عامر بني عامر ومي عليمات.. «الاختلاف يصنع التكامل»
من لا يعرفهم عن قرب يعتقد للوهلة الأولى أنهم مجرد زملاء عمل، يتفقون تارة وتعلو أصواتهم تارة أخرى، جو من الانسجام والتوافق الفكري يخيم على علاقتهم، جاعلاَ منهم ثنائياً متميزاً ومختلفاً على كافة الصعد.
عامر بني عامر، ومي عليمات ليسا مجرد زوجين عاديين، فحبيبا الجامعة التقيا في منزل واحد وحلم واحد، ليشكلا معا عائلة دافئة، وعملاً مجتمعياً يخدم طموحاتهما معاً، يديران معاً مركز الحياة لتنمية المجتمع المدني – راصد، ويكدان جنبا الى جنب لتحقيق ما يرمي اليه كل منهما، يكمل منها الآخر، ويستمتعان بالتواجد معا معظم الوقت، فللعائلة وقتها، وللعمل متطلباته وبين هذا وذاك يحافظان على الشغف الأول وعلى الحميمية التي يعتزان بها كعاشقين وكزوج وزوجة.
لنبدأ بالأمر الأكثر إثارة لتساؤلات المحيطين، كيف تجدان العمل معاً كزوجين، وهل تؤثر خلافات العمل على علاقتكما في المنزل؟
مي: فعلا هذا هو أكثر ما أسأل عنه، لكن الواقع يختلف عن الصورة التي تسكن أذهان الناس، وأجد أنه من المثير للاستغراب افتراض الاغلبية العظمى من الأشخاص الذين أقابلهم أن الأمر لا بد أن يكون سيئاً أن أعمل وزوجي في مكان واحد. أستمتع بالعمل مع عامر، أستطيع أن أفصل بين العمل والعلاقة الزوجية، نناقش بحرية جميع الأفكار والمقترحات كأي شركاء فكلانا يرى الأمور من زاويته الخاصة ومن وجهة نظر مختلفة لذا فنحن نجد تكاملا أيضا في المكتب وليس فقط في علاقتنا كأزواج، وهو أمر يغني كثيراً من بيئة العمل.
كلانا يحترم الأخر فيما يتعلق بمنطقته الخاصة. وبالنسبة للأمور الشخصية الأخرى فمن المريح جداً التعامل مع زوجي، فهو لا يفرض علي أية شروط حين يتعلق الامر بعلاقاتي مع الاخرين.
عامر: خلافات العمل تحدث طيلة الوقت، فنحن في النهاية بشر ولدينا مشاعر وهموم، لكن خلافات العمل تبقى مجرد تضارب في وجهات النظر، ولا أنكر أنها قد تؤثر أحياناً في جو المنزل، لكننا نتخطاها، رغم أن الأمر يستغرق من مي فترة أطول للعودة لمزاجها الجيد المعهود في المنزل. أستمع لآراء زوجتي طيلة الوقت خصوصا حين يتعلق الامر بالتفاصيل التي تقع ضمن اختصاصها، أثق في قراراتها وأمنحها استقلالية كافية.
حدثونا عن البدايات، كيف تم اللقاء ومالذي جذب كل منكما للآخر؟
عامر: عرفت مي قبل الزواج بسنتين،على مقاعد الدراسة الجامعية، جمعتنا اهتمامات اجتماعية مشتركة رغم أننا كنا ندرس في جامعتين مختلفتين الا أننا التقينا عدة مرات أثناء ورش تدريبية ومجتمعية. قررت أن أفاتح مي بالموضوع بعد أن ألقيت نظرة شاملة على حياتي بعد اتمام دراستي للماجستير وكنت حينها على درب الدكتوراة ، وجدت أنه الوقت المناسب لاحداث لتغيير جذري في مساري. أصبح الموضوع جاداً بعد أن تحدثت إلى مي، وجدنا أنفسنا نخوض مفاوضات فعلية حيث ناقشنا الكثير من الامور المستقبلية واتفقنا على أهم التفاصيل.
مي: لم تكن فكرة الارتباط سهلة َعليَ في البداية، أعتقد أن أهم قرار يتخذه المرء في حياته هو قراره بالزواج وممن، فاختيار شريك الحياة المناسب ليس بالأمر السهل، وأعتقد أن الزواج من عامر كان أهم وأجمل قرار اتخذته في حياتي. ومن الأمور التي جعلتني آخذ وقتي في التفكير كان قلقي من تقلص مساحة الحرية التي أمتلكها، لكن عامر أثبت لي عدم صحة مخاوفي، وكان هو الذي شجعني على دراسة القانون رغم أعباء الأمومة وتحديات الزواج.
عامر: أعتقد أن كلانا يعترف بأن قرارنا بالزواج كان من أهم عوامل نجاحنا في الحياة ككل. أما عن الأمور التي جذبت كل منا للآخر، فهي على الأغلب الاختلاف. الاختلاف في رأيي يصنع التكامل. لدينا طبائع مختلفة لكننا نكمل بعضنا بعضا فحين تحب شخصاً ما تجد أنك بالتدريج ستحب طباعه، فزوجتي على سبيل المثال تتمتع بصراحة هائلة ومن الصعب عليها أن تجامل المحيطين، وهذا الأمر كان من التحديات التي واجهتنا في إنجاح العلاقة لكنها حين تتفهم طبع الطرف الاخر تبدأ في تقبله. أؤمن أن حالة التنازل المدروس بين الزوجين تؤدي تدريجياَ الى التأقلم والتعايش المشترك.
مي: لا أعتقد أن الانسجام التام يعد حالة صحية فهو يجعل العلاقة تميل الى الملل. وأعترف أنني تعلمت الدبلوماسية وادارة العمل والصبر من عامر، لكنني أمتلك عقلية تجارية بحتة Business oriented mentality بينما يميل زوجي للسياسة أكثر Political oriented mentality
كيف جاءت فكرة مؤسسة الحياة، وكيف تديرون العمل بشكل يومي؟
عامر: كانت مي تعمل سابقاً في قطاع مختلف، كان لديها عملها الخاص في مجال الصناعة والتجارة، لكنها انضمت الي في حلمي حتى أصبح حلماً مشتركاً ،
نعتز انا ومي جداً بمؤسستنا غير الربحية، عملنا بجد طيلة السنوات الماضية لتكريس فكرة العمل المؤسسي، أسمح لموظفيّ بادارة أقسامهم الخاصة فلست مديرا َسلطوياَ، أؤمن بتوزيع الأدوار فلدينا سياسة داخلية واضحة مما يسهل سير العمل اليومي، كما أشجع موظفي على تقديم الأفكار الجديدة ، على أن تتماشى مع رؤية المؤسسة، أؤمن أن التعليمات المكتوبة تبعد الكثير من الخلافات وتقلل من النزاعات في العمل.
مي: لم يكن إنتقالي الى مجال عمل أخر سهلا لذاك الحد، لأن ما نفعله في مؤسستنا ليس مجرد ادارة أعمال لكنه عمل يتطلب مهارات اتصال وتفكير عالية ، في هذا المجال الغير ربحي يحتاج المرء لسعة صدر عالية ليتمكن من التعامل مع مختلف طبائع المجتمع، كما أن عملنا في مؤسسة الحياة لا يقتصر على عامر وعلي، لدينا مؤسسية هائلة، رغم أننا بدأنا بمجموعة صغيرة من الزملاء ، لكن السر وراء نجاحنا اليوم هو الشغف والطموح الذي لا حدود له.
وماذا عن الغيرة؟ كيف تتمكنون من ادارة علاقاتكم المتنوعة دون المساس بمساحة كل منكم؟
مي: أعتقد أن ما ساعدنا على النجاح وعلى البقاء معاً هو تفهم كل منا لطبيعة عمل الأخر، مما يجعل الامور تسير بصورة أسلس، مازال عامر يحتفظ بجسور التواصل مع العديد من الصديقات وأنا اتفهم هذا الامر.على الطرف المقابل أن يتقبلك كما أنت، بأخطائك وهفواتك لانه في النهاية سيعيش معك طيلة العمر.
عامر: اعتقد أن موضع الغيرة الزائدة عن الحد يجلب المشاكل والمتاعب العديدة للازواج وأعزو الفضل في تفهم هذا الامر والتعامل معه لزوجتي حيث أنها وبفضل صراحتها المعهودة جعلت من علاقتنا مكشوفة بالكامل، لا أسرار مخفية.
بعيداً عن العمل، كيف تفضلون قضاء الوقت؟
عامر: أسافر طيلة الوقت الى العديد من الأماكن حول العالم، من المغرب الى أمريكا الى الى دول شرق الأقصى، أستمتع بالسفر مع زوجتي الى الجديد من الوجهات، يرافقنا عيسى وحياة حين نذهب الى أماكن يوجد بها شواطئ، لكن حين أسافر وحدي مع مي نختار وجهات مختلفة، تلائم كلينا.
كما أحب الذهاب في جولات طويلة بالسيارة برفقتها، أستمتع كثيرا بالطريق حين نقرر زيارة الأهل في اربد، نناقش الكثير من الامور ونتحاور في الكثير.
من أخر وجهاتنا كانت لندن، من أجمل الأوقات التي قضيناها معا، لكن زوجتي تواجه في العادة صعوبة جمة في تجربة الأطعمة الجديدة فهي ليست من هواة تذوق الأطباق العالمية ، وأنا على العكس تماما، لذا نحتار في اختيار وجهاتنا معظم الوقت.
مي: عامر يعشق الطعام البحري بينما لا يقترب من الوجبات السريعة لكنني مدمنة عليها .
وماذا عن الاختلافات؟
عامر: تفضل مي استخدام التقنيات الحديثة والتكنولوجيا ، وخصوصا أجهزة apple، وتستفيد من جميع البرامج المتطورة والمتاحة لتسهيل أعمالها. هي مدمنة Excel!! كلما أردت استخدام جهاز الحاسوب الخاص بها أجد نفسي في شجار معها لأنني لا أستطيع التعامل مع البرامج التي تخزنها ولا مع Apple.
مي: يعتمد عامر كثيراَ علي حين يتعلق الامر ببرامج الحاسوب وما الى ذلك. فهو يقول بما أنني موجودة حوله طيلة الوقت فلا حافز لديه لتعلمها.
وماذا عن الأمور التي تفضلها في مي أيضاَ؟
عامر: زوجتي طباخة ماهرة وهي تتفنن في اعداد الاطباق التي أحب حتى لو لم ترق لها وهي خبيرة بشكل خاص في اعداد الأطباق الايطالية، لكن مهارتها استثنائية حين يتعلق الأمر باعداد المنسف!! من النادر جدا أن نتناول الطعام خارج المنزل، أفتخر بأن زوجتي تعد موائد غاية في الفخامة والاناقة لزواري الدائمين.
ما آخر هدية جلبتها لمي؟
عامر: زوج من الأقراط الجميلة التي تفضلها ، انتقيتها لها من مطار اسطنبول ، وكانت بمناسبة عيد زواجنا. الطريف في الامر أن كلانا كانا مسافران حينها، كنت في تركيا ومي في مصر، وعدت وقتها لليلة واحدة وتركت لها الهدية في المنزل قبل أن اغادر الى وجهتي الثانية، وحرصت أن تجدها فور عودتها من رحلتها. مي لا تفضل الذهب كثيرا كغيرها من النساء لذا أجلب لها كل ما هو غريب وملفت من الاكسسوارات التي تهوى من كل مكان اسافر اليه .
مي: أما أنا فقد أهديت زوجي هاتف (أيفون 5 ) لم يستخدمه بعد لأنه ليس متحمسا لتعلم التقنيات الجديدة!!
وماذا عن القادم، مالذي تطمحان لتحقيقه في السنوات القليلة المقبلة؟
عامر: على الصعيد العائلي نفكر في طفل ثالث لكتمل عائلتنا الصغيرة. بالنسبة للأولاد فأميرتي الصغيرة ( حياة) هي ابنتي وصديقتي وحبيبة قلبي. أما على الصعيد المهني، فآمل أن نكمل مشوارنا كمركز اقليمي وعالمي، فنحن نسعى للمزيد من مأسسة هذا العمل، وأعتبر أنني متحيز بالذات لبرنامج ( راصد) والذي أعطيه الكثير من جهدي ووقتي، فهو يمنح مؤسسات المجتمع المدني دوراً لا تقليدياً، ويضعها بمرتبة الرقيب، وأحمد الله على الحضور الاعلامي الكبير والمتميز لراصد الذي يترك كبير الأثر في المجتمع.
مي: أكثر ما يشغل بالنا هو الاستثمار في مستقبل أولادنا وتعليمهم ، أولوياتنا تتغير كل عام، فحين يصبح للمرء عائلة تتغير الطموحات ، الاستقرار العائلي يأتي بالمرتبة الأولى بالنسبة لنا. نحاول أيضاً أن نخصص وقتاَ لنا نحن الاثنان حتى نتذكر أننا في الأصل عشاق وليس فقط أزواج وزملاء عمل. أما فيما يتعلق بالعمل، فلدي فكرة أقوم بالعمل عليها وتطويرها فيما يتعلق بالتمكين الديمقراطي للمرأة، ابتكرنا وفريقي تقنية أسميناها « فنجان قهوة» نستضيف فيها سيدات من مختلف الطبقات نقوم بتدريبهن واكسابهن المهارات الحياتية اللازمة لدعم غيرهن من النساء في كل مكان. وأفتخر بالقول أن هذا المشروع ساهم في أيصال 5 سيدات الى المجالس البلدية التي تم انتخابها مؤخراً، نطمح الى خلق قيادات نسائية كفؤة على مستوى المحافظات.