علامات ليلة القدر
تُعد ليلة القدر من أهم الليالي خلال العام وأهمها خلال شهر رمضان المبارك، لقوله تعالى: "لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ" لذا فإن فضلها على غيرها من الليالي واضح، ولأن ليلة القدر تكون في آخر أيام من شهر رمضان دون تحديد واضح، يبحث المسلم عن علامات ليلة القدر ليعتكف بها.
علامات ليلة القدر الصحيحة
ليلة القدر واحدة من الليالي العشر الأخيرة من رمضان، بحيث تحمل عدداً فردياً أي وتر، مما يجعل المسلم معتكفاً فيها جميعاً لعله ينال فضل هذه الليلة، ولكن هذا لا يمنعه من السعي لمعرفتها أو اكتشاف علاماتها الدالة والصحيحة: [1] [2]
- من علامات ليلة القدر التي أشار لها العلماء اعتدال الجو وسكون الريح و نزول المطر وانشراح الصدر ونباح الكلاب و انقطاع النجم وعذوبة البحار وانتشار الأنوار وغير ذلك.
- أن تخرج الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها.
- أن تكون معتدلة لا حارة ولا باردة.
- أن تكون وضيئة مُضيئة.
- كثرة الملائكة في ليلة القدر.
علامات ليلة القدر وفضلها
أما عن فضل هذه الليلة المباركة فهنا سنذكر كل فضائل ليلة القدر: [3]
- معنى (القدر) التعظيم، أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر.
- قيل: القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها: إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد: إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من (القدر) وهو التضييق.
- وصْفها الله سبحانه وتعالى في كتابه بأنها خير من ألف شهر في قوله تعالى: "ليلة القدر خير من ألف شهر" في سورة القدر الآية/3. [4]
- وصفها بأنها مباركة في قوله تعالى: "إنا أنزلناه في ليلة مباركة" سورة الدخان الآية 3. [5]
- إنها تنزل فيها الملائكة، والروح، " أي يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة، كما يتنزلون عند تلاوة القرآن، ويحيطون بحِلَق الذِّكْر، ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيماً له" انظر تفسير ابن كثير 4/531 والروح هو جبريل عليه السلام وقد خصَّه بالذكر لشرفه.
- وصفها بأنها سلام، أي سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءاً أو يعمل فيها أذى كما قاله مجاهد انظر تفسير ابن كثير 4/531، وتكثر فيها السلامة من العقاب والعذاب بما يقوم العبد من طاعة الله عز وجل.
- إن الله تعالى يغفر لمن قامها إيماناً واحتساباً ما تقدم من ذنبه، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه متفق عليه.[6] وقوله: (إيماناً واحتساباً) أي تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه وطلباً للأجر لا لقصد آخر من رياء أو نحوه.
- قد أنزل الله تعالى في شأنها سورة تتلى إلى يوم القيامة، وذكر فيها شرف هذه الليلة وعظَّم قدرها، وهي قوله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر. وما أدراك ما ليلة القدر. ليلة القدر خير من ألف شهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر. سلام هي حتى مطلع الفجر. سورة القدر. [4] وبقوله تعالى: وما أدراك ما ليلة القدر تنويهاً بشأنها، وإظهاراً لعظمتها.
- ليلة القدر خير من ألف شهر أي: أي إحيائها بالعبادة فيها خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة، وهذا فضل عظيم لا يقدره قدره إلا رب العالمين تبارك وتعالى، وفي هذا ترغيب للمسلم وحث له على قيامها وابتغاء وجه الله بذلك، ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلتمس هذه الليلة ويتحراها مسابقة منه إلى الخير، وهو القدوة للأمة، فقد تحرّى ليلة القدر.
علامات ليلة القدر بالأدلة السنية
وردت ليلة القدر وعلامتها بشكل واضح في الأحاديث الشريفة، وبالتالي فهناك أدلة سنية على تلك العلامات وصحتها:
ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة
فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء". [7]
أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها وتصبح ضعيفة حمراء
فعن زر بن حبيش رضي الله عنه قال: سمعت أبيَّ بن كعب يقول -وقيل له إن عبد الله بن مسعود يقول: من قام السنة أصاب ليلة القدر- فقال أُبيُّ: "والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان -يحلف ما يستثني-، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها: أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها". [8]
ليلة لا يُرمى فيها بنجم
فعن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليلةُ القدرِ ليلةٌ بلجةٌ لا حارَّةٌ ولا باردةٌ ولا سحابَ فيها ولا مطرَ ولا ريحَ ولا يُرمَى فيها بنجمٍ ومن علامةِ يومِها تطلعُ الشَّمسُ لا شعاعَ لها". [9]
إنها ليلة الأوتار من العشر الأواخر
إن أبا سَلمةَ قالَ: أتيتُ أبا سَعيدٍ الخدريَّ، فقلتُ: هل سَمعتَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يذكرُ ليلةَ القدرِ؟ فقالَ: نعَم، اعتَكَفنا معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ العشرَ الأوسَطَ من شَهْرِ رمضانَ، فلمَّا كانَ صَبيحةُ عشرينَ، قامَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فينا، فقالَ مَن كانَ خرجَ فليرجِعْ، فإنِّي أريتُ اللَّيلةَ فأُنسيتُها، وإنِّي رأيتُ أنِّي أسجُدُ في ماءٍ وطينٍ، فالتَمِسوها في العَشرِ الأواخرِ من شَهْرِ رمَضانَ، في وِترٍ قالَ أبو سَعيدٍ: وما نَرى في السَّماءِ قَزعةً، فلمَّا كانَ اللَّيلُ، إذا سَحابٌ مثلُ الجبالِ فمُطِرنا حتَّى سالَ سَقفُ المسجدِ، وسقفُهُ يومئذٍ، مِن جريدِ النَّخلِ، حتَّى رأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يسجُدُ في ماءٍ وطينٍ، حتَّى رأيتُ الطِّينِ في أَنفِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ. [10]
قال ابن تيمية رحمه الله: "ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (هي في العشر الأواخر من رمضان) وتكون في الوتر منها، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي، فتطلب ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، وليلة تسع وعشرين". [10]
تشتمل علامات ليلة القدر على مجموعة من الظواهر التي تدل عليها بوضوح، وبالرغم من وجود علامات من الخرافة، إلا أننا أوردنا هنا كل العلامات الصحيحة وبالأدلة السنية أيضاً.