة بعد الانتقال إلى مستويات أعلى، أو التعرض لمشكلة ما، لكن مسؤولية الأهل ومسؤولية المدرسة هي الحفاظ على مستوى الطالب المرتفع، ومحاولة تحسينه، ومن هنا وجب اتباع النصائح المذكورة والتركيز على أسباب التأخر.