تناذر ما قبل الطمث (الدورة الشهرية)
قد تتملك الفتيات أحياناً رغبة عارمة في تناول كم هائل من الأطعمة قبل موعد حدوث الطمث لديهن، وقد يشهدن أيضاً لحظات من المزاجية الفائقة التي تتحكم في أدائهن لمختلف المهام اليومية، وفي رواية أخرى يمكن للأمر أن يشتد ليجدن أنفسهن متوترات وغير مستقرات وجدانياً وعاطفياً مع انخفاض عتبة الغضب لديهن (يصبحن سريعات الغضب)، وتشكل هذه الأمثلة البسيطة مع غيرها من الأعراض ما يدعى بمتلازمة ما قبل الطمث لدى النساء، التي تحدث قبل أسبوع أو أسبوعين من موعد الطمث لديهن، وفي هذا المقال سنتعرف على أسباب تناذر ما قبل الطمث وكيفية التعامل معه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
مفهوم تناذر ما قبل الطمث
تتعدد الأشكال التي تنذر باقتراب موعد الطمث لدى الفتيات، كازدياد توتر الثديين وحجمهما، تبدلات المزاج مع التعب أو الرغبة الشديدة بتناول السكريات والحلويات.
إلا أن بعض النساء قد يواجهن أعراضاً شديدة يمكنها أن تعيق مسرى حياتهن اليومي الطبيعي، هنا يتطلب الأمر استشارة طبيب مختص بحثاً عن أسباب هذه الظواهر، والتي غالباً ما ترجع، بعد نفي كل اشتباه آخر، إلى تناذر ما قبل الطمث (بالإنجليزية: Premenstrual Syndrome) الذي تتفاوت شدة أعراضه بين فتاة وأخرى، أو حتى على مستوى الفرد الواحد، حيث يمكن للفتاة أن تشهد اختلافاً في شدة الأعراض بين حيض وآخر يليه.
تجدر الإشارة إلى أن 3 فتيات من بين كل 4 فتيات تظهر لديهن صفات أو أعراض ترتبط بهذه الحالة، غير أن العلاج المتشارك مع تكييف النمط اليومي للحياة سيعطي نتائج إيجابية في ضبط هذه الأعراض، كما أن هذه الأعراض تسبق حيض النساء عادة بأسبوع أو أسبوعين، وتختفي فور حدوث الطمث لديهن. [1]
أسباب اضطرابات ما قبل الطمث
مع الانتشار الواسع لهذه المتلازمة حول العالم، لم يتوصل الأطباء والعلماء إلى سبب دقيق وواضح يتحمل مسؤولية الأعراض النفسية والجسدية التي تشتكي منها الفتيات قبل فترة من موعد الطمث (أسبوع إلى أسبوعين كما ذكرنا آنفاً).
غير أن العامل المحتمل والأكثر ترجيحاً لهذه الظاهرة يعود إلى التبدلات الهرمونية التي تحدث خلال الدورة الطمثية (بالإنجليزية: Menstrual Cycle) لدى الفتيات، تحديداً الطور اللوتئيني منها، الذي يشكل النصف الثاني من الدورة الطمثية لدى الفتيات.
يبدأ بعد الإباضة مباشرة ويشهد الجسد فيه ارتفاعاً في مستويات الهرمونات الجنسية أي الإستروجين والبروجسترون؛ نحيطك علماً بأن هذه التغيرات في مستويات الهرمونات تشكل جزءاً هاماً وأساسياً من الفيسيولوجيا الطبيعية لدورة الطمث عند الفتيات بمرحلتيها.
غير أن الارتفاع الشديد فيها خلال الطور اللوتئيني أو تناقص مستوى البروجسترون المترافق مع الارتفاع النسبي للإستروجين قد يترافق مع أعراض بالغة وصارخة لتناذر ما قبل الطمث لدى بعض الفتيات، ويمكنها أن تشكل عائقاً أمام أداء المهام ومتابعة نظام الحياة اليومي لديهن.
وفي سياق استعراض أسباب هذه المتلازمة، يُذكر أيضاً دور النواقل العصبية الكيميائية وتبدلاتها خلال فترة ما حول الطمث، ولا سيما السيروتونين (بالإنجليزية: Serotonin) منها، الذي يعتبر مسؤولاً عن تحسين المزاج بشكل أساسي. [1]
من جهة أخرى، هناك بعض العوامل التي تمتلك تأثيراً على ازدياد شدة أعراض هذه المتلازمة دون التدخل المباشر كعامل مسبب لها، نذكر منها ما يأتي: [2]
- عادة التدخين.
- الضغوطات الشديدة.
- عدم ممارسة الرياضة.
- قلة ساعات النوم.
- الإكثار من شرب القهوة والشاي (الكافيين) والكحول وتناول اللحم الأحمر والأطعمة الغنية بالأملاح.
- وجود أعراض اكتئابية.
- النظام الغذائي الفقير بالفيتامينات (أ) ،(ب) المركب.
- بعض الحالات المرضية كوجود الشقيقة، الربو أو فرط الحساسية لدى الفتيات.
أعراض تناذر ما قبل الطمث
يمكن تصنيف أعراض هذه المتلازمة إلى جسدية ونفسية، وفيما يأتي نوضح لك الأعراض الخاصة بهذه المتلازمة: [2]
الأعراض الجسدية
- انتفاخ البطن والإحساس بالامتلاء.
- مغص أسفل البطن.
- التعب.
- ظهور البثرات أو حب الشباب.
- الصداع.
- الجوع الزائد.
- توتر الثديين وزيادة حجمهما.
- وذمات في أصابع اليدين والقدمين.
- زيادة الوزن.
- حدوث الإسهال أو الإمساك.
الأعراض النفسية والسلوكية
- المزاج الاكتئابي.
- القلق والانزعاج.
- قلة التركيز.
- التوتر العصبي.
- قابلية للاستثارة والعدوانية وسرعة الغضب.
- عدم الرغبة في ممارسة الأعمال والنشاطات.
- تبدلات الشهية مع ازدياد الحاجة لتناول الأطعمة.
جدير بالذكر أن جميع النساء تقريباً قد يختبرن بعضاً أو قلّة من الأعراض السابقة، غير أن الفتيات اللاتي تقع أعمارهن في أواخر العشرينيات وبداية الأربعينيات هن أكثر الفئات احتمالاً لظهور تناذر ما قبل الطمث لديهن. [2]
متى ينبغي عليك استشارة الطبيب
حالما تواجهين صعوبات في متابعة نشاطاتك ومزاولة أعباء حياتك اليومية أثناء ظهور أي من الأعراض الخاصة بهذا التناذر، لا تترددي أبداً في استشارة أخصائي النسائية الذي يفيدك بخبرته لتدبير هذه الأعراض والتخفيف من حدتها. [3]
كيفية تشخيص الحالة
ينبغي التوضيح أن تشخيص المتلازمة يقوم بشكل رئيسي على القصة المرضية المأخوذة من الفتاة، ولا تتوفر الفحوصات المخبرية، التي تستعمل كمشعرات (دلائل) تفيد في تأكيد التشخيص الخاص بتناذر ما قبل الطمث، كما أن التحاليل الهرمونية لا تفيد إطلاقاً.
ويجدر التأكيد أن للطبيب مهمة كبرى في نفي جميع الأمراض والحالات التي تدخل كتشخيص تفريقي (مبدئي) قبل تأكيده لوجود حالة تناذر ما قبل الطمث لدى مريضته.
وبشكل أدق، من المهم مراقبة تاريخ ظهور الأعراض وتاريخ انتهائها وربطه مع موعد حدوث الطمث لديك، وذلك خلال دورتين طمثيتين على الأقل. [3]
علاج متلازمة ما قبل الطمث
يمكن للطبيب أن يصف أدوية خاصة بالاكتئاب كوسيلة علاجية لحالة تناذر ما قبل الطمث لدى الفتيات، نذكر منها المثبطات الانتقائية لإعادة ضبط السيروتونين (SSRIs) مثل: البروزاك (بالإنجليزية: Prozac)، وزولوفت (بالإنجليزية: Zoloft)، والتي تستخدم قبل أسبوعين من موعد حدوث الطمث لتحسين المزاج.
ومن بين الأدوية المستخدمة في العلاج نذكر أيضاً مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (NSAIDs) كالآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen) لتخفيف الصداع وآلام البطن وتوتر الثديين، وتضاف إليها المدرات أحياناً لتخفيف الوذمات الحاصلة إن لم تنفع التمارين الرياضية وتقليل استهلاك الملح في ذلك.
ينبغي الإشارة أيضاً إلى استعمال موانع الحمل الهرمونية (بالإنجليزية: Contraceptive Pills) تحت إشراف الطبيب لتخفيف الأعراض الخاصة بتناذر ما قبل الطمث، ولا نغفل أيضاً أهمية العلاج النفسي عبر زيارة الطبيب المختص واللجوء إلى أسلوب العلاج الكلامي (بالإنجليزية: Talk Therapy)، كطريقة لتخفيف حدة الأعراض النفسية الخاصة بهذه المتلازمة.
كما لا ننسى أيضاً دور الإجراءات والتعديلات البسيطة على نمط الحياة اليومي في تخفيف حدة الأعراض الخاصة بهذه المتلازمة، يمكن تلخيصها على النحو الآتي: [3]
- ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة يومياً.
- الاعتماد على نظام غذائي صحي غني بالخضراوات والفاكهة الطازجة.
- تناول وجبات خفيفة ولمرات متكررة لتخفيف الإحساس بالانتفاخ والشبع.
- النوم لساعات كافية لا تقل عن 8 ساعات يومياً.
- الابتعاد عن التدخين والكحول وتحديد كمية الملح والكافيين المستهلكَين قدر الإمكان.
- يمكن لبعض أنواع الفيتامينات أن تساعد في تحسين الحالة كفيتامين (ب) المركب، إضافة إلى معدني الكالسيوم والمغنيسيوم، ويفضّل دوماً استشارة الطبيب قبل استهلاك المصادر الغذائية الحاوية عليها.
ختاماً، نود أن نشير إلى أن تناذر ما قبل الطمث لا يشكل حالة خطيرة تهدد صحة الفتاة إطلاقاً، كما أن استشارة الطبيب المختص ستساعد كثيراً في تخفيف حدة الأعراض التي تواجهينها قبل حدوث الطمث لديك.