قصائد أبو فراس الحمداني
أبو فراس الحَمْدَاني واسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الرَّبَعي (320 - 357 هـ) هو شاعر وقائد عسكري - عاصر المتنبي - وهو ابن عم سيف الدولة الحمداني أمير الدولة الحمدانية، وقد أُسِر في إحدى المعارك مع الروم، وتم تحريره بعد عام من الأسر، هذا ولم يقم أبو فراس بجمع شعره وقصائده، لكن قام ابن خالويه - الذي عاصره - بجمع قصائده. [1]
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصيدة وقوفك في الديار عليك عار
وُقوفُكَ في الدِيارِ عَلَيكَ عارُ
وَقَد رُدَّ الشَبابُ المُستَعارُ
أَبَعدَ الأَربَعينَ مُجَرَّماتٌ
تَمادٍ في الصَبابَةِ وَاِغتِرارُ
نَزَعتُ عَنِ الصِبا إِلّا بَقايا
يُحَفِّدُها عَلى الشَيبِ العُقارُ
وَقالَ الغانِياتُ سَلا غُلاماً
فَكَيفَ بِهِ وَقَد شابَ العِذارُ
وَما أَنسى الزِيارَةَ مِنكِ وَهناً
وَمَوعِدُنا مَعانٌ وَالحِيارُ
وَطالَ اللَيلُ بي وَلَرُبَّ دَهرٍ
نَعِمتُ بِهِ لَياليهِ قِصارُ
عَشِقتُ بِها عَوارِيَّ اللَيالي
أَحَقَّ الخَيلَ بِالرَكضِ المِعارُ
وَنَدماني السَريعُ إِلى لِقائي
عَلى عَجَلٍ وَأَقداحي الكِبارُ
وَكَم مِن لَيلَةٍ لَم أُروَ مِنها
حَنَنتُ لَها وَأَرَّقَني اِدِّكارُ
قَضاني الدَينَ ماطِلُهُ وَوافى
إِلَيَّ بِها الفُؤادُ المُستَطارُ
فَبِتُّ أُعَلُّ خَمراً مِن رُضابٍ
لَها سُكرٌ وَلَيسَ لَها خُمارُ
إِلى أَن رَقَّ ثَوبُ اللَيلِ عَنّا
وَقالَت قُم فَقَد بَرَدَ السُوارُ
وَوَلَّت تَسرُقُ اللَحَظاتِ نَحوي
عَلى فَرَقٍ كَما اِلتَفَتَ الصُوارُ
دَنا ذاكَ الصَباحُ فَلَستُ أَدري
أَشَوقٌ كانَ مِنهُ أَم ضِرارُ
وَقَد عادَيتُ ضَوءَ الصُبحِ حَتّى
لِطَرفي عَن مَطالِعِهِ اِزوِرارُ
وَمُضطَغِنٍ يُراوِدُ فِيَّ عَيباً
سَيَلقاهُ إِذا سُكِنَت وَبارُ
وَأَحسِبُ أَنَّهُ سَيَجُرُّ حَرباً
عَلى قَومٍ ذُنوبُهُمُ صِغارُ
كَما خَزِيَت بِراعيها نُمَيرٌ
وَجَرَّ عَلى بَني أَسَدٍ يَسارُ
وَكَم يَومٍ وَصَلتُ بِفَجرِ لَيلٍ
كَأَنَّ الرَكبَ تَحتَهُما صِدارُ
إِذا اِنحَسَرَ الظَلامُ اِمتَدَّ آلٌ
كَأَنّا دُرَّهُ وَهوَ البِحارُ
يَموجُ عَلى النَواظِرِ فَهوَ ماءٌ
وَيَلفَحُ بِالهَواجِرِ فَهوَ نارُ
إِذا ما العِزُّ أَصبَحَ في مَكانٍ
سَمَوتُ لَهُ وَإِن بَعُدَ المَزارُ
مُقامي حَيثُ لا أَهوى قَليلٌ
وَنَومي عِندَ مَن أَقلي غِرارُ
أَبَت لي هِمَّتي وَغِرارُ سَيفي
وَعَزمي وَالمَطِيَّةُ وَالقِفارُ
وَنَفسٌ لاتُجاوِرُها الدَنايا
وَعِرضٌ لايَرِفُّ عَلَيهِ عارُ
وَقَومٌ مِثلُ مَن صَحِبوا كِرامٌ
وَخَيلٌ مِثلُ مَن حَمَلَت خِيارُ
وَكَم بَلَدٍ شَتَتناهُنَّ فيهِ
ضُحىً وَعَلا مَنابِرَهُ الغُبارُ
وَخَيلٍ خَفَّ جانِبُها فَلَمّا
ذُكِرنا بَينَها نُسِيَ الفِرارُ
وَكَم مَلِكٍ نَزَعنا المُلكَ عَنهُ
وَجَبّارٍ بِها دَمُهُ جُبارُ
وَكُنَّ إِذا أَغَرنَ عَلى دِيارٍ
رَجَعنَ وَمِن طَرائِدِها الدِيارُ
فَقَد أَصبَحنَ وَالدُنيا جَميعاً
لَنا دارٌ وَمَن تَحويهِ جارُ
إِذا أَمسَت نِزارُ لَنا عَبيداً
فَإِنَ الناسَ كُلُّهُمُ نِزارُ [2]
قصيدة ايا أم الأسير
أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ بكُرْهٍ مِنْكِ، مَا لَقِيَ الأسِيرُ!
أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ تَحَيّرَ، لا يُقِيم وَلا يَسِير!
أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ إلى منْ بالفدا يأتي البشيرُ؟
أيا أمَّ الأسيرِ ، لمن تربى وقدْ متِّ ، الذوائبُ والشعورُ ؟
إذا ابنكِ سارَ في برٍ وبحرٍ فمنْ يدعو لهُ ، أو يستجيرُ ؟
حرامٌ أن يبيتَ قريرَ عينٍ ولومٌ أنْ يلمَّ بهِ السرورُ !
تَحَيّرَ، لا يُقِيم وَلا يَسِير! وَلا وَلَدٌ، لَدَيْكِ، وَلا عَشِير
و غابَ حبيبُ قلبكِ عنْ مكانٍ مَلائِكَة ُ السّمَاءِ بِهِ حُضور
لِيَبْكِكِ كُلُّ يَوْمٍ صُمتِ فيهِ مُصَابِرَة ً وَقَد حَميَ الهَجِير
لِيَبْكِكِ كُلّ لَيلٍ قُمْتِ فيهِ إلى أنْ يبتدي الفجرُ المنيرُ!
لِيَبْكِكِ كُلّ مُضْطَهَدٍ مَخُوفٍ أجرتيهِ ، وقدْ قلَّ المجيرُ !
لِيَبْكِكِ كُلّ مِسكِينٍ فَقِيرٍ أغَثْتِيهِ، وَمَا في العَظْمِ زِير
أيا أماهُ ، كمْ همٍّ طويلٍ مضى بكِ لمْ يكنْ منهُ نصيرُ ! ؟
أيا أماهُ ، كمْ سرٍّ مصونٍ بقلْبِكِ، مَاتَ لَيسَ لَه ظُهُور
أيا أماهُ ، كمْ بشرى بقربي أتَتْكِ، وَدُونَها الأجَلِ القَصِير
إلى منْ أشتكي ؟ ولمنْ أناجي إذا ضاقتْ بما فيها الصدورُ ؟
بِأيّ دُعَاءِ دَاعِيَة ٍ أُوَقّى بأيِّ ضياءِ وجهٍ أستنيرُ ؟
وَقَدْ مُتِّ، الذّوَائِب والشّعُورِ بِمَنْ يُسْتَفْتَح الأمْر العَسِير؟
نُسلَّى عنكَ : أنا عنْ قليلٍ إلى ما صرتِ في الأخرى ، نصيرُ [3]
قصيدة أنكرت حبك والدموع مقرة
أَنْــكَــرْتُ حُـبَّـكَ وَالـدُّمُـوعُ مُـقِـرَّةٌ
وَطَوَيْتُ وَجْدَكَ وَالْهَوَى فِي نَشْرِهِ
تَـبْـدُو الـدُّمُـوعُ بِـمَـا يُجِنُّ ضَمِيرُهُ
تَــتْــرَى إِلَــى وَجَــنَـاتِـهِ أَوْ نَـحْـرِهِ
مَـنْ لِـي بِـعَـطْـفَـةِ ظَـالِمٍ مِنْ شَأْنِهِ
نِـسْـيَـانُ مُـشْـتَـغِـلِ اللِّـسَانِ بِذِكْرِهِ
مَـنْ لِـي بِـرَدِّ الـدَّمْـعِ قَسْرًا وَالْهَوَى
يَـغْـدُو عَـلَـيْـهِ مُـشَـمِّـرًا فِي نَصْرِهِ
أَعْــيَــا عَــلَــيَّ أَخٌ وَثِــقْــتُ بِــوُدِّهِ
وَأَمِـنْـتُ فِي الْحَالَاتِ عُقْبَى غَدْرِهِ
وَخَـبَـرْتُ هَـذَا الـدَّهْـرَ خِـبْـرَةَ نَاقِدٍ
حَــتَّــى أَنِـسْـتُ بِـخَـيْـرِهِ وَبِـشَـرِّهِ
لَا أَشْـتَـرِي بَـعْـدَ الـتَّـجَـرُّبِ صَاحِبًا
إِلَّا وَدِدْتُ بِـــأَنَّـــنِـــي لَـــمْ أَشْـــرِهِ
وَيَـجِـيءُ طَـوْرًا ضُـرُّهُ فِـي نَـفْـعِـهِ
جَــهْــلًا وَطَـوْرًا نَـفْـعُـهُ فِـي ضُـرِّهِ
فَـصَـبَـرْتُ لَـمْ أَقْـطَـعْ حِبَالَ وِدَادِهِ
وَسَـتَـرْتُ مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُ بِسَتْرِهِ
وَأَخٍ أَطَـعْـتُ فَـمَـا رَأَى لِي طَاعَتِي
حَـتَّـى خَـرَجْـتُ بِـأَمْـرِهِ عَـنْ أَمْـرِهِ
وَتَـرَكْـتُ حُـلْوَ الْعَيْشِ لَمْ أَحْفِلْ بِهِ
لَـــمَّـــا رَأَيْـــتُ أَعَـــزَّهُ فِـــي مُــرِّهِ
وَالْـمَـرْءُ لَـيْـسَ بِـغَـانِـمٍ فِـي أَرْضِهِ
كَـالـصَّـقْـرِ لَـيْـسَ بِصَائِدٍ فِي وَكْرِهِ
أَنْـفِـقْ مِـنَ الـصَّـبْـرِ الْـجَـمِيلِ فَإِنَّهُ
لَـمْ يَـخْـشَ فَـقْـرًا مُنْفِقٌ مِنْ صَبْرِهِ
وَاحْـلُمْ وَإِنْ سَفِهَ الْجَلِيسُ فَقُلْ لَهُ
حُـسْـنَ الْـمَـقَـالِ إِذَا أَتَـاكَ بِـهُـجْـرِهِ
فَــأَحَــبُّ إِخْــوَانِــي إِلَـيَّ أَبَـشُّـهُـمْ
بِــصَــدِيــقِـهِ فِـي سِـرِّهِ أَوْ جَـهْـرِهِ
لَا خَـيْـرَ فِـي بِـرِّ الْـفَتَى مَا لَمْ يَكُنْ
أَصْـفَـى مَـشَـارِبِ بِـرِّهِ فِـي بِـشْـرِهِ
أَلْـقَـى الْـفَـتَـى فَأُرِيدُ فَائِضَ بِشْرِهِ
وَأَجَــلُّ أَنْ أَرْضَــى بِــفَـائِـضِ بِـرِّهِ
يَـا رُبَّ مُـضْـطَـغِـنِ الْـفُـؤَادِ لَـقِـيتُهُ
بِـطَـلَاقَـةٍ تُـنْـبِـيـكَ مَـا فِـي صَدْرِهِ [4]