مرض الإيدز وكيفية انتقاله وطرق الوقاية منه
مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز
أصل فيروس الإيدز ووصوله للإنسان
مضاعفات تحدث بعد تدمير الإيدز للمناعة
يعد مرض الإيدز من أكثر الأمراض الفيروسية خطورةً، حيث تكمن خطورته في عدم توافر علاج كامل له حتى الآن، إضافة إلى سهولة انتشاره، خاصة في المجتمعات التي لا تملك الوعي الكافي بطريقة انتقال العدوى من الأشخاص المصابين إلى غير المصابين، فالبعض يعتقدون أن العلاقات الجنسية هي الناقل الوحيد للإيدز، في هذا المقال نتحدث عن فيروس (HIV) المسبب لمرض الإيدز، وطرق انتقال الفيروس، وكذلك دور المجتمع في التعامل مع مرضى الإيدز.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ما هو مرض نقص المناعة المكتسبة الإيدز
عرف الإنسان ما لا يعد ولا يحصى من الأمراض السارية والمُعدية، منها ما فتك بأعداد كبيرة من الناس، وأبرزها الطاعون، والكوليرا، والملاريا، والحصبة، ولكن الإنسان تمكن من السيطرة على معظم هذه الأمراض، عن طريق تفعيل أساليب الوقاية منها، وابتكار الأدوية الفعّالة في مواجهتها. [1]
إضافة إلى تلقي اللقاحات التي جعلت من الأمراض القاتلة أمراضاً متوسطةَ الخطورة، لكن مرضاً مستعصياً ما زال يهدد البشرية كلها، ولم يتمكن الطب من الوصول إلى دواء له حتى الآن، إذ إنه يتصدر قائمة الأمراض القاتلة، التي تكون الوقاية منها هي الحل الوحيد، إنه مرض الإيدز. [1]
تعريف مرض الإيدز
ينتج مرض الإيدز عن الإصابة بفيروس (HIV)، والإيدز هو الاسم الذي يُطلق على المرحلة المتقدمة من تطور الفيروس، حيث يتسبب هذا الفيروس في عوز المناعة المكتسب، أو العوز المناعي البشري، أو نقص المناعة المكتسبة. [1]
فيصيب المرض خلايا الجهاز المناعي لدى الإنسان، ويدمر قدرة الجهاز المناعي بشكل تدريجي، حتى يصل المريض إلى مرحلة العوز المناعي، التي تتميز بانعدام قدرة المناعة على أداء وظيفتها. [1]
فتصبح حياة المريض مهددة أمام أبسط الأمراض، وهذا ما يُطلق عليه (العدوى الانتهازية) التي سنشرحها لاحقاً، ولتطور الفيروس مرحلتين أساسيتين، هما: HIV1، وHIV2، وهي الأكثر خطورة، لكن كيف وصل فيروس الإيدز إلى الإنسان؟ [1]
أصل فيروس الإيدز وطريقة وصوله للإنسان
يعود اكتشاف فيروس الإيدز إلى الفترة بين عامي 1952-1972، حيث تعرف الأطباء على عدة حالات مشتبه بها منذ مطلع القرن العشرين، لكن أولى الحالات الموثقة تم اكتشافها عام 1960، حيث احتفظ الأطباء بعينة دم أُخذت من أحد الرجال الذين يسكنون في مستعمرة الكونغو البلجيكية، التي تقع غربي أفريقيا الوسطى، في جنوب السودان. [2]
ثم تم الحصول على عينة من امرأة مصابة بالفيروس تعيش في المكان نفسه، كما أحصى الأطباء عدة حالات قضت نتيجة إصابتها بمرض الإيدز، منها بحار نرويجي مع ابنته وزوجته، ماتوا جميعاً نتيجة إصابتهم بالفيروس عام 1975، وقد ظهرت أولى الأعراض على عائلة البحار عام 1969، علماً بأنه قد قضى عدة سنوات في سواحل غرب أفريقيا الوسطى. [2]
أصل فيروس الإيدز
يرجح العلماء والأطباء أن فيروس (HIV) الذي أصاب الإنسان والمسبب لمرض الإيدز، هو انتقال لفيروس (الإيدز القردي) الذي يُعرف أيضاً باسم (عوز المناعة لدى القِردة)، ويُشار إليه بالاختصار (SIV). [2]
وبذلك يعد هذا الفيروس من الفيروسات حيوانية المنشأ، التي انتقلت من الحيوان إلى الإنسان، كما تعتبر القرود البرية والشمبانزي التي تعيش غرب أفريقيا الوسطى، هي الناقل الرئيسي لفيروس الإيدز. [2]
ومن المرجح أن يكون هذا الانتقال حدث مع بداية القرن العشرين، من القردة في (الكونجو، والكاميرون) إلى الإنسان، ولا تزال الأبحاث قائمة في تحديد تاريخ انتشار الفيروس، وطريقة انتقاله من الحيوانات إلى البشر. [2]
مضاعفات تحدث بعد تدمير الإيدز مناعة المصاب
لا يكون مرض الإيدز هو في حد ذاته القاتل، بل إنه وسيط لأمراض أخرى، فالإيدز كما ذكرنا يدمر الجهاز المناعي للمصاب، بحيث يصبح عرضة للإصابة بمجموعة كبيرة من الأمراض، التي يطلق عليها في هذه الحالة (العدوى الانتهازية). [1]
إذ إن هذه الأمراض تستغل عوز المناعة البشري لدى المصاب وتخترق جهازه المناعي، وقد صنفت منظمة الصحة العالمية أكثر من 20 عدوى على اعتبارها من العدوى الانتهازية. [1]
هذا بالإضافة إلى أمراض السرطان الناتجة عن الإصابة بمرض الإيدز، كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن السل يعتبر من أخطر أنواع العدوى الانتهازية، إذ إنه يقضي على 390 ألف شخص من المتعايشين مع الإيدز سنوياً. [1]
كيف ينتقل فيروس الإيدز من مصاب إلى سليم
ينتقل فيروس (HIV) المسبب لمرض الإيدز من الإنسان المصاب إلى الإنسان السليم عبر انتقال سوائل جسم المصاب التي تحمل الفيروس إلى جسم الشخص السليم، وهذه السوائل تتمثل فيما يأتي: [3]
- الدم.
- السائل المنوي ومفرزات القضيب الذكري.
- السوائل المخاطية للشرج والمستقيم.
- السوائل المهبلية.
- حليب الثدي.
انتقال الإيدز عبر العلاقات الجنسية
هناك الكثير من المعتقدات الخاطئة حول كيفية انتقال الإيدز عبر العلاقات الجنسية، أو حول ممارسات جنسية معينة مسؤولة عن انتقال الفيروس، مقابل ممارسات آمنة. [3]
لكن الثابت علمياً أنَّ جميع الممارسات الجنسية غير المحمية، تعتبر مجالاً حيوياً لانتقال فيروس الإيدز، ما دام هناك قابلية لانتقال السوائل المذكورة سابقاً، جميعها أو أحدها، فالإيدز ينتقل عبر ما يأتي: [3]
- الممارسة الجنسية المهبلية.
- الممارسة الجنسية الشرجية.
- الممارسة الجنسية الفموية.
انتقال الإيدز عبر الدم وحليب الأم
كذلك يعتبر انتقال الإيدز عبر الدم أمراً مفروغاً منه، فإن أي عينة من دم المريض تمتزج بدم السليم، كفيلة بنقل العدوى إليه، كما تعتبر أكثر الطرق شيوعاً لانتقال الفيروس عبر الدم، هي الاشتراك في الحقن الخاصة بتعاطي المخدرات، أو الإهمال في تعقيم أدوات الجراحة، أو أدوات الحلاقة. [3]
كما ترتفع نسبة نقل فيروس الإيدز من الأم الحامل إلى جنينها، إما أثناء فترة الحمل، أو الولادة، أو من خلال الإرضاع، وسنأتي على ذكر أساليب الوقاية من كل ذلك. [3]
طرق الوقاية من العدوى بمرض الإيدز
إن تجنب أسباب الإصابة هو الوقاية الوحيدة من مرض الإيدز، حيث يجب على الإنسان أن يتبع بعض القواعد الأساسية في حياته اليومية، ليتجنب الإصابة بفيروس (HIV)، ومنها ما يأتي: [2]
- الامتناع عن الممارسات الجنسية غير الآمنة، سواء كانت فموية، أم شرجية، أم مهبلية، واستخدام وسائل الوقاية المعروفة، علماً بأنها تخفض نسبة انتقال العدوى بدرجة كبيرة، لكن لا يمكن الاعتماد عليها كلياً.
- يعتبر الإخلاص للشريك، وعدم الدخول في علاقات جنسية غير مشروعة، من أهم طرق الوقاية من فيروس الإيدز.
- الابتعاد عن تعاطي المخدرات، والامتناع التام عن مشاركة الحقن لأي سبب كان، فالحقنة تستخدم من قبل شخص واحد فقط، ولمرةٍ واحدةٍ فقط، كما أن هناك 10% من المصابين بالإيدز، انتقل إليهم الفيروس عبر تعاطي المخدرات بالحقن المشتركة.
- يجب على الأطباء والعاملين في المستشفيات التأكد من تعقيم الأدوات الجراحية بشكل كامل؛ فهذا يكفل عدم انتقال أي فيروس لأشخاص جدد، كما ستلاحظ أن أطباء الأسنان يولون أهمية فائقة لتعقيم أدواتهم.
- يجب أخذ الحذر من أي أدوات ثاقبة، مثل: أدوات ثقب الأذن، والإبر، إضافة إلى شفرات الحلاقة، وماكينات الحلاقة الكهربائية، كما أن فرشاة الأسنان للاستعمال الشخصي فقط.
- لا توجد طريقة للتأكد من الإصابة بفيروس الإيدز إلا إجراء الفحص الخاص بالفيروس، حيث تختلط أعراض الفيروس مع عدة أعراض لأمراض أخرى، كما تختلف فترة حضانته من شخص لآخر، علماً بأن هناك أجهزة متوافرة للفحص المنزلي.
- تذكر دائماً، أنَّ جميع الأدوية المتوافرة لفيروس الإيدز هي من باب الوقاية من العدوى الانتهازية، ولا يوجد علاج كامل ونهائي لمرض الإيدز، لذلك فهو يعتبر مرضاً قاتلاً وفتاكاً، إلا في بعض الحالات النادرة التي تخضع لمراقبة صحية شديدة، الهدف منها منع إصابة المريض بالعدوى الانتهازية.
- تشير منظمة الصحة العالمية في تقريرها حول برنامج ختان الذكور في كينيا، إلى أن ختان الذكور يساهم في التقليل من فرص الإصابة بفيروس الإيدز، ما جعلها تقيم عدة برامج في الدول الإفريقية لختان الذكور.
دور المجتمع في التعامل مع مرضى الإيدز
39,8 مليون شخص يتعايشون مع فيروس الإيدز حول العالم، حسب تقرير جمعية مكافحة الإيدز التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عام 2016، منهم نحو 1.2 مليون شخص تعرضوا للإصابة حديثاً عام 2015. [2]
كما أن هناك العديد من المؤسسات والجمعيات الحكومية وغير الحكومية، التي ترعاهم وتقدم لهم الأدوية اللازمة لحمايتهم من العدوى الانتهازية، لكن هؤلاء المرضى يعانون من بعض المصاعب في الاندماج مع المجتمع، نتيجة النظرة السلبية تجاه المصاب بفيروس HIV (الإيدز). [2]
وتسعى المنظمات والجمعيات المعنية بأمرهم إلى مساعدتهم على الاستمرار بعيش حياة طبيعية، من خلال برامج التوعية بطبيعة المرض، وسنذكر بعض أهم الأمور التي يجب أن يعيها المجتمع عند التعامل مع مرضى الإيدز: [2]
- إن العلاقات الجنسية (غير المشروعة) ليست السبب الوحيد لانتقال فيروس الإيدز.
- إن الإنسان معرض للإصابة بالفيروس بواحدة من الطرق المذكورة، ولا يوجد أي طفرة جينية مسجلة قد تحول دون ذلك.
- لا يمكن أن تنتقل العدوى إلى الشخص السليم إلا بالطرق المذكورة سابقاً، أي أن الاحتكاك المباشر مع المريض لا يمكن أن ينقل العدوى، إذا لم يحصل انتقال للسوائل الحاملة للفيروس؛ وبذلك بإمكانك مصافحته.
- بإمكان المصاب بفيروس الإيدز أن يعيش سنوات طويلة، بمساعدة الأدوية المضادة للعدوى الانتهازية، يجب على المجتمع أن يساعده لتكون حياته طبيعية.
- يجب الاستفادة من تجربة مرضى الإيدز، لنشر الوعي بين الأطفال والمراهقين، بطرق تجنب الإصابة بالفيروس، والوقاية الكاملة من خطورته.
ختاماً، لا تزال محاولات الكشف عن علاج نهائي للإيدز جارية حتى الآن، ويعتبر الالتزام بالقواعد الأخلاقية للمجتمع، ومراعاة عوامل الوقاية من المرض، من أبرز أساليب تجنب الإصابة بمرض الإيدز.