فن التعامل مع الزوجة
إن فن التعامل مع الزوجة في الإسلام قائمٌ على المودة والرحمة بالدرجة الأولى، كما أن الشريعة الإسلامية بيّنت أساسيات بناء العلاقة الزوجية الصحيحة التي تضمن استمرارها مهما كانت الظروف؛ لذا نقدم لك في هذا المقال فن التعامل مع الزوجة وفقا للشريعة الإسلامية، سواءً كانت زوجتك متقلّبة المزاج أو عنيدة أو نكدية أو عصبية أو حتى متسلطة...
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فن التعامل مع الزوجة في الإسلام:
أمر الله- تعالى- عباده بالوفاء بالعقود بأنواعها كافة، ولعل أغلظ العقود وآكدها هو عقد النكاح الذي يتوجب على الزوجين الوفاء به عن طريق أداء الحقوق بينهما، وهذه الحقوق تختلف حسب من تُنسب إليه (الزوجة أو الزوج).
وفي سياق حديثنا عن فن التعامل مع الزوجة في الإسلام، سوف نتطرق إلى حقوق الزوجة على زوجها؛ كي تعرفها حق المعرفة، وتبني عليها علاقتك مع زوجتك، بعد أن تسعى جاهداً لتلبية هذه الحقوق، إرضاءً لله- عز وجل-:
- المهر هو أحد حقوق المرأة على الرجل، ولا يجوز للزوج أن يأخذ شيئاً من مهرها إلا برضاها وطيب نفسها.
- النفقة على الزوجة.
- المبيت عند الزوجة.
- إعفاف الزوجة، وذلك بأن يطأها زوجها، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن الزوج يجب عليه أن يطأ زوجته، كما ذهب جمهور الفقهاء إلى أن عزل الزوج عن زوجته الحرة بلا إذنٍ منها غير جائز.
- القسم بالعدل بين الزوجات، وذلك في حال كان للزوج أكثر من زوجة.
أما الحقوق المشتركة بين الزوجين، فهي كما يلي:
- المعاشرة بالمعروف.
- ستر العيوب.
- حفظ الأسرار.
- الصبر على الزلّات.
- الاستمتاع، وذلك بأن يستمتع كلٌّ من الزوجين بالآخر.
- الإرث، إذ إن الزوج يرث زوجته عند وفاتها، وكذلك الزوجة ترث زوجها عند وفاته. [1]
وبشكلٍ عام، فإن الأصل في معاشرة الرجل لزوجته أن تكون بالمعروف، والمودة والرحمة، وليست بالتنافس والتضاد، كما ينبغي عليك أن تعامل زوجتك على أساس الحق والصواب في كل أمور الحياة.
واعلم أن المرأة خُلقت وفيها عوجٌ لازمٌ لها، ولا سبيل لتمام تقويمه، فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبتَ تُقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء". رواه البخاري.
إلا أن هذه الطبيعة التي تختصّ بها المرأة لا تسوّغ للرجل أن يحقرها أو يُقصّر بواجباته تجاهها ويستخفّ بحقوقها، بل إن الشرع ذكر هذه الطبيعة في المرأة لحكمٍ عظيمة، في مقدمتها تحفيز الرجل على المزيد من الصبر والحلم في تعامله مع النساء، والتغاضي عما يزعجه منهنّ ما أمكن ذلك. [2]
فن التعامل مع الزوجة المزاجية:
إذا كنت زوجتك بطبيعتها مُتقلّبة المزاج، ولا تبدو بمزاجٍ جيد في كثيرٍ من الأحيان، فلا يعني ذلك أن تذهب لطلاقها؛ لأن هذا الأمر يمكن معالجته والتعامل معه، خصوصاً إذا عرفت الأسباب الكامنة وراء هذا التغير المزاجي وفيما إذا كانت زوجتك تعاني من حالةٍ صحية أو ظرفٍ اجتماعي سبّب لها ذلك.
ولكن إن كانت هذه طبيعة زوجتك، وليس الأمر مستجداً أو ناجماً عن ظرفٍ ما، فإليك أُسُس فن التعامل مع الزوجة المزاجية:
- تجنّب النظر إلى زوجتك بعين السخط، واحذر ذلك؛ لأن عين السخط تُبدي المساوئ، وعليك أن تنظر إليها بعين الرضى والإنصاف، فعن النبي- صلى الله عليه وسلم-، قال: "لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر". رواه مسلم.
- حاول أن تصبر على تصرفات زوجتك قدر الإمكان.
- توجّه لزوجتك بالنصح والإرشاد بأسلوبٍ حسن، ووضّح لها واجباتك عليها، وبَيّن لها كيف ستنعكس تلبيتها لمتطلباتك وحقوقك على علاقتكما الزوجية واستقرارها وتقويتها. [3]
فن التعامل مع الزوجة العنيدة:
إن الرجل المُتّزن والناضج يعي أن بإمكانه إصلاح حال بيته ما دام الأمر مقدوراً عليه، خصوصاً إذا كانت المشكلة تتمحور حول سمات شخصية لدى الزوجة؛ لأن الرجل الذكي عاطفياً واجتماعياً يعرف كيف يحتوي زوجته ويحافظ على أسرته وعلاقته الزوجية على المدى البعيد؛ لذا ثِق بأنك قادر على إصلاح حال بيتك- بإذن الله تعالى-، ولعل أبرز أساسيات فن التعامل مع الزوجة العنيدة ما يلي:
- تمتّع بثقافة التنازل والتغاضي عن الزلّات قدر المستطاع، واحذر مقابلة العناد بالعناد، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى توتر العلاقة الزوجية بينكما.
- اعطف على زوجتك واحتويها في المواقف التي تحتاج خلالها إلى الحب والأمان.
- احرص على التعبير عن مشاعر الحب تجاه زوجتك، فإشباع العواطف من أهم الحاجات التي تطلبها المرأة في علاقتها الزوجية، ولكن إذا غاب الحب غاب الانسجام، بينما إذا عاملتها بعواطف دافئة حتماً سيؤدي ذلك إلى تحسن العلاقة بينكما لدرجةٍ كبيرة.
فن التعامل مع الزوجة النكدية:
قد يصف الكثير من الرجال زوجاتهم بأنهن "نكديّات"، وهذا سائد في وطننا العربي، لكنك إن بحثت عن فن التعامل مع الزوجة النكدية فهذا أكبر دليلٍ على اختلافك عن أولئك الرجال، بأنك إيجابي في نظرتكِ للحياة، ومتميزٌ بالبحث عن الحلول لا الشكوى والتذمر وإلقاء اللوم على الآخر؛ لذا إليكِ مجموعةٌ ذهبية من النصائح التي تُساعدك في التعامل مع زوجتك وتمتين العلاقة بينكما:
- إذا لاحظت موقفاً أو تصرّفاً نكدياً من زوجتك، فاهدأ أولاً وحاول غض النظر عنه بالانشغال بالتفكير بأمرٍ آخر، حتى لا تغضب مما جرى ويؤدي ذلك إلى تأجيج الخلافات بينكما.
- تفهّم زوجتك، خصوصاً في فترة الحيض أو الحمل؛ لأن النساء لهن طبيعةٌ خاصة تؤدي إلى تقلب مزاجهنّ بسرعة نتيجةً لتغير مستوى الهرمونات الأنثوية في أجسادهنّ.
- حاول معرفة السبب حول "نكد" زوجتك، فربما حصل لها موقفٌ ما أو أنها تمر بحالةٍ خاصة خلال فترةٍ معينة أو أنها تُقارن ذاتها بمعيشة صديقاتها والآخرين الذين هم أرفع منها بالمستوى الاجتماعي؛ لذا كُن مقرباً منها وابحث عن السبب لتَقْضِيا عليه معاً.
- التَفِت إلى المسؤوليات التي تقع على عاتق زوجتك، فقد يكون السبب وراء نكدها هو ضغوط الحياة؛ لذا حاول أن تساعدها في شؤون الأسرة وتربية الأولاد، وامنحها قسطاً من الراحة لبضعة أيام بين الحين والآخر.
- اصبر على زوجتك، وتصرّف بحكمة تليق بوعيك ونضجك ورزانتك؛ حتى تصل في النهاية إلى الحل الأنسب لهذه المعضلة.
- حاوِر زوجتك بهدوء وتفاهم، وحاول مناقشة الأمر معها عندما تكون بحالةٍ مزاجيةٍ جيدة، فحتماً سوف تُصبح أكثر حرصاً على تجنب النكد في تصرفاتها اليومية، خصوصاً إذا استعملت الألفاظ المناسبة واللبقة في محاورتها. [4]
فن التعامل مع الزوجة العصبية:
على الرغم من أن صفة العصبية رائجة لدى الذكور أكثر من الإناث، إلا أن هناك بعض النساء اللاتي يتصرّفن بعصبيةٍ شديدة؛ بسبب عوامل هرمونية أو وراثية أو تربوية، لكن هذا المزاج السيئ والعنيف قد يُزعج الآخرين، خصوصاً الأزواج؛ لذا نُقدم لك أساسيات فن التعامل مع الزوجة العصبية:
- ثِق بأن هذه الطبيعة التي تتّصف بها زوجتك هي ناجمة إما عن عوامل هرمونية أو أسباب وراثية أو أنها تعود للتربية الخاطئة؛ لذا فإن زوجتك لا تقصد أذيّتك بذلك.
- تجنب اللجوء إلى الضرب أو الطلاق، أو مقابلة العصبية بالانفعال، فهذا من شأنه أن يُفاقم المشكلات بينكما.
- اصبر على تصرفات زوجتك ما استطعت، وكُن أنت الهادئ الذي يمتص غضبها، وابتغي في ذلك الأجر والثواب من الله- عز وجل-.
- ابحث عن أصل المشكلة واعمل مع زوجتك على علاجها، فقد يكون السبب وراء عصبيّتها هو الضغوط اليومية ومسؤولية البيت والأولاد، وفي هذه الحالة، يمكنك أن تساعدها وتتقاسم معها المسؤوليات اليومية.
- احرص على إقامة الحوار البنّاء مع زوجتك، وذكّرها بأن نشوزها وتمرّدها هو مخالفةٌ للشرع وحق الزوج في القوامة وحسن العشرة.
- توجّه لزوجتك بالنصيحة والموعظة الحسنة تارة والحزم تارةً أخرى دون إيذائها أو تجريحها، بل امنحها مساحةً كبيرة من الحب والمودّة في حياتكما اليومية.
- اشرح لزوجتك الآثار السلبية على العلاقة الزوجية بسبب العصبية والانفعال، وفي المقابل، اذكر لها كيف ستعيشان بسعادة إن تمكّنت زوجتك من ضبط أعصابها والتخلص من هذه السمة.
- ادعُ زوجتك للالتحاق بدور تحفيظ القرآن الكريم وحلقات الذكر ودروس العلم النسائية، فهي تُقدم محاضرات وخطب ثقافية نافعة. [5]
فن التعامل مع الزوجة المتسلطة:
إذا كنت تصف زوجتك بأنها متسلطة، وهذا الأمر يُزعجك، فلا بد لك من التعرف على أساليب فن التعامل مع الزوجة المتسلطة، وهي كما يلي:
- تجاهل زوجتك ولا ترد على تصرفاتها بانفعال أو سلوك سيئ؛ حتى لا تتأزّم العلاقة بينكما، بل تعامل معها بإيجابيةٍ وصدرٍ رحب.
- حاول معرفة السبب وراء تسلّط زوجتك، فهذا حتماً سيُساعدك على الوصول إلى الحل الأنسب للمشكلة.
- إذا كان سبب تسلط زوجتك هو طبيعتك الهادئة، فتحاور معها بهذا الشأن، وعبّر عن عدم رضاك عن هذا الأمر.
- تحدّث مع زوجتك وتبادل معها الأحاديث اليومية، فهذا سيُشعرها باهتمامك بها، وفي المقابل، سيتحسّن مزاجها وينعكس ذلك إيجاباً على علاقتكما الزوجية.
- كُن رجلاً مسؤولاً واتخذ بنفسك القرارات التي تتعلق بعائلتك، فربما يكون تسلط زوجتك ناجماً عن تردّدك أو عدم قدرتك على اتخاذ القرارات التي تخص أسرتك.
- يمكنك الاستعانة بأهل الخبرة والمختصّين بالاستشارات الأسرية والزوجية إذا عجزت عن حل مشكلة التسلّط لدى زوجتك. [6]
اعلم أن هذه الأمور بسيطة وأنك بالطبع قادرٌ على تخطّيها وتجاوزها بذكائك الاجتماعي، سائلين المولى- عز وجل- أن يُرشدك إلى الطريقة المثلى في التعامل مع زوجتك وحل المشكلات والخلافات بينكما.