تأخر النطق عند الأطفال الأسباب والعلاج
يقلق كثير من الآباء والأمهات بشأن تأخر النطق عند أطفالهم، فالكلام هو التعبير اللفظي للغة، والطريقة التي يتم من خلالها تشكيل الأصوات والكلمات، واللغة هي نظام كامل لإعطاء المعلومات والحصول عليها بطريقة ذات مغزى، وفي هذا المقال نوضح أسباب تأخر النطق عند الأطفال وعلاماته وكيفية تشخيصه وطرق علاجه.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
أسباب تأخر النطق عند الأطفال
هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخر النطق والكلام عند الأطفال، من أهمها ما يأتي: [1]
- وجود مشكلات في حركة الفم، واللسان والحنك (سقف الفم)، وكذلك الجدار القصير (الطية تحت اللسان)، ما يؤدي إلى الحد من حركة اللسان لإنتاج الكلام.
- وجود مشكلات في مناطق الدماغ المسؤولة عن الكلام لدى الطفل، ما يجعل من الصعب عليه تنسيق حركة الشفاه واللسان والفك لإنتاج الأصوات.
- وجود مشكلات في السمع عادة ما ترتبط بتأخر النطق والكلام عند الأطفال، وقد يواجه الأطفال الذين يعانون من مشكلات السمع صعوبة في التعبير، وكذلك فهم وتقليد واستخدام اللغة.
- التهابات الأذن المزمنة يمكن أن تؤثر على السمع، وبالتالي تؤدي إلى تأخر النطق لدى الطفل، كما تؤثر إصابات الأذن المزمنة سلباً على تجارب التعلم المبكر، إذ إن سنوات ما قبل المدرسة تعتبر فترة حرجة لتطوير الكلام واللغة، أما إصابات الأذن البسيطة التي يمكن معالجتها فلا تؤثر على الكلام، وطالما كان هناك سمع طبيعي في أذن واحدة على الأقل، فالكلام يتطور بشكل طبيعي.
ووفقاً لآراء الخبراء، فإن عدد حالات الأطفال الذين يتكلمون في مرحلة متأخرة قد ارتفعت مؤخراً، وعلى الرغم من أن العديد من الأطفال يبدو أنهم مهيؤون وراثياً لتطوير الكلام في وقت لاحق عن غيرهم، فإن العوامل البيئية قد تلعب دوراً كبيراً عند الأطفال المتأخرين في النطق والكلام. [1]
متى يبدأ الطفل بالكلام والنطق
غالباً ما تكون كلمتا (ماما وبابا) هي الكلمات الأولى التي يتحدث بها الطفل، ويمكن أن يتحول ذلك اليوم العادي الذي نطق فيها الطفل هاتين الكلمتين إلى يوم استثنائي لا يُنسى في حياة الأب والأم. [1]
ولكن إذا بدا أن الطفل قد تخلف عن أقرانه في قدرته على التحدث، يزداد القلق لدى الآباء والأمهات، وربما تزداد المكالمات الهاتفية لطبيب الأطفال متسائلين: "لماذا لم يتكلم طفلي بعد؟". [1]
وقد يتذكر الأب أو الأم أن الابن الأكبر سناً كانت لغته أفضل في نفس العمر، وربما قد يتحدث الطفل جملتين أو ثلاث في عمر السنتين بكل سهولة، لكن مع مرور الوقت قد يزداد لديهم الخوف والقلق. [1]
ومع ذلك، في معظم الحالات قد لا يكون هناك داع للخوف، إذ يقول ديان بول براون أخصائي الكلام والسمع، إن معظم الأطفال يطورون اللغة على وتيرتهم وحسبما يريدون، وبعض الأطفال يطورون لغتهم بمعدل أسرع من الآخرين. [1]
مراحل تطور النطق عند الأطفال
هناك نحو 15-25% من الأطفال الصغار لديهم نوع من اضطرابات النطق والكلام، وعادةً ما يميل الأولاد إلى تطوير مهاراتهم اللغوية بشكل أقل من الفتيات، لكن بشكل عام يمكن أن نعتبر الأطفال متأخري الكلام، إذا كانوا يتكلمون أقل من 10 كلمات في سن 18 إلى 20 شهراً، أو أقل من 50 كلمة في سن 21 إلى 30 شهراً من العمر. [3]
ويقول معظم الخبراء إنه في سن 12 شهراً، يجب أن يكون الأطفال قادرين على التفوه بكلمتي ماما وبابا، كما ينبغي أن يكون الطفل قادراً على الفهم والامتثال للطلبات البسيطة، مثل قولك: "أعطني هذه اللعبة". [3]
وقد أوضحت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال مراحل النطق والكلام عند الأطفال خلال السنوات الخمس الأولى كالآتي: [3]
- بحلول نهاية السنة الثانية: يجب أن يكون طفلك قادراً على التحدث بجملتين إلى ثلاث جمل، وينبغي أن يكون قادراً على اتِّباع التعليمات البسيطة، وتكرار الكلمات التي يسمعها في المحادثات معه.
- بحلول نهاية السنة الثالثة: يجب أن يكون طفلك قادراً على اتِّباع التعليمات والتعرف عملياً على جميع الأشياء، ونطق أسماء الأشياء في الصور، وفهم ما يقال له، وينبغي أن يتكلم جيداً بما فيه الكفاية، لكي يفهمه من حوله.
- مع نهاية السنة الرابعة: يجب على طفلك أن يسأل أسئلة مجردة مثل (لماذا؟)، وفهم المفاهيم وعكوسها، وأن يتقن القواعد النحوية كما يسمعها حوله، كأن يفرِّق بين المذكر والمؤنث ليس للأشخاص فقط بل في الأمور المادية.
- عند بلوغ سن الخامسة: يجب أن يكون طفلك قادراً على إعادة صياغة القصة بكلماته الخاصة، واستخدام أكثر من خمس كلمات في جملة واحدة، وأن يشارك في الأحاديث التي تدار حوله.
على الرغم من أن بعض الأطفال قد تبدو لغتهم المنطوقة أو المعبرة غير مفهومة، لكن قد تكون لغتهم أفضل من الذين لا يتكلمون نهائياً، كذلك الأمر حينما يستخدم الطفل الكثير من الكلمات، لكن يبدو أنه يفهم ما تقوله له، ويمكن أن يتَّبع الأوامر، وهناك سببٌ أقل للقلق من إذا كان الطفل يتخلف في كل من اللغة التعبيرية والاستيعابية. [3]
علامات تأخر النطق عند الأطفال
تختلف مشاكل الكلام والنطق عند الأطفال لكنها غالباً ما تتداخل، فمثلاً هناك الطفل الذي لديه تأخر في نطق الكلمات بشكل جيد، ولكن يكون قادراً على وضع كلمتين معاً، والطفل الذي لديه تأخر في الكلام قد يستخدم الكلمات والعبارات للتعبير عن الأفكار، ولكن يصعب فهمها. [2]
إليك فيما يأتي بعض العلامات التي يجب عند ملاحظتها اللجوء للطبيب المختص: [2]
- قبل 12 شهراً: الطفل لا يستخدم الإيماءات، مثل الإشارة أو التلويح وداعاً.
- قبل 18 شهراً: يفضل الطفل الإيماءات عن النطق للتواصل.
- قبل 20 شهراً: لدى الطفل مشكلة في تقليد الأصوات، وصعوبة في فهم طلبات لفظية بسيطة.
- قبل سن سنتين: إذا كان الطفل يقلد الكلام أو الإجراءات فقط، ولا تخرج منه الكلمات أو العبارات بشكل عفوي، فيقول فقط أصوات معينة أو كلمات مراراً وتكراراً، ولا يمكنه استخدام اللغة الشفوية للتواصل.
- سن 3 سنوات: يصبح لدى الطفل لهجة غير عادية في الصوت، كأن يتكلم من أنفه.
وبشكل عام، من المفترض أن يفهم الوالدان نحو نصف حديث الطفل في عمر سنتين، ونحو ثلاثة أرباعه في عمر 3 سنوات، وقبل إتمام 4 سنوات من عمره، ينبغي أن يُفهم الطفل غالباً حتى من الناس الذين لا يعرفونه.
كيفية تشخيص تأخر النطق عند الأطفال
إذا اعتقدت أنت أو طبيبك أن طفلك قد يواجه مشكلة في الكلام، فمن المهم الحصول على تقييم مبكر من أخصائي علم النطق، في البداية، سيقوم الأخصائي بتقييم مهارات طفلك اللغوية، من خلال إجراء اختبارات موحدة، والبحث عن معالم تطوير الكلام واللغة. [4]
كما سيجري الأخصائي تقييماً لما يفهمه طفلك (تسمى اللغة الاستقبالية)، وما يمكن لطفلك قوله (تسمى اللغة التعبيرية)، وإذا كان طفلك يحاول التواصل بطرق أخرى، مثل: الإشارة وهز الرأس وما إلى ذلك. [4]
ويتم العلاج من خلال تدريب الفم واللسان والحنك لدى الطفل، فالمعالج هنا يحسّن طريقة الكلام مع الطفل، لتحسين مهاراته اللغوية، كما يقدم النصيحة للأب والأم بما يجب عليهما القيام به في المنزل لمساعدة الطفل. [4]
وعندما يشك أخصائي النطق في وجود مشكلة بالسمع، قد يحوّل الطفل إلى أخصائي السمع لفحصه، فالتدخل الطبي في هذه الحالة مهم جداً للطفل، إذ قد يعاني الأطفال متأخرو الكلام من مشاكل متصلة باللغة وصعوبات التعلم في المدرسة، كما أن الوقت الذي يمر قبل أن يتم التماس المساعدة وتقديمها يجعل التعلم المستقبلي أضعف لدى الطفل. [4]
علاج تأخر النطق عند الأطفال
تعد مشاركة الوالدين جزءاً مهماً من مساعدة الأطفال الذين لديهم مشكلة تأخر النطق، وفيما يأتي نقدم لك طرق علاج تأخر النطق عند الأطفال في المنزل: [5]
- اقضِ الكثير من الوقت مع طفلك: فالتواصل مع الطفل خلال مراحله الأولى مهم جداً، من خلال الحديث والغناء والتشجيع على تقليد الأصوات والإيماءات.
- اقرأ الكتب لطفلك: ابدأ القراءة عندما يكون طفلك صغيراً، وابحث عن كتب الأطفال السلسة المناسبة لسنه، أو الكتب المصورة التي تشجعه على النظر إليها، أو الكتب التي تحتوي على زخارف بارزة يمكن له أن يلمسها، وفي وقت لاحق، دع طفلك يشير إلى الصور التي يمكنه التعرف عليها، ومحاولة تسميتها.
- استخدم المواقف اليومية لتعزيز الكلام لدى طفلك: فعلى سبيل المثال، اذكر اسم الأطعمة في محل البقالة، اشرح ما تقوم به عند طهي وجبات الطعام أو تنظيف الغرفة، أشر إلى الأغراض في جميع أنحاء المنزل، أشر إلى الأصوات التي تسمعها، اطرح الأسئلة وأقر بالإجابات لطفلك حتى عندما يصعب عليه فهمها.
- شجع طفلك على الكلام العادي لتطوير اللغة لديه: عليك أن تتحدث مع طفلك الصغير طوال اليوم، بما في ذلك أثناء فترة الاستحمام، أثناء تغيير الحفاضات، أثناء الوجبات، احرص على الاهتمام بطفلك، ثم تحدَّث عما تفعله مثلاً: "انظر، أنا أفتح الثلاجة وأُخرج الطعام".
- تحدَّث مع طفلك بمستوى أعلى من مستواه: يقول بول براون: "إذا كان طفلك يستخدم ثلاث كلمات في وقت واحد، فلا ينبغي أن تستخدم جملاً من ثلاث كلمات فقط، لكن في الوقت نفسه لا تجاريه بجمل معقدة للغاية"، فإن كان طفلك لا يركّب جمله إلا بثلاث كلمات فقط، لا تقلِّد أسلوبه بل تحدث معه بوتيرة أسرع قليلاً.
وبعد أن تعرفت على أسباب تأخر النطق عند الأطفال وعلاماته وكيفية تشخيصه وطرق علاجه، لا بد عليك عند ملاحظة مشكلة في النطق لدى طفلك يجب المبادرة بمعالجتها في وقت مبكر، فمع اتباع العلاج المناسب سيكون طفلك أكثر قدرة على التواصل معك ومع المحيطين به.