قصائد امرؤ القيس
امرؤ القيس بن حُجر بن الحارث الكندي (500 - 540) وهو شاعر عربي ذو مكانة رفيعة، بَرز في فترةِ الجاهلية، ويُعد رأس شعراء العرب وأبرزهم في التاريخ حيث وصف بأنه أشعر الناس، وهو صاحب أشهر معلقة من المعلقات، عُرِف واشتهر بلقبه، واختلف المؤرخون حول اسمه، فقيل جندح وحندج ومليكة وعدي، وهو من قبيلة كندة، ذكر في كتب التراث العربية بألقاب عدة، منها: ذو القروح والملك الضليل، وكُني بأبي وهب، وأبي زيد، وأبي الحارث. [1]
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة لَعَمرُكَ ما قَلبي إِلى أَهلِهِ بِحُر
لَعَمرُكَ ما قَلبي إِلى أَهلِهِ بِحُر
وَلا مُقصِرٍ يَوماً فَيَأتِيَني بِقُر
أَلا إِنَّما الدَهرُ لَيالٍ وَأَعصُرِ
وَلَيسَ عَلى شَيءٍ قَويمٍ بِمُستَمِر
لَيالٍ بِذاتِ الطَلحِ عِندَ مُحَجَّرِ
أَحَبُّ إِلَينا مِن لَيالٍ عَلى أُقَر
أُغادي الصَبوحَ عِندَ هِرٍّ وَفَرتَنى
وَليداً وَهَل أَفنى شَبابِيَ غَيرُ هِر
إِذا ذُقتُ فاهاً قُلتُ طَعمُ مُدامَةٍ
مُعَتَّقَةٍ مِمّا تَجيءُ بِهِ التُجُر
هُما نَعجَتانِ مِن نِعاجِ تِبالَةِ
لَدى جُؤذَرَينِ أَو كَبَعضِ دُمى هَكِر
إِذا قامَتا تَضَوَّعَ المِسكُ مِنهُما
نَسيمَ الصَبا جاءَت بِريحٍ مِنَ القُطُر
كَأَنَّ التُجارَ أُصعِدوا بِسَبيئَةٍ
مِنَ الخِصِّ حَتّى أَنزَلوها عَلى يَسَر
فَلَمّا اِستَطابوا صُبَّ في الصَحنِ نِصفُهُ
وَشُجَّت بِماءٍ غَيرِ طَرقٍ وَلا كَدِر
بِماءِ سَحابٍ زَلَّ عَن مُتنِ صَخرَةٍ
إِلى بَطنِ أُخرى طَيِّبٍ ماؤُها خُصَر
لَعَمرُكَ ما إِن ضَرَّني وَسطَ حِميَرٍ
وَأَقوالِها إِلّا المَخيلَةُ وَالسُكُر
وَغَيرُ الشَقاءِ المُستَبينِ فَلَيتَني
أَجَرَّ لِساني يَومَ ذَلِكُمُ مُجِر
لَعَمرُكَ ما سَعدٌ بِخُلَّةِ آثِمٍ
وَلا نَأنَإٍ يَومَ الحِفاظِ وَلا حَصِر
لَعَمري لَقَومٌ قَد نَرى أَمسَ فيهِمُ
مَرابِطَ لِلأَمهارِ وَالعَكَرِ الدَثِر
أَحَبُّ إِلَينا مِن أُناسٍ بِقِنَّةٍ
يَروحُ عَلى آثارِ شائِهِمُ النَمِر
يُفاكِهُنا سَعدٌ وَيَغدو لِجَمعِنا
بِمَثنى الزِقاقِ المُترَعاتِ وَبِالجَزُر
لَعَمري لَسَعدٌ حَيثُ حَلَّت دِيارُهُ
أَحَبُّ إِلَينا مِنكَ فافَرَسٍ حَمِر
وَتَعرِفُ فيهِ مِن أَبيهِ شَمائِلاً
وَمِن خالِهِ أَو مِن يَزيدَ وَمِن حُجَر
سَماحَةَ ذا وَبِرَّ ذا وَوَفاءِ ذا
وَنائِلَ ذا إِذا صَحا وَإِذا سَكِر [2]
قصيدة حي الحمولَ بجانب العزلِ
حَيِّ الحُمولَ بِجانِبِ العَزلِ
إِذ لا يُلائِمُ شَكلَها شَكلي
ماذا يَشُقّ عَلَيكَ مِن ظَعنٍ
إِلّا صِباكَ وَقِلَّةُ العَقلِ
مَنّيتَنا بِغَدٍ وَبَعدَ غَدٍ
حَتّى بَخَلتَ كَأَسوَءِ البُخلِ
يا رُبَّ غانِيَةٍ صَرَمْتُ حِبالَها
وَمَشَيتُ مُتَّئِداً عَلى رُسلي
لا أَستَقيدُ لِمَن دَعا لِصِباً
قَسراً وَلا أَصطادُ بِالخَتلِ
وَتَنوفَةٍ حَرداءَ مُهلِكَةٍ
جاوَرتُها بِنَجائِبٍ فُتلِ
فَيَبِتنَ يَنهَسنَ الجَبوبَ بِها
وَأَبيتُ مُرتَفِقاً عَلى رَحلِ
مُتَوَسِّداً عَضباً مَضارِبُهُ
في مَتنِهِ كَمَدَبَّةِ النَملِ
يُدعى صَقيلاً وَهوَ لَيسَ لَهُ
عَهدٌ بِتَمويهٍ وَلا صَقلِ
عَفَتِ الدِيارُ فَما بِها أَهلي
وَلَوَت شُموسُ بَشاشَةَ البَذلِ
نَظَرَت إِلَيكَ بِعَينِ جازِئَةٍ
حَوراءَ حانِيَةٍ عَلى طِفلِ
فَلَها مُقَلَّدُها وَمُقلَتُها
وَلَها عَلَيهِ سَراوَةُ الفَضلِ
أَقبَلتُ مُقتَصِداً وَراجَعَني
حِلمي وَسُدِّدَ لِلتُقى فِعلي
وَاللَهُ أَنجَحُ ما طَلَبتَ بِهِ
وَالبِرُّ خَيرُ حَقيبَةِ الرَحلِ
وَمِنَ الطَريقَةِ جائِرٌ وَهُدى
قَصدُ السَبيلِ وَمِنهُ ذو دَخلِ
إِنّي لَأَصرِمُ مَن يُصارِمُني
وَأُجِدُّ وَصلَ مَنِ اِبتَغى وَصلي
وَأَخي إِخاءٍ ذي مُحافَظَةٍ
سَهلَ الخَليقَةِ ماجِدِ الأَصلِ
حُلوٍ إِذا ما جِئتُ قالَ أَلا
في الرُحبِ أَنتَ وَمَنزِلُ السَهلِ
نازَعتُهُ كَأسَ الصَبوحِ وَلَم
أَجهَل مُجِدَّةَ عِذرَةِ الرَجُلِ
إِنّي بِحَبلِكَ واصِلٌ حَبلي
وَبِريشِ نَبلِكَ رائِشٌ نَبلي
ما لَم أَجِدكَ عَلى هُدى أَثَرٍ
يَقرو مَقَصَّكَ قائِفٌ قَبلي
وَشَمائِلي ما قَد عَلِمتَ وَما
نَبَحَت كِلابُكَ طارِقاً مِثلي [3]
قصيدة جزعت ولم أجزع من البين مجزع
جَزَعتُ وَلَم أَجزَع مِنَ البَينِ مَجزَعا
وَعَزَّيتُ قَلباً بِالكَواعِبِ مولَعا
وَأَصبَحتُ وَدَّعتُ الصِبا غَيرَ أَنَّني
أُراقِبُ خُلّاتٍ مِنَ العَيشِ أَربَعا
فَمِنهُنَّ قَولي لِلنَدامى تَرَفَّقوا
يُداجونَ نَشّاجاً مِنَ الخَمرِ مُترَعا
وَمِنهُنَّ رَكضُ الخَيلِ تَرجُمُ بِالقَنا
يُبادِرنَ سِرباً آمِناً أَن يُفَزَّعا
وَمِنهُنَّ نَصُّ العيسِ وَاللَيلُ شامِلٌ
تَيَمَّمُ مَجهولاً مِنَ الأَرضِ بَلقَعا
خَوارِجَ مِن بَرِّيَّةٍ نَحوَ قَريَةٍ
يُجَدِّدنَ وَصلاً أَو يُقَرِّبنَ مَطمَعا
وَمِنهُنَّ سَوْقي الخودِ قَد بَلَّها النَّدى
تُراقِبُ مَنظومَ التَمائِمِ مُرضَعا
تَعِزُّ عَلَيها رَيبَتي وَيَسوؤُها
بُكاهُ فَتَثني الجيدَ أَن يَتَضَرَّعا
بَعَثتُ إِلَيها وَالنُجومُ طَوالِعٌ
حِذاراً عَلَيها أَن تَقومَ فَتُسمَعا
فَجاءَت قُطوفَ المَشيِ هَيّابَةَ السُرى
يُدافِعُ رُكناها كَواعِبَ أَربَعا
يُزَجِّينَها مَشيَ النَزيفِ وَقَد جَرى
صُبابُ الكَرى في مُخِّها فَتَقَطَّعا
تَقولُ وَقَد جَرَّدتُها مِن ثِيابِها
كَما رُعتَ مَكحولَ المَدامِعِ أَتلَعا
وَجَدِّكَ لَو شَيءٌ أَتانا رَسولُهُ
سِواكَ وَلَكِن لَم نَجِد لَكَ مَدفَعا
فَبِتنا تَصُدُّ الوَحشُ عَنّا كَأَنَّنا
قَتيلانِ لَم يَعلَم لَنا الناسُ مَصرَعا
تُجافي عَنِ المَأثورِ بَيني وَبَينَها
وَتُدني عَلَيَّ السابِرِيَّ المُضَلَّعا
إِذا أَخَذَتها هِزَّةُ الرَوعِ أَمسَكَت
بِمَنكِبِ مِقدامٍ عَلى الهَولِ أَروَعا [4]
قصيدة رُبَّ رامٍ مِن بَني ثُعَلٍ
رُبَّ رامٍ مِن بَني ثُعَلٍ
مُتلِجٍ كَفَّيهِ في قُتَرِه
عارِضٍ زَوراءَ مِن نَشمٍ
غَيرُ باناةٍ عَلى وَتَرِه
قَد أَتَتهُ الوَحشُ وارِدَةً
فَتَنَحّى النَزعُ في يَسَرِه
فَرَماها في فَرائِصِها
بِإِزاءِ الحَوضِ أَو عُقُرِه
بِرَهيشٍ مِن كِنانَتِهِ
كَتَلَظّي الجَمرِ في شَرَرِه
راشَهُ مِن ريشِ ناهِضَةٍ
ثُمَّ أَمهاهُ عَلى حَجَرِه
فَهوَ لا تَنمى رَمِيَّتُهُ
مالُهُ لا عُدَّ مِن نَفَرِه
مُطعِمٌ لِلصَيدِ لَيسَ لَهُ
غَيرُها كَسبٌ عَلى كِبَرِه
وَخَليلٍ قَد أُفارِقُهُ
ثُمَّ لا أَبكي عَلى أَثَرِه
وَاِبنِ عَمٍّ قَد تَرَكتُ لَهُ
صَفوَ ماءِ الحَوضِ عَن كَدَرِه
وَحَديثُ الرَكبِ يَومَ هَنا
وَحَديثٌ ما عَلى قِصَرِه
وَبنُ عَمِّ قَدْ فُجِعْتُ بِهِ
مِثْلِ ضَوْءِ البَدْرِ في غُرَرِهْ [5]