فن التعامل مع الزوج
يُعتبر التعامل مع الزوج فناً بحد ذاته، خصوصاً في السنوات الأولى من الزواج، ولحين اعتياد الطرفين على بعضهما البعض، وفي هذا المقال، ارتأينا أن نعرض لكِ عزيزتي فن التعامل مع الزوج بمختلف الشخصيات والمواقف:
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فن التعامل مع الزوج في الإسلام:
يحث الشرع على أن يفي كلٌّ من الزوجين للآخر بجميع حقوقه، وأن يتغاضى عمّا يمكن التغاضي عنه من حقوقه الخاصة على الآخر، مع التأكيد بأن استقرار الحياة الزوجية واستمرارها من أهم الغايات التي يحرص عليها الإسلام ويدعو إليها.
وبناءً على ذلك، فإن من أساسيات فن التعامل مع الزوج في الإسلام، أن تعرفي كزوجة حق زوجكِ عليكِ، علماً أن طاعة الزوج واجبةٌ على الزوجة ما لم تكن في معصية الخالق، بل إن طاعة الزوج مُقدّمةٌ على طاعة الوالدين.
فعن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "قلت: يا رسول الله، أي الناس أعظم حقاً على المرأة؟ قال: زوجها، قلت: فأي الناس أعظم حقاً على الرجل؟ قال: أمه". رواه البزار والحاكم بإسناد حسن، وفي السياق ذاته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله-: "المرأة إذا تزوجت، كان زوجها أملك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب". انتهى.
وينبغي لكِ أن تصبري على زوجكِ، وتَسعدي بتأدية واجباتكِ نحوه، فهذا الأمر لا يمنحكِ سعادةً في الحياة الزوجية فحسب، بل إنكِ تنالين به الأجر والثواب الجزيل من الله- عز وجل-، كما أن رضى الزوج سببٌ في دخولكِ الجنة، فقد روى الترمذي وابن ماجه والحاكم، عن أم سلمة- رضي الله عنها- قالت: "قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة".
كما أن استئذانكِ من زوجكِ للخروج من المنزل واجبٌ عليكِ، ولا يجوز أن تخرجي دون إذنه، ولو كان ذلك للعبادة وطلب العلم، إلا إذا كان لديكِ استفتاء في فرض عينكِ بينما زوجكِ لا يكفيكِ ذلك.
وإذا غضب زوجكِ، فعليكِ ألا تُقابليه بغضبٍ مثله، فإن ذلك يزيد الأمر سوءاً ويفتح باباً للشيطان بينكما، بل إن أفضل ما يمكن أن تفعليه في هذه المواقف، هو التزام الصمت عند غضب زوجكِ وعدم الرد عليه، فإنه سرعان ما يهدأ، وحينها يمكنكِ أن تتقدّمي له بالنصح وتحاولي مناقشته والتفاهم معه بهدوءٍ واحترامٍ ومودّة.
وحاولي تفادي رفع صوتكِ والصراخ على زوجكِ، حتى وإن كان ذلك في سبيل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر؛ لأن هذا الأسلوب العصبي قد يؤدي إلى الشقاق واشتداد الخلاف بينكما، وبالتالي فإن توفّر الحكمة والموعظة الحسنة هو الأمر المهم في هذه الحالة، بحيث تنطقين بالكلمة الليّنة والأسلوب الحسن في مخاطبتكِ لزوجكِ، خصوصاً إذا كان حواركما أمام الأبناء أو الأقارب والمعارف والجيران، وإن كنتِ عصبيّةً بطبعكِ، فحاولي كبح جماح غضبكِ في مثل هذه المواقف، وترَوّي قبل أي خطوة أو تصرّف. [1]
فن التعامل مع الزوج الصامت:
قد يحمل الزوج الهادئ مشاعر طيبة تجاه زوجته، لكنه لا يُحسن التعبير عمّا بداخله، وقد يجهل أهمية إظهار مشاعر الود أمام زوجته، فإذا كان زوجكِ من هذا النوع، عليكِ أن تبحثي وتسلُكي أكثر من طريقة من شأنها أن تُسهم في تحسين أسلوبه في التعبير عمّا يشعر به تجاهك وعمّا يلاحظه عليكِ من تألّقٍ وجمال، وطيب أخلاق، وإبداعٍ وإنجاز في شتى مناحي الحياة، ولعل أبرز الأساليب التي ينطوي عليها فن التعامل مع الزوج الصامت ما يلي:
- اختاري بعض الكتب والأشرطة أو البرامج التلفزيونية التي تناولت هدي النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- مع أهله؛ حتى يـتأثر زوجكِ بذلك ويُغير طباعه الصامتة، وعليكِ قبل ذلك أن تصبري على زوجكِ، فهذا حال الكثير من الرجال.
- تذكّري أن كل إنسان لديه عيوبٌ ومحاسن، والمنهج الصحيح في العلاقة الزوجية، يتمثّل بأن تغمري السيئات القليلة في بحر الحسنات، فقد قال النبي- صلى الله على وسلم-: "لا يفرك مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خلقاً رضي منها آخر"؛ لذا ابحثي عن حسنات زوجكِ واستذكريها كلما غضبتِ من برود مشاعره.
- لا شك أن ثناءكِ على زوجكِ وخصاله الحسنة وتشجيعكِ له في مختلف المواقف، سيؤثر عليه ولو بعد حين، لذا احذري أن تكوني مصدر إحباطٍ أو تحطيمٍ أو تجريحٍ له، فلا يجد عندكِ ما يجده في الخارج من تقديرٍ وتشجيعٍ وانبهارٍ بإنجازاته وأفعاله الحسنة. [2]
فن التعامل مع الزوج المسافر:
إن الأواصر المتينة بين الزوجين يمكنها أن تستمر حتى في حال طول المسافات والبُعد بينهما، وإذا كان زوجكِ بعيداً عنكِ فإن هناك بعض الخطوات الفعالة في بناء الروابط القوية من الحب والمودة والاهتمام بينكما، وإذا كنتِ ترغبين بمعرفة أسرار فن التعامل مع الزوج المسافر، فإليكِ أهمّها:
- قبل أن يسافر زوجكِ، ضعي بعض الرسائل الخفية (المضحكة أو الرومنسية) التي لا يتوقعها بين أمتعته وملابسه، أو ضعي أشياء خاصة من شأنها أن تُذكّره بكِ؛ مثل عطركِ المفضل لديه، ليتفاجأ ويفرح زوجكِ بذلك عندما يراه ويشتد الهيام بينكما رغم الفراق.
- احرصي على إيقاظ زوجكِ صباحاً كما لو أنكما في المنزل نفسه.
- تواصلي مع زوجكِ يومياً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي تُتيح لكما مشاهدة بعضكما في بثٍّ مباشر خاص، ولتجعلي ذلك بعد عودته من العمل وراحته وتناول وجبته على سبيل المثال.
- اسألي زوجكِ عن تفاصيله اليومية لكن دون اتخاذ أسلوب أشبه بالتحقيق، بل حاولي الاطمئنان عليه بلطف وعلى صحته، وطعامه وشرابه.
- حاولي مشاركة لحظاتكِ وأحداثكِ اليومية المهمة مع زوجكِ، بحيث تُوثّقينها على هيئة صور أو مقاطع فيديو وتُرسلينها لزوجكِ، وفي المقابل، اطلبي منه أن يُشارككِ يوميّاته أيضاً.
- اكتبي لزوجكِ الرسائل والعبارات الرومنسية المليئة بمشاعر الحب الجيّاشة، فهذه الكلمات حتماً ستُساعد في تجديد مشاعر الحب بينكما، ويُفضل أن تُرسلي هذه العبارات مع صور ومقتطفات من أجمل الذكريات الخاصة بينكما.
- ارسلي لزوجكِ بين فترةٍ وأخرى رسائل صوتية تُعبّرين خلالها عن مدى اشتياقكِ ولوعتكِ لرؤيته.
- تجنبي الشكوى أو سرد الأخبار السيئة لزوجكِ في فترة غيابه، بل اجعلي التواصل بينكما أمراً إيجابياً مُريحاً ومًحبباً لديه، ويساعده في نسيان ضغوط الحياة، ولكن إذا اضطُررتِ للحديث عن مشكلة تواجهكِ في غيابه، فاطرحيها عليه بأسلوبٍ بسيط وخفيف لا يُثقل عليه همومه. [3]
فن التعامل مع الزوج العصبي:
هناك العديد من الأزواج العصبيّين الذين يغضبون بسرعة، حتى لأتفه الأسباب، لكن ذلك لا يعني اللجوء إلى الانفصال والطلاق، بل إن فن التعامل مع الزوج العصبي له أساليبه الخاصة التي من شأنها أن تُساعدكِ في الحفاظ على بيتكِ وأسرتكِ، وذلك كما يلي:
- احرصي على تفادي ما يثير غضب زوجكِ؛ لأن ذلك فيه مصلحةٌ لكِ ولزوجكِ ولمستقبل العائلة.
- حافظي على هدوءكِ واستقراركِ النفسي خلال مواقف الغضب، وتذكري أنكِ مأجورةٌ عند الله- عز وجل- على صبركِ على عصبية زوجكِ، ولكن إذا شعرتِ بالغضب فحاولي التزام الصمت واذكري الله واتركي المكان وتوضّئي وقومي لأداء الصلاة، وإذا استمر شعور الضيق في صدركِ، فرددي قوله تعالى: "فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ". [الحجر: 98-99].
- إذا رغبتِ بمناقشة زوجكِ حول المشكلة التي وقعت بينكما، فلا بأس بمناقشته في لحظات الهدوء والصفاء، باستخدام الألفاظ الحسنة والمناسبة، مع ضرورة تذكيره بخطورة التوتر عليكما نفسياً وجسدياً.
- تذكّري الإيجابيات التي يتمتع بها زوجكِ وشجّعيه على الاستمرار عليها من خلال مدحه وإطرائه، فهذا حتماً سيؤثر بزوجكِ نحو الأفضل. [4]
فن التعامل مع الزوج العنيد:
قد تكتشفين صفة العناد في زوجكِ، وتلاحظينها بأدق التفاصيل خلال حياتكما اليومية، وتبدأ المشكلة تكبر داخلكِ شيئاً فشيئاً، لكن أفضل ما يمكنكِ فعله هو اتباع أساليب فن التعامل مع الزوج العنيد في إطار الشريعة الإسلامية، وذلك كما يلي:
- اعملي كل ما يُرضي زوجكِ بدافع الحب في الله- جل علاه-، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، واصبري على عناد زوجكِ، وساعديه للارتقاء بنفسه من خلالكِ، وذلك عن طريق الابتعاد عن العصبية وكل ما يُغضبه، واستقباله في المنزل بوجهٍ بشوش وابتسامةٍ طيبة وعاطفةٍ دافئة وحنونة، فهذا بالطبع سيجعل زوجكِ يتقرّب منكِ ويُحبك ِأكثر.
- تجنّبي الجدال والنقاش الذي لا فائدة منه، واستبدليه بأسلوب البشاشة والابتسامة، فهذه الطريقة من شأنها أن تُعزز الحب والمودة والرحمة بينكما.
- إذا رغبتِ بمناقشة زوجكِ فيما يتعلق بعناده، فاحرصي على التزام الهدوء في ذلك، وانتقاء الكلمات الحسنة والألفاظ اللبقة، فالمصارحة المُتّزنة قد تُؤتي ثمارها في هكذا حالات.
- حاولي إيجاد الحل المناسب بنفسكِ وفقاً للحالة التي تعيشينها، ويمكنكِ ذلك عن طريق طرح بعض الأسئلة على ذاتكِ واكتشاف السبب ثم العلاج، ومن هذه الأسئلة: كيف جاء هذا العناد؟ وهل هذا العناد مشكلة رئيسية في الخلافات الزوجية بينكما؟ وكيف يمكنكِ تغيير هذا العناد بشيءٍ أفضل وألطف منه، بحيث يجعل حياتكما الزوجية سعيدة؟
- حاولي أن تتغاضي عن بعض الأمور السلبية التي ترينها في زوجكِ، فلا تُلقي بالاً لكل كلمة أو تصرف يصدر عنه، وتعلّمي كيف تتجاوزين المواقف دون إثارة عصبيّتكِ وانفعالاتكِ. [5]
فن التعامل مع الزوج الصعب:
يمكن القول إن الزوج الصعب هو الذي يُكثر انتقادكِ رغم حرصكِ على بذل الجهد المطلوب في شتى مناحي الحياة، وفي المقابل، لا يسمح بانتقاده من جهتكِ، ولا يُعجبه ما تفعلين معه، سواءً في حالة التقصير بحقّه أو أداء واجباته بالكامل، وإذا كنتِ تبحثين عن أساسيات فن التعامل مع الزوج الصعب، فإليكِ أبرزها:
- تجنبي تضخيم المشاكل، فإنها مدخلٌ من مداخل الشيطان، وتغاضي عمّا يمكن التغاضي عنه، فلكل إنسانٍ عيوبه وحسناته، ولا تسمحي لنفسكِ بتعظيم ذاتكِ إلى حدٍّ مبالغٍ به يجعلكِ ترين أن زوجكِ لا يستحقكِ.
- كوني امرأةً رزينة وتجنبي إغضاب زوجكِ، بل تخلصي من أبرز أسباب عصبيّته.
- اعملي على تقوية علاقتكِ بالله- سبحانه- والسعي لتعميق علاقة زوجكِ بالله، فإن العبد إذا أحبّ ربّه وضع خشيته نُصب عينيه واستقام في جلّ أمور حياته.
- حاولي تشبيك زوجكِ بعلاقاتٍ اجتماعية مع بعض الصالحين من أهل التديّن، عَلّه يتأثر بصفاتهم من اللين والتسامح.
- تذكّري إيجابيات زوجكِ وعظّميها بعينكِ لتُحبّبكِ به أكثر وتُعينكِ في الصبر والتغاضي عن سلبياته، وتجنبي حصر تفكيركِ على ما يُزعجكِ منه.
- اجتهدي في الحديث مع زوجكِ باحترامٍ وألفة ومودة، وابرزي له الأمور الإيجابية في حياته، وركّزي على تعزيز صفاته الحسنة عن طريق الإكثار من مدحه.
- احرصي على ترسيخ الحوار الهادئ الذي يعُمُّه الود والحنان في المنزل، فهو أساس حل كل مشكلة عائلية.
- اطلبي من زوجكِ أن يكتب سلبياتكِ على ورقة، بحيث يأخذه وقتاً كافياً لذلك، وعندما تقرئين هذه الصفات سوف تكتشفين أن منها ما هو منطقي ومنها ما هو مبالغٌ به، وفي كل الأحوال أخبري زوجكِ أنكِ ستعملين على إعداد خطة خاصة لتغيير هذه الأخطاء، ولكن تجنبي الإشارة إلى سلبياته، فحتى إن لم يطلب منكِ قول سلبياته، سوف يُراجع نفسه هذه الفترة. ثقي بذلك! ولكن إذا طلب منكِ زوجكِ إخباره بسلبياته، فاكتبي ورقةً ثلثها الأول يحتوي على إيجابيات زوجكِ وثلثها الأوسط يتحدث عن سلبياته أما ثلثها الأخير فاجعليه مليئاً بعبارات الحب والتقدير لكل ما يبذله من أجلكِ. [6]
فن التعامل مع الزوج المتزوج:
إذا قررتِ الزواج من رجلٍ متزوج من امرأةٍ أخرى، فإليكِ كل ما تحتاجين معرفته عن فن التعامل مع الزوج المتزوج:
- كوني أنثى رقيقة، لطيفة، ومرحةً مع زوجكِ حتى تصبح مجالستكِ مُحبّبةً لديه.
- قولي كلمات الحب والأشواق لزوجكِ؛ حتى يعرف قيمته ومكانته بالنسبة لكِ.
- احذري أن تطلبي من زوجكِ إنهاء علاقته بزوجته الأولى؛ فقد تؤدي هذه الخطوة إلى تدمير علاقتكِ به وانفصالكما.
- تجنبي إثارة المشاكل مع زوجكِ، خصوصا عندما يذهب للسفر أو زيارة زوجته الأولى، واحرصي على معاملتها برفقٍ وإحسان حتى يُعجب زوجكِ بكِ أكثر، وإن أساءت إليكِ زوجته، فقابلي تلك الإساءة بالإحسان.
- أنصتي لزوجكِ جيداً، خصوصاً عندما يتحدث عن مشاكله، حتى وإن كانت تتعلق بزوجته الأولى، واجعليه يشعر ويرى أنكِ دوماً بجانبه تُساعدينه في مواجهة مصاعب الحياة.
- تودّدي إلى زوجكِ بكل السبل الممكنة من أساليب الخير، بما في ذلك التقرب من أبنائه، سواء من خلال مسايرتهم ومجاملتهم أو قضاء الوقت معهم أو جلب الهدايا لهم.
- حاولي التقرب والتودد إلى أهل زوجكِ، خصوصاً أمّه، وعامليها مثل والدتكِ تماماً، فهذا الأمر من شأنه أن يُسعد زوجكِ إلى حدٍّ كبير.
وفي الختام، تذكري أن هناك أموراً كثيرة يمكنكِ التغاضي عنها، ومثلما يتّصف زوجكِ ببعض العيوب، فأنتِ أيضاً قد تقعين ببعض الزلّات؛ لذا احرصي على إبقاء لغة الحوار الهادئ والمثمر هي السائدة في منزلكِ، بعيداً عن العناد والتعنّت والعصبيّة وانتقاد الآخر.