قصائد زهير بن أبي سلمى
زهير بن أبي سُلْمى ربيعة بن رباح المُزَنِي، من مُضَر (520 - 609 م) أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية، وهو أحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء وهم: امرؤ القيس وزُهير بن أبي سُلْمى والنابغة الذبياني، قيل أنه كان ينظم القصيدة في شهر، ويهذبها في سنة، فكانت قصائده تسمى الحوليات، توفي قبيل بعثة النبي محمد بسنة واحدة. [1]
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة غدت عذالتاي فقلت مهلاً
غَدَت عَذّالَتايَ فَقُلتُ مَهلاً
أَفي وَجدٍ بِسَلمى تَعذُلاني
فَقَد أَبقَت صُروفُ الدَهرِ مِنّي
عَروفَ العُرفِ تَرّاكَ الهَوانِ
وَقَد جَرَّبتُماني في أُمورٍ
يُعاشُ بِمِثلِها لَو تَعقِلانِ
مُحافَظَتي عَلى الجُلّى وَعِرضي
وَبَذلي المالَ لِلخَلِّ المُداني
وَصَبري حينَ جِدِّ الأَمرِ نَفسي
إِذا ما أُرعِدَت رِئَةُ الجَبانِ
وَحِفظي لِلأَمانَةِ وَاِصطِباري
عَلى ما كانَ مِن رَيبِ الزَمانِ
وَذَبّي عَن مَآثِرَ صالِحاتٍ
بِمالي وَالعَوارِمِ مِن لِساني
وَكَفّي عَن أَذى الجيرانِ نَفسي
وَإِعلاني لِمَن يَبغي عِلاني
وَمَولىً قَد رَعَيتُ الغَيبَ مِنهُ
وَلَو كُنتُ المُغَيَّبَ ما قَلاني
وَخَرقٍ تَهلِكُ الأَرواحُ فيهِ
بَعيدِ الغَورِ مُشتَبِهِ المِتانِ
أَفاحيصُ القَطا نَسَقٌ عَلَيهِ
كَأَنَّ فِراخَها فيهِ الأَفاني
زَجَرتُ عَلَيهِ وَالحَيّاتُ مَذلى
نَبيلَ الجَوزِ أَتلَعَ تَيَّحانِ
شَديدَ مَغارِزِ الأَضلاعِ جَلساً
عَريضَ الصَدرِ مُضطَرِبَ الجِرانِ
يُشيحُ عَلى الطَريقِ فَيَعتَليهِ
بِراكِبِهِ عَلَيهِ نَيسَبانِ
كَأَنَّ صَريفَ نابَيهِ إِذا ما
أَمَرَّهُما تَرَنُّمُ أَخطَبانِ
إِذا ما لَجَّ وَاِستَنعى ثَناهُ
مَعَ التَوقيرِ مَجدولٌ يَماني
يَكادُ وَقَد بَلَغتُ الآدَ مِنهُ
يَطيرُ الرَحلُ لَولا النِسعَتانِ
فَلَستُ بِتارِكٍ ذِكرى سُلَيمى
وَتَشبيبي بِأُختِ بَني العِدانِ
طَوالَ الدَهرِ ما اِبتَلَّت لَهاتي
وَما ثَبَتَ الخَوالِدُ مِن أَبانِ
أَفيقا بَعضَ لَومِكُما وَقولا
قَعيدَكُما بِما قَد تَعلَمانِ
فَإِنّي لا يَغولُ النَأيُ وُدّي
وَلا ما جاءَ مِن حَدَثِ الزَمانِ
وَإِنّي في الحُروبِ إِذا تَلَظَّت
أُجيبُ المُستَغيثَ إِذا دَعاني
وَجاري لَيسَ يَخشى أَن أُرَنّي
حَليلَتَهُ بِسِرٍّ أَو عِلانِ
وَيَأتيها الَّذي لا يَجتَويها
إِذا قُصِرَ السُتورُ عَلى الدُخانِ
وَهَمٍّ قَد نَفَيتُ بِأَرحَبِيٍّ
هِجانِ اللَونِ مِن سِرٍّ هِجانِ
شَديدِ الأَسرِ أَغلَبَ دَوسَرِيٍّ
زَروفِ الرِجلِ مُطَّرِدِ الجِرانِ
فَزادَكَ أَنعُماً وَخَلاكَ ذَمٌّ
إِذا أَدنَيتَ رَحلي مِن سِنانِ
فَتىً لا يَرزَأُ الخُلّانَ شَيئاً
وَلا يَبخَل بِما حَوَتِ اليَدانِ
أَبى لَكَ أَن تُسامَ الخَسفَ يَوماً
إِذا ما ضيمَ غَيرُكَ خَلَّتانِ
عَطاءٌ لا تُكَدِّرُهُ بِمَنٍّ
إِذا دَنَتِ الكَعابُ مِنَ الدُخانِ
وَقَودُكَ لِلعَدُوِّ الخَيلَ قُبّاً
مُسَوَّمَةً جَنابَكَ فَيلَقانِ
وَلا أَوِدٌ إِذا ما القَومُ جَدّوا
وَلا وَكَلٌ وَلا وِهِلُ الجَنانِ
فِدىً لَكَ والِدي وَفَدَتكَ نَفسي
وَمالِيَ إِنَّهُ مِنهُ أَتاني
فَتىً إِن جِئتُ مُرتَغِباً إِلَيهِ
قَليلَ الوَفرِ مُجتَدِياً حَباني
وَإِن ناءَت بِيَ العُدواءُ عَنهُ
فَلَم أَشهَد مُقاسَمَةً كَفاني [2]
قصيدة سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياة
سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِش
ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ
رَأَيتُ المَنايا خَبطَ عَشواءَ مَن تُصِب
تُمِتهُ وَمَن تُخطِئ يُعَمَّر فَيَهرَمِ
وَأَعلَمُ عِلمَ اليَومِ وَالأَمسِ قَبلَهُ
وَلَكِنَّني عَن عِلمِ ما في غَدٍ عَم
وَمَن لا يُصانِع في أُمورٍ كَثيرَةٍ
يُضَرَّس بِأَنيابٍ وَيوطَأ بِمَنسِمِ
وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ
عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ
وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ
يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ
ومن لا يزد عن حوضه بنفسه
يهدم ومن يخالق الناس يعلم
وَمَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلقَها
وَإن يرق أَسبابَ السَماءِ بِسُلَّمِ
وَمَن يَعصِ أَطرافَ الزُجاجِ ينلنهُ
يُطيعُ العَوالي رُكِّبَت كُلَّ لَهذَمِ
وَمَن يوفِ لا يُذمَم وَمَن يُفضِ قَلبُهُ
إِلى مُطمَئِنِّ البِرِّ لا يَتَجَمجَمِ
وَمَن يَغتَرِب يَحسِب عَدُوّاً صَديقَهُ
وَمَن لا يُكَرِّم نَفسَهُ لا يُكَرَّمِ
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ
وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
وَمَن يزل حاملاً على الناسَ نَفسَهُ
وَلا يُغنِها يَوماً مِنَ الدَهرِ يُسأَمِ [3]
قصيدة أَلا لَيتَ شِعري
أَلا لَيتَ شِعري هَل يَرى الناسُ ما أَرى
مِنَ الأَمرِ أَو يَبدو لَهُم ما بَدا لِيا
بَدا لِيَ أَنَّ اللَهَ حَقٌّ فَزادَني
إِلى الحَقِّ تَقوى اللَهِ ما كانَ بادِيا
بَدا لِيَ أَنَّ الناسَ تَفنى نُفوسُهُم
وَأَموالُهُم وَلا أَرى الدَهرَ فانِيا
وَأَنّي مَتى أَهبِط مِنَ الأَرضِ تَلعَةً
أَجِد أَثَراً قَبلي جَديداً وَعافِيا
أَراني إِذا ما بِتُّ بِتُّ عَلى هَوىً
وَأَنّي إِذا أَصبَحتُ أَصبَحتُ غادِيا
إِلى حُفرَةٍ أُهدى إِلَيها مُقيمَةٍ
يَحُثُّ إِلَيها سائِقٌ مِن وَرائِيا
كَأَنّي وَقَد خَلَّفتُ تِسعينَ حِجَّةً
خَلَعتُ بِها عَن مَنكِبَيَّ رِدائِيا
بَدا لِيَ أَنّي لَستُ مُدرِكَ ما مَضى
وَلا سابِقاً شَيئاً إِذا كانَ جائِيا
أَراني إِذا ما شِئتُ لاقَيتُ آيَةً
تُذَكِّرُني بَعضَ الَّذي كُنتُ ناسِيا
وَما إِن أَرى نَفسي تَقيها كَريهَتي
وَما إِن تَقي نَفسي كَرائِمُ مالِيا
أَلا لا أَرى عَلى الحَوادِثِ باقِيا
وَلا خالِداً إِلّا الجِبالَ الرَواسِيا
وَإِلّا السَماءَ وَالبِلادَ وَرَبَّنا
وَأَيّامَنا مَعدودَةً وَاللَيالِيا
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَهلَكَ تُبَّعاً
وَأَهلَكَ لُقمانَ بنَ عادٍ وَعادِيا
وَأَهلَكَ ذا القَرنَينِ مِن قَبلِ ما تَرى
وَفِرعَونَ جَبّاراً طَغى وَالنَجاشِيا
أَلا لا أَرى ذا إِمَّةٍ أَصبَحَت بِهِ
فَتَترُكُهُ الأَيّامُ وَهيَ كَما هِيا
أَلَم تَرَ لِلنُعمانِ كانَ بِنَجوَةٍ
مِنَ الشَرِّ لَو أَنَّ اِمرَأً كانَ ناجِيا
فَغَيَّرَ عَنهُ مُلكَ عِشرينَ حِجَّةً
مِنَ الدَهرِ يَومٌ واحِدٌ كانَ غاوِيا
فَلَم أَرَ مَسلوباً لَهُ مِثلُ مُلكِهِ
أَقَلَّ صَديقاً باذِلاً أَو مُواسِيا
فَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطي جِيادَهُ
بِأَرسانِهِنَّ وَالحِسانَ الغَوالِيا
وَأَينَ الَّذينَ كانَ يُعطيهِمُ القُرى
بِغَلّاتِهِنَّ وَالمِئينَ الغَوادِيا
وَأَينَ الَّذينَ يَحضُرونَ جِفانَهُ
إِذا قُدِّمَت أَلقَوا عَلَيها المَراسِيا
رَأَيتُهُمُ لَم يُشرِكوا بِنُفوسِهِم
مَنِيَّتَهُ لَمّا رَأَوا أَنَّها هِيا
خَلا أَنَّ حَيّاً مِن رَواحَةَ حافَظوا
وَكانوا أُناساً يَتَّقونَ المَخازِيا
فَساروا لَهُ حَتّى أَناخوا بِبابِهِ
كِرامَ المَطايا وَالهِجانَ المَتالِيا
فَقالَ لَهُم خَيراً وَأَثنى عَلَيهِمُ
وَوَدَّعَهُم وَداعَ أَن لا تَلاقِيا
وَأَجمَعَ أَمراً كانَ ما بَعدَهُ لَهُ
وَكانَ إِذا ما اِخلَولَجَ الأَمرُ ماضِيا [4]