سمير غانم يلتقي برفقاء عمره: الثلاثي الذي صنع البهجة وهزم حزن النكسة
-
1 / 16
"عزيزي الضيف أحمد، بسأل عنك كل ما بضحك بس ما بيجيش الرد.. بس مفيش من المكتوب بد، وأهي أيام بتعدي يا ضيف وهنتقابل بلا تكليف ونقعد نضحك".. لم يكن يعلم نجم الكوميديا في الوطن العربي، سمير غانم، أن رثاءه لشريك عمره الضيف أحمد، سيدوي في بيوت محبيه بعد دقائق من رحيله، فبهذه الكلمات ودع سمير غانم الضيف، ولم يكن يعلم أنه سيًودع بالكلمات ذاتها ليطفئ الموت آخر نجم من نجوم ثلاثي أضواء المسرح.
رحلة طويلة جمعت الثلاثي سمير غانم، جورج سيدهم، والضيف أحمد، انطلقت شرارتها بعد النكسة التي ابكت القلوب، ليروي الثلاثي قلوب المصريين بالضحك من جديد من خلال عروضهم والتي خرجت عن كونها مجرد عروض مسرحية لتصبح شريك أساسي في الكثير من الأعمال السينمائية التي لازالت تحتفظ بمكانتها في قلوب المشاهدين حتى الآن.
ثلاثي اضواء المسرح
طوال مسيرتهم الفنية لم يفشلوا مرة واحدة في أن يخطفوا قلوب محبيهم ويملأوها بالضحك، رحلة طويلة بدأت في فترة الستينيات بدأها الثلاثي سمير غانم، وجورج سيدهم، والضيف أحمدن والذي كان يطلق عليه "العقل المدبر" للفرقة.
شاهدي أيضاً: وفاة الفنان سمير غانم متأثراً بفيروس كورونا
محطات كثيرة مرت بها فرقة ثلاثي أضواء المسرح منذ بدايتها وحتى انطفاء آخر ضوء لها، يحكي جورج سيدهم في إحدى لقاءاته التليفزيونية ويقول: "مسرحية حواديت بداية فرقة ثلاثي أضواء المسرح، بعد النكسة البلد كانت حالتها وحشة أوي ولا كان في مسرح ولا فيه أي نوع من أنواع الكوميديا حتى البرامج الكوميدية ما بقيتس موجودة، وفكرت وقتها مع الأستاذ محمد سالم الله يرحمه وهو مخرج تليفزيوني كبير، وكان الرابع بتاع الثلاثي والخامس بتاعنا كان الشاعر الغنائي الله يرحمه حسين السيد".
يستكمل جورج سيدهم في لقاءه التليفزيوني الذي أجرته معه الإعلامية نهال كمال ويقول: "قلت لسالم وبعدين هنقعد كدة! رد وقالي لازم نفكر في حاجة، وبعدها قررت أروح إسكندرية اقعد يومين، وقابلت بالصدفة محافظ الإسكندرية قالي عدي عليا، وفعلا رحت له وقعدت معاه وقالي متعملوا فرقة وتعرضوا في الإسكندرية، استغربت وقتها وقلت له إزاي الدنيا ضلمة، قالي هديلك مسرح الشاطبي ببلاش، وهخلي بتوع هيئة تنشيط السياحة يدعموكم، وفعلا ده حصل بعد كدة بدل ما كانت الإعانة 15 جنيه بقت 30 جنيه".
وأضاف سيدهم: "أجرنا معهد خاص بالرقص لعمل البروفات، وتم الاتفاق مع الفنانة نجلاء فتحي لتكون بطلة العرض لكنها اعتذرت لأنها لم تجد نصا واضحًا، وبدأوا في التفكير في كتابة مسرحية من فصل واحد وبعد ذلك خرجت من فصلين، وهي مسرحية حواديت".
وعن تذاكر أول حفل لهم، قال سيدهم: "أغلى تذكرة كانت 58 قرش، عملنا مجهود كبير علشان نخلي الناس تخرج من بيوتها، وأنا كان عندي عربية كبيرة أوي عملت بيها دعاية، كنت مشتريها من الرياسة كان بيطلع بيها الريس جمال عبدالناصر في التشريفة، حسيت بعظمتها واشتريتها، كان بيركب فيها مش اقل من 18 واحد".
أول عرض لثلاثي أضواء المسرح
بمجهود ضخم فعلوه بأنفسهم حاول سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد أن يملئوا الأرض بدعايا عرضهم الأول، إلا أنه لم يكن في الحسبان ما حدث، فالثلاثي في حالة ترقب، تحاوطهم الظنون بأنه لا استجابة لهذه الدعاية، ليحدث ما لم يتوقعوه، فتذاكر العرض انتهت وبيعت لمدة أسبوع مقبل، لتنطلق بذلك صافرة التألق للثلاثي ويبدأوا رحلتهم التي لم تكن فقط مجرد ضحكات صافية من قلوب محبيهم بعفوية وتلقائية أدائهم، وإنما خلدت أيضاً الكثير من الأعمال الفنية، فلا أحد ينسى سكتشات الثلاثي في الكثير من الأفلام المصرية والتي لازال المشاهدون يرونها وكأنها تعرض للمرة الأولى بنفس الشغف والحب والضحك.
سمير غانم يرثي الضيف أحمد
وفاة الضيف أحمد كانت ضربة موجعة لفريق ثلاثي اضواء المسرح، ليرفض الثنائي توفير بديل، فلم تستمر مسيرة الثلاثي طويلاً، لينطفئ الضوء الثاني برحيل جورج سيدهم، والثالث برحيل النجم الكبير سمير غانم.
شاهدي أيضاً: وداعًا سمورة.. الفنانون ينعون سمير غانم برسائل مؤثرة
بكلمات صادقة مست كل القلوب ودع سمير غانم رفيق عمره قائلاً: "عزيزي الضيف أحمد.. بسأل عنك كل ما بضحك، بس ما بيجيش الرد! كل ما بلمح حد واصلك، أجريله ألقاه يتشد... بيني وبينك عندك أحسن، أروقـ، ألطف، لولا الرب علينا بيلطف كنا زمانا بناكل بعض.. بس بنضحك، نزعل نضحك، نفرح برضه نضحك".
وبصدقه يكمل: "عزيزي الضيف أحمد، معرفش إذا كنت سامعني ولا معدتاش تسمع حد، فاكر لما كنا نغني كنا نضحك طوب الأرض، بيني وبينك كل ما أدقق، أفكر، أمعن أحس إني حتجنن، بس مفيش من المكتوب بد، وأهي أيام وتعدي يا ضيف وحنتقابل بلا تكليف ونقعد نضحك.. نضحك".
رثى سمير غانم رفيق عمره بكلمات امتزج فيها الشجن مع الضحك، لم تخل أعماله يوماً أو ظهوره على الشاشة من جرعة ضحك صادقة، تلقتها قلوب محبيه بكل سهولة ودون أدنى مجهود، واليوم يرحل سمير غانم ليلتقي مع ضوئين المسرح اللذين سبقوه، وسط حالة من الحزن التي تعتصر قلوب محبيه، إلا أن تركته ستظل مخلدة لاسمه، وستظل أعمال ثلاثي أضواء المسرح جرعة مكثفة كافية لملأ الأجواء بهجة ومرح وضحكات صادقة.