متى نتخذ قرار تغيير العمل؟
متى نتّخذ قرار التغيير؟
بدأت الفكرة تجد طريقها إلى أذهاننا. تعود من وقت إلى آخر. تطلق جرس الإنذار صباحاً "لا رغبة لي في الذهاب إلى العمل!". يكون الأمر محمولاً في بادئ الأمر ولكنّه يتطوّر، نبدأ بالبحث عن عملٍ جديد كلّما سنحت لنا الفرصة. ولكن هل حان وقت التغيير فعلاً؟ فلنعد حساباتنا قبل أن نخطو الخطوة، حتى لا نتهوّر.
لدى الكثير من الأشخاص ميلٌ إلى التغيير باستمرار. سنتان في الشركة ذاتها أمرٌ غير محمول. هم كالعصافير التي لا تستطيع الوقوف ثابتة في مكانٍ واحد، فتبقى متنقّلة. ينشدون الغنى الذي يتيحه لهم التنقّل المستمر، الآفاق تتوسّع، المهارات، وكذلك الرضى الذي يعيشونه، إذ لا يسمحون للملل أن يجد طريقه إليهم. لكنّ استراتيجيّتهم الحياتيّة تلك هي ذو حدّين. هم لا يتطوّرون في المكان ذاته ولا يتيحون لأنفسهم إمكانيّة التقدّم بشكلٍ عمودي. قد لا يعنيهم الأمر ولكن...
في الطرف الآخر، أناسٌ لا يجرؤون حتى على التفكير في الانتقال إلى مكان آخر، حتى عندما يغلبهم التعب والملل. يخافون المجازفة بكلّ تلك السنوات التي قضوها ربّما في عملهم، أو ببساطة يخافون من المكان الجديد الذي قد ينتقلون إليه، مرؤوس جديد، زملاء جدد ومسؤوليّات جديدة. ماذا لو لم تكن مناسبة؟ من الجيّد أخذ الاحتياطات المناسبة قبل القيام بأيّ خطوة ولكن لا بدّ في بعض الأحيان من الحسم! عندما يصبح العمل "سامّاً" لنا ولحياتنا اليوميّة، تدقّ ساعة الحسم...
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أينما كنّا من هذين الميلين، قد يترتّب علينا في وقتٍ من الأوقات اتّخاذ قرار التغيير والانطلاق نحو آفاقٍ جديدة. لكن متى ذلك؟ علينا أن نأخذ الكثير من الأمور في الاعتبار وأن نطرح على أنفسنا الأسئلة المناسبة.
- حان الوقت
غالباً ما تنتابنا الرغبة في البحث عن فرصةٍ جديدة عندما يبدأ عملنا بالتأثير سلباً علينا. نستيقظ صباحاً من دون الرغبة في العمل... المدير المسؤول عنّا لا يطاق... تزداد الضغوط والمسؤوليات ويرهقنا التعب... الأشخاص الذين نتشارك معهم المكتب يزعجوننا... إمكانيّة التطوّر غير متوفّرة ولا نزال في مكاننا... أمورٌ كثيرة قد تلعب دوراً في ذلك. يبدأ الأمر بفقدان الدافع، وهو أمر مضر بالإنتاجيّة ويقف عائقاً أمام الإبداع والعطاء، لكنّه قد يتطوّر إلى أن يأخذ أبعاداً جسديّة، تترجم بتعبٍ مستمر وبأوجاعٍ متكرّرة في الرأس أو في الظهر، وهي أوجاعٌ طفيفة تنمّ عن مشاكل أكثر عمقاً. عندما نصل إلى هذا الحدّ وتفشل محاولاتنا في تحسين الوضع، أو في إقناع أنفسنا بأنّ كلّ شيء يسير على ما يرام، فذلك يعني ببساطة أنّنا وصلنا إلى الحدّ الفاصل وأنّ عملنا أصبح ساماً لنا! أمامنا هنا خياران، إما أن نحاول تغيير الظروف التي أودت بنا إلى هذه الحالة، أو أن نبدأ بالبحث عن مكانٍ آخر، عن فرصة للانطلاق من جديد. لن يجدي بنا نفعاً أن نحاول مراراً وتكراراً أن نقنع أنفسنا بأنّ الأمور قد تتحسّن، لأنّ ذلك سيكون على حساب راحتنا. فلنتح لأنفسنا فرصةً أخرى.
- لم يحن الوقت بعد
قد تنتابنا الرغبة في التغيير أيضاً لأنّنا من الأشخاص الذين يكثرون من طرح الأسئلة حول حياتهم اليوميّة. هل عملي يرضيني؟ هل يوفّر لي ما أحتاجه؟ ماذا لو كان يحدّني؟ لمَ لا أكون في مكانٍ آخر الآن؟ أسئلة كثيرة تنمّ عن عدم الرضى وعن رغبةٍ في أكثر ما نملكه في اللحظة الراهنة. أسئلة في مكانها، لكن لا ينبغي أن تصبح المُحرّك، لأنّنا إن سمحنا لها بأن تتحكّم بنا، نقلتنا بين الحين والآخر من مكانٍ إلى آخر من دون أن تتركنا بسلام وحرمتنا من نعمة أن نحظى بمكانٍ ثابتٍ نتطوّر فيه. علينا أن نعرف أنّنا لن نجد دوماً ما نطمح إليه في أماكن أخرى، وانّه لا يحقّ لنا أن نضحّي بما بنيناه حتى اليوم في سبيل شيءٍ لسنا واثقين منه. ما أدرانا نحن بالوظيفة الأخرى التي سنحظى بها، بطبيعة عملنا فيها، بالأشخاص الذين سنشاركهم عملهم؟ إذا لم نحسم كلّ تلك الأمور ولم نكن واثقين من أنّ الفرصة التي سنحظى بها في مكانٍ آخر ستكون أفضل بكثير من تلك التي بين أيدينا، وأنّنا لن نندم في أيّ لحظةٍ من اللحظات، فذلك يعني أنّ الوقت لم يحن بعد، وعلينا أن نعيد بلورة نظرتنا لعملنا الحالي حتى نتمّمه على أحسن وجه.
أسئلة لا بدّ من طرحها
- هل أنّ انزعاجي من عملي الحالي مبني على وقائع ثابتة؟ أي هل المشكلة تكمن فيّ أنا أم في ظروف العمل؟ إن كانت فينا فالحلّ يكمن فينا أيضاً، وإن كانت في ظروف العمل فالتغيير ربّما أصبح ضرورياً.
- هل بإمكاني أن أكون أفضل؟ أو هل أستطيع أن أبدع أكثر؟ لأنّنا لا يمكن أن نحمّل أنفسنا مسؤوليات أكثر من التي نستطيع تحمّلها، ولا ينبغي أن نبني طموحاتٍ على قدراتٍ لا نمتلكها بعد.
- هل أنا قادرة على التغيير الآن؟ مكانٌ جديد، مسؤوليّاتٌ جديدة، أشخاصٌ جدد، كلّها أمور علينا أن نتأكّد من أنّنا قادرون على إعادة التعامل معها من نقطة الصفر.
- هل يؤمّن لي العمل الآخر أكثر ممّا أملكه أنا الآن؟ علينا أن نأخذ في الاعتبار هامش الوقت، إذ إنّنا في عملنا الحالي مقدّرون للسنوات الكثيرة التي قضيناها فيه، فالجميع يعرفنا ونملك إمكانيّة التطوّر أكثر من مكانٍ لا نزال حديثي العهد فيه.
- هل سأندم؟ ولأكن صريحة في جوابي. ولأستمر في طرح هذا السؤال حتى أصل إلى المرحلة التي أجيب فيها بـ "لا" بشكل جازم، وإلا فلم يحن وقت التغيير بعد.
اشترك في نشرة ليالينا الإلكترونية لتصلك آخر المختارات على بريدك الإلكتروني.