فيلم فوق في الجو Up in the Air : جورج كلوني يزور مكاتب الآخرين لإنهاء عملهم
عساف الروسان - جخه موفي
رايان بينغهام (جورج كلوني) لديه حلم: أن يصل الرقم القياسي ليصبح الشخص السابع على الإطلاق الذي يقطع 10 ملايين ميل من الطيران المتكرر، وهو ليس ببعيد عن تحقيق حلمه كونه يمضي 270 يوما من العام في الجو، المطارات والطائرات والفنادق هي موطنه، حتى في عمله ليس لديه مكتب، لكنه يزور مكاتب الآخرين لإنهاء عملهم.
رايان بينغهام، لايحب اثقال عاهلة بأي التزامات ولا يريد منزل، كما أنه لا يريد تكوين أسرة، حتى أنه يعطي محاضرات حول كيفية إفراغ الأحمال من حقيبة ظهرك (مجازاً). وهو يحب عمله جداً، ويفتخر بطبيعة عمله، ففي الأوقات الصعبة عندما تسعى الشركات إلى تقليص عدد الموظفين بسرعة، ولكن خوفاً من إحداث فوضى، أو لأنهم أجبن من مواجهة موظفيهم، فهو الرجل المنشود لإخبارهم أن خدماتهم لم تعد مطلوبة بعد الآن.
الفيلم عن هذا الوقت وعن شركات الألفية الجديدة فبإمكاننا أن نتخيل أنه يعيش في فترة ذهبية وأعماله مزدهرة، لكن هذه العزلة و حياة السفر تصبح مهددة عندما تطلب منه شركته تدريب مديرة شابة طموحة اسمها ناتالي كينر (آنا كندريك)، والتي تقترح لتخفيض النفقات ان يتم انهاء خدمات الموظفين عبر الإنترنت، من دون مقابلة شخصية. يرفض رايان هذا الأمر كونه خال من العواطف ويطلب منها مرافقته في رحلته المقبلة لتتعرف على الوضع عن قرب.
في الطريق سنتعرف أكثر على النساء في حياة بينغهام. أليكس كوران (فيرا فارميغا) هي أيضا رحالة مثله على الطريق، مما يجعلهما الزوج المثالي، سعيدان مع بعضهما دون أي التزام تجاه الآخر. والأخرى ناتالي، الخريجة الجديدة، المفعمة بالنشاط والطموحة والتي ستتحداه في فلسفته وأسلوب الحياة التي اختارها. أليكس و ناتالي هما مرآة تعكس شخصية بينغهام، أحدهما في الحاضر والأخرى في المستقبل.
نعم الفيلم كوميدي، لكن من الصعب أن تضحك فهو يستمر بأخذنا في مسارات معاكسة لتعمق السخرية من الموقف، نرغب في الضحك ونبتسم ولكن نجد الشخصيات جدية، نعتقد أن الموقف جدي ولا يحتمل المزاح ونرى الشخصيات تضحك. فمثلاً جيسون ريتمان (المخرج) بدأ معنا الفيلم في مسار لا يخلو من السخرية مع طريقة الشركات في تبرير سلوك غير أخلاقي (التقليص وانهاء خدمات الموظفين من أجل المزيد من الربح) ومن ثم استخدام الإنسانية والمثالية لتسويغ عدم استخدام الانترنت. هذا الأسلوب استخدمه سابقاً في فيلمه الرائع (شكرا للتدخين-2005).
هذا المسار التهكمي والساخر سيستمر حتى الثلث الأخير عندما يبدأ الفيلم باتخاذ نبرة عاطفية وأكثر انسانية اتجاه رحلة بينغهام، الرحلة التي وجد نفسه فيها ويتساءل من خلالها عن العالم الذي اختاره لنفسه؟ عن العالم الذي كان في متناول اليد فدخله، سواء كان هذا العالم هو العائلة، أو الأسرة أو العمل. ومن جهة أخرى يتساءل إن كان هذا العالم دوما متاح