فوائد البكتيريا
يمكن القول، إن غياب البكتيريا يعني انتهاء الحياة على وجه الأرض! وقد يكون ذلك صادماً للكثيرين، لكن هذه هي الحقيقة؛ لذا نُسلط الضوء في هذا المقال على فوائد البكتيريا للإنسان والأطفال والبيئة، كما نتطرق إلى استخدامات البكتيريا في صنع الغذاء.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فوائد البكتيريا النافعة:
لا شك أن مُسمّى البكتيريا النافعة يُوحي بمدى أهمّيتها في الجسم والحفاظ على الصحة؛ لذا نذكر لكِ فيما يلي أبرز فوائد البكتيريا النافعة:
- تحسين هضم اللاكتوز (سكر الحليب)، إذ إن حوالي 70٪ من سكان العالم أجسامهم لا تُنتج اللاكتاز، وهو إنزيم ضروري لهضم اللاكتوز، ومع ذلك، غالباً ما يبقى عدم تحمل اللاكتوز غير مشخص لدى الكثير من الأفراد حول العالم، لكنه يمكن أن يتسبب بمشاكل صحية كبيرة، خصوصاً في الأمعاء، ومن الجدير بالذكر، أن ما يقارب 10% من مرضى القولون العصبي قد يعانون من عدم تحمل اللاكتوز غير المشخص، وهنا يأتي دور البكتيريا الجيدة التي توجد بنسب مرتفعة في منتجات الألبان المُخمّرة؛ مثل لبن الكفير، والتي تعمل على تحسين تحمّل اللاكتوز؛ نظراً لقدرتها على إنتاج اللاكتاز الذي يساعد في هضم اللاكتوز وتقليل الأعراض التي قد تظهر مع حالة عدم تحمل اللاكتوز؛ مثل النفخة والغازات والإسهال.
- الوقاية من سرطان الأمعاء، إذ يُعتقد أن بعض الإنزيمات الميكروبيّة تُحفز إفراز المركبات المُسببة للسرطان في الجسم، كما أن النظام الغذائي الغربي الغني بالبروتين الحيواني والقليل بالألياف الغذائية قد يرفع من نشاط هذه الإنزيمات الضارة، فيما أظهرت مجموعة من التجارب البشرية قدرة البكتيريا النافعة على تخفيض نشاط هذه الإنزيمات بشكلٍ كبير.
- الحد من التهابات المسالك البولية المتكررة، والتي عادةً ما تكون شائعة لدى النساء؛ بسبب انخفاض مستويات بكتيريا العصيات اللبنية الودية وزيادة نمو البكتيريا غير الجيدة أو الضارة، وقد أظهرت الدراسات أن البروبيوتيك (مكملات غذائية تحتوي على بكتيريا نافعة) مفيدة في الوقاية من عدوى المسالك البولية عند الإناث.
- تحسين الحالة المزاجية ووظائف الدماغ، فمن المعروف أن هناك علاقة مباشرة بين اضطرابات الجهاز الهضمي مثل القولون العصبي والمشاكل النفسية مثل القلق والاكتئاب، فيما أظهرت نتائج دراسة أُجريت في العام 2018، أن زيادة تنوّع بكتيريا الأمعاء قد يُسهم في تحسين الحالة المزاجية.
- موازنة مستوى السكر في الدم وتحسين تعامل الجسم مع انخفاض نسبة السكر في الدم، بما يدعم الحفاظ على طاقة الجسم وبقائه مُتزناً. وبذلك نكون قد أجبنا على التساؤل الذي يدور في أذهان الكثيرين ومفادُه: ما هي فوائد البكتيريا؟ [1]
فوائد البكتيريا للإنسان:
تُعتبر بعض أنواع البكتيريا مفيدةً للإنسان؛ بما في ذلك البكتيريا الموجودة في الأمعاء أو الجهاز الهضمي والتي تساعد بدورها على تكسير الطعام والحفاظ على الصحة العامة للإنسان، وكذلك البكتيريا التي تعيش في الجهاز التنفسي أيضاً، والتي تعمل مع بكتيريا الجهاز الهضمي على ضبط المناعة وموازنتها.
وكذلك فإن البكتيريا النافعة يمكن أن تُنتج الأكسجين، كما تدخل في صناعة المضادات الحيوية وإنتاج الغذاء، خصوصاً اللبن الزبادي وغيره من الأطعمة المُخمّرة.
وإلى جانب ذلك، تُسهم البكتيريا في القيام بمهام تكون الخلايا غير مُجهّزة لأدائها؛ مثل تكسير الكربوهيدرات (السكريات) والسموم، كما أنها تساعد على امتصاص الأحماض الدهنية التي تحتاجها الخلايا لتنمو.
وتعمل البكتيريا على حماية خلايا الأمعاء من غزو مُسببات الأمراض، كما تُعزز عمليات إصلاح الأنسجة التالفة، والأهم من ذلك، أن وجود البكتيريا الجيدة في الجسم لا يترك للبكتيريا السيئة فرصةً للنمو والتسبب بالأمراض، وهذه النقطة من أهم فوائد البكتيريا للإنسان.
وحول فوائد البكتيريا للمعدة، لا بد من الإشارة إلى أن عسر الهضم ذو علاقة وثيقة بنقص البكتيريا النافعة في الأمعاء، فاختلال الاتساق بين البكتيريا الجيدة والسيئة في الأمعاء يؤدي إلى نقص البكتيريا النافعة، وبالتالي عدم الاتزان الكيميائي في الجهاز الهضمي وظهور أعراض؛ مثل اضطراب المعدة وتقلّصاتها، عسر الهضم والإمساك، الإسهال؛ لذا فإن اضطراب المعدة غالباً ما يرتبط بالاختلال البكتيري في الأمعاء.
وبالإضافة إلى ذلك، يعتمد النظام البيئي في عمله على البكتيريا، فهي تقوم بتفكيك المواد الميّتة في البيئة؛ مثل الأوراق الميتة، وإطلاق ثاني أكسيد الكربون والمواد المغذية؛ حتى تتمكّن النباتات من النمو، فبدون إطلاق ثاني أكسيد الكربون، لن تتنفس النباتات وتنمو. [2] [3] [6]
فوائد البكتيريا للأطفال:
كما ذكرنا آنفاً، فإن البكتيريا مفيدة للإنسان إجمالاً من فئة الكبار والصغار؛ لذا فإن هناك العديد من فوائد البكتيريا للأطفال، لا سيما وأن البروبيوتيك- وهي مكملات غذائية تحتوي على سلالات حيّة من البكتيريا الصحية- تُعتبر مفيدة جداً للأطفال، فهي قد تساعد في:
- تحسين عملية الهضم.
- علاج التهابات الأمعاء.
- تحسين أعراض متلازمة القولون العصبي.
- علاج الإمساك.
- الوقاية من الأمراض المعدية؛ بما في ذلك الإسهال المعدي.
- الحفاظ على وزن صحي للجسم.
ملاحظة:
- استفادة الطفل من البروبيوتيك تعتمد على احتواء هذه المكملات على سلالات البكتيريا المناسبة لأمعاء الطفل؛ لذا قد لا يحصل جميع الأطفال على الفوائد المرجوّة من تناول البروبيوتيك.
تحذير:
- يتساءل العديد من الأمهات حول فوائد البكتيريا للرضع وإمكانية إعطائها لهم، وهنا لا بد من التشديد على ضرورة تجنب إعطاء البروبيوتيك للطفل قبل إكمال عامه الأول، وحتى اللحظة، لا توجد بيانات كافية عن أمان البروبيوتيك بالنسبة للأطفال الرضع.
- يجب استشارة الطبيب قبل إعطاء الطفل هذه المكملات الغذائية، خصوصاً مَن لديهم أجهزة في أجسادهم؛ تجنباً لأي مضاعفات صحية. [4]
فوائد البكتيريا في البيئة:
تلعب البكتيريا دوراً مهماً في عمل النظام البيئي بالشكل الصحيح، على عكس الصورة الشائعة عن البكتيريا على أنها دائماً ضارة لأجسامنا وبيئتنا الطبيعية، لكنها كائنات أساسية لاستمرار الحياة على الأرض.
إذ تساعد البكتيريا على تحلّل الحيوانات والنباتات الميّتة في التربة وإعادة العناصر الغذائية القيّمة إلى الأرض، كما تُسهم في تنظيف الملوّثات الضارة للبيئة في عملية تُسمى بـ"المعالجة البيولوجية"، وهذه واحدة من أبرز فوائد البكتيريا في البيئة.
وبما أن البكتيريا تسود الكائنات الحية الموجودة في التربة، فهي تُعد جزءاً ضرورياً من المُغذيات أو الدورات الكيميائية الجيولوجيّة الحيوية التي يتم خلالها إعادة تدوير عناصر الكربون والنيتروجين والكبريت والفوسفور بين الكائنات الحية والبيئة، ولكن بدون هذه الدورات لن يحدث أي تبادل للعناصر التي تُشكل "العمود الفقري" للبروتينات والدهون والسكريات، وبالتالي لن تكون هناك حياةٌ على الأرض!
وإلى جانب ذلك، تُعتبر البكتيريا بمثابة مستشعرات حيوية يمكنها التنبؤ بأماكن الملوثات في البيئة في غضون بضع دقائق، فقد صمّم العلماء أجهزة استشعار حيوية، وهي عبارة عن بكتيريا مُعدّلة وراثياً قادرة على تحديد مواقع الملوثات، علماً أن بعض البكتيريا تُطلق الضوء عندما تُصادف مادة كيميائية سامة.
كما تعمل البكتيريا كمكافح للتلوث والعناصر والمواد التي تُشكّل مخاطر صحية وبيئية كبيرة؛ بما في ذلك المعادن الثقيلة المُتأتّية من الصناعة، والمواد الكيميائية العضوية الاصطناعية السامة، والتي تدخل في الهواء والماء والتربة وتكون شديدة المقاومة لعمليات التحلّل الطبيعية، فيما تستعمل المعالجة البيولوجية بكتيريا معينة لديها القدرة على هضم المواد السامة وتحويلها إلى مواد أقل ضرراً على الصحة والبيئة، علماً أن المعالجة البيولوجية غالباً ما تكون أقل كلفة وأقل كثافة في العمالة مقارنةً بالتقنيات الأخرى التقليدية.
وكذلك فإن بعض أنواع البكتيريا تُستخدم في تنظيف انسكاب الزيت في الماء، وبعضها يُستعمل في تنظيف المواقع الملوثة بالمواد المُشعّة؛ لذا فإن البكتيريا الجيدة هي بمثابة مُنظفات أساسية للتخلص من النفايات السامة، وبدونها يمكن أن تتحول العديد من الحوادث الطبيعية في البيئة إلى "كوارث". [5]
فوائد البكتيريا في الغذاء:
تلعب البكتيريا دوراً أساسياً في إعادة تدوير العناصر الغذائية؛ مثل عملية تثبيت النيتروجين من الغلاف الجوي في التربة.
كما أن أبرز فوائد البكتيريا في الغذاء يكمن في استعمالها الشائع لإنتاج أصنافٍ متنوعة من منتجات الألبان والمنتجات الغذائية بشكلٍ عام، علماً أن أهم أنواع البكتيريا التي تدخل في تصنيع الغذاء هي بكتيريا اللاكتيك "Lactobacillus".
وتجدر الإشارة إلى أن الطبيعة تستخدم الكائنات الحيّة الدقيقة لإتمام عمليات التخمير، وعلى مر آلاف السنين الماضية، استخدم الإنسان البكتيريا والعفن والخمائر في تحضير مجموعةٍ كبيرة من المنتجات الغذائية؛ مثل الخبز والزبادي والجبنة والخل، واللحوم والأسماك والخضروات المُخمّرة، بالإضافة إلى النبيذ.
وتُعتبر عملية التخمير إحدى أقدم تقنيات التحوّل والحفاظ على صلاحية الأغذية للاستهلاك، علماً أن هذه العملية البيولوجية لا تعمل على حفظ الطعام فحسب، بل إنها تُسهم في تحسين صفاته الغذائية والحسّية (الصفات المتعلقة بالطعم والرائحة والملمس والشكل). [7]
إن البكتيريا النافعة مهمة جداً لاستمرار حياة الإنسان وتمتّعه بصحةٍ جيدة؛ لذا فهي أساسية وضرورية لمنع ظهور البكتيريا الضارة ونموّها، وبالتالي الوقاية من الكثير من الأمراض التي يمكن أن تُصيب الإنسان وكذلك الحيوان والبيئة.