طرق التعامل مع الأشخاص المغرورين
أغلبنا ينظر إلى الغرور كصفة سيئة في الإنسان حيث لا يرغب أحد منا أن يقال عنه أنَّه مغرور، كما أنَّ الغرور صفة منبوذة عند معظم الناس بل لدى أغلب الفلاسفة أيضاً حيث تعتبر نقصاً في فهم الحياة والتعامل معها، فضلاً عن كونها خطيئة ومعصية في الديانات السماوية، فالغرور واحدة من الخطايا السبع المميتة في المسيحية، كما أنَّ الإسلام يعتبر التكبر والغرور من الصفات البشرية المكروهة وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) سورة لقمان الآية 18.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
صفات الأشخاص المغرورين
المغرور لا تخطئه عين، إنَّه ذاك الشخص الذي يتحدث وكأنَّه عاد للتو من جلسة مع كبار قادة العالم ويريد أن يخبر عامة الناس عن آخر المستجدات حول تخطيط مستقبلهم، وهو من يقول كلمة (أنا) مليون مرة خلال ساعة واحدة، هل تعرف أحدهم، وهل عانيت من إحدى هذه التصرفات:
- المغرور لا يفكر أبداً قبل أن يبدي رأيه في كل المواضيع حتَّى الأمور الشخصية، حيث يعطي رأيه بلون الحذاء ونوعية كريم الشعر، كما يعبِّر عن اشمئزازه من بعض الأشياء بطريقة فجَّة ومتعالية ...إلخ، ودائماً ما يضع نفسه في المقارنة ليكون هو المثل القياسي، فتقول الفتاة المغرورة لصديقتها: "قصة شعرك بشعة، في المرة القادمة قولي لي وأنا سأختار لكِ ما يناسبك، انظري إلي دائماً أختار قصَّاتٍ مناسبة".
- غالباً ما تكون تعليقات الأشخاص المغرورين جارحة ووقحة، فهم يضعون جملة إضافية تعبر عن تفوقهم في كل حديث، كما أنَّ عباراتهم تكون قطعية لا تحتمل الظن أو الاعتقاد، فهم يطلقون الحكم مباشرة وغالباً ما يكون سلبياً.
- تعتبر المقاطعة أثناء الحديث من التصرفات المزعجة التي قد تصدر عن أشخاص عفويين أو بحسن نية، لكن الشخص المغرور لا يشعر بقيمة حديث غير حديثه، لذلك يقاطع الآخرين دائماً.
- يفشل الأشخاص المتغطرسون في إنهاء المحادثات بطريقة ودية، غالباً ما يستخدمون عبارات على نمط انتهى النقاش، لا أريد أن أسمع، قلت ما عندي...إلخ.
- يهتم الأشخاص المصابون بالغرور بمظهرهم أكثر من اللازم، وقد يتخلون عن الكثير من الجلسات أو اللقاءات لأنَّهم لم يتمكنوا من اختيار الحلَّة المناسبة.
- لا يشعر الشخص المغرور بوجوب الاعتذار أحياناً، ربما يتأخر على الموعد لكنه لا يعتذر ولا يبرر، وإذا عاتبته بلطف سيكون رده مستفزاً أكثر من ذنبه نفسه.
- يمكننا أن نألف معاً معجماً خاصاً بتصرفات الأشخاص المتعجرفين والمغرورين، شاركونا تجاربكم عبر التعليقات.
نصائح للتعامل مع الغرور
فعلياً معظمنا ينظر إلى نفسه كشخص متميز ومهم، فنحن نرى العالم من وجهة نظرنا أكثر مما نرى الحقائق المجردة، كما أنَّنا نبحث دائماً عن أساليب تجعلنا أكثر تميزاً وربما تساعدنا بفرض السيطرة على المحيطين بنا، لكن متى يتحول ذلك إلى غرور؟.
بكل بساطة عندما نلجأ إلى التقليل من قدر الآخرين لنبدو أفضل والاعتزاز بأمور لا علاقة لنا بإنجازها، لا بد أنَّكم تعاملتم مع هؤلاء الأشخاص الذين يرتدون النظارات الشمسية في الغرف المظلمة، وينشرون خمسين صورة لأنفسهم في مكانٍ واحد مع عبارة تدل على مدى تميزهم، لكن الأهم هو كيف تتعاملون معهم لحماية أنفسكم من تكبرهم وغرورهم؟.
1- أرسم حدوداً واضحة مع المغرورين وكن وقحاً إذا استدعى الأمر
يقوم الأشخاص المتغطرسون بتصرفات مزعجة ويقولون كلمات مستفزَّة ليعبِّروا عن سيطرتهم، ربما لا يجب أن تكتفي بالانزعاج خاصَّة إن كنت ستتعامل مع هذا النمط بشكل مستمر، لا بد أن ترسم حدوداً واضحة بينك وبينه فلا تسمح له بتخطي هذه الحدود لأنَّه سيتمادى كلَّ ما سنحت له الفرصة، ليس لأنَّه شخص سيء أو متوحش إنَّها طبيعته في محاولة فرض السيطرة وإعلان تفوقه على الآخرين.
2- لا تدافع عن نفسك كأنَّك ضحية لغرورهم
يفضل ألَّا تبدو عصبياً أمام استفزازات الأشخاص المغرورين، فذلك يجعل من موقفك ضعيفاً لأن الهادئ سيكسب الجولة بكل تأكيد، والأشخاص المغرورين يتمتعون غالباً بقدرة استثنائية على ضبط النفس للحفاظ على صورتهم المقدسة، لذلك ابتعد عن مهاجمتهم بعصبية أو الدفاع عن نفسك وتبرير تصرفاتك بطريقة مبالغٍ بها، يكفي أن تؤكد لهم دائماً أنَّ ما يقولونه هو وجهة نظرهم الخاصة، وربما تقول لهم أنَّها لا تعنيك ولا تهمك إذا بالغوا في التعالي والتكبر.
3- لا تكن مغروراً في مواجهة المغرورين
هذه القاعدة مختلفة عن فكرة التسامح والدعة والتعامل مع السيء بطريقة جيدة، إنَّها أكثر اتصالاً بالحفاظ على احترامك لذاتك وثقتك بنفسك، فليس من المنطقي أن تكون مغروراً مع المغرور وإلَّا ستضطر أن تكون أحمقاً مع الأحمق وأنانياً مع الأناني، هذا يعني أنَّك لا تمتلك شخصية مميزة وخاصة بك، لذلك حافظ على تواضعك وثقتك بنفسك دون الخوض في مغامرة تقليد الغرور.
4- لا تدع المغرور يقود المركب
إذا كنت من هواة الجلوس في المقاهي الشعبية وتناول الأطعمة المعدَّة في المطاعم العادية افعل ذلك دون تردد، لا تسمع ما يقوله صديقك المغرور عن الطبقات والمستويات...إلخ، ولا تجاريه بالموافقة أو التخلي عمَّا يمتعك، هو حر وأنت كذلك، لذلك لا تدعه يقود المركب إلى حيث يرغب لأن هذا سيكون حدثاً مهماً في حياته!.
5- قل للمغرورين وداعاً أو دعهم في قاعة الانتظار
إذا كنت تمتلك الخيار في التخلي عن العلاقة مع الشخص المغرور سيكون ذلك حلاً جيداً، أمَّا إذا كانوا من زملاء العمل أو الأشخاص الموجودين حولنا ولا يمكن إنهاء العلاقة معهم فلا بد من تقييدها والابتعاد عن الاختلاط بهم قدر الممكن، فإذا كان المغرور زميلاً في العمل لا بد أن تنحصر العلاقة بشؤون العمل وأن تكون رسمية ومقيدة بحدود واضحة، أمَّا إذا كان المغرور جار أو صديق قديم عاد بعد غياب، أعطه حق الجيرة والصداقة وامنعه أن يكون شخصاً مزعجاً.
ما الفرق بين الغرور والثقة بالنفس؟
لا بد أنَّ الجميع يعلم مدى أهمية الثقة بالنفس بل ويرغب معظمنا بتطوير ثقته بنفسه على الدوام ليتمكن من إثبات وجوده الاجتماعي وتحقيق النجاح في عمله وحياته، لكن أي خيط رفيع ذاك الذي يفصل بين الغرور والنرجسية وبين الثقة بالنفس؟! حيث لا بد أنْ نميز تماماً بين ما يؤدي إلى تعزيز ثقتنا بأنفسنا وما يجعلنا أشخاصاً مغرورين ومتكبرين، لذلك سنحاول أن نوضح الفرق بيت الأشخاص المغرورين والأشخاص الواثقين من أنفسهم:
- يستطيع الأشخاص الواثقين من أنفسهم تقبل الانتقادات والتعليقات وتقييمها إضافة إلى الاستفادة منها، بينما يعاني المغرور من عدم قدرته على تقبل الانتقادات بمرونة فهو لا يعتقد أن هناك من هو مؤهلٌ لانتقاده ولا يعتقد أنَّ هناك مجالاً للانتقاد فيما يفعله.
- يتميز الواثقون بأنفسهم بالتفكير الدائم بما يجب أن يفعلوه لتحسين أنفسهم، بينما يغرق الأشخاص المصابون بالغرور في حفرة مديح الذات وتعظيم ماضيهم وحاضرهم، هذا ما يعيق تطوريهم لأنفسهم غالباً.
- يعلم الواثقون بأنفسهم أنَّ الكمال البشري أمر مستحيل، لذلك يتقبلون أنَّهم قد لا يصلحون لأداء كلِّ المهمَّات في كل الأوقات باحترافية، بينما يدَّعي المغرورون قدرة مطلقة في كلِّ شيء وذلك يعرضهم لمواقف محرجة، لكن غرورهم ينقذهم فهم يعتبرون أن أي أخطاء يقعون بها لن تكون أخطاءهم هم بل أخطاء أشخاصٍ أقلَّ شأناً!.
- يعلم الواثق بنفسه نقاط قوته ونقاط ضعفه بشكل واضح، بينما لا يتمكن الشخص المغرور من الاعتراف بالضعف ولا تقدير نقاط القوة بشكل جيد ما يؤدي إلى هدر مواهبه وطاقاته هباءً.
- الناس والأصدقاء يعجبون بالشخص الواثق من نفسه، كما يشعرون بالغيرة والرغبة في تعلم أسرار الثقة منه، لكن أحداً لن يشعر بالإعجاب تجاه الشخص المتكبر والمتعالي، بل سيكون الابتعاد عنه وتفاديه هو الخيار الأول لدى معظمنا.
- إذا طلبت من المغرور أن يستعرض أسباب اعتداده بنفسه فلن تجد ما هو مثير للاهتمام، وإن وجدت لن تتعاطف معه، بينما يسوِّق الشخص الواثق من نفسه لأعماله ومميزاته بطريقة ذكية ومتواضعة بحيث يثير إعجاب الآخرين.
ختاماً... جميعنا نتعرض لتجارب مزعجة مع الأشخاص المتكبرين والمتعالين، وقد لا نتمكن أحياناً من التعامل معهم بسهولة، لكن المؤكد أن الانسياق ورائهم نحو هاوية التكبر والغرور لن يكون هو الحل المثالي، فهل تعتقدون أن ما ذكرناه يكفي للتخلص من شرور المغرورين؟! شاركونا تجاربكم واقتراحاتكم.