ما هو التثاؤب؟ حقائق تود معرفتها عن أسبابه

  • تاريخ النشر: الخميس، 16 أبريل 2020 | آخر تحديث: السبت، 18 مايو 2024

أسباب التثاؤب، ومتى تصبح كثرة التثاؤب مشكلة خطيرة تتطلب العلاج؟

مقالات ذات صلة
كل ما تودين معرفته عن الرضاعة الطبيعية
كل ما تودين معرفته عن تقنية الستروبينق
كل ما تودين معرفته عن الرجيم الكيميائي

يتحول التثاؤب المستمر إلى مشكلة حقيقية أثناء الإصغاء لحديث مهم أو خلال اجتماع عمل هام، أو عند التثاؤب بإفراط إلى درجة تنزل الدموع من عينيك! فمتى يشكل التثاؤب خطراً؟ وما هي أسباب مشكلة كثرة التثاؤب؟ وكيف يمكن علاج فرط التثاؤب المستمر؟

فيديو ذات صلة

This browser does not support the video element.

ما هو التثاؤب؟ ولماذا نتثاءب؟

نميل للتثاؤب في وقت النوم عندما نشعر بالنعاس، ولكننا نتثاءب في الصباح عندما نستيقظ أيضاً، ويتثاءب الرياضيون قبل أن يتنافسوا! إذاً لا يرتبط التثاؤب بالملل أو النعاس فقط، فنحن نتثاءب رداً على رؤية شخص آخر يتثاءب (بالعدوى)، حتى لو لم تكن نعسان أو تشعر بالملل.

يخضع التثاؤب (كمنعكس جزئي)؛ لسيطرة العديد من الناقلات العصبية في جزء من الدماغ يسمى الوطاء، حيث تتثاءب جميع الفقاريات ومنها البشر، كما يبدأ الجنين بالتثاؤب في وقت مبكر بعد 12 أسبوعاً من الحمل.

ويتثاءب الشخص البالغ بشكل عادي حوالي 20 مرة في اليوم تقريباً، وتنطوي عملية التثاؤب على استنشاق عميق، يتبعه زفير من خلال الفم حتى امتلاء الرئتين، ويستمر التثاؤب في المتوسط لمدة ست ثوانٍ تقريباً، وخلال هذا الوقت يمكن أن يزيد معدل ضربات قلبك بنسبة تصل إلى 30٪.

فالتثاؤب ليس عملية لإدخال أكبر كمية أوكسجين إلى رئتيك، ولا يحدث التثاؤب بشكل أكثر تكراراً عندما يكون الأوكسجين منخفضاً في الدم، كما لا يغير التثاؤب مستويات الأوكسجين في الدم، وليس متعلقاً بنقص الأوكسجين في الغرفة كما هو شائع، لكن عليك أن تفتح النوافذ رغم ذلك.

من المحتمل أن يخدم التثاؤب مثل (معظم السلوكيات البشرية) مجموعة متنوعة من الوظائف، ولا يزال التثاؤب أمراً غامضاً إلى حد ما، حيث تشير الأبحاث الحديثة إلى أن أحد أجزاء اللغز الكبيرة؛ "هو أن التثاؤب قد يبرد دماغنا" عندما نتثاءب تتغير وضعية رأسنا ورقبتنا، مما يؤثر على تدفق الدم ويؤدي إلى انخفاض طفيف في درجة الحرارة في أدمغتنا [2].

شاهدي أيضاً: وضعيات نوم الطفل

ما هي أسباب التثاؤب؟ (التثاؤب مبرد للدماغ)

لست متعباً ولا نعساً مع ذلك تتثاءب، وكما ذكرنا منذ قليل فإن إحدى النظريات الجديدة هي أن التثاؤب يبرّد الدماغ، مما يساعد على إبقائه في درجة الحرارة المناسبة لأداء الوظيفة المثلى، لكن إذا كان التثاؤب يتعلق بتبريد دماغنا، فلماذا يكون معدياً؟

درس باحثون هذا الارتباط بين تنظيم درجة الحرارة والعدوى (أي أن تتثاءب عندما ترى شخصاً يتثاءب أمامك)، حيث وضع المشاركون في الدراسة عبوات باردة أو عبوات دافئة لمدة خمس دقائق؛ على الشريان السباتي (وهو في الرقبة ويمد الدماغ بالدم)، ثم بعد ذلك عُرض عليهم مقطع فيديو لشخص يتثاءب (كحافز معدي)، وبالنتيجة كان المشاركون الذين حملوا العبوة الباردة أقل عرضة للتثاؤب المعدي بنسبة 48.5% حيث تثائبوا بسبب التحفيز، مقارنة بمجموعة العبوة الدافئة الذين تثائبوا بنسبة 84.8% بسبب الحافز المعدي للتثاؤب، بالتالي فإن "حساسيتنا للتثاؤب المعدي تعتمد إلى حد ما على السياق، وتتأثر بدرجة حرارة دماغنا" [3]، وتتوافق هذه النتائج مع الأبحاث السابقة التي أشارت إلى أن التثاؤب يعمل كآلية تبريد تعويضية لأدمغتنا.

وحتى الآن لم يتم التأكد من أن العدوى التحفيزية للتثاؤب؛ تؤثر فعلياً في موضوع التثاؤب عند البشر، خاصة أن ما يقلل من تأثير محفزات التثاؤب، هو وصمة العار الاجتماعية (الأدب أو الخوف من الإحراج) المرتبطة بالتثاؤب ملئ فمك في الأماكن العامة، بحيث يمكنك التحكم برغبتك في التثاؤب!

ولا يزال هناك الكثير من الغموض حول هذا النشاط البشري الطبيعي، فالتثاؤب لغز محيّر، ما فتأت الدراسات والأبحاث تكتشف أبعاداً أكثر تعقيداً لأسبابه ونتائجه، في حال كان التثاؤب مفرطاً بالطبع أو كان سبباً لمشكلة صحية ما.

بالنتيجة.. ومن الناحية العلمية لا يوجد دليل قوي وراء سبب واضح للتثاؤب؛ لكن التعب والملل، وتناول وجبة دسمة؛ كلها أمور تلعب دوراً كبيراً وتسبب التثاؤب.

فضلاً عن كون التثاؤب يحمل آلية لتبريد الدماغ، ويحدث عن طريق المحفزات المثيرة للتثاؤب عندما تشاهد شخصاً آخر يتثاءب، على الرغم من عدم إثبات ذلك بنسبة 100% لدى البشر، وذلك لارتباطه بالأحكام الاجتماعية (العيب) عند التثاؤب العام، (إذ لا تشعر أن التثاؤب مرضٍ؛ إلا بفتح فمك وسع مداه وربما إصدار ذلك الصوت الرعدي الذي يُشعرك وكأنك نفضت الغبار من دماغك!).

ويحدث التثاؤب المعدي في عالم الحيوان، كما وجدت دراسة حديثة، بحيث يكون "كظاهرة طبيعية في أسر قرود الشمبانزي" [4].

وربطت بعض الأبحاث بين التثاؤب والتعاطف (كما يحدث في حالة الغثيان والقيء)، أي أنه أداة للتواصل الاجتماعي! وُوجد الدليل في أن الأطفال في عمر أقل من أربع سنوات لا يتثاءبون بتأثير محفزات رؤية الآخرين يتثاءبون!

ورغم أن ذلك لم يُفسر بعد (وحتى الآن) أن التثاؤب سلوك تعاطفي، بل على العكس وجدت دراسة عام 2014؛ أن "التثاؤب المعدي قد ينخفض مع التقدم في العمر ولا يرتبط بقوة بمتغيرات مثل: التعاطف والتعب ومستويات الطاقة" [5].

واقترح الباحثون في هذه الدراسة أن "الأفراد الأصحاء أقل عرضة للتثاؤب المعدي من الآخرين"! بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الأفراد (عينة البحث) الذين فشلوا في التثاؤب المعدي لم يقمعوا رد فعلهم، حيث أفادوا أنهم لا يشعرون برغبة التثاؤب استجابة للتحفيز بالتثاؤب.

لماذا يكون التثاؤب مستمراً؟ وما الذي يسبب فرط التثاؤب؟

التثاؤب المفرط هو التثاؤب الذي يحدث أكثر من مرة خلال الدقيقة الواحدة، قد يكون هذا في الغالب بسبب السهر إلى وقت متأخر من الليل، مع ذلك إذا لم تتمكن من التوقف عن التثاؤب رغم نومك لساعات كافية، فقد تكون علامة على حالات طبية معينة، بما في ذلك [6]:

  1. رد فعل وعائي مبهمي (ناتج عن العصب المبهم الذي ينظم وظيفة القلب والأوعية الدموية).
  2. اضطرابات النوم، مثل: توقف التنفس أثناء النوم والخدر.
  3. التثاؤب كأحد الآثار الجانبية للأدوية التي تعالج الاكتئاب أو القلق.
  4. نزيف في القلب أو حوله.
  5. ورم في المخ.
  6. علامة نوبة قلبية.
  7. مرض الصرع.
  8. التصلب المتعدد.
  9. تليف الكبد.

متى تشير كثرة التثاؤب لمشكلة صحية؟ (التثاؤب المرضي)

يتزايد التعرف على التثاؤب المفرط بأنه مظهر من مظاهر الاضطرابات العصبية، حيث تشارك العديد من الناقلات العصبية والهرمونات العصبية في تنظيم التثاؤب، وتتدخل عدة مناطق في الدماغ في هذه العملية، ولكن لم يتم تعين مركز محدد للتثاؤب.

ووفقاً لاستشاري أمراض الأعصاب السويسري، الدكتور جين (K K Jain): "يتزايد ارتباط التثاؤب المفرط بالمشكلات العصبية"، ورغم وظيفة التثاؤب (الطبيعي) المتمثلة في تبريد الدماغ وفق للأدبيات البحثية حتى الآن، فقد يكون التثاؤب المفرط "أحد أعراض الظروف التي تزيد من درجة حرارة الدماغ" [7].

إذا لاحظت زيادة كبيرة في التثاؤب (أن تتثاءب 100 مرة باليوم)، فتحدث إلى طبيبك... من المحتمل أن يطلب منك تتبع عادات نومك لاستبعاد الأسباب المحتملة لقلة النوم، وبعد ذلك يمكن أن يقوم الطبيب المتخصص بالاختبارات التشخيصية لتحديد سبب التثاؤب المفرط، أو استبعاد الأسباب المرضية الخطيرة، التي قد يكون من أعراضها كثر التثاؤب.

ما هو علاج فرط التثاؤب؟

يعتمد العلاج لوقف التثاؤب المفرط على سببه، على سبيل المثال، إذا كان التثاؤب كنتيجة جانبية لبعض الأدوية، من المرجح أن يوصي طبيبك ببدائل، وإذا لم تستطع التوقف عن التثاؤب بسبب النوم، فالطبيب هو من يوصي بالإجراء المناسب أيضاً.

إذا كنت تتمتع بصحة جيدة لكنك تتثاءب كثيراً، فإن التغييرات في نمط الحياة ستساعدك مثل: ممارسة الرياضة بانتظام، ومحاولة تقليل التوتر والإجهاد، والالتزام بنوم ساعات كافية كل ليلة، وإذا كنت لا تستطيع التوقف عن التثاؤب في لحظات محرجة (مثل اجتماع عمل عبر سكايب) فلتجرب أحد الإجراءات التالية [8]:

  • خفض درجة الحرارة: إذا خفضت درجة حرارة جسمك، ستكون أقل عرضة للتثاؤب واستنشاق الهواء البارد، كما أثبتت أول دراسة مشار إليها في هذا المقال.
  • تناول مشروب بارد: يمكن أن يؤدي الجفاف إلى الإرهاق، مما قد يؤدي إلى التثاؤب. إذا كان لديك اجتماع ولم تحصل على نوم جيد في الليل، فتأكد من إحضار بعض الماء البارد أو العصير، ليساعد على خفض درجة حرارة جسمك.
  • تنفس من خلال أنفك: بما أن التثاؤب يتطلب فتح فمك، حاول التنفس من خلال الأنف، لأن التثاؤب يتطلب شهيقاً طويلاً وزفيراً قصيراً مع فتح فمك على وسعه، وإذا أغلقت شفتيك، فلا يمكنك السماح بالحركات الكاملة للتثاؤب، وتتجنب بالتالي الحرج العام بسبب التثاؤب!
  • تناول الأطعمة الباردة: بالإضافة إلى تجربة المشروبات الباردة، فإن تناول الأطعمة الباردة له نفس تأثير التبريد الذي نأمل أن يمنع التثاؤب، فإذا كنت تريد تناول وجبة خفيفة لمنع التثاؤب، فلتجرّب بعض الفاكهة المبردة في الثلاجة، أو بعض الآيس كريم مثلاً.
  • اضغط على رأسك بشيء بارد: مثل كيس البازلاء المفرّز أو عبوة الماء الباردة، من خلال وضعها على رأسك لمدة دقيقة أو دقيقتين قبل التوجه إلى اجتماعك.
  • التحدث أمام الجمهور أو الوقوف في مركز الضوء: فليس من الضروري أن تكون نجماً، إلا أن الانكشاف الاجتماعي سيجعلك أقل عرضة لسيطرة التثاؤب، لأنك وكما ذكرنا في هذا المقال ستكون عرضة للعار والسخرية إذا تثاءبت وسط اجتماع مهم أو مناسبة اجتماعية ما، وهو تأثير "التثبيط الاجتماعي" على التثاؤب المفرط.

في النهاية.. لا أنكر أني تثاءبت كثيراً خلال إعداد هذا المقال، ليس مللاً أو بسبب التعب كما هو شائع! لكنه مادة محيرة للبحث والدراسة منذ القدم، فقد وصفه أبقراط بالسلوك المفيد، بينما صنفه داروين بالسلوك العاطفي، لكن أبحاثاً حديثة وصفته بالاضطراب التشنجي! كما أن التثاؤب استجابة نمطية مختلفة بين الثدييات مثل البشر والقرود، بحيث يتنبأ التثاؤب بوزن دماغ الثدييات وعدد الخلايا العصبية في القشرة المخية، ولدى الرئيسيات؛ فترات أطول وأكثر تنوعاً للتثاؤب مقارنة بالثدييات الأخرى، وأخيراً التثاؤب المتكرر والمفرط هو عارض مرضي وعليك مراجعة الطبيب المتخصص لإجراء فحوصات شاملة، إذا تجاوز عدد مرات التثاؤب الـ(100) خلال اليوم.

مصادر ومراجع:

  1. دراسة "التغييرات في علم وظائف الأعضاء قبل وأثناء وبعد التثاؤب"، منشورة على موقع ncbi.nlm.nih.gov.
  2. مقال "التثاؤب المعدي"، منشور على موقع psychologytoday.com.
  3. دراسة "التلاعب بحرارة العنق يغير الاستجابة للتثاؤب المعدي لدى البشر"، منشورة على موقع sciencedirect.com.
  4. دراسة "أدلة على التثاؤب المعدي لدى أسرة من قرود الشمبانزي"، منشورة على موقع nature.com.
  5. دراسة "التثاؤب المعدي قد لا يكون مرتبطاً بالتعاطف"، منشورة على موقع dukehealth.org.
  6. مقال "ما الذي يسبب التثاؤب المفرط وكيفية معالجته"، منشور على موقع healthline.com.
  7. مقال "ارتباط التثاؤب بالاضطرابات العصبية"، منشور على موقع medlink.com.
  8. مقال "ماذا تفعل لتتوقف عن التثاؤب المستمر"، منشور على موقع dreams.co.uk.

تم نشر هذا المقال مسبقاً على بابونج. لمشاهدة المقال الأصلي، انقري هنا