فيلم "العائد The Revenant" من أشهر الروايات إلى أهم أفلام هوليود
بطل القصة الحقيقة لفيلم العائد
ما المقصود بعنوان الفيلم (Revenant)؟
فيلم العائد (The Revenant) الذي حطم شباك التذاكر حول العالم قبل عام؛ بتحصيله أكثر من 530 مليون دولار أميركي، وشغل معظم وسائل الإعلام بعد فوزه بثلاثة جوائز غولدن غلوب عن أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل، مكتسحاً أهم جائزة في تاريخ السينما؛ (جائزة الاوسكار) بـ 3 انتصارات عن أفضل إخراج وأفضل تصوير وأفضل ممثل لصالح ليونارد ديكابريو (Leonardo Di Caprio) لأدائه شخصية "هيو غلاس" (Hugh Glass) التي يتمحور حولها الفيلم، وهي جائزة الأوسكار الوحيدة التي فاز بها دي كابريو خلال مسيرته المفعمة بالنجاحات والترشيحات.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
تم اقتباس أحداث فيلم العائد عن القصة الحقيقة لصائد الفراء "هيو غلاس"، الذي تعرض لهجوم غادر من قبل دب أشهب مما تسبب له بجراحٍ دامية و عظام مكسرة داخل جسده، الأمر الذي جعل رفاقه يتخلون عنه ويدعونه يواجه الموت وحيداً، إلا أن غلاس قاوم الموت وغلبه وزحف لعدة أميال حتى وصل برّ الأمان و تعافى من جراحه.
الفيلم ينجح بإبراز الترنيمة السينمائية لوحشية الإنسان والطبيعة، لذلك يعد من أشهر أفلام السيرة الذاتية خلال الأعوام الماضية، وعلى الرغم من أن "غلاس" بطل القصة الحقيقي كان يجيد القراءة والكتابة، إلا أنه حقيقةً لم يكتب قصته بيديه، فقد نشرت القصة لأول مره في عام 1825 ومنذ ذلك الحين أعيد صياغتها وزخرفتها، حتى نُشرت أخيراً في عام 2002 كرواية من تأليف مايكل بنك (Michael Punke)، حيث اعتمد على هذا التأليف جزئياً كل من مارك سميث (Mark L. Smith) و غونزاليس ايناريتو (Alejandro González Iñárritu) في كتابة سيناريو الفلم.
ولكن هل تساءلت ما الفرق بين الفيلم والقصة الحقيقة المقتبس عنها، رافقنا إذاً خلال السطور التالية لنبين لك النقاط الأساسية التي وردت في الفيلم والفرق بينها وبين القصة الحقيقة.
من هو "هيو غلاس"؟
ولد هيو غلاس في ولاية بنسلفانيا (Pennsylvania) في الولايات المتحدة الأميركية لأبوين أيرلنديين حوالي العام 1783، وقد سلبت قصته اهتمام العامة في العام 1825، عندما قامت مجلة فيلاديلفيا الأدبية بالكتابة عن رحلة غلاس للنجاة من الموت بعد تعرضه لهجمة من دب أشهب، وزحفه أميالاً ليصل إلى بر الأمان، حيث كان غلاس يعيش متنقلاً في البرية ويعتمد في معيشته على جمع الفراء.
ما المقصود بعنوان الفيلم (Revenant)؟
المصطلح الإنجليزي (Revenant) يُترجم إلى العربية بكلمة (العائد)، و يعني بشكل أدق روح المتوفى التي تعود إلى الحياة لترعب الأحياء، وقصة الفيلم لها علاقة وثيقة بتلك التسمية فبطل الفيلم هوغو غلاس (ليوناردو ديكابريو) ينجو من هجوم دب ويزحف من قبر ضحل ويعود _مجازياً_ إلى الحياة لينتقم ممن قتل ابنه وتركه للموت وحيداً.
هيو غلاس.. صائد فراء بالفعل ولكن ..!!!
أحد الحقائق المؤكدة عن هيو غلاس هي أن غلاس كان بالفعل صائد فراء وأنه سجل في العام 1823 لرحلة جمع فراء في البرية، وقد تعرض بالتأكيد لهجوم من قبل دب أشهب في أب/أغسطس من العام 1823، لكن في الفيلم يقوم الدب بمهاجمة دي كابريو والقفز على ظهره وعندما يتظاهر بالموت، يقوم الدب بتحريكه فيطلق دي كابريو أثناء ذلك النار على الدب ومن ثم يطعنه في رقبته، وكان الدب قد قام بانتزاع فروة رأس دي كابريو وكسر ساقه وثقب حنجرته، وعلى الرغم من أن غلاس في القصة الحقيقة قد تعرض لهجوم من قبل دب أشهب إلا أن التفاصيل الدقيقة المتعلقة بتلك المواجهة غير معلومة، وما قامت به هوليود من خلال تصوير تفاصيل المواجهة في الفيلم؛ هو محض تصور غير قائم على حقائق تاريخية.
غلاس في سطور مجلة فيلادلفيا.. وأفلام متعددة للقصة
لا يوجد أي وثائق معروفة تحكي قصة غلاس مكتوبة بخط يده، ولكن من المعلوم أن غلاس كان يجيد الكتابة والقراءة بسبب رسالة مكتوبة بخط يده قام بإرسالها لأبويه، وقد ظهرت قصة غلاس للمرة الأولى في العام 1825 في مجلة فيلادلفيا الأدبية (Philadelphia literary journal) وقد كتبت القصة آنذاك بقلم محامي محلي وحققت نجاحاً كبيراً وسرعان ما انتشرت في شتى أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية.
كما اهتمت العديد من المطبوعات كالصحف والمجلات بتغطية أحداث القصة والكتابة عنها، فكُتبت قصيدة ملحمية لتلك القصة باسم "أغنية هيو غلاس" (The Song of Hugh Glass) ونُشرت العديد من الكتب حول تلك القصة، كما أن فيلم العائد لم يكن أول فيلم تناول قصة غلاس، حيث أُنتج فيلم رجل في البرية (Man in the Wilderness) في العام 1970 وقد تناول قصة غلاس أيضاً.
هل تُرك غلاس وحيداً ليلاقي الموت؟
نعم، بعد أن تعرض غلاس للهجوم من قبل الدب الأشهب وأضحى ينازع الموت، قرر قائد فريق غلاس أن يدفع المال لاثنين من رجال الفريق ليبقيا برفقة غلاس لحين وفاته و يقدما له دفناً لائقاً بعد ذلك، و الرجلين هما جون فيتزجيرالد (John Fitzgerald) والذي لعب دوره في الفيلم الممثل توم هاردي (Tom Hardy)، والرجل الأصغر سناً جيم بريدجر (Jim Bridger) والذي لعب دوره الممثل ويل بولتر (Will Poulter) وقد بقي مع غلاس لعدة أيام.
في الفيلم قام جون فيتزجيرالد (الممثل توم هاردي) بقتل ابن غلاس وإقناع الرجل الآخر جيم بريدجر (الممثل ويل بولتر) بأن الهنود الحمر على وشك مهاجمتهما وأن عليهما ترك غلاس والنجاة بحياتهما، فيقوم الاثنان بالهرب ويتركان غلاس ليلقى مصيره وحيداً، أما في القصة الحقيقة، فقد قام صديقي غلاس بجره إلى قبرٍ ضحل بعد أن جمعا أسلحته ومن ثم تابعا المسير للحاق بالحملة.
الشتاء والصيف بين القصة الحقيقة والفيلم
على الرغم من أن الجو المثلج لا يكاد يغيب عن أي لقطة من لقطات الفيلم، كما أن معاناة دي كابريو في الفيلم مع الطقس المثلج وبرودة الجو، احتلت مكاناً مهماً من تلك التراجيديا، إلا أن القصة الحقيقية قد جرت في طقس دافئ وتحديداً في أواخر الصيف بين شهري أغسطس/أب وأكتوبر/تشرين الأول.
ابن غلاس حقيقة أم خيال ؟!
تحتل رحلة الانتقام ممن قتلوا ابن هيو غلاس (دي كابريو)؛ حيزاً مهماً من دراما الفيلم، حيث يقوم فيتزجيرالد (توم هاردلي) بقتل ابن غلاس أمام ناظريه، بينما نجد أن القصة الحقيقة لا تحوي أي دليل على وجود ابن لـ هيو غلاس، كما أن هوليود لم تكتفِ بإضافة شخصية الابن بل أضافت لها لمسات درامية أخرى، حيث جعلت ملامحه من ملامح الهنود الحمر التي اكتسبها من أمه التي تنتسب للهنود الحمر، زوجة غلاس (حسب رواية الفيلم)، وهذه الأصول الهندية عرضت غلاس وابنه للعديد من المضايقات من قبل مجموعة غلاس وخاصة بعد الهجوم الذي تعرضوا له من قبل الهنود الحمر في الفيلم.
طول المسافة التي زحفها غلاس
كما تقول القصة فإن غلاس زحف لستة أسابيع متتالية لمسافة تتراوح بين 80 ميل/128كم إلى 200 ميل/320 كم، ولا يمكن التأكد من دقة تلك الأرقام وحقيقتها، فالقصة الحقيقية تبقى غامضة حيال ذلك الموضوع.
هل حصل غلاس على انتقامه؟
كلا، تمكن غلاس في القصة الحقيقية من الإمساك برفيقيه الذين تركوه ليلاقي الموت وحيداً، لكنه وعلى عكس ما ورد في الفيلم فقد سامح الرجلين بدلاً من الانتقام الدموي الذي صاغه الفيلم، كما تجدر الإشارة هنا إلى أن غلاس لم يكن لديه ابن في القصة الحقيقية وبالتالي فإن مسامحته لرفيقيه الذين تركوه يلاقي مصيره وحيداً كانت أسهل لأنهما لم يقتلا ابنه في الواقع.
كيف كانت حياة غلاس بعد نجاته من هجوم الدب ووصوله إلى بر الأمان؟
على الرغم من الشهرة التي حصل عليها غلاس بعد انتشار قصته في شتى أنحاء الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن حياة غلاس بعد نجاته من محنته غير معلومة بشكل كبير ودقيق، فالمعلوم أنه عاود العمل كصياد في منطقة مصب نهر يلو ستون (Yellowstone River)، وانتهت حياة غلاس في عام 1833 بعد عدة سنوات من نجاته من هجوم الدب الذي اشتهر بها، وقد قُتل على يد مجموعة من الهنود الحمر أثناء قطعه لأحد الأنهار المتجمدة برفقة صديقين له، فقام سكان أميركا الأصليين بقتله وسلخ فروة رأسه لتنتهي بذلك حياته وتعيش أسطورته إلى الأبد.