زواج التجربة
انتشرت فكرة زواج التجربة وكثر الحديث والجدل حولها، بعدما قام محامي مصري في أواخر عام 2020 بتطبيق زواج التجربة بهدف الحد من حوادث الطلاق المنتشرة، وعليه زادت التساؤلات حول ماذا يعني زواج التجربة؟ وما مدى شرعيته الدينية، وبسبب هذه الحادثة انتشر جدل واسع حول الموضوع ما بين الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، نتابع معاً لمعرفة التفاصيل حول هذا الموضوع.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
شاهدي أيضاً: مفتي المملكة: زواج القاصرات جائز ولا شيء فيه
معنى زواج التجربة:
هو إبرام عقد زواج بمدة محددة أو تحديد مدة الزواج بين الزوجين بحيث لا تقل عن 3 سنوات، بهدف النظر في مدى نجاح الزواج أو عدمه للتمهل عند أخذ قرار بالطلاق، وفي الحقيقة وضح المحامي أحمد مهران أن ما يُسمى بزواج التجربة هو في الواقع ليس عقد زواج، وإنما عقل صلح تابع لعقد الزواج، ويشير إلى أن الزواج يتم على يد مأذون شرعي أي أنه زواج مطابق لأحكام الدين الإسلامي، ويؤكد مهران على أن هذا العقد الملحق لعقد الزواج هو وسيلة تمنع أي من الزوجين من التفكير بالطلاق لأسباب يمكن حلها، أو العمل على إيجاد حلول لها قبل الشروع بفكرة الطلاق. [1]
زواج التجربة المؤقت:
وهو الزواج الذي يتم فيه تحديد مدة معينة للزواج من قبل الزوجين، بحيث ينتهي الزواج بانتهاءها، ويعتبر تحديد مدة للزواج من الأمور المحرمة شرعاً وغير جائزة وتبطل الزواج.
زواج التجربة مصر:
تسببت قصة زواج التجربة في مصر، بظهور حالة جدلية واسعة بسبب تحديد موعد التزام بين الطرفين ضمن شروطهم، وانتقل الجدال بين الناس إلى الأزهر الشريف الذي حسم الحكم في هذا الزواج بأنه باطل والتحريم النهائي له ويترتب عليه زنا، ولكن في المقابل أعلنت دار الإفتاء المصرية عن تشكيل لجان لدراسة المبادرة من كافة جوانبها، للوقوف على رأي سليم للحكم الشرعي لها وعليها يتم إصدار فتوى شرعية رسمية بها.
عقد زواج التجربة:
أوضح المحامي المصري أحمد مهران صاحب مبادرة عقد زواج التجربة، أو عقد الصلح على حد تعبيره، بأن العقد الذي تقدم به، يتضح من عنوانه أنه عقد اتفاق على مشارطة زواج، حيث كتب في البند التمهيدي في صدر العقد، أن الطرفين زوجان في عقد شرعي رسمي على كتاب الله وسنة رسوله، وقد تزوجا منذ (مدة الزواج) سنوات، زواج مكتمل الأركان بشهود وولي، وأنه جاء في بنود العقد أنه عقد لاستمرار الحياة الزوجية وقبول الزوجة الرجوع لمنزل الزوجية مره أخرى، وأن تخوض تجربة الحياة مع الزوج مره أخرى بعد أن كانت تريد الطلاق منه، ولكن رجوعها لاستمرار حياتها الزوجية كان مرهونا بعدة طلبات لها، تم تحريريها فى عقد للتصالح بهدف رجوع الزوجة لمنزل الحياة الزوجية، لكن تم إساءة الفهم عند الكثير من الناس وتناقلت الأخبار علي سبيل الخطأ على أن ما نشر عقد زواج على خلاف الحقيقة. [2]
حكم زواج التجربة:
كما ذكرنا في البند السابق فإن الأزهر الشريف قام بتحريم عقد زواج التجربة تحريماً نهائياً، معتبراً بأنه زواج باطل وغير شرعي، في حين كان لدار الإفتاء المصرية رأي مختلف حول الحكم دون دراسة المبادرة، فأعلنت بأنها ستقوم بعمل دراسة شاملة للمبادرة تضم كل الجوانب الاجتماعية والأسرية والدينية، ولكن بعد الانتهاء من دراسة الحالة صرحت بحكم نهائي للقضية.
زواج التجربة دار الإفتاء المصرية:
أعلنت دار الإفتاء في مصر حكمها النهائي ضمن توضيحات لأسس الزواج في الإسلام، وبأنه عقد مصون لا يمكن العبث به، حيث قالت إن "الزواج في الإسلام عقد مصون، عظمه الشرع الشريف، وجعله صحيحا بتوفر شروطه وأركانه وانتفاء موانعه، شأنه كشأن سائر العقود، فالعبرة فيه بالمسمى، لا بالاسم، أي: النظر الشرعي لعقد الزواج يكون على مضمونه لا على اسمه، فمن أجل الحكم على عقد زواج بالصحة أو البطلان لابد من تصور صحيح لمضمونه، دون إغراق النظر لحداثة اسمه".
وأشارت إلى أن ما يُسمى إعلامياً بـ"زواج التجربة" هو "مصطلح يحمل معاني سلبية دخيلة على قيم المجتمع المصري المتدين الذي يأبى ما يخالف الشرع أو القيم الاجتماعية وتم استخدامه لتحقيق شهرة زائفة ودعاية رخيصة في الفضاء الالكتروني".
ومن جهتها دعت دار الإفتاء المصرية الناس في المجتمع بكافة فئاته إلى "عدم الانسياق وراء دعوات حداثة المصطلحات في عقد الزواج التي ازدادت في الآونة الأخيرة، والتي يكمن في طياتها حب الظهور والشهرة وزعزعة القيم، مما يحدث البلبلة في المجتمع، ويؤثر سلبا على معنى استقرار وتماسك الأسرة التي حرص عليه ديننا الحنيف ورعته قوانين الدولة".
ورأت دار الإفتاء المصرية أن "إطلاق الناس على عقد الزواج أسماء جديدة لا يؤثر على صحة أو فساد العقد، فإذا تم عقد الزواج بين رجل وامرأة خاليين من الموانع الشرعية مستكملا لأركانه وشروطه، والتي منها عدم كون الزواج مؤقتا بمدة محددة، فهو عقد صحيح ويستتبع آثاره وما يترتب عليه من أحكام".
كما أكدت دار الإفتاء على أن "اشتراط منع الزوج من حقه في طلاق زوجته في فترة معينة بعد الزواج، هو من الشروط الباطلة، لأن فيه إسقاطا لحق أصيل للزوج جعله الشرع له، وهو حق التطليق، فاشتراط هذا الشرط إن كان قبل عقد الزواج فلا محل له، وإن كان بعده فهو شرط باطل، فيصح العقد ويبطل الشرط في قول جميع الفقهاء".
وأوضحت دار الإفتاء بأن "اشتراط ما فيه مصلحة لأحد العاقدين مما سكت الشرع عن إباحته أو تحريمه ولم يكن منافيا لمقتضى العقد ولا مخلا بالمقصود منه، ولا مما يقتضيه العقد أيضا، بل هو خارج عن معناه، كأن تشترط على زوجها أن لا يخرجها من بيت أبويها، أو أن لا ينقلها من بلدها، أو أن لا يتزوج عليها إلا بمعرفتها، فمثل هذا النوع من الشروط صحيح ولازم، وفق ما يراه بعض العلماء، وهذا هو الأقرب إلى عمومات النصوص والأليق بأصول الشريعة".
وأضافت دار الإفتاء أن "تجنب الخلافات الزوجية لا يكون مسلكه وضع الشروط الخاصة والحرص على كتابتها تفصيلا في وثيقة الزواج الرسمية، أو إنشاء عقد آخر منفصل مواز لوثيقة الزواج الرسمية، بل سبيله مزيد من الوعي بمشاورة المختصين، والتنشئة الزوجية السليمة، والتأهيل للزوجين بكافة مراحله".
زواج التجربة الذي ظهر في مصر في الآونة الأخيرة كمبادرة من محامي مصري يدعو من خلالها إلى التريث في اتخاذ قرار الطلاق، أعتُبر من الجانب الديني مسألة غير مقبولة وتمس حرمة عقد الزواج المصون، وأنها أمور لا يمكن العبث بها وأكدت على تحريمه نهائياً، مع توضيح كافة الجوانب التي أدت إلى ظهور هذا الحكم من دار الإفتاء المصرية.