توافق الشخصيات للزواج
يُعتبر التوافق بين الزوجين في الشخصية والمستوى العلمي والاجتماعي والثقافي، من أساسيات بناء العلاقة الزوجية السليمة والمستمرة على المدى البعيد.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
من هنا، كان لا بد لنا من أن نوضح لكِ عزيزتي أهمية توافق الشخصيات للزواج، ومؤشّراتها للمقبلين على الزواج، بالإضافة إلى أهم أسرار الحياة الزوجية السعيدة:
أهمية توافق الشخصيات للزواج:
مثلما يحتاج الإنسان إلى الشراب والطعام والملبس والمسكن، فإنه يحتاج أيضاً إلى رفيقٍ يشاركه يوميّاته ويبقى معه مدى الحياة، من هنا، أكد الإسلام على أهمية الزواج وشجّع الثني عن حياة العزوبية.
ولعل القرآن الكريم وصف العلاقة الزوجية السليمة ببلاغةٍ رائعة في قوله تعالى: "هُنّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنّ" [البقرة، 187]، فالزواج يعني حماية ودعم كلا الطرفين لبعضهما البعض في السراء والضراء، وستر كلٍّ منهما أسرار الآخر والحياة الخاصة التي تجمعهما.
وبالنظر بتمعّن إلى المعنى البليغ المذكور في القرآن، نجده يُشبّه الأزواج باللباس لبعضهما البعض؛ لما يوفّره الملبس للإنسان من سترٍ وحمايةٍ وراحة، وهكذا يجب أن يكون اختيار الزوج، وعليكِ أن تتحلّي بالحكمة في ذلك.
ومن الجدير بالذكر، أنه لا ينبغي السماح بأي تدخل أو ضغط من أي شخص آخر خارج العائلة في مسألة اختيار شريك حياتكِ، والزواج لا يُشترط أن يكون من بين الأقارب، خصوصاً إذا لم يكن الشخص المناسب موجوداً ضمن إطار العائلة.
علماً أن الدين يجب أن يكون على رأس القائمة عند اختيار زوجكِ، أما العامل الثاني الذي يجب عليكِ مراعاته في شريك حياتكِ، فهو التوافق بينكما في التفكير والأطباع والأهداف وما إلى ذلك، وتتمثل مؤشرات توافق الشخصيات في الزواج بالشعور بمزيدٍ من الراحة مع الطرف الآخر والاستمتاع بقضاء الوقت معه، دون أي شعور بالضغط أو العبء الإضافي بسبب الارتباط منه.
وبشكلٍ عام، يتطلب الزواج توافقاً بين الطرفين في الجوانب الدينية والنفسية والعقلية لضمان نجاح العلاقة الزوجية، وهنا تكمن أهمية توافق الشخصيات للزواج، كما ينبغي أن يكون هناك تقارب بين الطرفين في النواحي الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى عدم وجود موانع أسرية أو عرفية لا يمكن تجاوزها. [1] [2]
معرفة توافق الشخصيات في الزواج:
إن من أهم المعايير التي يجب عليكِ مراعاتها عند اختيار شريك حياتكِ هو الشعور بالرضا عنه والقبول له، ولا يعني ذلك التغاضي عن وجود بعض العيوب في شخصيته، ولكن في المقابل، عليكِ تقبّلها وتقويمها ما دام ذلك الأمر ممكناً وما دامت تلك العيوب مقبولةً أو بسيطة إلى حدٍّ ما.
ومن أبرز المؤشرات التي تُساعدكِ في معرفة توافق الشخصيات في الزواج بينكما، هو القدرة على التواصل الجيد مع بعضكما البعض، والاقتناع بشخصية الزوج، والانسجام العاطفي، والتوافق الفكري، والتقارب الثقافي بينكما، وهذا من حيث الشخصية، بالإضافة إلى التكافؤ العلمي والاجتماعي.
ولا بد من التنويه إلى أن علامات توافق الشخصيات للمقبلين على الزواج بالإضافة إلى جميع المعايير المذكورة آنفاً هي أمور في غاية الأهمية؛ لأن وجود الاختلافات فيها سيؤدي إلى إحداث فجوة كبيرة بينكما، وبالتالي ظهور مشكلات لا نهاية لها، بدءاً من الاهتمامات المشتركة، ووصولاً إلى أساليب تربية الأبناء.
مع ضرورة التذكير بأن الزواج كما شرعه الله- سبحانه وتعالى- لعباده، يسعى إلى تحقيق السكينة والراحة النفسية والاستقرار العاطفي بين الشريكين. [3]
هل ينجح الزواج بين الشخصيات المتعارضة؟
يعتمد نجاح الزواج على عدة عوامل؛ أهمها التكافؤ بين الزوجين، والقبول والرضا بين العائلتين، بالإضافة إلى طبيعة شخصية كل شريك وكيفية تعامله مع الظروف والمواقف اليومية.
وإذا كنتِ تتساءلين: هل ينجح الزواج بين الشخصيات المتعارضة؟ فإنه من غير الممكن الإجابة على هذا السؤال بإطلاق حُكمٍ عام على العلاقات الزوجية لمجرد تشابه الصفات أو اختلافها بين الزوجين دون دراسة كل حالة على حدة.
وعلى الرغم من أن زوجكِ المختلف عنكِ في شخصيته قد لا يفهم الكثير من أفعالكِ، إلا أنه يمكنكِ شرح أسباب تصرفاتكِ له في حال لم يفهمها، فهذا الأمر من شأنه أن يُعزز التوافق والتفاهم والانسجام بينكما.
وعلى سبيل المثال، إذا لم يكُن هناك توافقٌ بينكما في البرامج والأفلام المفضلة والاهتمامات الشخصية، فإن التعرف على أسباب الاهتمام بها وميزات تلك الاهتمامات الشخصية، قد يدفع الطرف الآخر إلى الانتباه إليها والاهتمام بها أيضاً.
ومما يُميز العلاقة الزوجية بين شريكين مختلفين في الشخصية والاهتمامات، هو اختبار الأمور الجديدة والشيّقة معاً، وتعلّم الكثير من الأشياء والمهارات، فهذه الاختلافات من شأنها أن تُثري العلاقة بينكما وتجعلها أكثر عمقاً وقوة.
أسرار الحياة الزوجية السعيدة:
لا شك أن الحياة الزوجية السعيدة هي مُبتغى أي شريكين مُقبلين على الزواج، ويمكنكِ عزيزتي أن تتمتعي بتلك العلاقة السليمة عن طريق معرفة أسرار الحياة الزوجية السعيدة ولفت انتباه زوجكِ نحوها وإرشاده للتعامل معكِ بناءً عليها أيضاً، وهي كما يلي:
- اختيار شريك الحياة المناسب، ومما يدل على أن الطرف الآخر هو الشخص المناسب، القدرة على الحديث معه بعفويةٍ تامة دون الحاجة للتكلّف، والشعور بالسعادة معه، والرغبة بتحقيق الأحلام المستقبلية بجانبه.
- التقدير والاحترام المتبادل بين الطرفين.
- الثقة بين الزوجين، فهي أمرٌ أساسي لعلاقةٍ زوجيةٍ سويّةٍ وناجحة، بحيث يثق كل طرف بالآخر، وفي المقابل، يكون جديراً بثقة ذاك الطرف.
- اللطف في التعامل بين الزوجين.
- الدعم والتشجيع المستمر والمتبادل بين الشريكين على تحقيق الأهداف، والوقوف إلى جانب بعضهما البعض في الأوقات الصعبة.
- تقديم عبارات الثناء بشكلٍ دائم للطرف الآخر، كلّما قام بأداء مهمّةٍ ما.
- اعتماد أسلوب الكرم والعطاء والسخاء في جميع مناحي الحياة، سواءً في المشاعر التي يتبادلها الزوجان أو الوقت الذي يقضيانه معاً أو إنفاق الأموال لإسعاد بعضهما البعض.
- الحرص على التصرف بمودة، فهي تُولد المزيد من المودة، إذ إن الحنان والملامسة والتقبيل كل يوم، خصوصاً في الصباح، كلها عادات تُسهم في الحفاظ على الود بين الشريكين وتَمْتين العلاقة الزوجية وتحسين القدرة على التفاهم والتواصل بينهما.
- عدم أخذ كل أمر على محمل الجد، مع ضرورة التصرف بما يجعل الطرف الآخر يضحك ويستمتع بقضاء الوقت مع شريكه.
- الإفصاح عن مشاعر كل طرف تجاه المواقف التي تُزعجه، ومحاولة حلّها بأسرع وقت؛ حتى لا تتكرر تلك الأحداث وتستمر الحياة الزوجية على ما يُرام دون انفجار مفاجئ بسبب الصمت على تراكمات الماضي تجاه الطرف الآخر.
- الصبر على الزلّات البسيطة وأخطاء الطرف الآخر وصفاته السلبية التي يمكن التجاوز عنها وإغفالها، فكل شخص يُخطئ، كما أن لكل شخصٍ إيجابيّاته وسلبياته أيضاً.
- الصراحة في الحديث مع الشريك والتعبير عن المشاعر أمامه تجاه مختلف الأمور، لا سيما وأن الطرف الآخر لا يمكنه قراءة أفكار شريكه والتكهّن بما يجول في خاطره!
- تجنب توجيه الانتقادات والكلمات السلبية للطرف الآخر مهما كانت الأسباب.
- تمتّع الشريكين بالمرونة في الحياة والمواقف اليومية، فالمرونة وعدم العناد كفيلٌ بإبعاد الخلافات الحادة عن الزوجين.
- تجنب التحدث عن مشكلات الماضي، وكل ما من شأنه تعكير صفو العلاقة الزوجية بعد تخطي الأزمات السابقة.
- التعبير المستمر عن المشاعر بالكلام المعسول، فترديد عبارات الحب والتودد بين الزوجين يؤثر إيجاباً على العلاقة الزوجية إلى حدٍّ كبير.
- ممارسة العلاقة الحميمة بشكلٍ منتظم، حتى مع التقدم في العمر؛ نظراً لأن الاتصال الجسدي بين الزوجين يلعب دوراً أساسياً في ترسيخ المودة والألفة والمحبة بينهما.
- اختيار الوقت المناسب للعلاقة الحميمة، وتجنب ممارستها في الأيام التي يكون فيها أحد الزوجين أو كلاهما مُنهكاً ومُتعباً؛ لأن ذلك سوف ينعكس على الأداء والإثارة والاستمتاع أثناء العلاقة الحميمة.
- تجنب التعامل مع الشريك من منطلق الملكية الخاصة، فلكل شخص حياته واهتماماته الخاصة، ولا بُد من ترك المساحة الشخصية الكافية للآخر.
- تخصيص وقتٍ معين للطرف الآخر حتى يمارس هواياته ويقضي وقته الخاص بما يرغب، وبالتالي على الزوج أن يساعد شريكه في الحصول على هذا الوقت والاستمتاع به.
- التشارك في تحمل المسؤوليات العائلية، خصوصاً فيما يتعلق بتربية الأبناء.
- المشاركة في الأعمال اليومية، وتجربة كل ما هو جديد بشكلٍ مشترك بين الزوجين، أو ممارسة نشاط مختلف بين الحين والآخر يعتمد على الإثارة والتشارك بين الطرفين؛ كتعلّم طهي طبق جديد أو ركوب الخيل أو زراعة النباتات الجميلة والمثمرة في حديقة المنزل.
- الحرص على تجديد العلاقة الزوجية بين الحين والآخر بالابتعاد عن الروتين اليومي؛ كالذهاب في رحلةٍ قصيرة بعيداً عن الأجواء والبيئة المحيطة المعتادة.
- التخطيط المشترك للمستقبل، إذ إن تحديد الخطوات الواضحة لتحقيق الأحلام والأهداف العائلية المستقبلية من شأنه أن يُقوّي العلاقة الزوجية بدرجةٍ كبيرة.
- الاحتفال بالمناسبات الخاصة بين الزوجين، كذكرى الزواج وعقد القران والخطوبة وأعياد الميلاد والنجاحات التي يُحققها كلٌّ من الشريكين، مع ضرورة استرجاع ذكريات بداية العلاقة التي جمعت الزوجين بين الحين والآخر، ما يُجدد المشاعر التي يكُنّها كل طرفٍ للآخر.
- تبادل الهدايا بين الشريكين باستمرار، سواءً لوجود مناسبة معينة أو دون مناسبة، فهذا من شأنه أن يُقرّب الزوجين من بعضهما البعض. [4]
تذكّري أن المرونة هي العامل المهم في التعامل مع زوجكِ، وأن التمتّع بالحياة الزوجية السعيدة يعتمد على كيفية التعاطي مع الحياة من كلا الطرفين؛ لذا احرصي على التغاضي عن كل ما يمكنكِ التغاضي عنه في شريك حياتكِ، واجعليه يشعر بالسعادة معكِ حتى يكون لكِ الزوج الذي تُحبّين.