ما العوامل المؤثرة في تطور شخصية الطفل
يبدأ ظهور ملامح الشخصية بطباعنا وخصائصنا الذاتية الموروثة التي تتشابك مع ظروف حياتنا البيئية والاجتماعية والاقتصادية وكل التغيرات التي نمر بها على مدار حياتنا، ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا إن مرحلة الطفولة هي الأكثر تأثيراً في بناء الشخصية، ما يجعل الاهتمام بتنمية شخصية الطفل ضرورياً ليصير شخصاً سوياً وقادراً على مواجهة صعوبات الحياة، وفي هذا المقال، نوضح أهم العوامل المؤثرة في شخصية الطفل وكيفية تقوية شخصيته، ولكن يجب أن تتعرف أولاً على كيفية تكون الشخصية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كيف تتكون الشخصية
الشخصية مصطلح نردده كل يوم تقريباً، فنشير إلى شخص بأنه يتميز بشخصية ضعيفة وآخر شخصيته قوية، وهناك من يتميز بشخصية خجولة أو مترددة أو متهورة أو سريعة الغضب... إلخ، فنحن في هذه الحالة نعبّر عن رأينا في صفاته وما نلاحظه فيه من مميزات تكوّن ذاته. [1]
ومن هنا، يمكن أن نعّرف شخصيتنا بأنها مجموع تجاربنا وأفكارنا وخبراتنا وقراراتنا وآرائنا ووجهات نظرنا وحتى عواطفنا، وكذلك مواقفنا وردّات فعلنا، والتي تنصهر جميعاً في ذواتنا، ثم نعيد رسمها وإخراجها بشكل معين تتمثّل فيه شخصيتنا. [1]
إذاً تعتبر الشخصية كبصمة الإنسان نظراً لعوامل عديدة؛ فكل إنسان يملك شخصية مستقلة تميزه عن الآخرين، وتقدمه بصورة معينة أمام المجتمع، ونظراً لأهمية شخصياتنا في تحديد مواقف الآخرين منّا وأسلوب تعاملهم معنا، لا بد أن نتعرف على منشأ هذه الشخصية وكيف نبنيها ونطورها. [1]
وبحسب العديد من الدراسات، فإن أهم فترة في تكوين شخصية الإنسان على مدار حياته، هي الطفولة في جميع مراحلها المبكرة والمتوسطة والمتأخرة، فالطفولة هي مرحلة التعّلم والتجريب والاختبار، وبالتالي تكوين المواقف ووجهات النظر والملاحظات التي تتكامل مع بعضها لتبني الشخصية. [1]
العوامل المؤثرة في شخصية الطفل
عند الحديث عن تكون الشخصية عند الطفل من الخطأ إرجاعها إلى آلية معينة أو مسار محدد تتكون من خلاله أو الادعاء بوجود طرق ووسائل نستطيع عند اتباعها صياغة شخصية الطفل، بحيث تتناسب مع ما نرغب أن تكون عليه في المستقبل. [1]
فالشخصية تتأثر بعوامل عديدة تدخل في تشكيلها؛ منها عوامل وراثية يأخذها كل طفل من والديه، وأخرى يتأثر بها وهو ما زالاً جنيناً، ثم تأتي العوامل البيئية والاجتماعية التي يتأثر بها الطفل خلال مراحل نموه المختلفة، فلا نبالغ إذا قلنا إن كل حدث في حياة الطفل سيكون له انعكاس على شخصيته في المستقبل، وفيما يأتي ندرج لك أبرز العوامل المؤثرة في شخصية الطفل. [1]
العوامل الفطرية والوراثية
العوامل الفطرية
أكد عالم النفس الأمريكي إبراهام ماسلو على أن الإنسان يُخلق وهو لديه مجموعة من الحاجات الأساسية؛ من أهمها الحاجة إلى الأمان والبقاء والاستمرار والغذاء والاجتماع، ومع وجود هذه الحاجات تكون هناك مجموعة من ردّات الفعل والغرائز والدوافع التي تسعى لإشباع تلك الحاجات.
وهذه الحاجات والدوافع والغرائز هي ما يشكّل شخصية الإنسان الطبيعية والفطرية، التي تعتبر الهيئة الأولى التي تتمثّل فيها شخصية كل طفل، وتكون موجودة لدى جميع البشر مهما اختلفت ثقافاتهم ومجتمعاتهم وأماكن سكنهم وطريقة تربيتهم.
العوامل الوراثية
من المعروف أن العوامل الوراثية مسؤولة عن العديد من الصفات العضوية والجسدية التي تظهر على كل إنسان، وبالطريقة نفسها ينسحب الأمر على الخصائص الشخصية أيضاً، فالولد هو سر أبيه، والبنت هي سر أمها، وهذا ما يفسّر ذلك التشابه بين بعض صفاتك وخصائص طفلك.
ففي تلك الرحلة التي تقوم بها جيناتك حاملةً معها بعض صفاتك كاللون أو طول القامة أو شكل الشعر؛ تأخذ معها أيضاً بعض خصائصك النفسية والشخصية لتزرعها في شخصية طفلك.
وقد أثبتت دراسة أجراها علماء في جامعة مينيسوتا على 350 توأماً، أن هناك 11 خاصية تنتقل من الآباء والأمهات إلى أطفالهم عبر الوراثة، ومن بينها: المزاجية والعدوانية والغضب والعصبية والمرح والهدوء والحساسية والذكاء، ليس فقط الخصائص أو المزاج بل هناك بعض المخاوف والهواجس والطباع يمكن أن تنتقل عبر الوراثة أيضاً.
العوامل البيئية والاجتماعية
تعمل شخصية الطفل بالطريقة الإسفنجية؛ فهي تمتص التجارب والخبرات والمواقف والمفاجآت والصدمات والملاحظات والعواطف والمشاعر والأفكار في كل المراحل والأماكن التي يمر بها الطفل في المجتمع أو البيئة التي يعيش فيها، حتى تُشبَّع أخيراً بكل ما هي بحاجة لتعلمه.
ثم بعد ذلك تختزن ما تعلمته على شكل مواقف وردود فعل ووجهات نظر وقناعات؛ وتتكامل معاً لترسم الشخصية بشكلها النهائي، ومن أبرز العوامل البيئية والاجتماعية التي تساهم في تكوين الشخصية ما يأتي:
العوامل البيئية
- يبدأ الطفل باكتساب ذلك الجزء من شخصيته الذي يتعلّق بالعواطف وبعض الانفعالات البسيطة منذ أن كان جنيناً في رحم أمه، الذي يعتبر البيئة الأولى التي يوجد فيها، فالطفل يتواصل مع أمه ويشعر بحالتها النفسية والجسدية ويتأثر بها، فهو يشعر بحزنها وفرحها وتوترها وغضبها، وينعكس شعوره هذا سلباً أو إيجاباً على شخصيته بعد الولادة، إذ إن الأم المتوترة كثيرة الغضب أثناء حملها، يكون مولودها متوتراً أيضاً وكثير البكاء والتذمر.
- قد يؤثر تناول المرأة الحامل بعض الأدوية أو إدمانها على بعض المنبهات أو المنشطات أو العقاقير المخدرة على أعصاب طفلها، وبالتالي حالته النفسية مستقبلاً.
- عندما يخرج الطفل لبيئة مختلفة وجديدة بعد الولادة، قد يكون ما تحتويه هذه البيئة من ظروف صحية في الجو والمسكن ونوع الغذاء المتوفر والظروف النفسية المحيطة به، مثل: رغبة الوالدين بإنجاب هذا الطفل من عدمها، آثار بالغة على طريقة استقباله للحياة، وتكوين شخصيته عندما يكبر.
العوامل الاجتماعية
- مرحلة ما بعد الولادة: تبدأ العوامل الاجتماعية بالتأثير على شخصية الطفل منذ ولادته، أي في المرحلة الحسية الحركية، إذ يتعلم في هذه المرحلة الانفعالات وردّات الفعل البسيطة التي يعبّر عنها بالبكاء أو بعض الاستجابات الحركية، ويتأثر الطفل بمدى تقبله والاهتمام به من الأسرة والمحيطين، وهو يحتاج في هذه المرحلة لإغداق الكثير من الحب والحنان عليه، عن طريق معانقته ومداعبته باستمرار والتفرغ التام للاهتمام بشؤونه وحاجاته.
- مرحلة المشي والنطق: يبدأ الطفل بتعلم المشي والنطق، ويعد التلفاز عاملاً مهماً في التأثير على مداركه وشخصيته، وفي هذه المرحلة يحتاج الطفل إلى نوع جديد من الاهتمام، كالحديث معه بشكل متواصل وإدخال مفردات جديدة إلى قاموسه لإكسابه اللغة، وتعليمه أن هناك بعض الجمل والكلمات السيئة غير المقبولة، ومساعدته على استخدام الضمائر وفهمها، وتدريبه على المشي من خلال ممارسة تمارين معه على شكل ألعاب ممتعة، وغالباً ما يكون للتوافق الأسري أو التفكك والخلافات والشجارات بالغ الأثر على شخصية الطفل في هذه المرحلة.
- مرحلة اللعب والتقليد والخيال: مع تقدم الطفل في العمر واكتسابه اللغة والمشي بشكل تام، يدخل مرحلة جديدة من النمو والتعلّم، وفي هذه المرحلة تبدأ شخصية الطفل بالتبلور بشكل أولي، إذ إن كل واحدة من تقنيات التعلّم الفطرية تمارس دورها ووظيفتها من خلال إتاحة الفرصة أمامه لاكتشاف العالم المحيط به وخوض تجاربه وتكوين خبراته وتعلّم أدواره، وفي هذه المرحلة يمكن ملاحظة النشاط المفرط للطفل والتهور في بعض الأحيان؛ فترى أنه يلعب بكل شيء دون ملل ويجرب كل ما يلاحظه أو يتخيله ويقلد من حوله في كثير من التصرفات، وعليك في هذه الأثناء إعطاؤه الفرصة للتعلم والتجربة، وإجابته عن الأسئلة التي تدور في ذهنه، وتوجيهه ومشاركته في ألعابه دائماً.
- مرحلة ما قبل المدرسة: في هذه المرحلة، يبدأ الطفل بالخروج من المنزل ويتسع عالمه أكثر؛ فيتعرف على الأصدقاء ويبني شبكة علاقات خاصة به، ويتعرض للكثير من التجارب المختلفة، فقد يختلف مع بعض أصدقائه ويتشاجر معهم ويتخذ موقفاً منهم، ويتعرّف أكثر على حدوده وحقوقه وواجباته، ويفهم قيم التسامح والتنازل في بعض الأحيان، بهدف الحفاظ على علاقاته مع الآخرين، وقد تتأثر شخصية الطفل بعدد أخوته وترتيبه بينهم، فهو أيضاً سيقيم نمطاً معيناً من العلاقات معهم، وتحتاج هذه المرحلة لإعطاء الطفل قدراً من الحرية دون أن يؤذي نفسه، من خلال السماح له باللعب مع أصدقائه وتشجيعه على تطوير علاقاته معهم وتعليمه قيم التسامح والتعاون وعدم الأنانية والحفاظ على حقوقه.
- مرحلة المدرسة: في هذه المرحلة، يواجه الطفل عالماً جديداً ومختلفاً كلياً عن الذي اعتاده في المنزل، وتعتبر هذه المرحلة بالغة الحساسية والتأثير على شخصيته، فهي تحوي العديد من الصدمات والمواقف والأحداث الغريبة بالنسبة له، لأنه ينخرط في نسق جديد من العلاقات والروابط والأنظمة والضوابط، كما أنه يتعرّف على أصدقاء جدد والكثير من الغرباء كالمعلمين والموظفين في المدرسة، وتُلقى على كاهله مسؤوليات جديدة؛ كالانتباه إلى المعلمين في الصف، والقيام بالواجبات المدرسية، والالتزام بالنظام العام للمدرسة، والاستيقاظ مبكراً كل يوم، وعادةً ما يعاني الأطفال من مشاكل عديدة في هذه المرحلة مثل: عدم التأقلم مع نظام المدرسة، والابتعاد عن الوالدين، والخوف من المعلمين، وعلى الوالدين والمعلمين التعامل مع هذه المشاكل بقدر عالٍ من الصبر والحكمة والتفهم، لتفادي إصابة الطفل باضطرابات الشخصية التي تنشأ بسبب ذلك.
- مرحلة ما قبل المراهقة: تتميز هذه المرحلة بتأقلم الطفل مع المدرسة والتنقل بين مراحلها وصفوفها، واعتياد أنظمتها وأنماط العلاقات بها، كما تبدأ أبعاد شخصية الطفل بالظهور والتطور، إذ إن شخصيته المستقلة تكون قد بدأت بالتكوّن نوعاً ما، ويحتاج الطفل في هذه المرحلة أن يعبّر عن شخصيته ويثبت ذاته ويؤكد حضوره، وهنا يجب عليك أن تمنحه الثقة بنفسه والحرية والاستقلال، مع عدم إغفال القيم الاجتماعية الضرورية مثل: عادات وتقاليد المجتمع، وكذلك معرفة حقوقه وواجباته.
- مرحلة المراهقة: عند دخول الطفل في مرحلة المراهقة، يصبح لديه نمط جديد من الحاجات والأفكار، إذ إن المراهقة عادةً ما تكون مرحلة بالغة الحساسية والخطورة أيضاً، ففي هذه الفترة سيحتاج أكثر لإثبات ذاته، وقد يدخل في بعض الشجارات والتجارب الخطرة مع الآخرين، وقد يتعرف على أصدقاء جدد يتقبلون أفكاره ويشجعونه على خوض المغامرات، فيتعلم معهم التدخين مثلاً، أو ارتياد بعض الأماكن الخطرة، وربما يجرب تعاطي المخدرات والكحول، وتظهر في هذه المرحلة بعض التغيرات الهرمونية والحاجات الجنسية لدى المراهق، لذا من المهم أن تكون على مستوى عالٍ جداً من الاهتمام والانتباه عند التعامل مع ابنك، كما يجب أن تقف بجانبه وتراقبه دون التدخل في خصوصياته، وأن تصبر عليه وتبتعد عن القسوة.
وبذلك يجب الإشارة إلى أن كل المراحل السابقة متداخلة بشدة، ولا يمكن الفصل بينها بشكل نهائي، وهي تختلف من طفل لآخر، بالإضافة إلى أنه يوجد الكثير من المشاكل والصدمات والحوادث الاستثنائية التي قد تعترض طريق طفلك خلال عملية بنائه لشخصيته، مثل: دخول المدرسة، أو وفاة أحد الوالدين أو شخص عزيز، أو رؤية حوادث مروعة، أو التعرض لتجارب قاسية تثير الخوف والقلق في نفس الطفل، ويجب التعامل مع كل هذه الأمور بحذر واهتمام لكن دون إشعار الطفل بمخاطر أي منها حتى لا تتحول إلى عقد نفسية لديه.
أنواع اضطرابات الشخصية
مثلما تنمو الشخصية وتتطور مع نمو الطفل وتقدمه في العمر، فإن اضطرابات الشخصية تنمو وتتطور بالطريقة نفسها، إذ إن هذه الاضطرابات ليس من الضروري أن تظهر في مرحلة الطفولة، وإنما تبدأ بالتكوّن في هذه المرحلة وتستمر بالتطور مع كل المواقف والصدمات والحوادث التي يمر بها الطفل خلال عملية نموه حتى تصبح جزءاً لا يتجزأ من شخصيته في المستقبل. [2]
وفي هذا الوقت، تبدأ آثار هذه الاضطرابات بالظهور، ولهذه الاضطرابات العديد من الأنواع يمكن ترتيبها في ثلاث مجموعات أساسية، وذلك كما يأتي: [2]
المجموعة الأولى (المتشككة Suspicious)
- اضطراب الشخصية الانعزالية (Schizoid Personality Disorder): يعني أن بعض الأشخاص يلاحظ عليهم الضعف في تكوين العلاقات الاجتماعية أو الاستمرار فيها بالإضافة لاتصافهم بالبرود العاطفي.
- اضطراب الشخصية المرتابة (Paranoid Personality Disorder): الذين يعانون من هذا الاضطراب يكونون أصحاب شخصيات مغرورة قد تصل لحالات جنون العظمة، ويكون لديهم شكوك دائماً بمن حولهم واعتقاد أن الجميع يتآمر عليهم.
- اضطراب الشخصية الفصامية (Schizotypal Personality Disorder): يعتبر من يعاني هذا الاضطراب من أكثر الشخصيات بُعداً عن المجتمع والواقع، إذ إنهم يكون لديهم معتقدات وتصرفات غريبة ويتصفون بالانعزالية وعدم القدرة على تكوين علاقات اجتماعية وعاطفية، ويحتاج من يعاني هذا الاضطراب إلى علاج نفسي وطبي للتخلص من أعراضه.
المجموعة الثانية (العاطفية المندفعة Emotional And Impulsive)
- اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع (Antisocial Personality Disorder): يميل أصحاب هذه الشخصية إلى التلاعب ومعاملة الناس بقسوة وليس لديهم شعور بالندم أو التعاطف مع الآخرين، كما ينتشر بين أصحاب هذه الشخصية الإدمان على الكحول أو تعاطي بعض العقاقير المخدرة.
- اضطراب الشخصية الحدّية (Borderline Personality Disorder): يعتبر أصحاب هذا النمط من الشخصية من أكثر الناس عرضة للمجازفة والتهور والانخراط في تجارب خطرة كالعلاقات الجنسية أو تعاطي المخدرات، وينتشر هذا النمط بين الإناث أكثر من الذكور.
- اضطراب الشخصية التمثيلية الهيستيرية (Histrionic Personality Disorder): يعتبر هذا الاضطراب من أكثر الاضطرابات انتشاراً وترتفع نسبته لدى الإناث، ويتصرف من يعانون منه كأنهم في عرض تلفزيوني أو سينمائي، فهم يعتقدون أنهم محط أنظار الجميع ويرغبون دائماً في سماع الإطراءات والتقدير لشخصياتهم، بالإضافة إلى أنهم يتصفون في نظرتهم العاطفية بتفسير كل شيء.
- اضطراب الشخصية النرجسية (Narcissistic Personality Disorder): يتصف المصابون به بالغرور ويكون لديهم اعتقاد أنهم أفضل من الناس، ويمتلكون رغبة دائمة في لفت انتباه الآخرين إليهم، ويبالغون في تقدير أعمالهم والإعجاب بها.
المجموعة الثالثة (القَلِقة Anxious)
- اضطراب الشخصية الانطوائية (Avoidant Personality Disorder): يعاني هؤلاء الأشخاص من الشعور بالنقص وقلة الثقة بالنفس، ويستمرون دائماً في نقد الآخرين، ويتجنبون الدخول في علاقات جديدة أو المشاركة في أنشطة جماعية.
- اضطراب الشخصية الاعتمادية الاتّكالية (Dependent Personality Disorder): يتصف صاحب هذه الشخصية بأنه اتكالي يعتمد دائماً على الآخرين في إنجاز أعماله وتلبية احتياجاته.
- اضطراب الشخصية الوسواسية (Obsessive-compulsive Personality Disorder): يرغب المصابون به في رؤية كل شيء منظم ومرتب بشكل مبالغ فيه، ويعتبر الذين يعانون هذا الاضطراب من أكثر الناس التزاماً بالقوانين والقواعد، فهم يسعون دائماً إلى تحقيق الكمال.
كيفية بناء شخصية قوية للطفل
يعد بلوغ الشخصية الكاملة المتكاملة أمراً صعب المنال، ولكن ربما يمكننا وضع بعض المعايير القياسية لتكوين شخصية قوية ومتوازنة وسوية للطفل، على المستوى النفسي والاجتماعي، وما يمكن فعله من قبل الوالدين والمؤسسات التربوية المعنية للاقتراب قدر الإمكان من تطبيق هذه المعايير، ومن أبرز طرق بناء شخصية قوية للطفل ما يأتي: [3]
- احترام القيم وتوضيح أهميتها: إذا اعتبرنا أن المعيار الأول هو تكوين شخصية متكيفة مع القيم الاجتماعية والأخلاقية الشائعة في المجتمع؛ فيكون ذلك من خلال تعويد الطفل على احترام هذه القيم والأخلاقيات، عن طريق توضيح أهميتها ووظائفها وغرسها في نفسه بشكل مستمر.
- إثراء دور القدوة الحسنة: إذا كان المعيار هو تكوين شخصية مرتبة ومنظمة تتحمل المسؤولية وتحترم قيمة الوقت، يجب تعزيز إدراك هذه القيم لدى الطفل من خلال الاقتداء مثلاً ببعض الشخصيات المحببة لديه التي تتمتع بهذه الصفات.
- تعزيز ثقة الطفل بنفسه: عندما يكون المعيار هو بناء شخصية مستقلة تتمتع بالثقة في النفس والقدرة على اتخاذ القرارات والتعبير عن الذات ووجهة النظر السليمة، يجب أن تستمع لطفلك وتتيح الفرصة أمامه ليعبّر عن رأيه ورغباته وأفكاره، وأن تعزز ثقته بنفسه وتقلل من حدّة وصرامة الأوامر والنواهي التي توجهها له، وذلك لتحقيق ذاته وعدم خلق شخصية مذعنة تتلقى الأوامر دائماً وتلتزم بقرارات الآخرين دون المشاركة في صنعها.
- استغلال تقليد الطفل بشكل إيجابي: لتحقيق معيار الشخصية الملتزمة بالعادات الاجتماعية والصحية المرغوبة كالنظام والترتيب والنظافة الشخصية وآداب الحديث والطعام والمظهر اللائق، فالتقليد هو طريقك الأقصر نحو تحقيق هذه الغاية، ومن هنا تبدو ضرورة التزام المحيطين بطفلك بهذه العادات، كالوالدين والأخوة والمعلمين والأقران، فجميعهم ينظر إليهم الطفل كقدوة ويسعى لتقليدهم وتقمص الكثير من صفاتهم.
- إشراك الطفل اجتماعياً: إذا كان المعيار بناء شخصية متعاونة قادرة على المشاركة وبناء العلاقات الاجتماعية والصداقات وتتمتع بالتعاطف والمشاركة الوجدانية مع الآخرين، عليك أن تتيح له الفرصة أن يلعب مع أقرانه، لفهم قيمة التعاون وتكوين صداقات والبعد عن الأنانية، كما يمكن أن تعوده على الذهاب معك في المناسبات والزيارات العائلية وغيرها، وإن كانت الفرصة متاحة يمكن أن تصطحبه إلى مكان عملك وتعرفه بزملائك، فبذلك تعوده على لقاء الغرباء والتعامل معهم والتقرّب إليهم، وذلك لتفادي أن يكون شخصية خجولة أو انطوائية انعزالية بعيدة عن المجتمع.
- الاهتمام بتغذية الطفل: عندما يكون المعيار هو الشخصية التي تتمتع بصحة جيدة وسلامة جسدية، يجب عليك العناية بالبيئة المحيطة لطفلك والغذاء الذي تقدمه له وتهوية البيت ودخول الشمس له وتوفير الأجواء النقية غير الملوثة، وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية اعتناء الأم الحامل بصحتها وغذائها والابتعاد عن تناول العقاقير المخدرة أو المنبهة والتدخين وشرب الكحول، وكذلك الانتباه لحالتها النفسية لأنها تنعكس على حالة الجنين النفسية، وبالتالي على شخصيته ومشاعره بعد الولادة.
وبذلك نكون قد أوضحنا لك العوامل المؤثرة في شخصية الطفل وتكوينها وتطورها والمراحل التي يمر بها كل طفل بجميع مستوياتها الفطرية والوراثية والبيئية والاجتماعية، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية التي قد تصيب بعض الشخصيات، وكيفية بناء شخصية قوية ومتوازنة وسوية للطفل.