قصائد الشاعر الفرزدق
همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي - كنيته أبو فراس - ولقبه الفرزدق (20 هـ - 110 هـ)هو شاعر عربي من النبلاء الأشراف، ولد ونشأ في دولة الخلافة الراشدة في زمن عمر بن الخطاب، وبرز واشتهر في العصر الأموي وساد شعراء زمانه، وكان عظيم الأثر في اللغة، حتى قيل «لولا شعر الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب، ولولا شعره لذهب نصف أخبار الناس»، وهو صاحب الأخبار والنقائض مع جرير والأخطل، واشتهر بشعر المدح والفخرُ وَشعرُ الهجاء، وفد على عدد كبير من الخلفاء مثل: علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، توفي في البصرة. [1]
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة يا سائلي
يَا سَـائِلِي أَيْنَ حَـلَّ الجُـودُ وَالكَـرَمُ
عِنْـدِي بَـيَـانٌ إذَا طُـلاَّبُـهُ قَـدِمُـوا
هَذَا الذي تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ
وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ
هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَهِ كُلِّهِمُ
هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ
هَذَا الذي أحْمَدُ المُخْتَارُ وَالِدُهُ
صَلَّي عَلَیهِ إلَهِي مَا جَرَي القَلَمُ
لَوْ يَعْلَمُ الرُّكْنُ مَنْ قَدْ جَاءَ يَلْثِمُهُ
لَخَرَّ يَلْثِمُ مِنْهُ مَا وَطَي القَدَمُ
هَذَا علی رَسُولُ اللَهِ وَالِدُهُ
أَمْسَتْ بِنُورِ هُدَاهُ تَهْتَدِي الاُمَمُ
هَذَا الَّذِي عَمُّهُ الطَّيَّارُ جَعْفَرٌ
وَالمَقْتُولُ حَمْزَةُ لَيْثٌ حُبُّهُ قَسَمُ
هَذَا ابْنُ سَيِّدَةِ النِّسْوَانِ فَاطِمَةٍ
وَابْنُ الوَصِيِّ الَّذِي في سَيْفِهِ نِقَمُ
إذَا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا
إلَی مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الكَرَمُ
يَكَادُ يُمْسِكُهُ عِرْفَانَ راحته
رُكْنُ الحَطِيمِ إذَا مَا جَاءَ يَسْتَلِمُ
وَلَيْسَ قُولُكَ: مَنْ هَذَا؟ بِضَائِرِهِ
العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ أنْكَرْتَ وَالعَجَمُ
يُنْمَي إلَی ذَرْوَةِ العِزِّ الَّتِي قَصُرَتْ
عَنْ نَيْلِهَا عَرَبُ الإسْلاَمِ وَالعَجَمُ
يُغْضِي حَيَاءً وَيُغْضَي مِنْ مَهَابَتِهِ
فَمَا يُكَلَّمُ إلاَّ حِينَ يَبْتَسِمُ
يَنْجَابُ نُورُ الدُّجَي عَنْ نُورِ غُرِّتِهِ
كَالشَّمْسِ يَنْجَابُ عَنْ إشْرَاقِهَا الظُّلَمُ
بِكَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبِقٌ
مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ فِي عِرْنِينِهِ شَمَمُ
مَا قَالَ: لاَ قَطُّ، إلاَّ فِي تَشَهُّدِهِ
لَوْلاَ التَّشَهُّدُ كَانَتْ لاَؤهُ نَعَمُ
مُشتَقَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَهِ نَبْعَتُهُ
طَابَتْ عَنَاصِرُهُ وَالخِيمُ وَالشِّيَمُ
حَمَّالُ أثْقَالِ أَقْوَامٍ إذَا فُدِحُوا
حُلْوُ الشَّمَائِلِ تَحْلُو عِنْدَهُ نَعَمُ
إنْ قَالَ قَالَ بمِا يَهْوَي جَمِيعُهُمُ
وَإنْ تَكَلَّمَ يَوْماً زَانَهُ الكَلِمُ
هَذَا ابْنُ فَاطِمَةٍ إنْ كُنْتَ جَاهِلَهُ
بِجَدِّهِ أنبِيَاءُ اللَهِ قَدْ خُتِمُوا
اللهُ فَضَّلَهُ قِدْماً وَشَرَّفَهُ
جَرَي بِذَاكَ لَهُ فِي لَوْحِهِ القَلَمُ
مَنْ جَدُّهُ دَانَ فَضْلُ الآنْبِيَاءِ لَهُ
وَفَضْلُ أُمَّتِهِ دَانَتْ لَهَا الاُمَمُ
عَمَّ البَرِيَّةَ بِالإحْسَانِ وَانْقَشَعَتْ
عَنْهَا العِمَأيَةُ وَالإمْلاَقُ وَالظُّلَمُ
كِلْتَا يَدَيْهِ غِيَاثٌ عَمَّ نَفْعُهُمَا
يُسْتَوْكَفَانِ وَلاَ يَعْرُوهُمَا عَدَمُ
سَهْلُ الخَلِيقَةِ لاَ تُخْشَي بَوَادِرُهُ
يَزِينُهُ خَصْلَتَانِ: الحِلْمُ وَالكَرَمُ
لاَ يُخْلِفُ الوَعْدَ مَيْمُوناً نَقِيبَتُهُ
رَحْبُ الفِنَاءِ أَرِيبٌ حِينَ يُعْتَرَمُ
مِنْ مَعْشَرٍ حُبُّهُمْ دِينٌ وَبُغْضُهُمُ
كُفْرٌ وَقُرْبُهُمُ مَنْجيً وَمُعْتَصَمُ
يُسْتَدْفَعُ السُّوءُ وَالبَلْوَي بِحُبِّهِمُ
وَيُسْتَزَادُ بِهِ الإحْسَانُ وَالنِّعَمُ
مُقَدَّمٌ بَعْدَ ذِكْرِ اللَهِ ذِكْرُهُمْ
فِي كُلِّ فَرْضٍ وَمَخْتُومٌ بِهِ الكَلِمُ
إنْ عُدَّ أهْلُ التُّقَي كَانُوا أئمَّتَهُمْ
أوْ قِيلَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الارْضِ قِيلَ: هُمُ
لاَ يَسْتَطِيعُ جَوَادٌ بُعْدَ غَأيَتِهِمْ
وَلاَ يُدَانِيهِمُ قَوْمٌ وَإنْ كَرُمُوا
هُمُ الغُيُوثُ إذَا مَا أزْمَةٌ أزَمَتْ
وَالاُسْدُ أُسْدُ الشَّرَي وَالبَأْسُ مُحْتَدِمُ
يَأبَي لَهُمْ أَنْ يَحِلَّ الذَّمُّ سَاحَتَهُمْ
خِيمٌ كَرِيمٌ وَأيْدٍ بِالنَّدَي هُضُمُ
لاَ يَقْبِضُ العُسْرُ بَسْطاً مِنْ أكُفِّهِمُ
سِيَّانِ ذَلِكَ إنْ أثْرَوْا وَإنْ عَدِمُوا
أيٌّ القَبَائِلِ لَيْسَتْ فِي رَقَابِهِمُ
لاِوَّلِيَّةِ هَذَا أوْ لَهُ نِعَمُ
مَنْ يَعْرِفِ اللَهَ يَعْرِفْ أوَّلِيَّةَ ذَا
فَالدِّينُ مِنْ بَيْتِ هَذَا نَالَهُ الاُمَمُ
بُيُوتُهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ يُسْتَضَاءُ بِهَا
فِي النَّائِبَاتِ وَعِنْدَ الحُكْمِ إنْ حَكَمُوا
فَجَدُّهُ مِنْ قُرَيْشٍ فِي أُرُومَتِهَا
مُحَمَّدٌ وَعليّ بَعْدَهُ عَلَمُ
بَدرٌ له شَاهِدٌ وَالشِّعْبُ مِنْ أُحُدٍ
والخَنْدَقَانِ وَيَومُ الفَتْحِ قَدْ عَلِمُوا
وَخَيْبَرٌ وَحُنَيْنٌ يَشْهَدَانِ لَهُ
وَفِي قُرَيْضَةَ يَوْمٌ صَيْلَمٌ قَتَمُ
مَوَاطِنٌ قَدْ عَلَتْ فِي كُلِّ نائِبَةٍ
علی الصَّحَابَةِ لَمْ أَكْتُمْ كَمَا كَتَمُ [2]
قصيدة مِـنّا الَّذي اِختيرَ
مِـنّا الَّذي اِختيرَ الرِجالَ سَماحَةً
وَخَـيراً إِذا هَبَّ الرِياحُ الزَعازِعُ
وَمِنّا الَّذي أَعطى الرَسولُ عَطِيَّةً
أُسـارى تَـميمٍ وَالعُيونُ دَوامِعُ
وَمِنّا الَّذي يُعطي المِئينَ وَيَشتَري
الـغَوالي وَيَعلو فَضلُهُ مَن يُدافِعُ
وَمِـنّـا خَطيبٌ لا يُعابُ وَحامِلٌ
أَغَـرُّ إِذا اِلـتَفَّت عَلَيهِ المَجامِعُ
وَمِـنّـا الَّذي أَحيا الوَئيدَ وَغالِبٌ
وَعَـمروٌ وَمِنّا حاجِبٌ وَالأَقارِعُ
وَمِـنّا غَداةَ الرَوعِ فِتيانُ غارَةٍ
إِذا مَتَعَت تَحتَ الزُجاجِ الأَشاجِعُ
وَمِنّا الَّذي قادَ الجِيادَ عَلى الوَجا
لِـنَـجرانَ حَتّى صَبَّحَتها النَزائِعُ
أولَـئِـكَ آبـائي فَجِئني بِمِثلِهِم
إِذا جَـمَـعَتنا يا جَريرُ المَجامِعُ
نَـمَوني فَأَشرَفتُ العَلايَةَ فَوقَكُم
بُـحـورٍ وَمِـنّا حامِلونَ وَدافِعُ
بِـهِم أَعتَلي ما حَمَّلَتني مُجاشِعٌ
وَأَصـرَعُ أَقـراني الَّذينَ أُصارِعُ. [3]
قصيدة يا ابن المراغة والهجاء
يا اِبنَ المَراغَةِ وَالهِجاءُ إِذا اِلتَقَت
أَعناقُهُ وَتَماحَكَ الخَصمانِ
ما ضَرَّ تَغلِبَ وائِلٍ أَهَجَوتَها
أَم بُلتَ حَيثُ تَناطَحَ البَحرانِ
يا اِبنَ المَراغَةِ إِنَّ تَغلِبَ وائِلٍ
رَفَعوا عِناني فَوقَ كُلِّ عِنانِ
كانَ الهُذَيلُ يَقودُ كُلَّ طِمِرَّةٍ
دَهماءَ مُقرَبَةٍ وَكُلَّ حِصانِ
يَصهِلنَ بِالنَظَرِ البَعيدِ كَأَنَّما
إِرنانُها بِبَواثِنِ الأَشطانِ
يَقطَعنَ كُلَّ مَدىً بَعيدٍ غَولُهُ
خَبَبَ السِباعِ يُقَدنَ بِالأَرسانِ
وَكَأَنَّ راياتِ الهُذَيلِ إِذا بَدَت
فَوقَ الخَميسُ كَواسِرُ العِقبانِ
وَرَدوا أَرابَ بِجَحفَلٍ مِن وائِلٍ
لَجِبِ العَشِيِّ ضُبارِكِ الأَركانِ
وَيَبيتُ فيهِ مِنَ المَخافَةِ عائِذاً
أَلفٌ عَلَيهِ قَوانِسُ الأَبدانِ
تَرَكوا لِتَغلِبَ إِذ رَأَوا أَرماحَهُم
بِأَرابَ كُلَّ لَئيمَةٍ مِدرانِ
تُدمي وَتَغلِبُ يَمنَعونَ بَناتِهِم
أَقدامَهُنَّ حِجارَةُ الصَوّانِ
يَمشينَ في أَثَرِ الهُذَيلِ وَتارَةً
يُردَفنَ خَلفَ أَواخِرِ الرُكبانِ
لَولا أَناتُهُمُ وَفَضلُ حُلومِهِم
باعوا أَباكَ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
وَالحَوفَزانِ أَميرُهُم مُتَضائِلٌ
في جَمعِ تَغلِبَ ضارِبٌ بِجِرانِ
أَحبَبنَ تَغلِبَ إِذ هَبَطنَ بِلادَهُم
لَمّا سَمِنَّ وَكُنَّ غَيرَ سِمانِ
يَمشينَ بِالفَضَلاتِ وَسطَ شُروبِهِم
يَتبَعنَ كُلَّ عَقيرَةٍ وَدُخانِ
يَتَبايَعونَ إِذا اِنتَشَوا بِبَناتِكُم
عِندَ الإِيابِ بِأَوكَسِ الأَثمانِ
وَاِسأَل بِتَغلِبَ كَيفَ كانَ قَديمُها
وَقَديمُ قَومِكَ أَوَّلَ الأَزمانِ
قَومٌ هُمُ قَتَلوا اِبنَ هِندٍ عَنوَةً
عَمراً وَهُم قَسَطوا عَلى النُعمانِ
قَتَلوا الصَنائِعَ وَالمُلوكَ وَأَوقَدوا
نارَينِ قَد عَلَتا عَلى النيرانِ
لَولا فَوارِسُ تَغلِبَ اِبنَةِ وائِلٍ
نَزَلَ العَدُوُّ عَلَيكَ كُلَّ مَكانِ
حَبَسوا اِبنَ قَيصَرَ وَاِبتَنوا بِرِماحِهِم
يَومَ الكُلابِ كَأَكرَمَ البُنيانِ
وَلَقَد عَلِمتُ لِيَذرِفَن ذا بَطنِهِ
يَربوعُكُم لِمُوَقِّصِ الأَقرانِ
إِنَّ الأَراقِمَ لَن يَنالَ قَديمَها
كَلبٌ عَوى مُتَهَتِّمُ الأَسنانِ
قَومٌ إِذا وُزِنوا بِقَومٍ فُضِّلوا
مِثلَي مُوازِنِهِم عَلى الميزانِ [4]