تحليل الهرمون المُحرض للغدة الدرقية (TSH)
This browser does not support the video element.
كل عضو في الجسم يخضع لرقابة عليا تتحكم به وتنظم عمله، وبالرغم من أن الغدة الدرقية (الموجودة في القسم الأمامي من العنق) تُعد من أهم غدد الجسم إلا أنها تخضع أيضاً لسلطة عليا تتمثل بالوطاء والغدة النخامية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
ولوطاء منطقة تقع في قاعدة الدماغ، يعمل كمركز تنظيم الحرارة في الجسم، كما أنّه يتحكّم بالغدة النخامية التي تقع تحته والتي تعتبر الغدّة الزعيمة في الجسم، حيث أنّها تترأّس جميع الغدد الأخرى وتنظم عملها.
ويتم التحكم بعمل الدرق بواسطة الهرمون المحرض للغدة الدرقية (TSH: Thyroid Stimulating Hormone).
ما هو هرمون الـTSH؟ وما هي وظيفته؟
يقوم الوطاء بإفراز الهرمون المطلق للتيروتروبين (TRH: Thyrotropin Releasing Hormone)؛ وظيفته تحفيز الغدة النخامية على إفراز الهرمون المحرّض للغدة الدرقية (TSH: Thyroid Stimulating Hormone).
والذي بدوره يعمل على تحفيز الغدة الدرقية لتقوم بإنتاج هرموناتها (التيروكسين T4، والتري يودوتيرونين T3) التي تتحكم بمعدل الاستقلاب (عمليات الهدم والبناء) في الجسم.
فهي تنظم معدل حرق الدهون وتتحكم بحرارة الجسم التي تختلف اعتماداً على سرعة الاستقلاب، كما تؤثر على نظم القلب وعدد ضرباته وتنظم عملية إنتاج البروتينات في الجسم.
إذاً فإن هرمون الTSH هو المسؤول عن تنظيم عمل الغدة الدرقية.
تحليل نسبة الـTSH في الدم
تُطلب معايرة (قياس) نسبة هرمون الTSH في الدم عندما يشك الطبيب بوجود مرض ما في الغدة الدرقية يؤدي إلى قصورها (نقص قدرتها على إنتاج هرموناتها T3 وT4) أو فرط نشاطها.
حيث أن معايرة هرمونات الغدة في الدم ليس كافياً لتحديد سبب حدوث المرض، فاعتماداً على قيم الهرمون المحرض للدرق يتم تحديد فيما إذا كان القصور أو فرط النشاط أولياً أو ثانوياً.
كما تطلب معايرة هرمون الTSH لمتابعة فعالية المعالجة عند مرضى الدرق؛ ولفهم ذلك لابد أولاً من فهم آلية التلقيم الراجع السلبي التي تعتبر آلية التنظيم الداخلي لإفراز الهرمونات من الغدد في الجسم، وتتم هذه الآلية كما يلي:
عندما تنخفض كميّة الهرمونات الدرقية في الدم يتنبّه الوطاء (Hypothalamus) (وهو جزء من الدماغ يقع فوق الغدة النخامية مشكلاً الجسر الواصل بين الجهاز العصبي والجهاز الغدي وينقل إلى الغدة النخامية هرمونين، هما:
- الهرمون المضاد للإبالة (ADH).
- والأوكسيتوسين (OT).
ويتم نقلهما عن طريق مستقبلات معيّنة موجودة في خلاياه ويحفّز الغدة النخامية على إفراز هرمون الTSH مما يؤدي لارتفاع نسبته في الدم.
أمّا عندما تزداد الهرمونات الدرقية في الدم يحدث العكس تماماً، حيث تتوقف الغدة النخامية عن إفراز الTSH مما يسبب انخفاض نسبته في الدم؛ بالتالي توقف التحريض الدرقي الذي يُحدثه.
- ففي قصور الدرق الأولي تكون الغدة الدرقية متأذية مما يسبب نقص قدرتها على إنتاج الهرمونات فتقل نسبتها في الدم، هذا يؤدي بدوره لازدياد كمية هرمون الـ TSH وارتفاع قيمته بهدف تحريض الدرق على إنتاج كمية أكبر من الهرمونات.
- أما في قصور الدرق الثانوي تكون الأذية إما في الوطاء أو الغدة النخامية، مسببةً نقص الهرمون المحرض للدرق وبالتالي نقص هرمونات الغدة الدرقية في الدم.
- أما بالنسبة لفرط نشاط الدرق الأولي فيزداد إنتاج هرمونات الغدة الدرقية نتيجة إصابتها بمرض معين، فيقل إفراز هرمون الTSH كمحاولة لإيقاف الغدة الدرقية ومنعها من إنتاج المزيد من الهرمونات، علماً أن فرط الدرق الأولي قد ينجم أيضاً عن العلاج باليود المشع المُتّبع في بعض أمراض الغدة الدرقية، حيث أن اليود يُعتبر المركب الأساسي لتصنيع هرمونات الدرق.
- بينما فرط النشاط الدرقي الثانوي يحدث نتيجة زيادة إفراز هرمون الTSH بسبب وجود مرض ما في الوطاء أو الغدة النخامية، كَوَرم مُفرز للـ TSH في النخامى؛ لذلك يقوم الطبيب بمعايرة الهرمون المحرض للدرق أمام أي حالة قد يشك بعلاقتها بالغدة الدرقية، وفي كثير من الأحيان يُطلب معايرة هذا الهرمون لوحده دون الحاجة لمعايرة هرمونات الغدة الدرقية في الدم.
تفسير نتيجة تحليل TSH
- T3/T4 (هرمونات الغدة الدرقية) منخفضة + TSH مرتفع = قصور درق أولي (أذية بالغدة الدرقية).
- T3/T4 منخفضة + TSH منخفض = قصور درق ثانوي (أذية بالوطاء أو الغدة النخامية).
- T3/T4 مرتفعة + TSH منخفض = فرط نشاط غدة درقية أولي (المرض في الغدة الدرقية، أو نتيجة العلاج باليود).
- T3/T4 مرتفعة + TSH مرتفع = فرط نشاط غدة درقية ثانوي (المرض في الوطاء أو الغدة النخامية، مثلاً ورم مفرز للـ TSH)
أخذ عينة الدم لقياس نسبة الـTSH فيه، وما اختلاطات هذا الاختبار وأسباب النتائج الخاطئة؟
يقوم الطبيب المختص بوضع رباط مطاطي في الذراع أعلى منطقة المرفق، ويشدّه بدرجة مناسبة بحيث يتوقف تدفق الدم بشكل مؤقت عبر الوعاء مما يؤدي لانتباجه وكبر حجمه بحيث يصبح واضحاً ويمكن سحب الدم منه بسهولة.
بعدها يقوم الطبيب بتعقيم المنطقة من الجلد التي سيتم سحب الدم منها بواسطة الكحول، ثم يحقن إبرة معقمة في الوعاء ويسحب كمية قليلة من الدم.
قد تشعر بوخزة خفيفة عند دخول الإبرة، وفي بعض الحالات قد يُضطر الطبيب لتكرار هذا الإجراء على أوعية أخرى بسبب صعوبة سحب الدم إذا كانت الأوعية صغيرة ونحيفة.
حيث أن حجم الأوعية الدموية يختلف من شخص لآخر، مما يجعل من سحب الدم أمراً سهلاً عند البعض وصعباً للغاية عند البعض الآخر، ولهذا السبب وغيره قد تحدث بعض الاختلاطات التالية لسحب الدم، نذكر منها:
- قد تتشكل كدمة صغيرة مكان سحب الدم، ويمكن تجنبها بالضغط على هذه المنطقة بالقطن المبلل بالكحول لعدة دقائق بعد انتهاء الإجراء.
- في بعض الحالات قد يتورم الوعاء ويصبح ملمسه مؤلماً وقاسياً بعض الشيء، يحدث هذا نتيجةً لتأذّي الوريد بسبب رِقّة أوردة المريض مما يجعلها أكثر عرضةً للأذية بواسطة الإبرة، أو نتيجة سحب الدم من قبل شخص قليل الخبرة، لكن لا داعي للقلق، فالتورم والألم يزولان بعد بضعة أيام، وستلاحظ تحسناً بوضعك كمّادة دافئة على الوريد المتأذي عدة مراتٍ يومياً.
- الإنتان: قد تتعرّض لخطر الإصابة بإنتان جرثومي موضعي (في مكان السحب) أو انتقال عدوى جرثومية ما إلى الشخص في حال كانت الإبرة المستخدمة ملوثة وغير معقّمة، لذلك انتبه جيداً وتأكد من أن المسؤول عن سحب الدم يستخدم إبرة نظيفة ومعقمة وتُستخدم لأول مرة.
من الأمور التي قد تمنعك من القيام بالإجراء السابق، أو قد تعطي نتائج خاطئة، نذكر ما يلي:
- الأدوية التي تتناولها، خاصةً المميعات وأدوية الدم كالأسبرين (Aspirin) والوارفارين (Warfarin) والكلوبيدوغريل (Clopidogrel) وغيرها، حيث أن هذه الأدوية تُقلّل من لزوجة الدم وقد تُسبّب نزيفاً في مكان سحب الدم، لذلك لا بد من استشارة الطبيب قبل سحب الدم عند تناول هذه الأدوية.
- من الأدوية الأخرى التي يتوجب عليك إيقافها قبل فترة من معايرة هرمون الـ TSH: الكورتيزونات (Prednisolone)، الدوبامين (Levodopa)، الأميودارون (Amiodarone)، الليثيوم (Lithium)، ولكلّ منها استخدامه الخاص، لكن جميعها تعطي نتائج خاطئة لقيم هرمون الTSH؛ لذلك استشر طبيبك في حال تناولك أياً من هذه الأدوية.
- العلاج باليود المشع خلال الـ (4-6) أسابيع الأخيرة، والذي غالباً ما يُستخدم لعلاج بعض أمراض الدرق، حيث يؤدي إلى الحصول على نتائج خاطئة لقيمة TSH الدم.
ما القيم الطبيعية للهرمون المحرض للدرق TSH؟
عادةً ما تصدر نتائج التحليل خلال (2-3) أيام من سحب الدم، والقيم الطبيعية للهرمون المحرض للغدة الدرقية (TSH: Thyroid Stimulating Hormone) تختلف حسب العمر، وهي كما يلي:
- عند البالغين (رجال أو نساء): (0,4 إلى 4,2) ميلي وحدة/لتر.
- عند الأطفال: (0,7 إلى 6,4) ميلي وحدة/لتر.
- عند حديثي الولادة (بعمر 1-4 أيام): (1 إلى 39) ميلي وحدة/لتر.
ما الأسباب التي تؤدي لارتفاع وانخفاض قيم الـTSH؟
كما ذُكر سابقاً، نسبة هذا الهرمون في الدم تعتمد بشكل أساسي على عمل الغدة الدرقية، ولكنها تتعلق أيضاً بالوطاء والغدة النخامية.
ومن أسباب ارتفاع قيمة هرمون الTSH في الدم
- قصور الدرق، وأهم الأمراض التي تسبب قصور الغدة الدرقية التهاب الدرق لهاشيموتو، وهو مرض مناعي ذاتي يقوم فيه الجهاز المناعي للجسم بمهاجمة الغدة الدرقية مما يؤدي إلى أذيتها وعدم قدرتها على إنتاج الكمية الكافية من الهرمونات، وبالتالي حدوث قصور الدرق.
- ورم في الغدة النخامية مُفرز لهرمون الـ TSH، لكن هذه الحالة نادرة الحدوث.
- يدل ارتفاع نسبة الTSH الدم في سياق علاج مرض قصور الدرق على عدم كفاية العلاج، فقيمة هرمون الـ TSH تكون طبيعية عند مرضى القصور الدرقي المعالجين بشكل صحيح.
ومن الأسباب التي تؤدي لانخفاض هرمون الTSH
- فرط نشاط الغدة الدرقية، وأهم أسبابها العقيدات الدرقية الفعالة والمفرزة للهرمونات، وداء غريف (أكثر أسباب فرط الدرق شيوعاً، وهو مرض مناعي ذاتي، لكن جهاز المناعة هنا لا يقوم بمهاجمة الدرق وتخريبها، إنما يحرّضها على إنتاج المزيد من الهرمونات).
- أذية الغدة النخامية بسبب تعرضها لجراحة أو إشعاع أو نقص تروية دموية.
- تناول جرعة زائدة من الدواء المستخدم لعلاج قصور الدرق.
- خلال الثلث الأول من الحمل قد ينخفض هرمون الTSH مسبباً قصور درق للمرأة الحامل، ويتم علاجه باستخدام دواء يمثل البديل الصنعي لهرمونات الغدة الدرقية.
وفي النهاية.. يجب التنويه إلى أن الرغبة في المعرفة والاطلاع على سلامة نتائج اختباراتك بقراءة المقالات المعنيّة بذلك أمر جيدٌ جداً.
لكنه لا يُغني عن استشارة الطبيب المختص لتأكيد سلامة النتائج ووضع التشخيص المناسب في حال اختلافها عن القيم الطبيعية؛ لا تبخل على صحتك فهي أغلى ما تملك.