تفاصيل حكم القضاء المصري بحظر موقع يوتيوب في مصر
حصلت "الشروق" على الحيثيات الكاملة لحكم القضاء الإداري، الأول من نوعه في تاريخ القضاء المصري والعالمي أيضا، الصادر اليوم السبت، والذي ألزم رئيس الوزراء ووزارة الاتصالات وجهاز تنظيم الاتصالات بحظر وحجب الوصول إلى موقع تداول مقاطع الفيديو الاجتماعي (يوتيوب) التابع لشبكة جوجل العالمية، وجميع المواقع والصفحات الإلكترونية التي بثت مقاطع فيديو كاملة أو مجتزأة من الفيلم الأمريكي المسيء للرسول الكريم في سبتمبر من العام الماضي، وذلك لمدة شهر واحد، كعقوبة على بثه.
يذكر أن محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار د.محمد عطية، قد أصدرت عام 2008 حكما مقاربا بحجب جميع المواقع الإباحية، ولم تنفذه وزارة الاتصالات مستندة إلى ارتفاع أسعار الوسائل والبرامج المطلوبة لهذا الحجب، وطعنت أمام المحكمة الإدارية العليا، ومازالت القضية متداولة.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
اقرأ أيضاً: القبض على منتج مصري شهير بتهمة تصوير أفلام إباحية لأكثر من 50 فنانة مشهورة
ونصت حيثيات الحكم الذي صدر برئاسة المستشار حسونة توفيق، نائب رئيس مجلس الدولة، على أن "الإبقاء على يوتيوب وجميع المواقع التي تعرض هذه المقاطع وعدم حجبها يهدر القيم والأخلاق التي يجب أن تحكم حرية الاتصال السمعي والبصري بموجب نظرية المسئولية الاجتماعية، وهي النظرية التي قامت لتواجه نظرية الحرية المطلقة بما قدمته من مواد الجريمة والجنس والعنف واقتحام خصوصيات الأفراد والتشهير بهم ونشر الإشاعات والأكاذيب، ولتنبذ إعلام الابتذال والابتزاز والمبالغة، ومن ثم ارتكزت نظرية المسئولية الاجتماعية على أن للإعلام المقروء والمرئي والمسموع والرقمي وظيفة اجتماعية، وأنه يتعين إقامة التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد والحق في الخصوصية، فالحرية وفقا لهذه النظرية حق وواجب ومسئولية في وقت واحد، والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة".
وأضافت المحكمة أنه "ثبت لها وبما لا يدعو مجالاً للشك أن موقع اليوتيوب المطلوب حجبه ـ بشبكة المعلومات الدولية الإنترنت داخل مصر، وكذلك حجب وحظر جميع المواقع والروابط الإلكترونية على الإنترنت التي تعرض مقاطع الفيلم المسيء للرسول وحجب جميع المواقع والروابط الإلكترونية التي تعرض مقاطع فيديو مناهضة للإسلام على الإنترنت ـ لايزال حتى عشية صدور هذا الحكم يقوم بعرض هذا الفيلم على الروابط المختلفة داخل الموقع المذكور، دونما استجابة لما طلبه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بتاريخ 9/1/2013 ـ رغم صدورها متأخرة جدا عن وقت عرض هذا الفيلم منذ ما يربو على ستة أشهر، وتقديمها للمحكمة لمحاولة إظهار الجهاز بأنه قد قام بواجبه ـ الموجهة إلى الشركات مقدمة خدمات الإنترنت في مصر بتنفيذ ما انتهى إليه قرار الجهاز من إلزام هذه الشركات بحجب رابط الفيلم المسيء للرسول الكريم".
وشددت المحكمة على أنها وهي تنتصر للمبادئ والقيم الأخلاقية التي يقوم عليها الإعلام المرئي والمسموع والمقروء في نطاق الانحياز لحرية الرأي والتعبير المسئولة، فإنها تهيب بالجهة الإدارية الوقوف عند مسئولياتها وتنوه إلى أن مسئوليتها جد خطيرة في ألا تقهر رأيا أو فكرا وألا تحول بينه وبين حرية الوصول إلى جمهور المشاهدين والمستمعين، وأن تحمي الإعلام المستنير الداعم لحرية التعبير والمحافظ على تقاليد وأعراف المجتمع وحقوق المشاهد والمستمع والقارئ، إلا أنه في ذات الوقت يقع على كاهلها حماية القيم والأخلاق وحماية المعتقدات الدينية والأسرة المصرية من انتشار الغث من التشهير والإساءة والتطاول على الرموز الدينية والأديان السماوية، وأن تكون القدوة في تحقيق هذه الحماية في وقت سادت فيه الألفاظ الهابطة مسمع ومرأى الأسرة المصرية وتردت فيه لغة الخطاب والحوار.
اقرأ أيضاً: دجال في شبرا يحاول إخراج الجن من سيدة... فماذا حصل؟
وحملت المحكمة بشدة على الفيلم المسيء قائلة إنه هالها وهي تشاهده أن يُقدم بعض من ضعاف النفوس أو أناس يمكن نسبتهم خطأ إلى الإنسانية، على المشاركة في مثل هذا العمل البذيء، المنسوب زورا وبهتانا إلى طائفة الأعمال الفنية وتحت مسمى حرية الرأي، والذي لاينم إلا عن نفوس مريضة وعقول مشوهة، وقد آذى سمع المحكمة وبصرها والتي حرصت على المشاهدة والاستماع لكل مشهد أو جملة أو كلمة تضمنها هذا الفيلم وكان أهون عليها أن لا تطول آذانها أو سمعها أو بصرها مثل هذا الهزل الذي تضمنه هذا العمل لولا مقتضيات الدعوى.
وأردفت أنها تربأ "بنفسها ويعف مداد قلمها عن أن تسرد أو تسطر الحوارات والعبارات والألفاظ أو تصف المشاهد التي احتواها وتضمنتها مقاطع هذا الفيلم البغيض الذي تتبرأ منه الإنسانية جمعاء وتلفظه البشرية السوية، باعتبار أن هذا الحكم بمثابة وثيقة تتسم بالعلانية بمجرد صدوره ويتم تداوله بين الناس، وكذلك لتفويت الفرصة على منتجي ومخرجي هذا الفيلم القميء من تحقيق أهدافهم الدنيئة والوضيعة".
وأكدت المحكمة أن العمل الإعلامي سواء كان مقروءًا أو مرئيًا أو مسموعًا أو رقميًا يتعين أن يتمتع بوظيفة اجتماعية، فيقيم التوازن بين حرية الرأي والتعبير وبين مصلحة المجتمع وأهدافه وحماية القيم والتقاليد، فالحرية حق وواجب ومسئولية في وقت واحد والتزام بالموضوعية وبالمعلومات الصحيحة غير المغلوطة، وتقديم ما يهم عموم الناس بما يسهم في تكوين رأي عام مستنير وعدم الاعتداء على المعتقدات الدينية أو خصوصية الأفراد والمحافظة على سمعتهم.
وأضافت أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تشجيع أو إثابة العبث بحرية الاتصال والتواصل والتعبير وإساءة استخدامها في التشهير أو التطاول أو الإساءة للرموز والمعتقدات الدينية، فذلك كله يظل من المخالفات التي إن ثبتت رتبت التزامات أخرى على الجهة الإدارية يتعين إعمالها؛ تطهيرًا لثوب الإعلام الملتزم من الفهم الضيق لحدود حرية التعبير، وإيقاف العبث بالمعتقدات والرموز الدينية باتخاذ ما يلزم من القرارات الرادعة، حفاظا على مشاعر المواطنين ودرءا وتلافيا لاستفزازهم وتأجيج مشاعر الغضب، خاصة ما يصاحبها من احتجاجات مقترنة بأعمال عنف تؤدي إلى إزهاق الأرواح ـ التي هي أغلى عند الله سبحانه وتعالى من الدنيا وما عليها ـ وبالتالي حماية السلام والأمن الاجتماعي .
نقلاً عن موقع الشروق
اشترك في نشرة ليالينا الإلكترونية لتصلك آخر المختارات على بريدك الإلكتروني.