قصائد طرفة بن العبد
طرفة بن العبد هو شاعر جاهلي عربي، وهو من أصحاب المعلقات، ولد حوالي سنة 543، جده وأبوه وعماه وخاله كانوا من الشعراء، عاش طفولة مهملة ولاهية، بلغ في تجواله بلاط الحيرة واتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، حيث أرسل بكتاب إلى المكعبر يأمره فيه بقتل طرفه، بسبب أبيات شعرية بلغ الملك أن طرفة هجاه بها، فقتله المكعبر شاباً دون الثلاثين من عمره سنة 569. [1]
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة أتعرف رسم الدار قفرا منازله
أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ قَفراً مَنازِلُه
كَجَفنِ اليَمانِ زَخرَفَ الوَشيَ ماثِلُه
بِتَثليثَ أَو نَجرانَ أَو حَيثُ تَلتَقي
مِنَ النَجدِ في قَيعانِ جَأشٍ مَسائِلُه
دِيارٌ لِسَلمى إِذ تَصيدُكَ بِالمُنى
وَإِذ حَبلُ سَلمى مِنكَ دانٍ تُواصُلُه
وَإِذ هِيَ مِثلُ الرَئمِ صيدَ غَزالُها
لَها نَظَرٌ ساجٍ إِلَيكَ تُواغِلُه
غَنينا وَما نَخشى التَفَرُّقَ حِقبَةً
كِلانا غَريرٌ ناعِمُ العَيشِ باجِلُه
لَيالِيَ أَقتادُ الصِبا وَيَقودُني
يَجولُ بِنا رَيعانُهُ وَيُحاوِلُه
سَما لَكَ مِن سَلمى خَيالٌ وَدونَها
سَوادُ كَثيبٍ عَرضُهُ فَأَمايِلُه
فَذو النيرِ فَالأَعلامُ مِن جانِبِ الحِمى
وَقُفٌّ كَظَهرِ التُرسِ تَجري أَساجِلُه
وَأَنّى اِهتَدَت سَلمى وَسائِلَ بَينَنا
بَشاشَةُ حُبٍّ باشَرَ القَلبَ داخِلُه
وَكَم دونَ سَلمى مِن عَدوٍّ وَبَلدَةٍ
يَحارُ بِها الهادي الخَفيفُ ذَلاذِلُه
يَظَلُّ بِها عَيرُ الفَلاةِ كَأَنَّهُ
رَقيبٌ يُخافي شَخصَهُ وَيُضائِلُه
وَما خِلتُ سَلمى قَبلَها ذاتَ رِجلَةٍ
إِذا قَسوَريُّ اللَيلِ جيبَت سَرابِلُه
وَقَد ذَهَبَت سَلمى بِعَقلِكَ كُلِّهِ
فَهَل غَيرُ صَيدٍ أَحرَزَتهُ حَبائِلُه
كَما أَحرَزَت أَسماءُ قَلبَ مُرَقِّشٍ
بِحُبٍّ كَلَمعِ البَرقِ لاحَت مَخايِلُه
وَأَنكَحَ أَسماءَ المُراديُّ يَبتَغي
بِذَلِكَ عَوفٌ أَن تُصابَ مَقاتِلُه
فَلَمّا رَأى أَن لا قَرارَ يُقِرُّهُ
وَأَنَّ هَوى أَسماءَ لا بُدَّ قاتِلُه
تَرَحَّلَ مِن أَرضِ العِراقِ مُرَقِّشٌ
عَلى طَرَبٍ تَهوي سِراعاً رَواحِلُه
إِلى السَروِ أَرضٌ ساقَهُ نَحوَها الهَوى
وَلَم يَدرِ أَنَّ المَوتَ بِالسَروِ غائِلُه
فَغودِرَ بِالفَردَينِ أَرضٍ نَطيَّةٍ
مَسيرَةِ شَهرٍ دائِبٍ لا يُواكِلُه
فَيا لَكَ مِن ذي حاجَةٍ حيلَ دونَها
وَما كُلُّ ما يَهوى اِمرُؤٌ هُوَ نائِلُه
فَوَجدي بِسَلمى مِثلُ وَجدِ مُرَقِّشٍ
بِأَسماءَ إِذ لا تَستَفيقُ عَواذِلُه
قَضى نَحبَهُ وَجداً عَلَيها مُرَقِّشٌ
وَعُلَّقتُ مِن سَلمى خَبالاً أُماطِلُه
لَعَمري لَمَوتٌ لا عُقوبَةَ بَعدَهُ
لِذي البَثِّ أَشفى مِن هَوىً لا يُزايِلُه [2]
قصيدة لِهِندٍ بِحِزّانِ الشَريفِ طُلولُ
لِهِندٍ بِحِزّانِ الشَريفِ طُلولُ
تَلوحُ وَأَدنى عَهدِهِنَّ مُحيلُ
وَبِالسَفحِ آياتٌ كَأَنَّ رُسومَها
يَمانُ وَشَتهُ رَيدَةٌ وَسَحولُ
أَرَبَّت بِها نَآجَةٌ تَزدَهي الحَصى
وَأَسحَمُ وَكّافُ العَشِيِّ هَطولُ
فَغَيَّرنَ آياتِ الدِيارِ مَعَ البِلى
وَلَيسَ عَلى رَيبِ الزَمانِ كَفيلُ
بِما قَد أَرى الحَيَّ الجَميعَ بِغِبطَةٍ
إِذا الحَيُّ حَيٌّ وَالحُلولُ حُلولُ
أَلا أَبلِغا عَبدَ الضَلالِ رِسالَةً
وَقَد يُبلِغُ الأَنباءَ عَنكَ رَسولُ
دَبَبتَ بِسِرّي بَعدَما قَد عَلِمتَهُ
وَأَنتَ بِأَسرارِ الكِرامِ نَسولُ
وَكَيفَ تَضِلُّ القَصدَ وَالحَقُّ واضِحٌ
وَلِلحَقِّ بَينَ الصالِحينَ سَبيلُ
وَفَرَّقَ عَن بَيتَيكَ سَعدَ بنَ مالِكٍ
وَعَوفاً وَعَمرواً ما تَشي وَتَقولُ
فَأَنتَ عَلى الأَدنى شَمالٌ عَرِيَّةٌ
شَآمِيَّةٌ تَزوي الوُجوهَ بَليلُ
وَأَنتَ عَلى الأَقصى صَباً غَيرُ قَرَّةٍ
تَذاءَبَ مِنها مُرزِغٌ وَمُسيلُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِنّا وَلَستَ بِخَيرِنا
جَواداً عَلى الأَقصى وَأَنتَ بَخيلُ
فَأَصبَحتَ فَقعاً نابِتاً بِقَرارَةٍ
تَصَوَّحُ عَنهُ وَالذَليلُ ذَليلُ
وَأَعلَمُ عِلماً لَيسَ بِالظَنِّ أَنَّهُ
إِذا ذَلَّ مَولى المَرءِ فَهوَ ذَليلُ
وَإِنَّ لِسانَ المَرءِ ما لَم تَكُن لَهُ
حَصاةٌ عَلى عَوراتِهِ لَدَليلُ
وَإِنَّ اِمرَأً لَم يَعفُ يَوماً فُكاهَةً
لِمَن لَم يُرِد سوءً بِها لَجَهولُ
تَعارَفُ أَرواحُ الرِجالِ إِذا اِلتَقَوا
فَمِنهُم عَدُوٌّ يُتَّقى وَخَليلُ [3]
قصيدة ما تَنظُرونَ بِحَقِّ وَردَةَ فيكُمُ
ما تَنظُرونَ بِحَقِّ وَردَةَ فيكُمُ
صَغُرَ البَنونَ وَرَهطُ وَردَةَ غُيَّبُ
قَد يَبعَثُ الأَمرَ العَظيمَ صَغيرُهُ
حَتّى تَظَلَّ لَهُ الدِماءُ تَصَبَّبُ
وَالظُلمُ فَرَّقَ بَينَ حَيَّي وائِلٍ
بَكرٌ تُساقيها المَنايا تَغلِبُ
قَد يورِدُ الظُلمُ المُبَيَّنُ آجِناً
مِلحاً يُخالَطُ بِالذُعافِ وَيُقشَبُ
وَقِرافُ مَن لا يَستَفيقُ دَعارَةً
يُعدي كَما يُعدي الصَحيحَ الأَجرَبُ
وَالإِثمُ داءٌ لَيسَ يُرجى بُرؤُهُ
وَالبِرُّ بُرءٌ لَيسَ فيهِ مَعطَبُ
وَالصِدقُ يَألَفُهُ الكَريمُ المُرتَجى
وَالكِذبُ يَألَفَهُ الدَنيءُ الأَخيَبُ
وَلَقَد بَدا لِيَ أَنَّهُ سَيَغولُني
ما غالَ عاداً وَالقُرونَ فَأَشعَبوا
أَدّوا الحُقوقَ تَفِر لَكُم أَعراضُكُم
إِنَّ الكَريمَ إِذا يُحَرَّبُ يَغضَبُ [4]
قصيدة فسقي بلادك
إنّ امرأً، سَرْفَ الفؤاد، يَرى
عَسَلاً بماءِ سحابَةٍ شَتْمي
وأنا امرؤ أكوى من القَصَرِ الـ
ـبادي، وأغْشَى الدُّهْمَ بالدُّهْمِ
وَأُصِيبُ شاكِلَةَ الرّمِيّةِ، إذ
صَدّتْ، بِصَفْحَتِها، عنِ السّهمِ
وأُجِرُّ ذا الكَفِلِ القَناةَ على
أنْسائِهِ، فَيَظَلُّ يَسْتَدمي
وتصُدُّ عنك مَخيلةَ الرّجل الـ
ـعِرّيضِ مُوضِحَةٌ عَنِ العَظْمِ
بحُسامِ سَيفِكَ أو لِسانِكَ والـ
ـكَلِمُ الأصِيلُ كأرْغَبِ الكَلْمِ
أبلِغْ قَتَادَةَ، غيرَ سائِلِهِ،
منه الثوابَ، وعاجِلَ الشَّكْمِ
أني حَمِدْتُكَ للعَشيرَةِ، إذْ
جاءَتْ إليكَ مُرِقّةَ العَظْمِ
ألقَوا إليكَ بكلّ أرْمَلَةٍ
شَعْثَاءَ، تَحْمِلُ مَنْقَعَ البُرْمِ
فَفَتَحْتَ بابَكَ للمَكارِمِ، حيـ
ـنَ تَوَاصَتِ الأبْوابُ بالأزْمِ
وأهَنتَ، إذ قَدِموا، التّلادَ لـهمْ،
وكذاكَ يَفعَلُ مُبْتَني النِّعْمِ
فَسَقَى بلادَك، غَيرَ مُفْسِدِها،
صَوْبُ الغَمامِ وديمةٌ تَهْمي [5]
قصيدة سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا
سائِلوا عَنّا الَّذي يَعرِفُنا
بِقُوانا يَومَ تَحلاقِ اللِمَم
يَومَ تُبدي البيضُ عَن أَسوقِها
وَتَلُفُّ الخَيلُ أَعراجَ النَعَم
أَجدَرُ الناسِ بِرَأسٍ صِلدِمٍ
حازِمِ الأَمرِ شُجاعٍ في الوَغَم
كامِلٍ يَحمِلُ آلاءَ الفَتى
نَبِهٍ سَيِّدِ ساداتٍ خِضَم
خَيرُ حَيٍّ مِن مَعَدٍّ عُلِموا
لِكَفِيٍّ وَلِجارٍ وَاِبنِ عَم
يَجبُرُ المَحروبَ فينا مالَهُ
بِبِناءٍ وَسَوامٍ وَخَدَم
نُقُلٌ لِلشَحمِ في مَشتاتِنا
نُحُرٌ لِلنيبِ طُرّادُ القَرَم
نَزَعُ الجاهِلَ في مَجلِسِنا
فَتَرى المَجلِسَ فينا كَالحَرَم
وَتَفَرَّعنا مِنِ اِبنَي وائِلٍ
هامَةَ العِزِّ وَخُرطومَ الكَرَم
مِن بَني بَكرٍ إِذا ما نُسِبوا
وَبَني تَغلِبَ ضَرّابي البُهَم
حينَ يَحمي الناسُ نَحمي سِربَنا
واضِحي الأَوجُهِ مَعروفي الكَرَم
بِحُساماتٍ تَراها رُسَّباً
في الضَريباتِ مُتِرّاتِ العُصُم
وَفُحولٍ هَيكَلاتٍ وُقُحٍ
أَعوَجِيّاتٍ عَلى الشَأوِ أُزُم
وَقَناً جُردٍ وَخَيلٍ ضُمَّرٍ
شُزَّبٍ مِن طولِ تَعلاكِ اللُجُم
أَدَّتِ الصَنعَةُ في أَمتُنِها
فَهيَ مِن تَحتُ مُشيحاتُ الحُزُم
تَتَّقي الأَرضَ بِرُحٍّ وُقُحٍ
وُرُقٍ يَقعَرنَ أَنباكَ الأَكَم
وَتَفَرّى اللَحمُ مِن تَعدائِها
وَالتَغالي فَهيَ قُبٌّ كَالعَجَم
خُلُجُ الشَدِّ مُلِحّاتٌ إِذا
شالَتِ الأَيدي عَلَيها بِالجِذَم
قُدُماً تَنضو إِلى الداعي إِذا
خَلَّلَ الداعي بِدَعوى ثُمَّ عَم
بِشَبابٍ وَكُهولٍ نُهُدٍ
كَلُيوثٍ بَينَ عِرّيسِ الأَجَم
نُمسِكُ الخَيلَ عَلى مَكروهِها
حينَ لا يُمسِكُ إِلّا ذو كَرَم
نَذَرُ الأَبطالَ صَرعى بَينَها
تَعكُفُ العِقبانُ فيها وَالرَخَم [6]