سن اليأس أو انقطاع الطمث والتغيرات التي تحدث خلاله
تمر الأنثى خلال حياتها بعدد من المراحل الجسدية التي يحددها نضج أعضاء الجهاز التناسلي وتغير المستويات الهرمونية، تبدأ هذه المراحل بسن الطفولة، ثم سن البلوغ الجنسي الذي تتحول فيه الأعضاء التناسلية إلى الشكل الناضج القادر على أداء وظيفة التكاثر.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ثم سن النشاط التناسلي الذي يشغل حوالي 30 عاماً أو أكثر من حياة الأنثى، وينتهي بسن انقطاع الطمث، فما هي هذه المرحلة وما أهم التغيرات التي تطرأ على الأنثى خلالها؟
ما هو سن اليأس
يعرف سن اليأس (Menopause) (يدعى أحياناً سن الضهي، سن الإياس، سن انقطاع الطمث) بأنه الفترة التي تنقطع فيها الدورة الشهرية عن الأنثى انقطاعاً تاماً، يحدث بشكل وسطي في عمر 51، لكن الفترة الطبيعية لحدوثه هي بين الـ 40 و55 من العمر.
يعلم الجميع أن انقطاع الطمث لا يحدث بين ليلة وضحاها، فهو يمتد على فترة عدة سنوات، ويكون المؤشر الأول على حدوثه تباعد الطموث (أي ازدياد الفاصل الزمني بين دورة شهرية وأخرى)، وعندما يمر عام كامل دون أي دورة شهرية يمكننا القول إن المرأة قد وصلت إلى سن اليأس. [1]
التغيرات التي يمكن أن تحدث خلال فترة انقطاع الطمث
تعاني معظم النساء من واحد أو أكثر من الأعراض المرافقة لانقطاع الطمث، تبدأ الأعراض بالظهور تدريجياً خلال عدة سنوات، وتختلف في شدتها إلى حد بعيد بين امرأة وأخرى، وفيما يلي بعض أهم هذه الأعراض:
النزف المهبلي غير المنتظم
تتفاوت شدة النزف بشكل كبير بين امرأة وأخرى، ففي حين يكون النزف المهبلي قليلاً وغير ملاحظ عند بعض النساء، تعاني أخريات من نزوف غزيرة وغير متوقعة، أما الدورات الشهرية فقد تزداد وتحدث بفواصل قصيرة في فترة ما قبل سن اليأس، أو تتباعد تدريجياً حتى تختفي.
من الشائع أن يحدث للمرأة في الفترة قبل سن اليأس طمث مفاجئ بعد انقطاعه لمدة ستة أو سبعة أشهر، لكن هذا لا يحدث لدى الجميع، لذلك لا يوجد "نمط طبيعي" واحد للنزف خلال هذه الفترة، ومن المهم أن تجري المرأة فحصاً لدى طبيب النسائية للتأكد من السبب وراء النزف ونفي الاحتمالات الأخرى مثل الأمراض الخبيثة.
الهبات الساخنة والتعرق الليلي
تعتبر الهبات الساخنة (Hot Flashes) عارضاً شائعاً لدى النساء في الفترة المبكرة من سن اليأس، والهبة الساخنة هي شعور مفاجئ بالدفء يغمر الجسد وتشعر به الأنثى بشكل خاص في منطقتي الرأس والصدر.
تترافق الهبات الساخنة أحياناً بتوهج الوجه (أي احمراره واحتقانه بالدم)، وتنتهي بعد بضع دقائق بتعرق غزير وزيادة في سرعة التنفس، لا أحد يعلم السبب وراء الهبات الساخنة بشكل دقيق، لكن ما هو معروف أنها مرتبطة بالتغيرات الهرمونية والجسدية التي ترافق سن اليأس.
من الشائع ترافق الهبات الساخنة مع نوبات من التعرق الليلي الذي يوقظ المرأة من نومها وهي تتصبب عرقاً مما يجعل العودة إلى النوم فوراً أمراً صعباً، وهذا ما يقود إلى الشعور بالتعب والنعاس وعدم القدرة على العمل بكفاءة في اليوم التالي. [1]
أعراض الجهاز البولي
يبدو أن الطبقة المبطنة للإحليل (Urethra) (القناة الناقلة للبول التي تصب فيها المثانة وتطرح عبرها البول إلى خارج الجسم) تصاب بتغيرات مشابهة لتلك التي تحدث لبطانة المهبل.
فتصبح جافة ورقيقة وتفقد مرونتها بشكل تدريجي مع تناقص الهرمونات الأنثوية، ويؤدي ذلك بالتالي إلى زيادة احتمال الإصابة بالتهابات المجاري البولية والسلس البولي (السلس البولي هو خروج كميات صغيرة أو كبيرة من البول بشكل غير إرادي)، في هذه الحالة تشعر المرأة برغبة ملحة بالتبول عند القيام بأي نشاط مجهد مثل السعال أو الضحك أو رفع أجسام ثقيلة.
الأعراض العاطفية والنفسية
تعاني النساء في مرحلة سن اليأس من اضطراب في الذاكرة والقدرة على التركيز والتفكير، إضافة إلى إرهاق نفسي وأعراض عاطفية مثل العصبية المفرطة وتقلب المزاج، ويصعب فصل الأعراض بين تلك الناتجة عن التغيرات الهرمونية بشكل مباشر أو بسبب القلق حول الوصول إلى هذا العمر.
يصعب أيضاً تحديد سبب هذه الاضطرابات بسبب تداخلها مع الهبات الساخنة والتعرق الليلي، فذلك أيضاً يسبب الإرهاق في اليوم التالي، وهذا الإرهاق يؤدي بدوره إلى نقص التركيز والمزاج العصبي.
التغيرات الجسدية
تحدث زيادة في الوزن عند معظم النساء في سن اليأس، كما أن توزع الشحوم في الجسد قد يتغير أيضاً وتتجه الدهون للتراكم في منطقة البطن والخصر بدلاً من الردفين والفخذين.
تظهر أعراض جلدية من نقص في مرونة البشرة وزيادة التجاعيد، ويؤدي الاضطراب في التوازن الهرموني إلى ظهور الشعر في مناطق غير مرغوبة مثل الشفة العلوية، الذقن، الصدر والبطن.
كما تتأثر أعضاء الجهاز التناسلي الأنثوي وملحقاتها بتغيرات سن اليأس، فيصبح المهبل جافاً بسبب نقص نشاط الغدد المفرزة للمواد الزيتية المرطبة له، وهذا ما يؤدي إلى الشعور بالألم والانزعاج أثناء الجماع مما ينتج عنه برود جنسي لدى المرأة.
كما تحدث تغيرات في نسيج الثديين إذ تتراجع نسبة النسيج الغدي المتماسك على حساب النسيج الشحمي الرخو، فيصبح الثديان أقل مرونة وتماسكاً من السابق، كما يتغير لون الحلمتين ليصبح داكناً حتى لو كان بلون وردي في السابق.
وهناك أعراض عديدة أخرى يترافق ظهورها أو تطورها مع سن اليأس والفترات التالية له، مثل الصداع بأنواعه وخفقان القلب (خصوصاً بعد الهبات الساخنة) وآلام المفاصل وتصلبها، إضافة إلى تراجع كتلة العضلات وترقق العظام.
متى عليك زيارة الطبيب بخصوص أعراض انقطاع الطمث
مع الأسف، فإن عدداً قليلاً جداً من النساء في بلادنا العربية يداوم على زيارة الطبيب بشكل سنوي منتظم، ويبقى هذا الأمر مشكلة كبيرة في فترة زمنية حرجة مثل سن اليأس، إذ يمكن تلافي الإصابة بالكثير من الأمراض أو الحد من خطورتها عن طريق التشخيص المبكر والعلاج بشكل مناسب قبل تطور المرض.
من المفضل أن تزوري الطبيب العام أو طبيب النسائية إذا بدأت أعراض سن اليأس (أو الأعراض الممهدة له مثل اضطراب الدورة الطمثية) في سن مبكرة (قبل سن الأربعين أو خلال الأعوام الأولى من الأربعينات).
في هذه الحالة يقوم الطبيب بإجراء فحص عام وإجراء اختبارات هرمونية، وهذه الاختبارات تحدد فيما إذا كانت الأعراض ناتجة عن سن اليأس أو عن مرض ما. [2]
علاج أعراض سن انقطاع الطمث
بالرغم من كون سن اليأس مرحلة طبيعية تمر بها كل امرأة، لكن الأعراض المرافقة لها قد تكون مزعجة ومؤلمة مما يدفع بعض النساء إلى طلب العلاج من الطبيب، كما تفضل أخريات الحصول على علاجات لأغراض تجميلية ومن أجل التغلب على الآثار الجسدية للتقدم في السن، ومن هذه العلاجات:
العلاجات الهرمونية
يهدف هذا العلاج إلى تعويض الهرمونات الأنثوية (الأستروجين والبروجستيرون) الذي يعتبر تراجع مستواها سبب حدوث أعراض سن اليأس المختلفة، ويدعى هذا العلاج بـ علاج تعويض الهرمونات (Hormone Replacement Therapy HRT) أو العلاج الهرموني لما بعد سن اليأس (Post Menopausal Hormone Therapy).
يفيد هذا النمط من العلاج في التخفيف من أعراض الهبات الساخنة وجفاف المهبل، إلا أن الآثار الجانبية المحتملة حالت دون انتشار هذه العلاجات على مجال واسع، إذ تشمل هذه الآثار زيادة خطورة الإصابة بالأمراض القلبية، السكتة الدماغية وسرطان الثدي.
بالرغم من كون العلاقة بين العلاج الهرموني وسرطان الثدي غير مثبتة (وخاصة عند إعطاء الهرمونات بجرعات محدودة ومدروسة) إلا أن الأمر لا يزال مثار شك، ويقتصر العلاج على الحالات التي لا تستجيب للأدوية التقليدية مثل خافضات الحرارة والمسكنات الشائعة. [2]
المراهم المهبلية الموضعية
تحتوي على هرمون الإستروجين (Estrogen) الذي يعتبر الهرمون الأهم في الصفات الجسدية الأنثوية، ويوجد في أغلب مستحضرات العلاج الهرموني وحبوب منع الحمل، وتتفوق مركباته الموضعية (الكريمات) على الحبوب بكون تأثيرها مقتصراً على منطقة المهبل؛ مما يحد بشكل كبير من التأثيرات الجانبية واختلال التوازن الهرموني.
بعض مضادات الاكتئاب
يبدو أن إعطاء بعض أنواع مضادات الاكتئاب بجرعات منخفضة يخفف من شدة وتكرار حدوث الهبات الساخنة، ويكون استخدام مضادات الاكتئاب مفيداً بشكل خاص لدى النساء اللواتي لا يجب إعطاؤهن أدوية هرمونية، أو عند أولئك اللاتي يحتجن أدوية لعلاج الاكتئاب في الأصل.
أدوية ترقق العظام
بما أن ترقق العظام عارض شائع للنساء في النصف الثاني من العمر تفضل بعض النساء تناول العلاج بشكل وقائي منعاً لتدهور الترقق، ويشجع الأطباء النساءَ على تناول أغذية غنية بالكالسيوم والفوسفور، أما الأدوية فتقتصر على الحالات المعرضة لخطر الترقق العظمي بشكل أكبر من البقية.
طرق بسيطة للتخفيف من أعراض سن اليأس
لحسن الحظ فإن أغلب النساء لا يحتجن إلى أي نوع من المعالجة الدوائية لأعراض سن اليأس، خاصة أنها تبدأ بالزوال تدريجياً وتختفي خلال سنوات قليلة، هذا ويمكنكِ اتباع هذه النصائح للتخلص من الأعراض المزعجة:
برّدي الهبات الساخنة
يمكن أن يساعدك ارتداء ملابس خفيفة أو إبقاء زجاجة من الماء البارد بالقرب منك في مقاومة إزعاج الهبات الساخنة، حاولي الانتقال إلى مكان أكثر برودة عند حدوث هذه الهبات وحددي بشكل دقيق ما يحرضها حتى تتجنبيه، يمكن أن تحدث الهبات الساخنة نتيجة العديد من العوامل، مثل المشروبات الساخنة، المنبهات، الأطعمة المليئة بالتوابل، الكحول، والشعور بالتوتر أو حتى الطقس الحار. [3]
خففي من جفاف المهبل
باستخدام بعض المستحضرات الطبية المرطبة التي يمكنكِ شراؤها من الصيدلية، تأتي هذه المستحضرات بعدد من الأشكال منها كريمات أو هلام (Jelly)، تحوي بعضها مادة الغليسيرين (Glycerin) التي تسبب حكة والتهاباً لدى بعض النساء؛ لذلك يفضل أن تسألي الصيدلي عن مكونات المرطب وفيما إذا كان الغليسيرين موجوداً في تركيبه، كما يفيد الحفاظ على نشاط جنسي منتظم في زيادة تدفق الدم إلى منطقة المهبل، مما يبقي على نشاط الغدد المرطبة.
احصلي على قسطٍ كافٍ من الراحة
وهذا بتجنب تناول المشروبات الحاوية على المنبهات والكحول التي قد تسبب الأرق أو تحرض حدوث الهبات الساخنة، كما تفيد ممارسة التمارين الرياضية خلال النهار (لكن ليس قبل النوم مباشرة) في التغلب على مشكلة الأرق إن وجدت.
حافظي على نظام غذائي متوازن
احرصي على تناول أنواع مختلفة من الفواكه والخضار والحبوب الكاملة، وتجنبي المأكولات الدسمة والغنية بالسكر، واسألي طبيبك فيما إذا كنت بحاجة دعم دوائي بالكالسيوم والفيتامين D.
توقفي عن التدخين
فتدخين السجائر وغيرها من المواد الأخرى يؤدي إلى ارتفاع خطورة الإصابة بالأمراض القلبية، السكتة الدماغية، ترقق العظام، السرطان وغيرها الكثير من المشاكل الصحية، إضافة لكونه قد يحرض الهبات الساخنة وحدوث الضهي المبكر (أي الوصول إلى سن اليأس قبل إتمام الـ 40 من العمر).
مارسي الرياضة
فالتمارين الرياضية المنتظمة تحمي من الإصابة بالأمراض القلبية والسكري وترقق العظام والأمراض الأخرى المتعلقة بالتقدم في السن.
وهكذا سن اليأس -ولا يُحبذ أن يُطلق عليه هذا الاسم ولكنه متداول- ليس سوى مرحلة أخرى من مراحل الحياة التي يجب أن تمر بها جميع النساء، ولا يجب أن يعني وصولكِ إليها فقدان الثقة بنفسكِ وبجسدكِ، أو التوقف عن العمل وممارسة الحياة الطبيعية، إذ لا يزال أمامك العديد من سنوات النشاط والطاقة، وعليكِ استغلالها بالعمل والإنتاج، والاستمتاع بوقتكِ على أكمل وجه.