صلاة القيام في رمضان
في شهر رمضان يؤدي المسلمون صلاة الليل، المعروفة أيضاً باسم صلاة القيام، وهي صلاة التراويح في رمضان، فإن كل نافلة بعد صلاة العشاء تسمى صلاة الليل أو القيام أما في شهر رمضان تسمى بصلاة التراويح.
اختلف علماء المسلمين في عدد ركعات صلاة القيام في رمضان (صلاة التراويح)، يقول البعض إنه يجب أن يكون عدد الركعات 20، وتصلى ركعتين ركعتين، وتؤدى صلاة القيام ببطء وهدوء وبتركيز كامل.
فقد أمر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- أن تؤدى صلاة التراويح في مجموعة من ركعتين. وينخرط المؤمنون في الدعاء والذكر في صلاة القيام، طالبين التقرب من الله عز وجل بإخلاص ومحبّة، ويبدأ المسلمون في رمضان في صلاة التراويح من أول الشهر كشكل من أشكال العبادة والتوبة.
فضل صلاة القيام في رمضان
تعتبر صلاة القيام أو صلاة التراويح في شهر رمضان من الأعمال الصالحة التي يقوم بها المسلمون طوال الشهر الفضيل. فهي تعتبر مناسبة مميزة للتقرب الناس من الله، وتزيد من التواصل بين العبد وخالقه، كما أنها تعتبر وسيلة للتخفيف من الأعباء الروحية والمادية التي تواجه الناس في هذا الشهر الفضيل.
يحرص المسلمون في شهر رمضان على أداء هذه الصلاة بشكل دائم ومتواصل، وذلك لأنها تحوي فضائل عديدة، منها: [1]
- التقرب من الله: فهي تُعد من الأعمال الصالحة الجليلة التي تقرب المصلي إلى ربه، وتذهب به إلى درجات عالية في الجنة.
- تنقية النفس: فعندما يسهر المسلمون في صلاة القيام، يتمكنون من تنقية النفس من الشوائب الروحية والمعاصي.
- تقوية الصلة بين الناس: فالصلاة بصحبة المصلين الآخرين، تزيد من التواصل بينهم، وتجعل المسجد مكاناً مميزاً لتجمعهم، فالعبادة الجماعية والصلاة في جماعة ترسخ العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وتجعل الصلاة أكثر راحة وتأثيراً.
- القوة الروحية: فإذا كان المسلم قد اهتم بصلاة القيام، فإنه يكون مرتبطاً بالله وبيده نهج النجاح في كل شيء، مما يجعله يتحمل كل المصاعب والصعاب بقوة وثبات.
- تدريب النفس على الاستمرارية: فهي تعد تمريناً روحياً للمسلم، يسهم في تكوين العادة الحسنة التي تستمر في الحياة بعد شهر رمضان.
لهذه الأسباب، يعتبر المسلمون صلاة القيام في شهر رمضان من الأعمال الهامة التي يجب الالتزام بها، والاستمرار فيها بعد انتهاء هذا الشهر الفضيل.
كيفية صلاة القيام في رمضان
تعتبر صلاة القيام في رمضان من أهم الممارسات الدينية التي يقوم بها المسلمون في هذا الشهر الفضيل. ولكي يتم الأداء بشكل صحيح ويحظى المسلم بالثواب من الله، يجب اتباع الخطوات التالية: [2]
- الاستعداد للصلاة: يجب على المصلي تنظيف جسمه بالوضوء، والتأكد من أنه توضأ بشكل جيد، ثم يصلي المسلم مع الإمام والمصلين في جماعة.
- التوجه باتجاه القبلة والنية على الصلاة والبدء بتكبيرة الإحرام.
- البدء بدعاء الاستفتاح بقول: "سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرَكَ".
- قراءة سورة الفاتحة إذ يجب على المصلي قراءة سورة الفاتحة في كل ركعة من كل صلاة في صلواته جميعها، ويتبعها بسورة قصيرة.
- الركوع والسجود والدعاء عند السجود: بعد قراءة سورة الفاتحة وسورة قصيرة، يركع المصلي ويقول: "سبحان ربيّ العظيم" ويكرر ثلاث مرات وعند السجود يقول: "سبحان ربي الأعلى" ويكررها ثلاث مرات، ثم يدعو وهو ساجد بالأدعية المأثورة وهي:
- أخرج الإمام مسلم حديث طويل عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، ويصف فيه صفة صلاة النبي فيقول: (... ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يقولُ: سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ، فَكانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِن قِيَامِهِ، ثُمَّ قالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَن حَمِدَهُ، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا ممَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى، فَكانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِن قِيَامِهِ).
- "سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، ربُّ الملائكةِ والرُّوحِ"، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يقولُ: في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلَائِكَةِ والرُّوحِ).
- "سُبحانَك اللهمَّ ربَّنا وبحمدِك، اللهمَّ اغفِرْ لي، فعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ في رُكُوعِهِ وسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وبِحَمْدِكَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ).
- "اللهمَّ لك سجَدْتُ، وبك آمَنْتُ، ولك أسلَمْتُ، سجَد وجهي للذي خَلَقَه وصوَّرَه، وشَقَّ سَمْعَه وبصَرَه، تبارَكَ اللهُ أحسَنُ الخالقينَ".
- قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- في صفة صلاة النبي: (إذَا سَجَدَ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ.
- يقف المصلي مجدداً وباستقامة لأداء الركعة الثانية ويتبع فيها نفس خطوات الركعة الأولى لكن يقرأ بعد السجود: التشهد والصلاة الإبراهيمية. فبعد الرفع من السجود في الركعة الثانية يجب على المصلي أن يقرأ التشهد ثم الصلاة الإبراهيمية.
- يقول المصلي في التشهد: "التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورَسولُهُ"، أو قول: "التحيَّاتُ للَّهِ الزَّاكياتُ للَّهِ الطَّيِّباتُ الصَّلواتُ للهِ السَّلامُ عليك أيها النبيُّ ورحمةُ اللَّهِ وبركاتُه السَّلامُ علينا وعلى عبادِ اللَّهِ الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه".
- يقول المصلي في الصلاة الإبراهيمية: "اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ". أو قول: "اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".
- يَكونُ مِن آخِرِ ما يقولُ بيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وَما أَخَّرْتُ، وَما أَسْرَرْتُ وَما أَعْلَنْتُ، وَما أَسْرَفْتُ، وَما أَنْتَ أَعْلَمُ به مِنِّي، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ". ثم يسلم عن يمينه وعن شماله.
- يستحب على المصلي القيام بأفعال التباشير الدينية، مثل رفع اليدين للدعاء وقراءة الأذكار.
- يصلي المسلم صلاة القيام في رمضان مثنى مثنى أي ركعتين ركعتين، ولا تنحصر صلاة التراويح أو صلاة القيام على عدد معين، فقد ورد عن السيّدة عائشة -رضي الله عنها- من أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما كان يزيد عن إحدى عشرة ركعة فهو محمول على الغالب من صلاته؛ فقد ورد عنها أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يُصلّي عدداً آخر غير الإحدى عشرة ركعة، وذلك في قولها: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِن ذلكَ بخَمْسٍ).
أدعية مستحبة في صلاة القيام في رمضان
يمكن للمسلم أن يدعو الله عز وجل بالدعاء الذي يريده لكن لا يكون فيه إثم أو قطيعة رحم، وهناك بعض الأدعية التي يمكن قراءتها في صلاة القيام، ومنها:
- (اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وإسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بيْنَ عِبَادِكَ فِيما كَانُوا فيه يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِما اخْتُلِفَ فيه مِنَ الحَقِّ بإذْنِكَ؛ إنَّكَ تَهْدِي مَن تَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
- (اللَّهُمَّ أعُوذُ برِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وبِمُعَافَاتِكَ مِن عُقُوبَتِكَ، وأَعُوذُ بكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أنْتَ كما أثْنَيْتَ علَى نَفْسِكَ).
- (اللَّهمَّ اهدني فيمن هديتَ، وعافني فيمن عافيتَ، وتولَّني فيمن تولَّيتَ، وقني شرَّ ما قضيتَ، وبارِك لي فيما أعطيتَ، إنَّكَ تقضي ولاَ يقضى عليْكَ، إنَّهُ لاَ يذلُّ من واليتَ، سبحانَكَ ربَّنا تبارَكتَ وتعاليت).
- اللهم إنا نسألك باسمك العظيم الأعظم، الذي إذا دعيت به أجبت، وإذا سُئِلت به أعطيت، وبأسمائك الحسنى كلها، ما علمنا منها وما لم نعلم، أن تستجيب لنا دعواتنا، وتحقق رغباتنا، وتقضي حوائجنا، وتفرج كروبنا، وتغفر ذنوبنا، وتستر عيوبنا، وتتوب علينا، وتعافينا، وتعفو عنا، وتصلح أهلينا، وذريتنا، وترحمنا برحمتك الواسعة، رحمة تغنينا بها عن رحمة من سواك.
يجب على المسلمين أن يحرصوا على الدعاء والاستغفار والتسبيح والتكبير خلال صلاة القيام في رمضان، وذلك من أجل التقرب من الله وزيادة الأجر والثواب.