فضل شهر رجب
شهر رجب أحد الشهور العربية الإسلامية الهجرية القمرية، وهو الشهر السابع في التقويم الهجري وأحد الأشهر الكريمة والعظيمة عند الله عز وجل، كما أنه من الأشهر الحُرم الأربعة التي خص الله تعالى ذكرها في القرآن الكريم، وبين لنا في آياته الكريمة النهي عن الظلم وترك القتال في الأشهر الحرم، حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ۚ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ"[التوبة:36]، وخلال هذا المقال سنذكر فضل شهر رجب وأهميته.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
فضل شهر رجب وأهميته
فضَّل الله تبارك وتعالى بعض الشهور على بعض كما فضل بعض الأماكن على بعض، ولا يمكن إثبات فضل زمان ومكان إلا بوجود دليل قاطع يؤكد صحة الأمر، حتى لا يُقال عن رسول الله صلّ الله عليه وآله وسلم ما لم يقله، فهناك العديد من الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي تحدثت عن فضل شهر رجب، لذا يجب التأكد من صحتها من خلال معرفة رواة الأحاديث الذين تناقلوها عن رسولنا الكريم.[1]
ويذكر بأن شهر رجب حدثت فيه الكثير من الانتصارات، فقد كانت غزوة تبوك وحادثة الإسراء والمعراج في شهر رجب، كما كان تحرير المسجد الأقصى المبارك على يد صلاح الدين الأيوبي من أيدي الصليبيين في هذا الشهر.
وقد قسَّم العلماء المسلمون الأحاديث التي وردت عن فضل شهر رجب والصلاة والصيام فيه، ومنها الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وقد ذكر لشهر رجب ثمانية عشر اسماً ومن بينها "الأصم" وسمي بهذا الاسم لأنه حرِّم فيه القتال وبسبب عدم سماع قعقعة السلاح فيه، كما سمي باسم "الأصبّ" وذلك لانصباب الرحمة فيه، وسمي أيضاً: "منصل الأسِنّة" وقد روى عن ذلك البخاري بأن أبي رجاء العطاردي قال: (كنا نعبُد الحجرَ، فإذا وجدنا حجرًا هو خير منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرًا جمعنا حَثْوةً من تراب ثم جئنا الشّاءَ ـ الشِّياه ـ فحلبْنا عليه ثم طُفنا به، فإذا دَخل شهر رجب قلنا: منصل الأسنّة، فلم نَدع رُمحًا فيه حَديدة، ولا سهمًا فيه حَديدة إلا نزعناه فألقيناه).
ودخل فضل شهر رجب في عموم فضل الأشهر الحُرُم، حيث ورد في الحديثين الصحيحين في حجة الوداع بأنها ثلاثة سرد وهي: ذو الحجة وذو القعدة ومُحرم، وواحد فرد وهو شهر رجب الذي يكون بين جمادى الآخرة وشعبان وليس رجب (ربيعة) وهو رمضان.
كما حرم الله -عز وجل- الظلم والقتال في شهر رجب، وذلك لتأمين الطريق للمسلمين الذين يزورون المسجد الحرام، ومن فضل الأشهر الحرم بما فيها شهر رجب التي استنبطها بعض العلماء دون وجود دليل من القرآن والسُّنة: نُدب الصيام فيها، كما جاء في الحديث الشريف عن والد أو عم مجيبة الباهلية: "أتى رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته فقال يا رسول اللهِ أما تعرفني قال ومن أنت قال أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول قال فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة قال ما أكلت طعاماً إلا بليل منذ فارقتك فقال رسول اللهِ صلّ الله عليه وسلم لم عذبت نفسك ثم قال صم شهر الصبر ويوماً من كل شهر قال زدني فإن بي قوة قال صم يومين قال زدني قال صم ثلاثة أيام قال زدني قال صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها".[2]
ويعد الصيام والعمل الصالح في شهر رجب ثوابه عظيم كالأشهر الحُرُم، وقد قال الحافظ ابن حجر بأنه لم يرد حديث خاص لا صحيح ولا حسن عن فضل الصيام في شهر رجب، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن عامة هذه الأحاديث مكذوبة وليست من الأحاديث الضعيفة التي تروى في فضائل الأعمال.
أفضل الأعمال في شهر رجب
مثل سائر الأشهر الحرم فإن هناك العديد من الأعمال المستحب أن يقوم بها المسلم ومنها أيضاً الأعمال غير المستحبة التي نهانا الله تعالى عن القيام بها التي سنتعرف عليها خلال ما يلي:
أعمال مستحبة في شهر رجب
- الصيام: يستحب أن يصوم المسلم في الأشهر الحُرُم دون إفراد أحدها أو ما شابه. [3]
- عمل الخير: يستحب على المسلم أن يقوم بأعمال الخير في كل وقت وحين.
- أداء العمرة: يستحب على المسلم أن يؤدي العمرة في شهر رجب، وفقًا لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وابن عمر، وفعل عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-. [4]
أعمال غير مستحبة في شهر رجب
ورد عن العلماء المسلمين بأن هناك العديد من الأعمال المستحدثة والبدعية المنتشرة بين الناس، والتي يقال بأنها مستحبة في شهر رجب وهي في الواقع ليس لها أصل واضح ولم ترد في السنة النبوية الشريفة، نذكر منها الآتي:
- صلاة ليلة المعراج: يقوم المبتدعون بإحياء صلاة ليلة المعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب بصلوات مخصوصة، وهذا الأمر لم يرد عن الرسول الكريم.
- صلاة الرغائب: تعد بدعة ولا أصل لها في الشرع حيث يقوم المبتدعون بصلاة الرغائب في الخميس الأول من شهر رجب وعدد ركعاتها اثنتي عشرة ركعة ويكون وقتها بين صلاتي المغرب والعشاء.
- تخصيص أيام للصيام أو ما يسمى بالعمرة الرجبية: يعد الصيام وأداء العمرة أعمال يستحب على المسلم القيام بها في كل وقت وحين، لكن لم يرد في الشرع دليل يُثبت صحة هذا الأمر.
- إفراد شهر رجب بالصيام: أجمع العلماء المسلمون على كراهة إفراد شهر رجب بالصيام أو صيام الشهر كاملاً. [5]
أدعية شهر رجب
تتعدد الأدعية التي يستحب على المسلم الدعاء بها في كل وقت ولم ترد في السنة أو بالقرآن الكريم أنها مخصصة لشهر رجب، ومن الأدعية التي يمكن للمسلم الدعاء بها في شهر رجب نذكر الآتي:
- لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ.
- اللهم إنا نسألك جميع الرحمة والمغفرة، أصلح ذرياتنا وألف بين قلوبنا، واستر عوراتنا، وفرج همومنا، واشف مرضانا، وارحم موتانا، وأعز ديننا، ووسّع في أرزاقنا، ومُدّ في آجالنا على صحة وعافية، وطاعة وعمل صالح.
- اللهم اجعل قبور أمواتنا روضة من رياض الجنة اللهم من كان مريضاً من أهلي وأحبتي فاشفه، ومن كان مهموماً فأزل همه، ومن كان حزينا فأسعده، ومن كان يرجو توفيقك فوفقه.
- اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضنا وارض عنا.
- اللهم أقل عثراتنا، واغفر زلاتنا، وكفّر عنا سيئاتنا، وتوفنا مع الأبرار، يا عزيز يا غفار.
- اللهم أهلَّه علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله -عز وجل- اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا شهر رمضان وأعنا على الصيام والقيام وحفظ اللسان، وغض البصر ولا تجعل حظنا منه الجوع والعطش.
- اللهم زدنا في شهر رجب نوراً في القلب، وضياء ًفي الوجه، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب العباد، واغفر لنا ولوالدينا ولمن له حق علينا يا رب العالمين.
- يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، يا ودود يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد، اللهم إني أسألك بعزك الذي لا يرام، وملكك الذي لا يضام، ونورك الذي ملأ أرجاء عرشك أن تقضي حاجتي.
- اللهمّ إنّا نستعينك، ونستهديك، ونستغفرك، ونؤمن بك، ونتوكّل عليك، ونثني عليك الخير كلّه، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك.
- اللهمّ إنّي أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
في ختام مقالنا الذي تعرفنا من خلاله على فضل شهر رجب، الذي يعد من الأشهر العظيمة لذلك يجب أن يحرص كل مسلم ومسلمة على الإكثار من القيام بالأعمال الصالحة والابتعاد عن معصية الله تعالى.
موضوعات ذات صلة:
شاهدي أيضاً: دعاء أول أيام شهر رجب
شاهدي أيضاً: دعاء دخول شهر رجب
شاهدي أيضاً: حكم صيام أول أيام شهر رجب
-
الأسئلة الشائعة عن فضل شهر رجب
- ما الذي يجب فعله في شهر رجب؟ الإكثار من العمل الصالح، والاجتهاد في الطاعات، والمبادرة إليها والمواظبة عليها، اغتنام العبادة في هذا الشهر، وأبرزها الصيام والصلاة.
- ما فضائل شهر رجب؟ يعد شهر رجب من الأشهر الحرم التي نهانا الله عن ارتكاب المعاصي فيهم تحديدا وشهر شعبان من الشهور المباركة أيضا وكان له مكانة خاصة عند رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-.