فيلم زراعة الأفكار - Inception : عهد قرصنة الكمبيوترات انتهى نحن في زمن قرصنة العقول
عساف الروسان - جخه موفي
من الممكن الحديث عن الفيلم بعبارات بسيطة مثل عهد قرصنة الكمبيوترات قد انتهى، الآن نحن في زمن قرصنة العقول. أو يمكن اضافة بضعة جمل توصف الظاهر، ولكن من الأفضل عدم الحديث عن الفيلم خوفاً من إفساد مشاهدته. لكن وبصدق حتى لو عرفت كيف سينتهي الفيلم، فذلك غير مهم وبدون معنى، المهم هنا معرفة كيف وصلنا للنهاية، الأحداث التي صنعت هذا المسار.
دوم كوب (ليوناردو دي كابريو)، جاسوس شركات كبرى، ذو مهارة عالية جعلته الأفضل والأخطر في استخراج المعلومات وسرقة الأسرار، يقوم باختراق عقول رجال آخرين وسرقة أفكارهم، أو بالتحديد سرقة الأفكار التي يدفع له لاستخراجها. ومع أن مهارته أكسبته مكانه في عالم جاسوسية الشركات إلا أنه و في نفس الوقت جعلت منه هذه المهارة هارب دولي من وجه العدالة.
الملياردير سايتو (كين واتانابي)، يقدم لدوم كوب عرضا لا يمكن رفضه، العرض الذي سينهي المنفى، وابتعاد كوب القسري من المنزل والأسرة. مهمته أن يقوم بالعكس، فبدلاً من سرقة فكرة، عليه أن يزرع فكرة في ذهن المنافس، وعليه أن يقوم بذلك بشكل جيد ومحترف حتى يعتقد الضحية أن هذه الفكرة هي في الأساس فكرته.
في اللاوعي وأثناء حالة الحلم، يكون العقل البشري والضحية في أضعف حالاتهم. لذلك أختراق عقل الضحية وسرقة الأسرار ممكنة، لكن زرع فكرة لم تجرب من قبل. هل من الممكن الدخول في حلم شخص آخر؟ هل من الممكن لشخصين أن يتشاركا نفس الحلم وفي نفس الوقت؟
كأي فيلم يتضمن سطو وسرقة واحتيال، يبدأ دوم كوب بتشكيل الفريق المناسب للمهمة وهم :آرثر (جوزيف جوردون ليفيت)، شريكه منذ فترة طويلة، ايمز (توم هاردي)، أستاذ في الخداع. يوسف (ديليب راو)، الكيميائي. وهناك مجند جديد، أريادن (إلين بيج)، مهندسه شابة عبقرية في تصميم الخلفيات و المساحات. وظيفة كل شخص واهميته تبرز في الفيلم ويتم شرحها بالتفصيل. هذا الفريق وعلى الرغم من التخطيط الدقيق والحذر والخبرة، غير مؤهلين لمواجهة الخطر القادم من عدو، يتوقع كل حركة يقومون بها، وليس لأحد ان يقف أمامه سوى دوم كوب نفسه .
يقال إن كريستوفر نولان أمضى عشر سنوات في كتابة سيناريو الفيلم، لذلك علينا أن نثق بأنه سيقودنا بأمان عبر المتاهة التي صنعها، خاصة أننا في كثير من الوقت سنشعر بالضياع.
كريستوفر نولان في هذا الفيلم كمنتج وكاتب ومخرج أثبت أنه بالإمكان انتاج أفلام جماهيرية تحقق أرباح عالية على شباك التذاكر دون أن تكون سطحية وغبية، فالفيلم يضرب على عدة أوتار تجعله محبوب من قبل مشاهدي الأفلام على اختلاف تفضيلاتهم، فهو من جهة نجح في طرح فكرة جديدة تجعل المشاهد يستمتع من خلال عرضها بالخيال والأداء المميز أمامه، وأيضاً ممتع لمحبي أفلام الجريمة والتشويق، ومن جهة أخرى ممتع كدراما نفسية، كل ذلك يجعل من مشاهدته للمرة الثاتية والثالثة تجربة جديدة من خلال التنقل بين مشاهد الفيلم وتركيبة مجموعة القصص المتداخلة للوصول إلى النهاية.