دجـنـبـر
هنا يعنيني غير ما أكون وكيف سأواجه واقعي حينها..
لم أكن لأصدق يوما أنني سأرتبط برجل شرقي، مزاجي، عنيد، سطحي.. فلطالما كانت شخصيتي تتسم بالغموض وحب المغامرات وحب ممارسة كل أشكال التحرر دون علم أهلي ورغما عن أنفهم أحيانا. فعلا كنت ذات أفكار ثورية عنيدة، مهووسة بالموضة والتبضع، حبا في إثارة المحيطين بي، رغم ما كنت أواجهه من صعوبات مع أهلي والمحيط الذي كان دائما يتقفى خطاي حتى أنهم لا يتوقفون عن إختلاق الأخبار المزيفة وتشهيرها فكلام الناس لطالما كان شر مُرافق لي.
جربت كل أنواع الحمقات من التذخين، شرب الخمر ناهيك عن بعض أنواع المخدرات الأخرى.. السهر مع الأصدقاء، الإحتيال على الشباب لأخذ المال تعلمت كل أشكال الخذاع والنصب حتى أنني لن أنكر أنني كنت لأصبح من أعظم المدرسين في الجامعات الشيطانية. بدأت هذا طبعا في سن مبكرة جدا تعلمت الرقص على خشبة الشيطان في سن السادسة عشر التي شهدت فيها أكبر مرحلة إنتقالية في حياتي، حدث لا أستطيع تذكره دون أن تغرورق عيني بالبكاء، وقلبي بالخفقان يوم تعرضت للإغتصاب.
فحينها لم تكن عندي تجربة في ميدان العلاقات العابرة ولا حتى أفكر في ذلك إلى أن صادفت غريبا وسيما في طريقي من المدرسة، سبقني أمتارا كي ينزل من سيارته ويعترض سبيلي بهدوء وجاذبية، لن أحتال على قصتي وأنكر هذا. فقد اصطادني بلطف وكلمني بدبلوماسية رقيقة، لم أستشعرني لأمنع نفسي من الصعود في سيارته الفاخرة حتى وجدت نفسي في غابة تبعد عن مدينتنا بكثير من الكيلومترات. أرغمني على نزعي بنطلوني والإمتثال لأفعاله تحت التهديد وأحيانا الإغراء لعل واحدا من هاتين الوسيلتين تنفعان معه في انساف كبته وحيوانيته، لا أستطيع الإطالة في وصف حالتي فحينها كان البكاء حضرة دفاعي الذي لم ينفعني بشيء، رجوته لله أن يعيدني من أين حملني.. فالظلام كان حالكا والبرد قارسا، لا عابرا يسير ولا وسيلة نقل ترى.. إمتثلت لأومره حتى يدعني وشأني لكن لم أعلم وقتها على أنه كان مرتكزا على إفقادي عذريتي وشرفي.
انتهت مهمته الوحشية في غضون خمس دقائق أو أقل تركني أبكي وأتساءل ما هذا الدم !!؟
أجابني بكل ثقة واستهزاء ألم تعرفي أنك حائض ؟ لن تضحكي علي فأنا درست ما لم تدرسين يا ابنتي!!
إنتابني شعور مخيف جدا كأن السماء إقتربت من رأسي هل سأحملها أم أحترق بسبب صاعقة برق قوية ومفاجئة !!؟
شاء قدري أم شئت أنا، أن أشارك في أخبث أنواع جرائم الدنيا !!؟
كيف جلبت العار لنفسي ولأهلي.. !!؟
علامات إستفهام كثيرة فليس بمحض الصدفة أن يعوق المرأ فجأة السماء.. !!!
كيف إستسلمت طفولتي المهذبة لذئب بشري أن يقتلع روحي النقية العذراء ..!!؟؟
تصادم واصطدام علمني درسا كافيا لأكره كل أصناف الرجال آن ذاك. زرع الخوف والألم في قلبي لسنينا وسنين، ربما هو نوع غريب من الخوف يسكنني وينتابني كثيرا حين أفكر في أن أثق برجل آخر بعد ذلك، لكن حتى انني لا أستطيع البقاء دون الإرتباط لأنني أخاف على نفسي من الوحدة والشعور بالذنب حتى الموت..
لسوء حظي إستطعت أن أواجه الواقع بكل تضاريسه لم يبقى في جسدي ما أخسره غير أنني كنت أخاف أن أشكو لأحد أو أبوح بهذا.. سارعت لأن أكون ذكية في اصطياد وليمتي بعيدا عن محيطي حتى صديقاتي المقربات جدا لم يعلمن بالأمر حتى أنني أعود للمنزل بوجه بريء يبقيني تلك الفتاة التي عاهدوا، حتى أني قطعت وعدا على نفسي أن لن يقترب من جسدي " نورسي" حتى أتزوج أو أموت، لكني ما استطعت لهذا ثباتا.. فالضرورة كانت ملحة جدا والفقر الذي كنت أعانيه لم يُخْلِ لي السبيل لأترفع بكبريائي أمام المال. لأنني لم أعتد الفقر حينها فأسرتي كانت تعاني من مشاكل مادية عويصة بسبب إخفاق أبي وأخي في العمل ،لم أتحمل أن أسمع بكاء أمي وشكواها من المرض ولا تعب أبي في جلب قطقة الخبز المرة ولا الشكايات التي تطال أخي من الشرطة بسبب غبائه وسوء تسييره لحياته فقد اضطررنا لفقدان كل ثروتنا للوقوف بجانب أبي وأخي كي لا يزجان بهما في السجن .. لم أستطع أن أطلب من أبي ثمن شراء الكتب و الملابس والدواء كي لا أحبطه وأزيد من همومه إضطررت لقضاء حوائجي و ضرورياتي إعتمادا على ذكائي وأحيانا جسدي الأبيض الرطب.. لآخد بعض المال الذي سرعان ما ينتهي وأعاود الكرة بنفس الطريقة وأشخاصي الذي عاهدتهم على هذا محسبون على رؤوس الأصابع ويبعدون طبعا عن المحيط الذي أعيش فيه كي لا يفضح أمري ..
كانت تنزعج أمي حين تراني بملابس جميلة وجديدة حتى أنها سئمت من إخفاء انزعاجها لكن التساؤل كان دائما يظهر على محياها، فأمي تخاف أن تسألني يوما فتجد الجواب الذي سيمزق وجدانها ويسقط الفشل على سنين تربيتها لنا ،لهذا كنت دائما أقدم لها الجواب قبل ان تسألني أقول بأنني إستعرتها من صديقاتي وأجد لهذا حججا كافية وبراهين قوية لتصدق الأمر، حدس الأم قوي لكن وسائل إقناعي أقوى بكثير.. كان الشيطان يقتبس خطواته من خطواتي والملاك يتنازل عن وجهه كي يستر قبح أفعالي .. !!
نعم هذه أنا التلميذة المجتهدة في نظر أساتذتها ، والصبية البريئة في نظر أهلها ،والمراهقة الجميلة الطائشة في نظر الذئاب الذين عرفتهم...
كل ما كنت أخشاه بدأ يظهر أو ربما ينتشر. الأمر الذي لم أحسب له عقباه أن المدينة التي نعيش فيها تمتاز بصغرها من حيث الإعمار والمساحة وسكانها متشابكو الأصول والعلاقات الإجتماعية. وأنني لم أكن ذكية كفاية في إختياري للأشخاص الذين عرفتهم عن طريق "الجنس". فلطالما تظل ممارسة الجنس والتحرر السلبي حكرا على المرأة فقط في مجتمعنا الرجولي.. فلا خوف عليه ولا مانعا في نشر أشكال علاقاته مع النساء والتشهير بهن خاصة عندما يكون مع علاقة بفتاة جميلة تثير الإنتباه.
سرعان ما بدأت تنتشر الأقاويل بين الناس هؤلاء الذين أعرفهم وأصدقائي أيضا ،إلا أنني أتفاجئ بأرقام هاتفية غريبة تظهر على شاشة هاتفي ، فأرد لأسمع أصوات ذكورية تتردد في مسامعي منهم من يتودد بلطف ومنهم من يتطفل بكلمات ساقطة .. لا شك أن مثل هاته التلاعبات اللاسلكية قد تواجهها أي فتاة مثيرة .. كنت أقنع نفسي بهذا الكلام كي لا أبقى على حالي أو ربما آخذ الحيطة أكثر ..
حتى بدأت أنزعج كثيرا أو ربما هو نوع من الرفض لكل العلاقات التي أكون أنا فيها بطلة لقصتها الغرامية .. دوما ما أتحكم فيوعلاقاتي وأخذها على ذوقي و ودرجة حرارة مزاجي .ففي كل الأحوال هنالك خلفها أهداف شيطانية إما قضاء وقت جميل مع وسيم لإحياء هزات جنسية تمتعني وتمتعه وإما أشخاص ذوي السلطة والثراء مقابل النقود..
أمشي وراء الأنا العظمى برقة وأنوثة تبهر الجميع وتكسر ظهري ولو بعد حين..
لم انسى أنني تجاوزت سن الواحد والعشرين وأنا أرفض كل رجل يطرق باب بيتنا طلبا في يدي . أقنع والدي بأن فكرة الزواج تزعجني لأنني أريد إكمال دراستي، وعندما يطلبني شخص أخر للزواج ولا يشترط علي ضرورة وقف إكمال دراستي أبدأ التشخيص في عيوبه الظاهرية واطلب من والدي أن يقول له أنه لايناسبني أو أنا لا أفكر بالإرتباط في الوقت الحالي ..
قد يستغرب القارئ أنني تعودت على الطيش والعهر لكن فعلا ليس هذا فكل ما في الأمر أنني أخاف من الزواج كي لا يفضح أمري أمام زوجي وأهلي ليلة الدخلة وأصير في عداد الموتى الملعونين ..
فقررت أن أكف عما أقوم به وأجد لنفسي طريقة أخرى لكسب المال بالحلال جربت كم من طريقة لكن دائما ما أجد صعوبات فبالطبع لم أحصل حينها على شهادات دراسية كافية تأهلني لولوج قطاع الشغل الذي تتوفر فيه شروط الكرامة الإنسانية. فقررت أن أضيف دبلومات أخرى إلى سيرتي المهنية ، لم أستسلم طبعا رغم عبئ مصاريف الدراسة التي تطال والدي .
فالسنتين اللتان كنت أدرس دبلومي في تقنيات المعلوميات والتدبير الإداري ساعدتني في أن أتغير إلى الأحسن.. كنت أشعر بالنضج ومللت كل أنواع المرواغات القبيحة، وكل أشكال المظاهر الخارجية وخوفا أيضا على جسدي من الأمراض الجنسية المعدية، حقا كنت أشعر بإرادة قوية نحو التغيير للأفضل، إن لم أقل تبدلت كليا فربما أكثر من جزئيا من ناحية طريقة اللباس التي صارت محتشمة كثيرا والدخول إلى البيت فور الإنتهاء من حصص المدرسة.
إلغائي لكل العلاقات المزيفة وتجاهل كل وسائل الإطاحة والإغراء من لدن المعجبين، الإعتماد على دراهم أبي المعدودة حتى وإن لم تكفيني لكن على الأقل تبقيني مترفعة بكبريائي.. بقيت على هذا الحال سنتين ما أوشكت على نهاية دراستي حتى تعرفت على شاب عن طريق جارة قديمة لنا أرسلت لي دعوة إضافة في الفيسبوك.. تناولنا أطراف الحديث الأنثوي العادي معا، الذي لا يتجاوز الأسئلة المجتمعية السطحية ، ماذا تفعلين في حياتك الآن ، هل تزوجتي!!؟
فعلا أنتم تعرفون إجابتي .. بعد يومين أرسلت لي صور شاب وسيم تعرفه في فرنسا أخ حبيبها.. ثم قالت لي تستطيعين التعرف عليه كصديق عن طريق الفيسبوك ،تكلما وتعارفا على بعضكما البعض ربما تستطيعان في يوم من الأيام أن تتزوجااا ..
آه فبيني وبين نفسي شعرت بنوع من الإستهتار من خلال كلامها .. كيف لها أن تريه صورتي التي على حائط فيسبوكي دون علمي وترسل لي صورة دون أن تعرف إن كان يروقني هذا أم لا.. !!؟
حتما كان حدسي في محله الصائب، فهي أرادت أن تشغل منصب وسيط غرامي بيننا كي تثبت جذور التواصل في علاقتها مع أخ حبيبها، أو ربما هناك دوافع أخرى فهذا العالم اللئيم الذي نعيش فيه لا يخلو من المصالح الإجتماعية.. ليلتها مباشرة تعرضت إلى حادث إختناق بالغاز أثناء استحمامي مما اضطررت للبقاء في المستشفى في قسم العناية المركزة، وصلت إلى حالة كدت أفقد روحي من خلالها.. بعد عودتي من المستشفى بدأت أتلقى رسائل من الشاب الذي تحدثت لي عنه بنت جيراننا، وجدته إنسانا خلوقا مهذبا خبرته عما وقع لي ليلة أمسه، تعاطف معي دون نفاق وبدأ يسأل عني كل يوم، مما جرني لطرح بعض الأسئلة التي تخص طبيعة هذا الإهتمام. فطلب مني رقم هاتفي لنتحدث في هذا الموضوع بشكل واضح و جدي. وافقت بطبيعة الحال تكلمنا ليلتها كثيرا بطريقة عقلانية جدا خالية من الهمس والإغراء الذي يصاحب المكالمات الليلية حتى أوقفنا صوت أذان صلاة الفجر بتوقيت باريس.
بعد هذا الحديث وجدت في كلامه نوع من الرزانة والحكمة أي أنه لا يتحدث في المواضيع التافهة وأن كل ما يركز عليه هو الزواج والحلال..
ولأنني صاحبة تجربة كبيرة في الخدع السمعية البصرية أي أنني في سنيني البائسة الماضية فقهت كل دروس الغذر والإيقاع بالطرائد..
لكني أردت تطبيق حكمة المثال الشعبي الذي يقول : "اتبع الكذاب حتى باب داره " لكن كل مرة أتكلم معه أجد أنه ملتف حول دائرة الحلال..
ربما لأنني أتحدث بأدب وببراءة وعفوية لا أصطنعها بدأ يسألني عن أطباع أهلي وعدد أخواتي وطريقة نهجي لدراستي وهل أفكر في الزواج... يعني أسئلة عامة لم أكذب في أي شيء وحتى أني لم أصرح له بكل شيء تركت له بعض الغموض و تجاهل الأسئلة التي ستحزني بطريقة غير مباشرة للكذب كالأوضاع المادية لأسرتي مثلا وما غير ذلك من الخصوصيات التي لا يحق له من الأيام الأولى أن يعرفها...
وتجاهل حتى مكالمته ورسائله أحيانا كي لا يختلط الحلو بالمر ربما قد أغرم به أو حتى أتقبل فكرة البوح بما أعانيه من جراء فقداني لعذريتي ، اي شيء من هذا القبيل فقد تعلمت أيضا من تجربتي أن كثرة الكلام توقع النساء في فخ التكلم عن ماضيهن الأليم مما يؤدي بالرجل إلا تجاهل الجمال الداخلي والإرتكاز على تذوق الحلوى الخارجية فقط ...
مضى على علاقتنا عبر الهاتف شهر والنصف حتى أنني بدأت أشعر بغيرته وانزعاجه حين أضع صوري على حائط الفيسبوك . كل مرة يذكرني أنني أصبحت جزءا مهما من أهدافه في الحياة وأنه لا ينوي خذاعي و فور أخذه إجازة عمله سيأتي لطلب يدي من أبي رفقة أهله . فعلا فالرجل في بيئتنا يعير بثبابته و إن كان وزن فعله يوازي وزن قوله أو يفوقه ..
لن أنكر أنني أحببت طريقته في الكلام كثيرا ،وحتى أنني وجدته جد مناسب لي، لا سيما أنه شخص وسيم ،أنيق ، مفتول العضلات ، لديه طبيعة عمل جيدة وأفكار منفتحة ...
إلا هنا لم يبقى إلا أن أنتظر قدومه للبلد لأراه وألتقي به ربما أنظر في عينيه وأصارحه ،أعلم أنني لن أستطيع لكن هذا الرجل إن كان شريك حياتي وقدري لا يحق لي أن أُعَيٌشَه في كذبة حتى لو انحصرت في قطرة دم لكن تبقى جرحا دغدغ كبريائي في فترة سابقة قبل أن يدخل حياتي ، فماضي ندب عاقبني به الزمن لا أستطيع إزالته بسهولة ...
سأرجوه ليكون دليلي و يلملم جرحي إن كان فعلا يؤمن بي ويرى الجمال الذي يعبئ روحي وإرادتي القوية في تغييري خطواتي وأفكاري و فعل المستحيل لبناء عش الزوجية وإنجاحه هذا ما سأرجوه إن شعرت إن أحسست به سيتقبل الواقع بكل ما فيه ويتقبلني أنا حتما .
فعلا لقد كان أهلا لكلامه وتقدم لخطبتي ،أتذكر يومها كم كنت مرتبكة وأرتجف دخلت إلى الصالة التي كانو يقعدون فيها بمنزلنا المتواضع ،انحنيت للسلام على أمه وأخته بينما تجاهلت السلام على زوج أخته لأنه ظهر لي شخصا ملتزما دينيا حتى وصلت إلى حبيبي الذي لم يستطع النظر في عيني كل ما فعله مد يده لي بسرعة وأنا كذلك شعرت بقلبي كأنه سقط مني أسفل ركبتي ، تقدمت للجلوس بقربهم وأنا أرتجف لدرجة أنني كدت أنهار من الخجل ..
فهذا ليس من عادتي طبعا. فأنا إنسانة جريئة في جل المواقف و لا أخشى الظهور ومواجهة الأحداث .. لكن كل ما وقع يومها كان عكس كل هذااا .. لن أنسى موقف أسرتي تجاههم فقد أحسنوا إليهم الضيافة بطريقة عفوية و كريمة مما ضاعف شعورهم بالإرتياح والطمأنينة لذرجة أنهم قررو المكوث ليوم كامل حتى صباح غده . فطلبو من أبي أن يحضر فقيها ليرتل بعض أيات الذكر الحكيم ويخرجون هم لإقتناء حاجيات العشاء لإعلان خطبة رسمية بيننا وإستحضار أهلينا المقربين فقط . حتما هذا ما جرى كأنه زواج عرفي بيننا إلى أن يعود في دجنبر لنكمل إجراءات الزواج ...
كنت سعيدة للغاية رغم أن الحزن والعبىء الثقيل الذي أحمله يزيدني غليلا ، فأنا لم أصارحه بالحقيقة الكاملة حول فقداني لعذريتي ... بعد أسبوع على مرور خطبتنا تفاجئت أثناء حديثي معه أنه سيعود لزيارتنا وسيبقى معنا في البيت ثلاثة أيام ،عفوا فلم أشر من قبل أن أصله وسكناه في مدينة في الحدود الشرقية للبلد وتبعد تقريبا عن مدينتنا ب ٩٠٠كلم . أهلي وافقوا على الفكرة حتى في فترة بقائه معنا لم يصدرو أي تصرف وإشعاره على أنه خطيبي .. تعاملوا معه كأنه أحد أبناء الأسرة بالظبط .
أتذكر جيدا كم كنت أطير من فرحتي . نخرج معا نبقى لوقت طويل نضحك ونجتمع معا يمسك بيدي كلما أنظر في عينيه أرتبك وأفقد الكلمات وأصبح تافهة جدا في حركاتي ، فأنا أعلم أنه يعشق عفويتي الحمقاء . في اليوم الثالث إقتربنا من بعض قليلا بعد الزوال بينما أهلي نائمون كنا نتبادل أطراف الحديث لم أشعر به حتى قبلني بلطف .. بعدها إنسجمنا بالقبل كم كانت رائحة أنفاسه جميلة ،في حياتي وكل التجارب التي مررت بها لم أشعر بتلك اللذة التي شعرتها معه ولم أقَبٌِل شخصا وأنا أغلق عيني ،إلى أن قبلني هو. مصادفة غريبة فليست هذه الصدفة الوحيدة بيننا .. فالذي أفقدني عذريتي كان إسمه نفس إسم خطيبي الحالي لدرجة يوم وقع المشكل ومن كثرة الإكتئاب والحزن والألم أخذت شفرة حلاقة ووشمت الحرف الأول من إسمه على يدي .. أخذني السؤال لأسئل القدر: كيف تتسلسل علي كل هاته الأحداث ولماذا هاته المصادفات العجيبة ..!!؟
ونفس اليوم وليلته تقريبا كان آخر لقاء بيننا ليعود إلى مدينته صباح غده كنت جالسة أتحدث معه لبعض الوقت عن مخططاتنا وماذا سنفعل في مستقبلنا وماذا بشأن دجنبر !!؟
إلى أننا لم نستطع ربما سكون الليل وإلتقاء روحين منسجمتين مغناطسية لا محالة ولا مفر من الوقوع في شباك الغرام تبادلنا القبل كثيرا وأنا خائفة أن يتفقدنا أحد أفراد أسرتي أبي ،أمي أو أختي فأقع فيما لا يحمد عقباه. ... كنا نتبادل القبل بجنون وهفوة لكن من كثرة الخوف أوقفنا هذا قبل الوقوع في خطيئة ما فكل شيء ممكن بيننا حينها
، بعد هذا ذهبت لأنام في غرفتي .. كم كنت سعيدة لأنني سأتزوج رجلا أرتاح معه نفسيا وحميميااا ، استلقيت بهدوء وأغمضت عيني مرتاحة لدرجة أحسد نفسي عليها . صباحه أيقظتني أمي باكرا تقول لي أيقظي زوجك ليأخذ حمامه ويتناول الفطور ... في عادتي لا أستيقظ بمثل تلك الخفة والمرونة . ذهبت إليه أوقظه بهدوء وأقبله بلطف حتى استيقظ طلبت منه ما قالته لي أمي ، تناولنا وجبة الفطور الذي حضرتها أمي بعد هذا أوصلناه أنا و والدي إلى محطة المسافرين ... كنت سأعود مع أبي لكنه طلب مني أن أبقى مع خطيبي حتى يقترب وقت صعوده للحافلة .. بقيت معة تلك المدة التي تقرب من ساعة ونحن نتكلم ونضحك ونتواصى بيننا كأننا شخصان تربطنا كم سنة على زواجنا . حان وقت الوداع تبادلنا أكف السلام ودعنا بعضا البعض وحزن الفراق يعلو محيانا .. عدت أدراجي في طاكسي وأنا أتذكر كل لحظاتنا التي قضيناها ولم نكتفي بها حتى أننا إفترقنا ونحن كلنا شوق و حماس ننتظر به دجنبر ...
أحيانا يتصل بي ليطمئنني أنه بخير وأين وصلت الحافلة ... عندما إقترب من الوصول إلى مدينته تفاجئت برسالة منه تقول: " أتمنى أن أكون أول واحد في حياتك يقبلك بتلك الطريقة . وإن كنت تخفين أمرا ما عني أرجوك قوليلي كي أعرف كيف أتصرف وقتها " .
إغرورقت عيناي بالدموع كيف له أن يقول مثل هذا الكلام وأنا كنت أظنه إنسانا متعقل مواكبا للعصر ومثقفا، أفعلا هو أيضا لا يهمه سوى ماضي و قطرة الدم اللعينة!!!؟
فكرت كثيرا ، إن كان تفكيري هاته المرة سيجدي نفعا .. فأجبته:
" وإن كنت على علاقات سابقة مع أشخاص آخرين غيرك هل ستتركني!؟"
أجابني بكل غموض : " على حسب ،لست أدري ماذا سيقع بعذ ذلك"
فكرت مليا مرة أخرى قبل أن أرد عليه .. علما أنه ذو شخصية عنيدة تتحكم بتصرفاتها و شرقي لدرجة أنه ولو كان يبحث عن فتاة ذا تجربة قوية في الميدان أو ربما تفتقد للبراءة التي وجدها من خلال كلامي حين كنا نتحدث قبل قدومه ،مكان أحبني و قطع آلاف الكيلومترات لطلب يدي !!؟
إذن إذ أخبرته بحقيقتي سيتركني ويأخذ نظرة سيئة عن أهلي اللذين لا دخل لهم بموضوعي ولا يعرفون عنه شيئا أصلا ...
فكانت رسالتي له كالتالي : " فعلا أزعجتني بسؤالك الغبي هذا .. فمن الغباء أن تسأل فتاة اليوم عن ماضيها .فلا توجد على هذه الأرض شجرة لا تحرك الرياح أوراقها أو أغصانها وأحيانا تشاء الأقدار أن تقتلع جذورها .. بالنسبة لي أنا لن أنكر أنني كنت على علاقات قبلك عبر الهاتف أو ربما الفيسبوك أو حتى الواقع لكن لم يمسني أحد قبلك حبيبي كن مرتاحا من تلك الناحية .."
كم كان جوابي مقنعا لدرجة أنني كدت أصدقه ..!!؟
كيف سولت لي نفسي أن أكذب على إنسان بريء لم يري في عيني إلا الخير وأحببني لدرجة أنه أراد أن يكمل حياته المتبقية معي !!؟
لماذا أنا خائنة لأمانة الله ،لجسدي ،لوالدي ، للشخص الذي أحبني في الله .. لكن ماذا عساي أفعل سأستمر لا يمكنني التوقف لأنني أحبه ، أه أنا فعلا وقعت في حبه ..
وضعت كبريائي جانبا مرة أخرى وإتصلت بأحد الأشخاص المتزوجين الذي كنت أعرفهم طمعا في الحصول على النقود .. أخبرته عن مشكلتي ، وطلبت منه أن يساعدني بخصوص إيجاد مصحة أو طبيب يقوم بعملية ترقيع البكرة وأن يقرضني بعض المال أيضا الذي سأحتاجه وافق بطبيعة الحال لكن لاشيء في هذه الحياة دون مقابل . قال لي: سأعطيك المال بالتقسيط على مدة شهر كامل و في كل مرة سنلتقي لتأخذي المال أريد منك أن تمارسي معي الجنس بالطريقة التي أريد والتي تمتعني..
أجابته أنا لا أريدك أن تعطيني إياه ،أريدك فقط أن تعتبره قرضا إن تشاء أمضي لك إلتزاما مصادقا عليه بإرجاعه لك بعد ثلاثة أشهر ...
كان رده قاسيا جدا : أنا لست بنكا أمنح القروض إن أعجبتك شروطي مرحبا ،وإن لم تعجبكي أتركيني وشأني ..
أدركت حينها مباشرة أنني لا أسوى شيئا و لا أملك شيئا غير جسدي وإن أضعت جسدي مرة أخرى لن أسامح نفسي وسأعيش أسيرة الندم ما طال الدهر ..
قطعت عليه سكة الهاتف وأنا أتمزق ذلا لسوء إختياراتي ، مهما تعددت حيلي لم أعد أحبذ الرهان ، كيف أمرر كرتي صوب المرمى وأنا اللاعب المكفوف .. !!؟
لا زلت مع إتصال بخطيبي الذي ليس لي ما أقدمه له غير كوني زوجة ناقصة. لم أستطيع حتى تقبل واقعي هكذا ،فكيف له أن يتقبله هو أيضا .. !!؟
وحتى وإن توفر لي المال لإجراء هاته العملية كيف سأعيش حياتي طبيعية وأنا أوهمه بصلاحي .. !!؟
سأنتظر دجنبر بكل ثقله أو أداس قبله .. لطفا بي يا آخر شهور السنة ...
فأنا أخشى إنتظارك وانتظاراتك " دجنبر"