قصة ذو الكِفْل عليه السلام
ذو الكفل نبي من أنبياء الله، وقد ذكر في موضعين في القرآن الكريم، ذُكر في سورة الأنبياء وسورة ص، وقد نفى بعض العلماء المسلمين نبوة ذي الكفل وقالوا بأنه كان رجلاً صالحاً، حيث كان يتكفل بتقديم المساعدات إلى قومه وإعانة المحتاجين منهم، كان يقضي حاجاتهم ويحكم بينهم بعدل الله، ولذلك سميّ بـ "ذي الكفل".
كما قيل بأن سبب تسميته بـ "ذي الكفل" لأنه كان يوفي بالعهد، كما قال قتادة ومجاهد جاء سبب تسميته لأنه حمل عن غيره عبء العمل فنال أجراً ضعف أجر غيره، أما ابن تيمية والرازي والحسن هم العلماء الذين قالوا بأن ذا الكفل نبي من أنبياء الله.
قصة ذو الكفل
وتبدأ قصته عندما كبُرَ اليَسَعُ في السِّنِّ قال: لو أنني أستخلفُ رجلاً مكاني لأرى ما الذي سيصنعه، هل سيكون عادلاً أم ظالماً، فجمع الناس وقال: أيها الناس، الذي يقبل مني ثلاثة شروط استخلفته عليكم، وهي أن يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب، فسكت الناس وقام رجلٌ، وهو ذو الكفل وقال: أنا، فسأله اليسع: هل تصوم النهار، وتقوم الليل، ولا تغضب، فردَّ بنعم، فلم يقل اليسع شيئاً وترك الأمر لليوم الثاني، وأعاد طلبه وشروطه، فقام ذاك الرجل وقال: أنا، فوافق عليه اليسع.
عندها قال إبليس لجنوده عليكم بذلك الرجل، فلم يستطيعوا أن يُفسدوه، فقام إبليسُ وبدأ بالتصرف بنفسه، فذهب إليه على صورة شيخٍ كبيرٍ بالسن، واختار الوقت الذي يرتاح فيه ذو الكفل وينام قليلاً، فدقَّ عليه الباب، فسأل: من هناك؟ أجاب إبليس: شيخٌ كبيرٌ مظلوم، فأدخله وسمع منه مظلمته التي فيها أن قومه ظلموه، وحاول فيها إبليس أن يطيلها قدر الإمكان حتى يضيِّع على ذي الكفل وقت راحته، فقال ذو الكفل: تعال عندي عندما أجلس في مجلس القضاء لأقضي بين الناس.
وعندما بدأ مجلس القضاء بدأ ذو الكفل ينظر ويبحث بعينيه عن ذلك الشيخ الكبير، فلم يجده، ولما جاء وقت راحته جاءه إبليس مرةً أُخرى يطرق الباب، فقال له ذو الكفل: لِمَ لَمْ تأتني في مجلسي، فرد إبليس بقوله: قومي خدعوني، عندما علموا بأنك جالسٌ في مجلسك قالوا لي سنرد عليك حقك، وعندما ترجع لبيتك ينكرون، فقال ذو الكفل: ائتني في مجلسي.
فلما كان اليوم الثالث لم يأتِ الشيخ، وقد تعب ذو الكفل لقلَّة نومه، فأتاه إبليس المرة الثالثة في وقت راحته، وأراد الدخول، فمنعه حارسٌ قد وضعه ذو الكِفل حتى لا يوقظه أحدٌ من نومه وراحته، فتسور إبليسٌ البيت من فتحة ودخل البيت وطرق الباب، فقال ذو الكفل ألم أقل لا يدخلنَّ عليَّ أحد، فلما رأى الشيخ في بيته عرفه وقال: أهذا أنت يا عدوَّ الله؟ قال: بلى، وقد رأيتَ كيف حاولتُ إغضابك ولم أستطع، فأوفى ذو الكفل بالأمر الذي تكفل به.