قصة نبي الله سليمان
قصص الأنبياء في القرآن؛ وقصص القرآن من أجمل القصص التي تعلمنا بعض القيم والعبر كالصبر وحسن التوكل على الله. ومن هذه القصص هي قصة نبي الله سليمان عليه السلام. تابعوا المقال لتعرفوا ما هي قصة نبي الله سليمان مع الحيوانات ودعوته إلى عبادة الله.
نسب نبي الله سليمان
قال الحافظ ابن عساكر: هو سليمان بن داود بن إيشا بن عويد بن عابر بن سلمون بن نحشون بن عمينا داب بن إرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم أبي الربيع نبي الله بن نبي الله. قال الله تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ } [النمل: 16] فقد ورث سليمان عن أبيه داود النبوة والملك، وليس المراد ورثه في المال، لأنه قد كان له بنون غيره، فما كان ليخص بالمال دونهم.
قصة نبي الله سليمان مع الحيوانات
كان سليمان عليه الصلاة والسلام يعرف ما يتخاطب به الطيور بلغاتها {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ}، ومن قصص نبي الله سليمان مع الطير أنه مرَّ بعصفور يدور حول عصفورة، فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول؟
قالوا: وما يقول يا نبي الله؟
قال: يخطبها إلى نفسه ويقول: زوجيني، أسكنك أي غرف دمشق شئت.
قال سليمان عليه السلام: لأن غرف دمشق مبنية بالصخر لا يقدر أن يسكنها أحد، ولكن كل خاطب كذاب.
ومرة ركب سليمان يوماً في جيشه جميعه من الجن والإنس والطير، فالجن والإنس يسيرون معه، والطير سائرة معه تظله بأجنحتها من الحر وغيره. كلٌّ يسير بسيره، فلا يتقدم أحد عن موضعه الذي يسير فيه، ولا يتأخر عنه. ومر بجيشه بوادٍ في الطائف، وصاحت نملة في جيشها بأن يدخلوا مساكنهم لئلا يحطمنهم جيش سليمان} حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ {. فتبسم النبي من ذلك على وجه الاستبشار، والفرح والسرور، بما أطلعه الله عليه دون غيره }فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ}
فطلب سليمان من ربه بأن يرشده بأن يشكره على ما أنعم الله به عليه وعلى ما خصه به من المزية على غيره، وأن يعينه على أداء الأعمال الصالحة، كما يدعوه بأن يحشره مع عباده الصالحين.
قصة نبي الله سليمان مع بلقيس
كانت وظيفة طائر الهدهد أيام نبي الله سليمان أنهم إذا أعوزوا الماء في القفار في حال الأسفار يجيء فينظر له هل بهذه البقاع من ماء، لما له من قوة من النظر إلى الماء تحت تخوم الأرض. فإذا دلهم عليه حفروا عنه واستنبطوه وأخرجوه واستعملوه لحاجتهم. وقد طلبه سليمان يومئذ فلم يجده، وغضب منه وتوعده بالعذاب إلا أن الهدهد يقبل عليهم يحمل نبأ من سبأ، وهي أرض في اليمن، وكانت تحكمهم امرأة تدعى بلقيس أنعم الله عليها أموالاً وجيوشاً وقوة وعظمة، وكان لها عرش عظيم مقدّمته كان من ذهب مرصّع بالياقوت الأحمر، والزمرّد الأخضر، ومؤخره من فضة، مكلّلة بألوان الجواهر وعليه سبعة أبيات، لكل بيت باب مغلق.
ثم ذكر كفرهم بالله وعبادتهم الشمس من دون الله بسبب إضلال الشيطان لهم وصدهم عن طريق الحق، فعند ذلك بعث سليمان عليه السلام كتابه يدعوهم فيه إلى طاعة الله وحده وترك عبادة الشمس، والإذعان إلى الدخول في الخضوع لملكه وسلطانه بلا مراودة. وقد قرأت بلقيس رسالة سليمان على أمراها ووزرائها تشاورهم، وكان نص الرسالة: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ، وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ.
وقد أدلى أمراءها ووزراؤها رأيهم بأنهم لهم قوة وقدرة على القتال فإن أردت منا ذلك فإنا عليه من القادرين، ومع هذا فوضوا إليها في ذلك الأمر لترى فيه ما هو الأرشد لها ولهم، فكان رأيها حكيماً، فقد علمت بأن سليمان لا يغالب ولا يقهر، إن هذا الملك لو قد غلب على هذه المملكة لم يخلص الأمر من بينكم، إلا إلي، ولم تكن الحدة والشدة والسطوة البليغة إلا علي. ولقد أرادت أن تبعث إليه هدية، لكنه لم يقبل الهدية.
}فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ{ ثم قال لرسولها إليه الذي قدم عليه والناس حاضرون يسمعون: ارجع بهديتك التي قدمت بها إلى من قد من بها، فإن عندي مما قد أنعم الله علي وأسداه إليَّ من الأموال والرجال، فلأبعثن إليهم بجنود لا يستطيعون دفاعهم وحماية أنفسهم، وأخرجنهم من بلدهم صاغرين.
جاء الرسول إلى بلقيس وقومها، وأخبرهم بما حدث، وعلمت الملكة أنه نبي من عند الله وليس ملكاً فحسب، ولذا لم تجد بدّاً من الاستسلام والإسلام، فتجهزت الملكة مع أشراف قومها للمسير إلى سليمان، وكأنها أرادت بذلك إظهار خضوعها، وأنها مُسلّمة إليه مقاليد البلاد، ونفسها، فأخبر جبرئيل سليمان بمسيرها.
فما رأت عرشها عنده، ولما رأت القصر المبني من الزجاج على الماء، علمت أن هذا الرجل ليس فقط ملكاً، وإنما هو نبيٌّ مرسلٌ من الله، فأسلمت وتزوجها سليمان عليه السلام.
قصة داوود وسليمان عليهما السلام عندما حكما في الحَرْث
أقبل إلى داوود عليه السلام رجلان، أحدهما كان يربي الغنم، وكان يعتاش من هذا الغنم، فيبيع لبنها، وصوفها، ولحمها، وكان الآخر مزارعاً وعنده مزرعة من عنب، وقيل أرضاً مزروعة بالقمح، فكان أيضاً يعتاش من هذا الزرع ويبيعه ليَصرف على نفسه وأهل بيته حتى يأتي الموسم التالي.
بدأت المشكلة بين هذين الرجلين بليلةٍ من الليالي، حيث إن صاحب الغنم غفل عن حظيرته التي فيها الغنم ولم يُقفل الباب جيداً، فخرجت هذه الأغنام ليلاً تبحث عن طعامٍ لها، فدخلت في زرع جاره وأكلته وأفسدته، فلما أصبحوا في الصباح، فإذا الغنم قد شبعت، وأما صاحب الزرع فقد كل ماله وتعبه الذي وضعه في زرعه، فاختلفا وقررا أن يتوجها إلى داوود عليه السلام ليحكم بينهما، فلما دخلا عليه وأخبراه بالذي حصل، قال داوود: يا صاحب الغنم أنت المُخطئ بسبب إهمالك وتقصيرك، ولذلك أحكم عليك أن تُعطي كل غنمك إلى صاحب الزرع كتعويضٍ له على خسارته.
فخرجا من عند داوود عليه السلام متوجهين إلى بيتهما، وفي الطريق لقِيا سليمان بن داوود عليهما السلام، فقصَّا عليه قصتهما، فسألهما وبما حكم داوود، قالا: حكم لصاحب الزرع أن يأخذ كل الغنم له كتعويض، وقال صاحب الغنم: أنا الآن فقير ولا أملك قوت عيالي، عندها قال سليمان عليه السلام: هذا الحكم غير صحيح، وحكم حكماً آخر بينهما قائلاً: خذ يا صاحب الزرع الغنم واستفد من الذي تعطيك إياه من لبن ولحمٍ وغيره إلى أن يعيد صاحب الغنم أرضك كما كانت عليه من قبل، فإن أعادها لك كما كانت، عندها يجب عليك إرجاع غنمه إليه. [1]
وفاة نبي الله سليمان
وقد رمم سليمان عليه السلام المسجد الأقصى الذي بناه يعقوب عليه السلام، وبقي في الأرض التي وُلد فيها حتى أتته المنية وهو متكئٌ على عصاه، فلما أكلت دودة الأرض العصا سقط وعلمت الإنس والجن أنه قد مات. ويقال بأن عمره كان آنذاك اثنتين وخمسين سنة وكان ملكه أربعين سنة.