كيف تصبح متفائلاً وما فوائد التفاؤل على صحتك
فهرس الصفحة
ربما يشكل الأشخاص المتفائلون عنصر استفزاز أحياناً، خاصة عندما يبالغون في تفاؤلهم ويتجاهلون الكمية الكبيرة من المشاكل والخيبات التي نواجهها في حياتنا ولا نملك حيالها شيئاً، لكن هل فكرتم يوماً لمَ هم متفائلون؟! أو لماذا يجب أن تكونوا متفائلين؟! إليكم هذه الحقائق عن التفاؤل، إضافة إلى الطريقة التي تساعدكم على أن تكونوا متفائلين.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فوائد التفاؤل للصحة
من الثابت أن التفاؤل ينعكس إيجابياً على الصحة النفسية، لكن ماذا عن تأثيره على الصحة البدنية؟
نشر موقع Harvard Medical School عام 2008 مادة عن علاقة التفاؤل بالصحة، وجد من خلالها روابط مهمة بين الحالة الصحية ومدى تفاؤل الإنسان من خلال مراجعة دراسات مختلفة وتحليلها، كما نشر موقع NCBI دراسات مهمة عن تأثير التفاؤل على الصحة الجسدية والنفسية، حيث يمكن أن نلخص النتائج التي انتهت إليها هذه الدراسات ودراسات أخرى كالآتي:
- إذا كان السؤال (هل يساعد التفاؤل على الشفاء من الأمراض والتعافي من الجراحة؟!)، فالجواب هو نعم.
- احتمالية تعرض المتشائمين لمشاكل قلبية أكبر من احتمالية تعرض المتفائلين لذات المشاكل، كما أن استجابة المتفائلين أكبر من استجابة المتشائمين للعلاج.
- الأشخاص الذين يتميزون بمشاعر إيجابية أقل عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم، والمصابون منهم سيكونون أكثر استجابة لضبط ضغط الدم.
- عام 1998 فاز المنتخب الفرنسي ببطولة كأس العالم بعد مباراته النهائية مع البرازيل والتي أقيمت في فرنسا، وسجل الأطباء نسبة أقل من الوفيات الناتجة عن أمراض القلب والأوعية بين الرجال في يوم المباراة 12 يوليو/تموز مقارنة بالوفيات التي وقعت بين 7 و 17 يوليو/تموز، اعتقد الأطباء أن ذلك ربما يكون بسبب التفاؤل والسعادة.
- في دراسة نشرها موقع NCBI تبدو الأمور مختلفة قليلاً، فعلى الرغم من التأكيد على مزايا التفاؤل التي ذكرناها سابقاً نقلاً عن هارفرد إلَّا أن هذه المزايا تصبح أقل استقراراً عند التعامل مع حالات أكثر تعقيداً كالسرطان ومرض الإيدز، حيث تشير الدراسة إلى أنَّ التفاؤل قد يكون أكثر فعالية في التحديات الأقل صعوبة.
- كما تشير الدراسة إلى نظرية خيبة الأمل، والتي تفيد أن التفاؤل يمكن أن يكون إيجابياً وسلبياً بالقدر نفسه، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار المخاطر التي قد يتعرض لها المتفائلون نتيجة الاستخفاف أحياناً بالأمراض، أو تعرضهم للخيبة أمام سوء الأحوال، ما يجعل من خيبة الأمل الناتجة عن التفاؤل عاملاً مساهماً في تدهور الأمور.
- أما من الناحية النفسية فيبدو أن التأثير الإيجابي للتفاؤل أكثر استقراراً على الحالة النفسية وعلى الاستقرار النفسي والاجتماعي. [1]
غالباً ما يُتهم المتفائلون أنَّهم منفصلون عن الواقع
فعلياً لا نحتاج إلى الكثير من الكلمات لتعريف التفاؤل، هو ببساطة توقع الأفضل مسبقاً والتعامل مع الأمور باعتبارها تسير نحو الأفضل حتَّى وإن تعثرت، لكن هذه الآلية في تسيير الأمور قد تصبح مشكلة بحد ذاتها عندما نفقد قدرتنا على إنشاء وجهة نظر موضوعية حيال كل شيء.
تشير نظرية خيبة الأمل التي ذكرناها سابقاً إلى أن المتفائلين قد يتعرضون لمشاكل صحية خطيرة نتيجة عدم اكتراثهم للمرض من منطلق أن الأمور ستسير نحو الأفضل، بينما قد يتجنب المتشائمون بعض الأعراض الخطيرة لأنَّهم يشعرون أن الأمور ستكون أسوأ ما يجعلهم يتخذون سلسلة من الإجراءات الوقائية والعلاجية التي قد تساعدهم.
القصد أن التفاؤل وإن كان قادراً على جعل الحياة أفضل لكنه لن يكون قادراً على إنقاذ الشركات من الانهيار، كما لن يكون فعالاً إذا ذهبنا إلى مقابلة العمل بعد ساعة من الموعد ونحن متفائلون أن صاحب العمل سيتفهم ذلك، لا بد أن يكون تفاؤلنا عاقلاً وموازياً للعمل الجاد.
دور التفاؤل تجاه الأحداث غير المتوقعة
جميعنا يعلم أنَّ أحداً لا يستطيع ضبط حياته بشكل كامل ومنع حدوث أشياء غير متوقعة، فإذا افترضنا أنَّك تريد الذهاب إلى العمل صباحاً وتعلم أنَّك ستحتاج إلى 10 دقائق لتصل، لكنك قد تتعرض لأحداث لا تتوقعها كأن ينفجر إطار السيارة أو أن تنسى هاتفك فتضطر للعودة إلى المنزل، هنا يلعب التفاؤل دوره الأبرز.
القصد من ذلك أن التفاؤل لا يتعلق بالأمور التي تعرف أنَّها ستحدث، بل بما لا يمكن أن تتوقعه، أن تستيقظ صباحاً وأنت تعتقد أنك ستصل إلى العمل في الموعد المحدد دون أن تتعرض لحوادث تعرقل مسيرك، والأهم من ذلك أن تتمكن من الاستمرار عندما تتعرض للحادث لأنك تؤمن أن هذا الحادث غير قادر على إيقافك، فأنت إن كنت متفائلاً ستبدل إطار السيارة وأنت تبتسم وتستمع إلى أغنية ما أو تركن السيارة وتأخذ سيارة أجرة إلى العمل، بينما المتشائمون سيتعكر نهارهم كله وقد يعودون إلى المنزل اعتقاداً منهم أنَّها بداية لنهار سيء علَّهم يتقون الأسوأ. [2]
يدافع المتشائمون عن طريقة حياتهم بوصفها بالواقعية
التشاؤم على النقيض من التفاؤل، هو توقع الأسوأ دائماً، والبحث عن إمكانيات فشل التجربة قبل إمكانيات نجاحها، كما أنَّ الأشخاص المتشائمين غالباً ما يحاولون إقناعنا ألَّا جدوى من كل ما سنقوم به، أو أنَّ الحظ الجيد أمر نادر بينما الحظ السيء هو الأكثر انتشاراً.
فعلياً لن نقول أن المتشائمين على خطأ، لأن التشاؤم يستخدم في الكثير من التجارب العلمية كطريقة لتجنب الكوارث، فعندما نقوم بتصنيع باخرة نقل سياحية لا بد أن نأخذ بالحسبان احتمال غرقها، فنزودها على الأقل بمعدات النجاة من قوارب وأطواق نجاة وقنابل ضوئية، أما أن نتفاءل بالخير ونترك السفينة في عرض البحر لأنّنا مؤمنون أنَّها لن تغرق فهذا هو الانفصال عن الواقع.
من جهة ثانية يبدأ التشاؤم بتعطيل الحياة عندما يتحول من أداة للتقييم إلى طريقة لزرع العقبات ومنع التطور، فالأصل أن نخوض التجربة بحذر لا أن نتخلى عنها خوفاً من فشلها، ولا أن نخوضها دون وعي بظروفها.
التفاؤل مبني على التجربة والرضا عنها
كيف أكون متفائلاً؟! هذا السؤال هو الخطوة الأولى فعلياً نحو التفكير الإيجابي بغض النظر إن كنتم تقتنعون بتأثيره أم لا، من جهة ثانية لا بد أن ندرك أن التفاؤل والتشاؤم ليسا من السمات الجينية التي تولد مع الإنسان حيث إن 25% فقط من التفاؤل هو وراثي، والباقي نتيجة التجارب التي نخوضها وطريقة تحليلها.
لذلك لا بد من صناعة تجارب مختلفة والنظر إليها من وجهة نظر مختلفة، وتذكروا أنَّها ليست دعوة للانفصال عن الواقع، فالفشل أمر روتيني والخيبة جزء من الحياة، كما أن الحرمان واحد من الاختبارات التي نتعرض لها جميعاً ابتداءً بالفطام، ومن خلال بعض الممارسات المختلفة والأفكار الجديدة يمكن أن نصبح متفائلين ونتجنب السقوط في التشاؤم، ومن تلك الأفكار:
مارس نشاطات جديدة
إن تغيير الروتين اليومي للحياة يغير من طريقة تفكيرنا، فممارسة بعض الرياضة أو الحصول على إجازة من العمل وزيارة أماكن جديدة، إضافة إلى التعامل مع أشخاص جدد، كل هذه التغيرات يمكن أن تخفف من الضغط والأعباء التي تؤدي فعلياً إلى المبالغة في التشاؤم، بالتالي ستخلق توازناً وتجعل منكم أشخاصاً أكثر انطلاقاً.
اتخذ قرارات حاسمة
إذا كنتم تفكرون بقرار ما منذ زمن طويل ولا تستطيعون اتخاذه، فلا بد أن تقوموا باتخاذ قرار حاسم وسريع، إذ أنَّ القرارات العالقة من العوائق الكبيرة التي تعمي بصيرتنا وتعيق تفكيرنا وتضيِّق خياراتنا، بالتالي تجعلنا أقل رغبة في التجربة وأقل إيماناً بفاعلية هذه التجربة وأكثر خوفاً من تغيير الوضع الراهن باعتبار أن الآتي أسوأ!.
ابتعد عن الأشخاص السلبيين
من البديهي أن الأشخاص السلبيين ينقلون إلينا الكثير من المشاعر السلبية ويسببون لنا الإحباط، ومن البديهي أيضاً أن تجنبهم سيجعل من الحياة أسهل، لا تستشيروهم في ما أنتم مقبلون عليه وتخلُّوا عن آرائهم المحبطة.
تقدم خطوة إلى الأمام دائماً
حاولوا أن تكونوا في حركة دائمة، فالربح والخسارة العمود الفقري في هذه اللعبة، لكن لا بد أن نرغب في الربح ونسعى إليه ونتقبل الخسارة باعتبارها جزءاً أساسياً من التجربة والنجاح، لذلك لا بد أن تستمروا باتخاذ خطوات جديدة تتناسب مع مقدراتكم.
ابحث عن الحلول أكثر من بحثك عن المشكلة
كما ذكرنا سابقاً، فإن الأمور لا يمكن أن تسير كما نخطط لها بالضبط، نحن دائماً نتعرض لمفاجآت تختلف بمدى تأثيرها على مخططاتنا، لكن الأهم هو طريقة تعاملنا مع هذه المفاجآت، لا بد أن يكون اهتمامنا بإيجاد الحلول أكثر من تفكيرنا بالمشكلة نفسها، يجب أن نتخلى عن جملة (لماذا أنا بالذات؟!) ونتجه لإيجاد الحل.
كن ممتناً، واحمد الله على نعمه
لكي نتمكن من الدخول في طور التفاؤل؛ لا بد أن نقوم بالتفكير بما نمتلكه وبما نتمتع به من مواصفات، ربما سنحتاج أحياناً إلى استخدام القلم والورقة لتدوين الأمور الجيدة في حياتنا لنكتشف كم هي قيمة. [2]
هناك من يعتقد أن التفكير الإيجابي والتفاؤل سيكونان حلاً سحرياً للمشكلات وهذه مبالغة واضحة، ذلك أن التفاؤل هو أسلوب حياة يساعدنا في تجنب الضغوطات النفسية المتزايدة والتعامل مع المشكلات بطريقة أسلم، لكنه لا يمكن أن يكون سبباً وحيداً للنجاح، كما أن التشاؤم لا يمكن أن يكون سبباً وحيداً للفشل.